تراهن ولاية تبسة، للحفاظ على ريادتها وطنيا في إنتاج البطاطا الموسمية، مؤكدة بعد خوض تجربة ربع قرن، أن هذا التحول نحو هذه الشعبة، على حساب الحبوب، مثلما دأب عليه الأجداد والآباء، لم يكن بذلك السوء الذي صوّره البعض وأن الفكرة التي اعتنقها قلة آنذاك، كانت تجربة رائدة، فقد حوّلت حقولهم إلى جنان خضراء وبثت الروح في مناطقهم، كما رفعت من إمكاناتهم المادية، الأمر الذي بَوّأ الولاية لاحتلال مركز الوصيف وطنيا، في جني وإنتاج هذه المادة، وفق الإحصائيات الرسمية.
700 منتج في قطب
من 4 بلديات لتغطية الاحتياجات الوطنية
تجربة غراسة البطاطا الموسمية بدلا من الحبوب بولاية تبسة، كانت مع بداية الألفية الحالية وذلك على نطاق ضيق، إذ ظل الكثيرون يتوجسون من المآلات غير المتوقعة لهذه التجربة الوافدة وغير المعروفة لدى أكثريتهم ولم يكن بُدًا من الاستعانة بفلاحين آخرين من خارج الولاية، لتوطين هذه الغراسة، سواء بكراء الأراضي، أو عن طريق الشراكات ولكن مع مرور السنوات اكتسب هؤلاء التجربة، فخاضوا مغامراتهم فرديا، مسلحين بما اكتسبوه من خبرات ومطمئنين للمردود المادي المريح ووفرة المياه ومرافقة الجهات الوصية ودعم الدولة، الأمر الذي رفع عدد المنتجين حاليا إلى حدود 700 منتج والرقم مرشح للارتفاع في قادم الأعوام.
وكانت بداية ظهور هذه الشعبة على مستوى ضيق، لكن بعد مرور عقدين ونصف من الزمن، ارتفعت المساحة المخصصة لإنتاج البطاطا الموسمية إلى حدود 4 آلاف و100 هكتار من الأراضي، الموزعة على بلديات الماء الأبيض، أم علي، الحويجبات وبئر العاتر، وفق ما كشف عنه مدير المصالح الفلاحية لولاية تبسة، جمال بوجناح، للنصر، الذي أكد أن قطاعه يتوقع إنتاج مليون و700 ألف قنطار من البطاطا الموسمية، في ختام حملة الجني التي باشرها الفلاحون والمنتجون هذه الأيام، بعنوان 2025/2024 والتي ستستمر إلى نهاية شهر سبتمبر المقبل وسيوجه منتوج الولاية للاستهلاك المحلي أولا ولضبط أسعار بيع هذه المادة ذات الاستهلاك الواسع، التي صارت مطلوبة في أغلب موائد الجزائريين. وبرأي المسؤول ذاته، فإن هذه الشعبة عرفت تطورا كبيرا في عشر سنوات الأخيرة، مستفيدة من دعم الدولة عبر توفير الأسمدة والبذور اللازمتين وكذلك المرافقة التقنية من طرف المهندسين وإطارات القطاع ومن التسهيلات المتاحة ورخص حفر الآبار والكهرباء الفلاحية ومن التسويات المفككة لإشكاليات العقار الفلاحي ولم تعد الشعبة غريبة عن سكان المنطقة وممارسيها وبرأي الفلاحين والمختصين، فإن غراسة البطاطا بإمكانها أن تحقق الأفضل في حال إتباع المسار التقني واستغلال المحيطات القريبة من السدود ومنح عقود امتيازات إضافية، بالنظر إلى خصبة الأراضي وتنوع المناخ ووفرة المياه.
مركب عمومي للتخزين بطاقة 5 آلاف متر مكعب
وأشارت مديرية الفلاحة، إلى أن إشكالية غرف التبريد والتخزين أصبحت من الماضي وأن هذه الإشكالية التي ظلت تواجه الفلاحين وتعيق تطور هذه الشعبة قد زالت نهائيا، بعد دخول مركب التبريد والتخزين بالشريعة، حيز الخدمة وتدشينه من طرف وزير الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، في نهاية شهر جوان الأخير، حيث سيخصص جزء معتبر من سعته المقدرة بـ 5 آلاف متر مكعب، لتخزين مادة البطاطا الموسمية، علما بأن هذا الهيكل العمومي الذي كلف إنجازه 63 مليار سنتيم والمتربع على مساحة 3 هكتارات، يضم 9 غرف صغيرة للتخزين والتبريد وقد أسدى حينها الوزير، تعليمات بالشروع في إمضاء العقود مع منتجي البطاطا، لتكوين محصول أو مخزون من هذه المادة الضرورية بأغلب موائد الجزائريين وسيساهم هذا المركب في إعادة انطلاق غراسة البطاطا الموسمية ببلدية الشريعة وبعض البلديات الأخرى، بعد التوقف عن هذا النشاط، لانعدام المخازن من ناحية وغور المياه وقلتها في بعض المناطق من ناحية أخرى. كما أن غراسة البطاطا الموسمية بولاية تبسة، لا ينتفع بها أصحابها فقط، بل صارت مع مرور السنوات، مصدرا للهروب من شبح البطالة، إذ يستغل العديد من الشباب مواسم الجني لممارسة هذا النشاط، خاصة خلال العطلة الصيفية، كما ساهمت هذه الشعبة في إخراج عدة مناطق من عزلتها وجعلتها مقصدا للزبائن القادمين من عدة ولايات ورفعت جودة البطاطس في نسق هذا الإقبال وكانت بطاطا تبسة بمثابة مكبح يفرمل أسعار هذه المادة، في حال تجاوزها للسقف المسموح به وقد تجلى ذلك في إنتاج الولاية التي حققت مليون ونصف المليون قنطار العام الماضي وهو ما أهّلها لتكون قطبا رائدا في الإنتاج وتطرح نفسها كقوة صاعدة في هذه الشعبة مستقبلا. الجموعي ساكر