بلغ هوس الفتيات بمعايير الجمال التي يفرضها عليهن عالم الموضة ومستحضرات التجميل حد تشويه أجسادهن وتغيير فطرتهن الطبيعية رغبة في التشبه بصورة مثالية للجمال، فصارت نساء وبخاصة الشابات يسعين وراء شكل واحد للوجه والجسد والشعر، وكأن المظهر المثالي لا يكتمل إلا بتلك الملامح الموحدة.
لم تعد عمليات تحسين الشكل مقتصرة على فئة معينة أو على الأعمار الصغيرة، بل صارت تشمل كل النساء، سواء كانت سيدة في الأربعينيات أو شابة لم تتجاوز الخامسة والعشرين، فالليزر، وصلات الشعر، الأظافر والرموش الاصطناعية، نفخ الشفاه والخدود والبيرسينغ كلها تحولت إلى رتوشات جمالية عادية، ومن الضروريات التي لا تستغني عنها المرأة اليوم.
ذلك لان موضة الجمال الموحد باتت قاعدة شبه إلزامية لمجاراة الموضة على سبيل المثال، فأصبحت الرموش والأظافر الاصطناعية من الروتين الشهري لدى الكثير من الفتيات، وهو ما يؤكده تضاعف عدد صالونات تركيب الأظافر والرموش كالفطريات في جميع الأحياء القسنطينية، رغم أن أسعار هذه الخدمات تتجاوز 5000 دينار شهريا.
تقول غادة، موظفة في إحدى المصحات الاستشفائية، إنها اضطرت للتخلي عن تركيب الرموش والأظافر الاصطناعية بعد إلزامها بذلك من طرف إدارة عملها، مضيفة في ذات السياق، بأن الأمر كان صعبا جدا في البداية، لأنها شعرت أنها ناقصة من دونها، لكن مع مرور الوقت تقبلت الوضع.
وتجدر الإشارة، إلى أن العديد من الجهات الطبية في عدد من الدول الأوربية منعت تركيب الأظافر الاصطناعية بعد ثبوت احتواء المواد المستعملة في اللاصق على عناصر مسرطنة خطيرة.
أما بالنسبة إلى إزالة الشعر بالليزر، فقد خرجت من دائرة «الرفاهية» إلى أن أصبحت شائعة جدا رغم تكلفتها العالية. حيث توضح مروة، وهي طالبة جامعية بجامعة منتوري، بأنها تضطر أحيانا إلى حرمان نفسها من الخروج مع صديقاتها أو شراء حاجيات أخرى، فقط لتوفر ثمن جلسة ليزر لذراعها أو ساقيها، متابعة بالقول بأنها لا تندم على ذلك فالنتيجة تستحق التضحية حسبما عبرت.
أما ريمة، وهي شابة في الثلاثينيات، فتقول أنه وقبل زواجها بستة أشهر كان عليها الاختيار بين شراء الذهب بمهر الزواج أو إجراء جلسات ليزر لكامل جسدها، فاخترت الليزر لأنه استثمار دائم في جسدها على حد تعبيرها.
تحذيرات من أجهزة الليزر اليدوية
ورغم أن عددا معتبرا من السيدات يفضلن إجراء الليزر على أيدي مختصين في طب الجلد أو خبيرات تجميل في الصالونات، إلا أن أخريات توجهن إلى اقتناء أجهزة ليزر يدوية يروج لها بكثرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
تعمل هذه الأجهزة الصغيرة بالومضات الضوئية، ويغري سعرها الزبونات لأنه يعادل ثمن جلسة واحدة فقط لإزالة الشعر من منطقة صغيرة من الجسم. غير أن مختصين حذروا من مخاطرها خاصة مع الاستخدام الخاطئ، إذ تقوم بعض النساء بتشغيلها يوميا على مناطق مختلفة من أجسادهن طمعا في نتائج أسرع، في حين أن المدة الصحية بين الجلسات يجب ألا تقل عن شهرين.
* المختص في الأمراض الجلدية والتناسلية حمزة عدي
هذه هي أهم أسباب أمراض الأظافر والشعر
وأكد المختص في الأمراض الجلدية والتناسلية، والحاصل على البورد الأمريكي في طب التجميل والليزر، حمزة عدي، أن تركيب وصلات الشعر يمكن أن تتسبب في عدة أمراض، أبرزها ثعلبة الشد، التي تنتج عن الشد المستمر على بصيلات الشعر، وقد تؤدي إلى فراغات تشبه الثعلبة.
ويمكن التأكد من ذلك عن طريق الفحص بالمنظار الجلدي، وهو كشف يجريه طبيب مختص في الأمراض الجلدية.
