الخميس 4 سبتمبر 2025 الموافق لـ 11 ربيع الأول 1447
Accueil Top Pub

تروّج لها في الخارج و تحقّق الاستقطاب: حورية.. ”مرجانة القالة” التي تشتهر بحليها الفريدة


تلقب إيتيم حورية ابنة مدينة القالة، بـ « مرجانة القالة»، لتميّزها في صناعة حلي المرجان والفضة، فالحرفية التي قضت سنوات عديدة في العمل، استطاعت أن تصنع لنفسها اسما هاما في الجزائر وحتى خارجها، وذلك بفضل الإبداع في التصاميم، والحرص على الجودة، والترويج الكبير لهذه الصناعة عبر المشاركة في فعاليات وطنية ودولية، فضلا عن التفرغ لنشاط التكوين رغبة منها في الحفاظ على الصناعة التقليدية ونقل أسرارها للأجيال القادمة.

إعداد: حاتم بن كحول

تحمل حورية أيضا اسم شهرة آخر، هو « سفيرة صناعة حلي المرجان في الخارج»، وذلك بفضل تفانيها وإتقانها للمهنة التي عشقتها قبل أزيد من 30 سنة، لتنجح خلال هذه المدة في الجمع بين الحرفية والإبداع، وتصنع حليا بمادة تتميّز بها الولاية رقم 36، حيث تعتبر واحدة من الحرفيات اللواتي يجدن تقديم منتجات المرجان بطريقة راقية تستقطب الجزائريين الأجانب.
زارت النصر مدينة القالة الشهيرة بالمرجان، وهناك قابلنا السيّدة المعنية وهي صاحبة محل لبيع حلي المرجان بوسط المدينة، وتحديدا عند الرصيف المحاذي للميناء القديم.
استقبلتنا رفقة ابنتها الشابة في محلها الصغير ومساحته 3 أمتار مقسّمة إلى جزأين، يستغل الأول في عرض الحلي عبر واجهة زجاجية صغيرة، والجزء المتبقي عبارة عن ورشة لصناعة الحلي، يتواجد بها زوج حورية الذي كان منشغلا بحرفته أيضا.
قالت لنا، بأنها فخورة بما تملكه وكل ما حققته في سبيل الترويج للصناعة التقليدية التي تشتهر بها منطقتها، لتشرع مباشرة في الحديث عن ذكرياتها مع صناعة المرجان.
فقدان وظيفة يقودها لكتابة قصتها مع الذهب الأحمر
انطلقت حورية في نشاطها صدفة سنة 1994، بعد أن كانت تشغل منصب محاسبة في مركب الحجّار، إلا أن غلقه المؤقت قادها إلى مهنة لم تكن تتوقع أنها ستمارسها يوما.
تقول الحرفية : «أتذكر أنه تم غلق مركب الحجّار، ووجدت نفسي دون وظيفة، وفي نفس الوقت كان زوجي يصنع حلي المرجان في المنزل فقررت مساعدته وبما أن وقتي كان كافيا، اكتفيت في بادئ الأمر بوضع الروتوشات الأخيرة أو النهائية فقط على الحلي قبل أن أكتب فصولا أخرى في قصتي مع مرور السنوات».

