الجمعة 3 أكتوبر 2025 الموافق لـ 10 ربيع الثاني 1447
Accueil Top Pub

اقتنصن ألقابا في رياضات قاسية وغيرن نظرة المجتمع: بطلات يروين قصصهن مع التحدي والطموح


خلف التدريبات المكثفة وتعب المنافسات، يُنهَكُ تفكير نساء ممارسات لأنواع مختلفة من الرياضة بنظرة المجتمع إليهن و إصرار على كسر العزيمة ومنعهن من الوقوف على خط نهاية أهدافهن والصعود على منصة تحقيق أحلامهن الذهبية، هي رحلة من الصمود تكتب قصتها بطلات تحدين الواقع لإثبات ذواتهن.

إيناس كبير

حولت كل من نجمة دراجي، ورشا فريخة، وريان سكور قصصهن إلى نماذج ملهمة لنساء لم يقاتلن فوق الحلبة أو الميدان فحسب بل خارجها أيضا، في مواجهة صور نمطية ومغالطات نابعة من أفكار قديمة تحاول تقييد طموحاتهن في البروز كبطلات وطنيا ودوليا، لكن العزيمة كانت أكبر رغم شدة المنافسة فقد استطعن افتكاك الذهب وتشريف بلدهن في عدة محافل، وهن اليوم يسردن أسرار تفوقهن في هذه المعركة ناصحات الفتيات بالتمسك بأحلامهن والمضي في طريق تحقيقها.

* المدربة ورئيسة لجنة كرة القدم النسوية نجمة دراجي
بدأت كرة القدم في الشارع
ينبعث صوت فتاة تبلغ حوالي خمس سنوات، تجري في الشارع خلف كرة مستديرة تحجز رقما لها في مباريات تُقام كل يوم بين أبناء حيها، ويوما بعد يوم يزداد شغفها بهذه الرياضة وتبدأ التفكير في الالتحاق بنواد رياضية بالرغم من عدم توفرها آنذاك.
أخبرتنا نجمة دراجي، مدربة ورئيسة لجنة كرة القدم النسوية بالاتحاد الجزائري، أنها مارست رياضة كرة اليد أيضا مع الفريق المدرسي غير أنها تعلقت بكرة القدم خصوصا، وأن ممارساتها كن قليلات آنذاك وهو ما شكل تحديا بالنسبة لها. وعند بلوغها سن الثلاثة عشر التحقت بفريق جمعية الخروب بعد إعلانه عن فتح فرع نسوي سنة 2000.
كان والد نجمة لاعب كرة قدم أيضا، فضمنت بذلك سهولة إقناع عائلتها بالفكرة بالرغم من غرابتها في ذلك الوقت، مضيفة أنهم تعودوا عليها فيما بعد كلاعبة، غير أن ذلك لم يُعفها من التعرض لمواقف داخل ما وصفته بـ»مجتمع ذكوري» لا يتقبل نجاح المرأة مهما اختلف مجالها، سواء في الرياضة أو العلوم، لكنه وجد أمامه امرأة من فولاذ حولت الصدامات إلى حافز.
ارتبط اسم نجمة دراجي، بالعمل الجاد والشخصية القوية فاستحقت احترام الناس وتقديرهم، كما شاركت في بطولات وطنية، وتحصلت على كأس الجمهورية، وتأهلت لأول مرة تاريخيا إلى الربع النهائي فئة كبريات في كأس أمم إفريقيا. دربت الشابة أجيالا شاركت في كأس الجمهورية خصوصا مع أصناف الفئات الصغرى، وكانت مسيرة محنكة للفرق التي قادتها.
وفي هذا الجانب ترى دراجي، أن العمل المنظم القائم على استراتيجية واضحة فضلا عن الاجتهاد هو ما يضمن النجاح، كما ترى أنه يصحح النظرة المشوهة عن المرأة الرياضية فأفراد المجتمع وفقا لها، يعارضون السلوكيات غير المنضبطة. وأردفت أن المرأة يجب ألا تبقى مكتوفة اليدين وحبيسة أمام أفكار خاطئة، بل يتعين عليها أن تثبت نفسها بحسن أخلاقها والجدية في عملها.
كما دعت، إلى ممارسة الرياضة من جانبها الإيجابي خصوصا مع انتشار الأمراض المزمنة لدى النساء، وحتى النفسية مثل حالات الاكتئاب التي ترى مدربة كرة قدم، ورئيسة لجنة كرة القدم النسوية بالاتحاد الجزائري أن علاجها يكمن في الأنشطة الرياضية.
* بطلة «كاراتي دو» رشا فريخة
هكذا أقنعت والدي بالتخصص في رياضة قتالية