وقال المتحدث، إنه استقبل العديد من الحالات في عيادته لفتيات أصبن بالتهاب فروة الرأس وتحسس موضعي، بسبب تركيب خصلات الشعر مؤكدا أن التهاب فروة الرأس يصيب خصوصا الحالات التي تعاني من الأكزيما الذهنية أو صدفية فروة الرأس، وبالتالي فإن الوصلات تهيج المرض الذي يعاني منه المريض.
وأضاف المتحدث، أن هناك حالات لا تكتشف إصابتها بالمرض إلا بعد إجراء تركيب الوصلات.
كما أوضح الأخصائي، أن التحسس الموضعي في فروة الرأس يحدث بسبب المواد المستعملة في تركيب الوصلات، مضيفا أن بعض الحالات لا تظهر عليها أي أمراض في فروة الرأس أو في الشعرة، لكنها تشتكي من آلام في فروة الرأس، وهو عرض يطلق عليه تريكودينيا أو تنميل الرأس، ويتسبب فيه الشد الزائد وثقل الوصلات.
أما الرموش الاصطناعية، فأكثر أضرارها المرضية التي تصيب العين بحسب الأخصائي، هي التهاب الجفن «بليفاريت»، كما قد تسبب الأكزيما خصوصا الأنواع التي تحتوي على مادة الفورمالديهايد، وهي إحدى المواد المستعملة في تصنيع الرموش الاصطناعية.
كما أن ثقل الرموش وطريقة إزالتها الخاطئة يتسببان في أمراض جفنية عديدة، وحتى في سقوط الرموش الطبيعية، وأشار المتحدث في ذات السياق، أنه يمكن أن تؤدي الرموش الاصطناعية أيضا إلى إثارة بعض الأمراض الموجودة في محيط العين.
وأوضح الأخصائي، أن أكثر المشاكل الجلدية المرتبطة بالأظافر الاصطناعية تتمثل في فطريات الأظافر نتيجة انعدام التهوية، لاسيما لدى بعض الأشخاص الذين لديهم قابلية أكبر للإصابة بها، خصوصا على مستوى أظافر القدم.
كما قد تؤدي الأظافر الاصطناعية إلى التهابات تصيب عادة محيط الظفر أو الظفر نفسه، إضافة إلى أن المواد المستعملة في تركيبها تعد من مهيجات الحساسية.
وأشار المتحدث، إلى أنه يتم أحيانا تشخيص هذه الإصابات عن طريق المنظار الجلدي لتحديد طبيعة المرض، كما يمكن اللجوء إلى الأشعة فوق البنفسجية للمساعدة في التشخيص داخل العيادة، وفي بعض الحالات يضطر الطبيب إلى إرسال المريض إلى المخبر لإجراء فحص الفطريات قصد التأكد من نوعها وكيفية معالجتها.
وأكد الأخصائي، أن من بين أبرز أسباب الإصابة بهذه المشاكل عدم تعقيم أدوات تركيب الأظافر. كما بين أن من أكثر المواد المسببة للتهيجات في الأظافر الاصطناعية مادتي الأكريليك والفورمالديهايد، مشيرا كذلك إلى مادة TPE المستعملة في الطلاء شبه الدائم للأظافر، والتي ثبتت خطورتها كمادة مسببة للسرطان، مما أدى إلى منعها في دول الاتحاد الأوروبي.
وأضاف الأخصائي، أن انتشار هذه الوصلات التجميلية سواء في الأظافر أو الشعر، مرتبط بتفاقم عدد من المشكلات الجلدية، خصوصا في فصل الصيف خلال موسم الأعراس.
وأوضح، أّن سرعة التوجه إلى الطبيب في المرحلة المبكرة من ظهور الأعراض يساعد على وقف تطور الأمراض الجلدية الناتجة عن هذه المواد.
ونبه، المتحدث إلى أن النساء اللواتي يعانين من بعض الأمراض المزمنة أو الحالات التحسسية مثل الربو، التحسس المفرط، أو الأرتيكاريا، أكثر عرضة لمضاعفات هذه المواد بسبب ضعف مناعتهن.
كما أوضح، أن ظهور أعراض مثل الحمى، التقيحات، والتعب يعتبر مؤشّرا مبكرا على بدء تحسس الجسم من المواد الكيميائية، ما يستدعي التوجه الفوري إلى الطبيب المختص، محذرا من اقتناء الأدوية بطريقة عشوائية من الصيدليات لأنها قد تعقد الوضع.
وفيما يخص وصلات الشعر الاصطناعية، أكد الأخصائي أنها قد تؤدي إلى تلف دائم في بصيلات الشعر وظهور فراغات في فروة الرأس لا يمكن علاجها في حال استمرار استعمالها.
وينصح الطبيب، باستعمال الشعر الاصطناعي المثبت بالمشابك لكونه صحيا وأكثر أمانا، إذ يمكن نزعه بسهولة خلافا للأنواع المثبتة بالغراء والتي تسبب أضرارا إضافية.
لينة دلول