أوضحت، أن الحرفة أخرجتها من عالم المكاتب والحسابات إلى آخر مليء بالفن والإبداع، لتتحول إلى أشهر صانعة حلي مرجان في القالة وعلى المستوى الوطني، وقد علقت:» أضفت لمسة الأنثى على تلك الحلي التي كان زوجها يصنعها وقد نجح الأمر كثيرا، ثم بعد مرور سنوات أصبحت محترفة وأُلقب اليوم بمرجانة القالة، وهو لقب أطلقه علي والي ولاية الطارف».
لم يكن طريق حورية مفروشا بالورود، وإنما اجتهدت حتى أصبحت محترفة في المهنة، وبمرور السنوات صادفت عدة عراقيل ومشاكل كادت تعصف بمستقبل نشاطها، إلا أنها تحدت الظروف وواصلت عملها بكل حرفية وإتقان.
وأوضحت في هذا الصدد :» لم يكن طريقي سهلا، خاصة وأن نشاطنا يعتمد على مادة أولية تتمثل في المرجان، وتوفرها صعب جدا ويتطلب المشاركة في المزايدات واقتناء ما أتيح منها مقابل أسعار معتبرة». تواصل « أنا مجبرة على التحدي خاصة وأن نشاطي يتطلب توفر حوالي 30 إلى 40 كلغ من المرجان سنويا، وهو ما يضطرني للتنقل إلى قسنطينة والعاصمة لأجل الحصول عليه من مؤسسات خاصة «.
«تكريم رئيس الجمهورية ضاعف مسؤوليتي»
وتحدثت صاحبة المحل، عن طريقة اقتناء «الذهب الأحمر»، مؤكدة أن الحظ عامل أساسي في جودة المادة المتحصل عليها، خاصة وأنها مغلفة بأكياس وبالتالي لا يمكن الاطلاع مسبقا على نوعية المجان، بل يكتفي الحرفي بفتح جانب من الكيس البلاستيكي فقط لمعرفة ما حصل عليه في كل مرّة.
وقالت بهذا الخصوص : «يتوفر المرجان على 3 أصناف من حيث الجودة، والحظ وحده من يحدد أي صنف قد تحصل عليه عند شراء المادة».
وحسبها، فإن المرجان مقسم إلى ثلاثة أصناف، يستعمل كل صنف لغرض معيّن، بداية بالأكثر جودة، إلى المتوسط، حتى الأقل جودة فالصنف الأول موجه لصناعة أحجار بلورية توضع على الخواتم والسلاسل والقلادات وغيرها، يتم تدويرها يدويا باستعمال آلة مثبتة بمسمار، وقيمة الغرام تساوي 2500 دج، وتستعمل هذه المادة في الأطقم التي لا يقل سعرها عن 1.5 مليون سنتيم، وهي حلي مصنوعة من مزيج المرجان والفضة.
أما ثاني صنفين من المادة الثمينة، فيستخدمان في المجسّمات التي تزين الخواتم وكذا القلائد والسلاسل «بوندونتيف». مشيرة إلى أن سعر الخاتم يتراوح ما بين 2000 إلى 3500 دج، ومؤكدة أنها تعتمد على مواد أولية ذات جودة في صناعة الحلي، لأنها تخشى كثيرا على سمعتها التي اكتسبها طوال 30 سنة.

ويأتي هذا الحرص حسب المتحدثة، بعد أن كُرمت من طرف رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبّون، وهو ما ألقى على عاتقها مسؤولية مضاعفة لتأدية عملها على أكمل وجه، نظرا للثقة التي وضعت في شخصها من طرف الرئيس قائلة: «أسعى للمحافظة على سمعتي بعد تكريمي من طرف رئيس الجمهورية سنة 2022، وكان ذلك بمناسبة عيد المرأة واعترافا بالعمل الذي أقوم به، خاصة وأني أقدم صانعة حلي مرجان على المستوى الوطني».
لاحظنا خلال مكوثنا في المحل الصغير، إقبالا كبيرا على الحلي من طرف الزوار، ما استدعى غلق الباب إلى حين نهاية الحوار، لنعلم بعدها أن سبب التوافد وخاصة من طرف الإناث راجع للأسعار التي تعتمدها حورية، حيث علقت محدثتنا:»باعتباري أقدم صانعة مرجان في الوطن، استقبل العشرات من الزبائن يوميا، وخاصة من يأتون من ولايات أخرى، ويرغبون في اقتناء تذكار من المرجان عند تواجدهم بمدينة القالة، والأكيد أنهم عندما يستفسرون عن أفضل المحلات يوجهون إلى عنواني».
وأضافت، أن أسعار محلها تجعل المنافسة صعبة على بقية الحرفيين والتجار، قائلة :»وجب التذكير أني تكفلت بتعليم العشرات من الشّابات في هذه المهنة، وبعد خضوعهن للتربص لفترة معينة، مارسن نشاطهن بشكل فردي على مستوى مختلف محلات المدينة، إلا أن الأسعار التي أعتمدها تبقي مهمة منافستي صعبة».
لمسات فنية حوّلت المحل إلى وجهة لشخصيات أجنبية ووطنية
توّجت مرجانة القالة خبرة السنوات بأن حوّلت محلها إلى قبلة لشخصيات بارزة على المستوى الوطني، موضحة أنها تعاملت مع الكثير من عشاق حلي المرجان على غرار سفير تركيا وكذا زوجته التي اقتنت منها خاتما منقوشا مقابل مبلغ 3.5 مليون سنتيم، ويعتبر قطعة نادرة وغير مكررة. مضيفة، أن قائمة زبائنها تشمل سفراء ووزراء.
كما تنتعش تجارة الحرفية أكثر، بفضل تعاملها الدائم مع أجانب عاشوا في المدينة وغادروها، أو يزورونها في كل مرة للسياحة و الحصول على حلي المرجان القيمة.

