تشمل الأطفال أقل من ثلاث سنوات: احــذروا متـلازمـــة إدمـــان الأجهـزة الإلكترونيــــة

 يترك أولياء أطفالهم أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية   لفترات طويلة تتجاوز الخمس ساعات في اليوم أحيانا، متجاهلين العواقب التي تنجر عن هذا السلوك الذي قد يؤثر سلبا على صحة  أطفالهم، وهو ما حذّر منه مختصون، قالوا بأن التعرض لشاشات الأجهزة الإلكترونية في مرحلة الطفولة المبكرة، قد ينجر عنه تأخر في نمو الوظائف العقلية في مراحل لاحقة من الطفولة.

لينة دلول

لم يعد التعرض للشاشات الإلكترونية من قبل الأطفال يقتصر على التلفاز فقط، بل امتد ليشمل شاشات الهواتف النقالة واللوحات الإلكترونية، ويرجع الأولياء سبب ترك أطفالهم أمام هذه الأجهزة لفترات طويلة، إلى انشغالهم بالأعمال المنزلية وارتباطهم طيلة الأسبوع بالعمل، فيضطرون إلى ترك  الأجهزة في أيادي الصغار لإلهائهم لأطول فترة ممكنة دون مراقبة ومتابعة.
وحسب ما تمت ملاحظته في الوسط الاجتماعي، فإن  للأهل دخلا في إصابة أبنائهم بمتلازمة إدمان الأجهزة الإلكترونية، بدليل  قيام العديد منهم بإعطاء أطفالهم الذين لا تتجاوز أعمارهم 5 سنوات، الهاتف النقال أو الجهاز اللوحي لإقناعهم بتناول الطعام، أو كي يتمكنوا من التسوق بأريحية بينما ينشغل الصغار بالهاتف، وهو ما اعترفت به والدة الطلفة إيمان، قائلة بأنها تترك ابنتها صاحبة الثلاث سنوات، تستخدم هاتفها النقال طيلة فترة انشغالها بالأعمال المنزلية لتتجنب تعطيلها عن مهامها الروتينية،  فيما أكدت أم وئام، بأنها تترك ابنتها البالغة من العمر سنتين  تستخدم جهاز الأيباد عندما تريد النوم أو أثناء تناول الطعام، أو عندما تكون في حالة حزن فتضطر لإسكاتها به.
الصلة بين النمو العقلي وزمن تعرض الأطفال للشاشات
 و قد أصدرت منظمة الصحة العالمية، مجموعة إرشادات حددت فيها الفترات الزمنية التي يمكن للأسرة السماح خلالها للأطفال بالتعرض للشاشات الإلكترونية مع التأكيد على ضرورة عدم تجاوزها نظرا للمخاطر المحتملة لذلك على النمو الذهني للأبناء.
ووفقا للمنظمة فإنه يجب عدم السماح إطلاقا للأطفال بمشاهدة أي مضمون على شاشات الأجهزة الإلكترونية خلال عامهم الأول والسماح لهم بذلك ولكن لمدة محدودة جدا خلال عامهم الثاني.
أما بالنسبة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين عامين وأربعة، فيجب ألا تتجاوز فترات تعرضهم للشاشات الإلكترونية أكثر من ساعة واحدة فقط خلال اليوم.وللإشارة، فإن فريقا بحثيا مشتركا من جامعتي هاماماتسو وتوهوكو، اختبر 7 آلاف و97 أما وأطفالهن، لقياس زمن تعرض هؤلاء الأطفال لشاشات الأجهزة الإلكترونية في مرحلة الطفولة المبكرة، من خلال استبيان لتحديد زمن مشاهدة هؤلاء الصغار للتلفزيون والكومبيوترات اللوحية والهواتف المحمولة وشاشات ألعاب الفيديو وغيرها.
وتبين من خلال الدراسة، أن نسبة الأطفال الذين تعرضوا لشاشات الأجهزة الإلكترونية أقل من ساعة يوميا بلغت 48.5 %، ونسبة من تعرضوا للشاشات أقل من ساعتين بلغت 29.5 %، ثم من ساعتين إلى أربع ساعات 17.9 %، و بلغت نسبة من تعرضوا للشاشات لفترات تبلغ أربع ساعات أو أكثر 4.1 %.
وعمدت الدراسة إلى قياس النمو العقلي للأطفال في الفئة العمرية ما بين عامين إلى أربعة أعوام، في خمس مجالات رئيسية تتعلق بالتواصل والمهارات الحركية، والحركات الدقيقة، وحل المشكلات، ثم المهارات الشخصية والاجتماعية.
واتضح من خلال نتائج الدراسة، بأن هناك صلة بين النمو العقلي في هذه المجالات وزمن تعرض الأطفال للشاشات في مرحلة الطفولة المبكرة، وتبين بأن مشاهدة الأجهزة الإلكترونية بالنسبة للأطفال في عمر السنة يؤدي إلى تأخر نموهم العقلي بعد عام واحد و في جميع المجالات باستثناء المهارات الحركية، وعندما يبلغون السن الرابع، يعانون من تأخر في مجالات التواصل وحل المشكلات على سبيل المثال.

