عرض الفريق المكلف برقمنة المدينة القديمة بميلة، أمس السبت، نموذج أولي عن رقمنة بعض المعالم والمواقع الأثرية والتاريخية، باعتماد المسح ثلاثي الأبعاد، في انتظار الانتهاء من العملية في قادم الأيام لتكون بذلك أول خريطة رقمية شاملة للمدينة القديمة، بغية حماية وتثمين تراث المنطقة ونقله للأجيال القادمة، فضلا عن مساعدة الباحثين والطلبة لإجراء مختلف الدراسات.
وخلال الملتقى 19 لميلة عبر التاريخ، المنظم من طرف جمعية أصدقاء ميلة القديمة، بمناسبة شهر التراث تحت شعار « التراث الثقافي في عصر الذكاء الاصطناعي»، بالمكتبة الرئيسية للمطالعة مبارك بن صالح، كشف الفريق المكلف بعملية رقمنة المدينة القديمة بميلة والمكون من مدير الوكالة الموضوعاتية في البحث العلوم الإنسانية والاجتماعية، يوسف عيبش، مدير المركز الوطني للبحث في تهيئة الإقليم، بن عباس شوقي، بالإضافة إلى الباحث في المعهد الوطني للزلازل والبراكين من دولة إيطاليا، فوزي دوماز، عن النموذج الأولي لرقمنة بعض معالم وسكنات المدينة القديمة على غرار مسجد أبو مهاجر دينار ومنزل المجاهد عبد الحفيظ بوالصوف، فضلا عن أزقة وشوارع المنطقة، بالاعتماد على المسح ثلاثي الأبعاد.
وقدم مدير متحف الجيوفيزياء في روما والباحث في المعهد الوطني للزلازل والبراكين بايطاليا، فوزي دوماز، خلال مداخلته « عهد الرقمنة الماضي، الحاضر والمستقبل»، طريقة عمل الفريق المذكور سابقا في رقمنة جزء من معالم مدينة ميلة القديمة، من خلال عملية مسح ثلاثي الأبعاد عن طريق طائرة الدرون وسكانير، في المرحلة الأولى على أن تتواصل العملية في قادم الأيام لرقمنة المدينة القديمة بأكملها، بغية الحفاظ على معالم المنطقة رقميا ومساعدة الطلبة والباحثين في المجال في إجراء أبحاثهم، بالإضافة إلى المساعدة في عملية ترميم هذه المناطق التاريخية، فضلا عن الحفاظ على التراث وتوثيقه، مؤكدا أن هذا العمل يدخل ضمن الاتفاقية المبرمة بين جمعية أصدقاء ميلة القديمة ومراكز البحث، لتوثيق وتثمين معالم وتاريخ المنطقة من خلال إجراء أبحاث ودراسات ميدانية.
كما أشار الباحث، إلى أهمية الوسائل الرقمية في الحفاظ على التراث المحلي الثقافي والحفاظ عليه، قائلا أن تكنولوجيا نمذجة معلومات المباني ساعدت كثيرا الباحثين واختزلت الكثير من الوقت، مؤكدا منح خبرته في هذا المجال لأبناء الوطن والمساعدة في حماية تراثنا من الضياع .
ومن جانبه أوضح مدير الوكالة الموضوعاتية في البحث العلوم الإنسانية والاجتماعية، يوسف عيبش، أنه ورفقة الفريق المكلف بالعملية بالتنسيق مع جمعية أصدقاء ميلة القديمة و القائمين على مديرية الثقافة والفنون المحلية، تم جمع العديد من المعلومات والصور الرقمية لمعالم المدينة القديمة، مؤخرا، وحاليا يضيف المتحدث، عملية المعالجة تتم تدريجيا من أجل وضع مسارات سياحية داخل المنطقة ووضع التصور للحديقة التراثية للمنطقة التي شهدت سقوط العديد من مبانيها.
كما أكد ذات المصدر، أن هذه العملية ستسمح برسم خارطة طريق لترميم المنطقة وتقديم اقتراحات للقائمين على القطاع للتسيير الأمثل لهذا الفضاء القديم وجعله مكانا سياحيا بامتياز، خصوصا توفره على كل الإمكانيات المؤهلة لذلك.
وأشار مدير الوكالة الموضوعاتية في البحث العلوم الإنسانية والاجتماعية، إلى أهمية الوسائل التكنولوجية في حفظ وتثمين التراث ومثال على ذلك حسبه النموذج الأولي المعد حول مدينة ميلة القديمة، داعيا الوزارة الوصية للوقوف أكثر ووضع بروتوكولات لحماية وتثمين التراث، بالإضافة إلى تجنيد التكنولوجيات الحديثة لذلك، على غرار الذكاء الاصطناعي الذي يساعد المختصين في التراث والعمارة ويختصر المسافة في إعادة ترميم افتراضي من خلال تقديم افتراضات موضوعية تساعد في الترميم والتأهيل الافتراضي لمدن وحضارات.
وأكد رئيس جمعية أصدقاء ميلة القديمة، البروفيسور، عبد العزيز سقني، أن هذه العملية تعد ثمرة الاتفاقيات المبرمة منذ سنوات ما بين الجمعية ومراكز البحث بجامعات قسنطينة و بمرافقة مديرية الثقافة والفنون المحلية، من أجل الحفاظ على التراث وتوثيق المعالم التاريخية بالمدينة القديمة بميلة.
وشهد الملتقى 19 لميلة عبر التاريخ، تقديم 3 مشاريع تخرج بحثية لطلبة في طور الماستر من كلية الهندسة المعمارية والعمران بجامعة قسنطينة 3، أجريت حول معالم وتاريخ منطقة ميلة القديمة على غرار مشروع ترميم منزل بن زرافة بالمدينة القديمة.
وبالمناسبة أكد مدير جامعة قسنطينة 3 صالح بوبنيدر، شعبان بعيطيش، خلال كلمته، أن مصالحه تسعى لإدراج طلبة وباحثي كلية الثقافة والفنون بالجامعة مثل نظيرتها كلية الهندسة المعمارية والعمران، التي يستفيد باحثيها وطلبتها من إجراء زيارات ميدانية وأبحاث على المدينة القديمة بميلة، ضمن الاتفاقية والمشروع الجاري إنجازه على مستوى المنطقة بالتنسيق مع جمعية أصدقاء ميلة القديمة وكل الفاعلين بالولاية، مشيرا إلى أن الجامعة التي أصبحت مساهمة في التنمية وهي الآن مفتوحة أمام الجميع لما فيه إضافة للوطن والمواطن على حد تعبيره.
مكي.ب