منذ حوالي عشر سنوات وجدت الشابة رشا، ذات 23 سنة، نفسها صدفة ترتدي رداء «كاراتيه دو» وتمارسه على مستوى المركب الرياضي المتواجد ببلديتها، لم تكن بدايتها سهلة خصوصا وأنها واجهت اعتراض والدها على ذلك بعد التحاقها بالسنة الثانية ثانوي، عندما صُدمت به يأمرها بالتوقف.
تقول، إن تقبل الأمر كان صعبا عليها خصوصا أن تلك السنة كانت من السنوات العجاف، فلم تسجل مشاركتها في أي بطولة أو تحقق إنجازا يُذكر، كما عاشت تحديات أخرى مرتبطة بظروف مادية صعبة، وكان حزنها أكبر لأن الرياضة أصبحت جزءا من حياتها اليومية ولم تعد مجرد هواية، بل بدأت تلامس أفقا أوسع كالتفكير في الاحتراف الوطني والدولي وامتلاك قاعة تدريب خاصة بها.
ولأن الأحلام لا يليق بها أن تنطفئ، فقد وقفت والدتها إلى جانبها ودافعت عن رغبتها في مواصلة مسيرتها الرياضية، ليلين قلب والدها فيما بعد ويتفهم شغف ابنته خصوصا عندما انكشفت أمامه طموحاتها وأهدافها. وبالرغم من ذلك بقي متحفظا على كثرة التنقلات خارج الولاية لكنها استطاعت تغيير رأيه بالتركيز على دراستها وتفوقها على مستوى قسمها وهي تحضر نفسها للتخرج هذه السنة في تخصص الهندسة الصيدلانية.
قالت محدثتنا، إنها تأثرت بمدربتها منى عويش التي كانت رياضية وطبيبة في الوقت نفسه، وتراها نموذجا مثاليا للمرأة الرياضية التي توازن بين عملها والتدريب وتحقيق البطولات.
أما رشا، فشاركت مرتين في البطولة الوطنية في صنف أواسط، والبطولة الوطنية صنف أكابر التي أُقيمت بولاية البويرة سنة 2023، بالإضافة إلى إحرازها ألقابا ولائية. وتحصلت على وسام آخر شهر ماي المنصرم في منافسات «أوبن بونا آنترناسيونال» بولاية عنابة، وصُنفت في المرتبة الثانية دوليا لتدخل ترتيب الأبطال العالمي في رياضة «الكاراتيه دو» في جانب الأوزان.
وترى الرياضية، أن نظرة المجتمع للمرأة التي تمارس رياضة قتالية تكون مبنية في الأساس على ذهنية كل شخص، ومبادئه، والبيئة التي نشأ فيها، غير أن هناك نوعا من التقبل للنساء ممارسات الفنون القتالية بدأت يتشكل في الآونة الأخيرة، عكس ما كان عليه الوضع سابقا خصوصا بعد فتح قاعات رياضة رفع الأثقال وتوجه النساء إليها.ونصحت النساء اللواتي يمارسن الرياضة بعدم الالتفات إلى ما يريد المجتمع فرضه عليهن، ومن وجهة نظرها فإن الانتقاد نابع أساسا من فراغ داخلي يشوش على كل من يعيش حياة مليئة بالإنجازات، ومزينة بالأوسمة، ومهما اختلف النشاط الذي تمارسه المرأة، ترى المتحدثة أنه يندرج ضمن الحرية الشخصية.من جهة أخرى، علقت أن ذلك لا ينفي احترام المرأة للقيم الإسلامية والاحتشام في زيها، خصوصا من يمارسن رياضات «لا تصلح لبنات جنسها» كما عبرت.
* عضو المنتخب الوطني «للكاراتيه» ريان سكور
الدعم العائلي سلاح المرأة الرياضية

كانت عائلة الرياضية في المنتخب الوطني «للكاراتيه» ريان سكور، بمثابة درع حام لشغفها خصوصا والدها الذي أحب هذا الفن النبيل لتجد نفسها محاطة بدعم لا متناه، فكبرت طموحاتها بفضل شقيقها الأكبر الذي يعد زميلا لها اليوم في المنتخب الوطني.ولأنها كانت تركز على مسيرتها فقط، فقد وقفت على منصات التكريم عدة مرات عند حملها لقب بطلة العالم سنة 2018، بالإضافة إلى ألقاب إفريقية منها «نائب بطلة إفريقيا»، و»نائب بطلة البحر الأبيض المتوسط»، وأول ميدالية ذهبية في تاريخ الجزائر صنف أوزان أقل من 50 في الدوري العالمي «للكاراتيه» بقبرص، الذي أُقيم هذه السنة، فضلا عن الميدالية الفضية في البطولة العربية الشهر المنصرم.وعن المغالطات حول المرأة التي تمارس الرياضة القتالية، ترى ريان أن ذلك يعود إلى سوء فهم من أفراد المجتمع، والاعتقاد أن هذا النوع من التدريب يجرد المرأة من أنوثتها، وهو أمر خاطئ بالنسبة لها فلا يمكن الخلط بين شخصية الإنسان وهواياته.
وتضيف، أنها تسمع عن كثير من القصص لنساء يمارسن الرياضة ويتعرضن لمضايقات عديدة، كما أنهن يتحدين فئة من المجتمع تحمل تصورا خاطئا، ونصيحتها لهن هي التحلي بالشخصية القوية والثقة بالنفس، لأن الرياضة ليست عائقا في حياة المرء بل فيها فوائد كثيرة. كما تدعو عائلاتهن إلى دعمهن وتحفيزهن بدل كسرهن وتجريدهن من أحلامهن، وتشجيعهن على المحاربة في سبيل شغفهن.
من جهة أخرى، ترى أن هناك صحوة مجتمعية نوعا ما، فقد استطاعت المرأة المتخصصة في الرياضات القتالية تغيير النظرة إليها، خصوصا البطلات اللواتي أثبتن تفوقهن في المحافل الدولية ورفعن علم الجزائر عاليا لافتكاك احترام المجتمع وحمل أفراده على الافتخار بهن.
إ.ك

آخر الأخبار

Articles Side Pub-new
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com