تمكنت طالبتان وأستاذهما بالمدرسة الوطنية العليا للبيوتكنولوجيا في قسنطينة من حصد براءة اختراع جديدة، حيث ابتكروا نموذجا لشريط تغليف ذكي ونشط للأغذية يعتمد على مكونات طبيعية بما يسمح بالكشف البصري عن حالة الأغذية المغلفة ويطيل صلاحيتها، في حين يقاوم البكتيريا والفطريات بفعالية ويعوض البلاستيك بفضل خصائصه التي تمنحه القدرة على التحلل في الطبيعة.
وأفادت المديرة المساعدة المكلفة بأنظمة الإعلام والاتصال والعلاقات الخارجية في المدرسة الوطنية العليا للبيوتكنولوجيا، الدكتورة أحلام شلغوم، في تصريح للنصر، بأن البراءة مسجلة باسم الطالبتين كوثر حميدي ومريم غوار، وأستاذهما المشرف على تخرجهما، الدكتور معروف عريبي محمد، حيث تحصلوا على براءة الاختراع عن مشروع مبتكر في مجال التكنولوجيات الحيوية والتغليف الذكي المنجز في إطار آلية القرار الوزاري 1275/008 على مستوى حاضنة الأعمال للمدرسة، التي يديرها الدكتور أحمد بوزيان. ونشرت الصفحة الرسمية لحاضنة الأعمال بيانا حول براءة الاختراع جاء فيه أن “هذا الإنجاز تأكيد على جودة الأبحاث والابتكار الذي تزخر به البيئة الأكاديمية في المدرسة الوطنية العليا للبيوتكنولوجيا بقسنطينة”.
واعتبر القائمون على الحاضنة أيضا أن مشروع تطوير تغليف حيوي نشط وذكي “يمثل خطوة متميزة نحو حلول مستدامة ومبتكرة في مجال حفظ الأغذية والمنتجات وشهادة على الإمكانيات الهائلة لشبابنا في إحداث تغيير إيجابي”. وحملت براءة الاختراع عنوان “تركيبة مخصصة للتغليف الحيوي النشط والذكي، تعتمد على الجيلاتين البقري ومدعمة بالفايكوسيانين ومستخلص البروبوليس، ومعززة بالزيوت الأساسية”، حيث جاء فيها أنها أودعت بتاريخ 7 نوفمبر 2023 من قبل المدرسة الوطنية العليا للبيوتكنولوجيا بقسنطينة، توفيق خزندار، على مستوى المعهد الوطني للملكية الفكرية. واستقبل مدير المدرسة الوطنية العليا للبيوتكنولوجيا، البروفيسور دوادي خليفي، فريق البحث وسلمهم شهادات تقديرية نظير الإنجاز الذي حققوه.
وذكر الدكتور معروف عريبي محمد للنصر بأن المشروع أنجز بمساهمة فعالة من مركز دعم التكنولوجيا والابتكار في المدرسة، من خلال المرافقة التي وفرتها مسؤولة المركز، الدكتورة آمال جحّال، خلال جميع مراحل إنجاز المشروع، حيث أكد أنه يندرج ضمن الجيل الجديد من تقنيات التغليف الغذائي ويستهدف تحسين جودة وسلامة المنتجات الغذائية عبر تطوير أغلفة حيوية تمتاز بخصائص مضادة للميكروبات والأكسدة، مع القدرة على الاستجابة للتغيرات البيئية، مثل درجة الحموضة بما يجعلها “ذكية” بمعايير الصناعة الحديثة. وأضاف الباحث أن هذا الابتكار يهدف إلى تطوير فيلم تغليف غذائي نشط وذكي باستخدام مكونات طبيعية قابلة للتحلل البيولوجي وتراعي الجوانب الصحية والبيئية، حيث يعتمد على الجيلاتين الحيواني كمادة أساسية مدعمة بمستخلص البروبوليس المعروف بخصائصه المضادة للبكتيريا والفطريات، إلى جانب صبغة الفايكوسيانين Phycocyanine الطبيعية ذات القدرة العالية على مقاومة الأكسدة، فضلا عن الزيوت الأساسية لنباتات عطرية مثل الزعتر والنعناع لتعزيز الفعالية الحيوية.
ولفت المتحدث إلى أن التجارب المخبرية أظهرت فعالية مضادة للبكتيريا مثل «المكورات العنقودية الذهبية» Staphylococcus aureus، والبكتيريا الإشريكية القولونيةEscherichia coli ، والبكتيريا العصوية الرقيقية Bacillus subtilis، إلى جانب فعاليتها ضد الفطريات من قبيل «العفن الرمادي» Botrytis cinerea والفيورازيوم المسبب للذبول Fusarium oxysporum، مع معدلات تثبيط تجاوزت 88 بالمئة. وأبرز الباحث أن الفيلم أظهر استجابة ذكية للتغيرات في الوسط الغذائي من خلال تغير لونه حسب درجة الحموضة، مما يسمح بالكشف البصري عن حالات التلف. واعتبر المصدر نفسه أن هذا الابتكار يمثل إضافة نوعية في مجال التغليف النشط والذكي، الذي يعتبر مجالا واعدا على المستوى العالمي لمساهمته في تقليل تلف الأغذية وإطالة صلاحيتها والحد من استخدام البلاستيك ذي الأثر السلبي على البيئة.
ويعزز الاختراع الجديد فرص التسويق المحلي بفضل اعتماده على مواد طبيعية متوفرة في الجزائر، مثل البروبوليس والجيلاتين والزيوت العطرية، خصوصا في مجال تغليف الفواكه والخضر والتمور والمنتجات الحساسة، إذ يربط البحث العلمي بالاقتصاد، كما أكد الدكتور أن الفريق يتطلع إلى تطوير النموذج الأولي ليصبح منتجا قابلا للتسويق الصناعي بشراكة مع الفاعلين في قطاع الصناعات الغذائية. واعتبر المصدر نفسه أن تسجيل براءة الاختراع المذكورة يمثل علامة فارقة في مسار البحث التطبيقي داخل الجامعات الجزائرية، ودعوة لتعزيز ثقافة الابتكار والريادة لدى الطلبة، وجسرا واعدا بين المعرفة النظرية والتطبيق العملي في خدمة الاقتصاد الوطني والصحة العامة، مثلما أكد الباحث. سامي .ح