موضحة، أن معرفتها ببعضهم قديمة وهم زبائن أوفياء لمحلها المتواجد بوسط المدينة، والذي يعتبر نقطة مهمة ضمن المسار السياحي لزوار القالة ولذلك لا يكاد يمر يوم دون أن تدخله وفود الزوار الجزائريين و السياح الأجانب، حيث علقت :» يتم توجيههم مباشرة إلى المحل لعلم الجميع بأني أصنع قطع نادرة ليس لها شبيه أو مثيل، منها ما يصنع مرة واحدة فقط، ما يعني أن الحلية التي تشتريها من محلي حصرية وفريدة».
تكريمات ومشاركات مميّزة في أكبر المعارض الدولية
مكّن هذا التفوق في صنع حلي المرجان، الحرفية من المشاركة في معارض وطنية وأخرى دولية في الخارج، صنعت خلالها الحدث بفضل المنتجات المميزة التي تصنعها أناملها، وعن الأمر أوضحت لنا معبرة «شاركت في المعارض بكل الولايات، وصنعت الحدث في كل منطقة زرتها والدليل على ذلك عدد المبيعات الكبير الذي كنت أحققه، إضافة إلى حصولي على تشجيع وتكريمات من طرف المنظمين، وأتذكّر جيدا هذه اللحظات السعيدة وخاصة تكريمين بولاية باتنة وولاية قالمة».
كما شاركت المتحدثة في معارض بالخارج، على غرار معرض شانغهاي بالصين سنة 2022، وكذا معرض نيس الفرنسية، وكوبيك الكندية، ومعرض تونس وغير ذلك، موضحة أن الإقبال على حلي المرجان غالبا ما يكون كبيرا من طرف الأجانب، لأنها غير مألوفة بالنسبة لهم وفريدة من نوعها في العالم. وعن مستقبل المهنة، أكدت أن هدفها الأول هو المحافظة على هذا النشاط لأن ولاية الطارف تمتاز بتوفر المادة الأولية التي يطلق عليها الذهب الأحمر. مضيفة أنها ساهمت بشكل كبير في نشر الحرفة عبر كامل ربوع الوطن، حيث قامت بتعليم أسسها لأزيد من 54 شابة من المنطقة إلى جانب فتيات من ولايات أخرى كتيزي وزو.

وأوضحت، أنها تكونهن في ورشات حرفية متخصصة، وتعلمهن كل مراحل صناعة الحلية بداية بتنظيف مادة المرجان بماء «جافيل»، إلى غاية النقش اليدوي.
في الأخير رحّبت حورية بكل زوار مدينة القالة وولاية الطارف، داعية إياهم إلى زيارة محلها من أجل التعرف أكثر على حلي المرجان، مؤكدة أن هذه المادة مفيدة جدا لصحة الإنسان، لأنها تملك خصائص تخفف الحساسية وتحسن الدورة الدموية، كما تنسجم مع طاقة الإنسان، وهي مستخدمة في علاج الكسور، فعندما لا ينجح المثبت المعدني في المساعدة على ترميم العظم، يكون المثبت المصنوع من المرجان أكثر نجاعة وهي أمثلة من الواقع كما قالت.

آخر الأخبار

Articles Side Pub-new
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com