سيدي بيمول يعرض رحلة فولاي في عوالم الميثولوجيا الأمازيغية
نشط مساء أول أمس، الفنان الجزائري حسين بوكلة، المعروف باسم سيدي بيمول، سهرة حكواتية وموسيقية سرد فيها ملحمة الشاب الأمازيغي فولاي في عوالم الأساطير البربرية والمتوسطية.
ومزج العرض، المقدم باللغة الفرنسية، بين المسرح والموسيقى والسرد الحكواتي، حيث رافق سيدي بيمول عازفان على كل من الإيقاع والبيانو والمزمار، في حين تنطلق قصة الشاب فولاي من إحدى القرى الأمازيغية القديمة، أين تمكن من صنع عملة نقدية سمحت له بالوصول إلى الملك، مرورا بالسجن بتهمة التزوير.
 وينتقل فولاي بعد ذلك إلى أحضان آلهة الحب أونيسة التي تتبناه، لكنها تطرده مجددا إلى العالم الأرضي، بعد أن اكتشفت بأنه وقع في حب امرأة وأنجبت منه أطفالا. كما انتزعت الآلهة من فولاي مهاراته الفنية في النحت، بعد أن جعلت يديه متيبستين، مثل جذور شجرة الزيتون، ليجد نفسه في أماكن جديدة ومجهولة.واختار أصحاب العرض ديكورا بسيطا للركح، حيث جمعت آلات العزف في الركن الأيمن من الخشبة، بينما وضع في منتصفها مقعد خشبي عمومي، مثل المقاعد الموجودة في الحدائق، وأمامه وقف راوي “أوديسة فولاي”، الفنان حسين بوكلة، وكان يتحرك حول المقعد، مرتديا ملابس تقليدية جزائرية، حيث وضع حول عنقه شاشا في شكل وشاح، وارتدى سروالا تقليديا وقميصا، في حين ظهر الموسيقيان بثياب عادية ، اختيرت لها ألوان قاتمة، تتناسب مع خلفية الركح ولتجعل منهما لا مرئيين، إلا بالصوت. وقد تركزت الأضواء على الراوي فحسب، وكان يظهر من حين لآخر من قلب الظلام ويعود إليه، مؤديا الحركات المتناسبة مع مراحل الملحمة ومتقمصا أكثر من شخصية في العديد من المحطات.
ورافقت أصوات الآلات الأداء، في حين تخللت الملحمة مقاطع موسيقية غناها سيدي بيمول باللغة الأمازيغية، حيث تختلف طبوعها بين الحزن والفرح والنصر والانهزام أحيانا، كما أن البعض منها من التراث الأمازيغي.
و أدى الفنان أغنية حزينة عندما انهزم فولاي في محطته ما قبل الأخيرة، في بلاد وصل إليها على يد هرقل، المسمى في الأمازيغية هرغال، بعدما أخذ منه حبيبته وزفها إلى إله المطر أنزار، ولم يتمكن فولاي من استعادتها  رغم مقاومته له، فالأخير أطلق عليه سهما من البرق، حول الجبل الذي كان يقف عليه قطعة من الفحم.
وأكد الراوي في بداية السهرة على أهمية الشمس بالنسبة للمجتمع الأمازيغي قديما، حيث قال إنها تسمى في الأمازيغية “إيغني”، مشيرا إلى أنها أصل كلمة عبقري بشكلها في اللغات ذات الجذر اللاتيني، كما أنها تذرف في نهاية الحكاية دمعة ذهبية شفقة على فولاي، فيعود بفضلها إلى الحياة ويكتسب مجددا مهارته في النحت، في حين تُركبه الشمس جناحي طائر ضخم يرحل به إلى قريته الأم في بلاد الأمازيغ، أين ينظم احتفالا ضخما ويتناول فيه السكان طبقا كبيرا من الكسكسي، الأكلة المفضلة لفولاي.
و قال حسين بوكلة إنه استلهم “ملحمة فولاي” من الأعمال الأدبية لصاحب أول رواية في التاريخ أبوليوس الجزائري.
 في حين تجدر الإشارة إلى أن العرض منظم من طرف المعهد الفرنسي بقسنطينة، حيث انطلق سيدي بيمول في جولة عبر المراكز الثقافية الجزائرية من عنابة لتتواصل في الجزائر العاصمة و وهران.            
سامي .ح

الرجوع إلى الأعلى