* أخصائي طب الأعصاب عماد بومعزة
مدخل مباشر للأمراض العصبية
ينصح  أخصائي طب الأعصاب، الدكتور عماد بومعزة، بعدم تعريض الأطفال للشاشات الرقمية قبل عمر 3 سنوات، وعدم السماح لهم باستخدامها في أوقات الأكل وقبل النوم، أما بالنسبة للأطفال الذين  تتراوح أعمارهم  بين 3 و 10 سنوات، فيجب بحسبه، تحديد وتقنين عدد ساعات تعرضهم للأجهزة الإلكترونية.
ويرى المتحدث، بأنه يمكن السماح للأطفال باستخدامها لمدة لا تتجاوز الساعة وذلك من أجل  متابعة المواقع التعليمية،  بشرط مرافقتهم أثناء قيامهم بذلك.
وأكد بومعزة، أن استخدام الأجهزة الإلكترونية  قد يحدث تغييرا جذريا في حياة الأطفال ويشجعهم على الانطوائية والعزلة الاجتماعية، كما أن استعمالها يؤدي إلى ظهور مشاكل عصبية كالإفراط في الحركة و تقلبات المزاج و العصبية و القلق والتوتر.
وأوضح الطبيب، بأن الضوء المنبعث من الشاشات الإلكترونية قوي على عيون الطفل ويصعب عليه تحمله لذلك فإنه يؤذي النظر، ويعطل عملية إفراز مادة الميلاتونين، التي  تنظم ساعتهم البيولوجية المتعلقة  بمدة القيلولة اللازمة لهم في هذا العمر، وكذلك النوم أثناء الليل.
وأوضح الطبيب، بأن الأطفال الذين لم يلتحقوا بالمدرسة بعد ويستخدمون الشاشات الرقمية لساعتين أو أكثر يوميا، يعانون ضعفا في التركيز بشكل واضح.
 واعتبر الطبيب،  عملية   تعلم اللغة واكتساب المهارات الاجتماعية من خلال التفاعل مع أفراد الأسرة والأصدقاء من أهم المهام الذهنية خلال مرحلة الطفولة، إلا أن الكثير من الأسر تعتمد على الأجهزة الإلكترونية للقيام بهذا الدور، وهو سلوك خاطئ يعود بالسلب على الأطفال بحسب المتحدث. وأشار أيضا، إلى أن بعض الأمراض الشائعة فقط بين كبار السن على غرار الأرق و العصبية
و ألام الرأس و قصر النظر، صارت تشخص عند الأطفال بسبب التعرض المستمر للأجهزة الإلكترونية. وينصح الطبيب الأولياء، بتوجيه أطفالهم نحو نشاطات أخرى كالرياضة والرسم و تعلم الموسيقى واللغات، بدلا من استخدام الأجهزة الإلكترونية التي تسبب لهم أضرارا عديدة متعلقة بالأعصاب، كصعوبة التركيز و  التعلم و الإصابة بالتوحد.

* الطبيب العام محمد ياسين أمين خوجة
على الأولياء الانتباه أكثر لمخاطر التكنولوجيا
قال الطبيب العام محمد ياسين أمين خوجة للنصر، إن كثيرا من الأولياء يجهلون حجم الخطر المحدق بصحة الطفل، الذي يتعرض بصفة مستمرة  للشاشات الإلكترونية  التي  تعد  خطيرة على عيون الأطفال وصحتهم النفسية مؤكدا، بأن الأطفال الذين يقضون ساعات مطولة، أمام هذه الأجهزة قد يتعرضون للإصابة بالصرع والاضطرابات الذهنية، كما أن ساعة واحدة يقضونها في التحديق إلى شاشات الهواتف الخلوية  والأجهزة اللوحية تجعلهم أكثر عرضة للتوتر أو الاكتئاب وأقل فضولا وقدرة على إنهاء المهام.مشيرا في سياق متصل، إلى أنه  قام بتشخيص على مستوى عيادته حالات عديدة من أشخاص عانوا من أعراض مرضية سببها الأجهزة الإلكترونية وليس مرضا آخر، ولا تقتل الأشعة الضوئية خلايا الدماغ فحسب، بحسب المختص، بل تتسبب في اضطرابها، كما تؤثر على مراكز العواطف في الدماغ ومراكز الانتباه واتخاذ القرارات.                   
لينة دلول