الاثنين 11 أوت 2025 الموافق لـ 16 صفر 1447
Accueil Top Pub

أصحاب محلات يكشفون سر النكهة الخاصة: “كريبونـــي”.. مثلجــات جزائريـــة صنفــت بيــــن الأفضـل في العالــم

تحافظ المثلجات الجزائرية «كريبوني» على مكانتها رغم انتشار نكهات وأنواع عصرية أصبحت تُقدم بطريقة أكثر جاذبية فـ"لاقلاص" كما يحلو للأغلبية تسميته يعد أقدم تحلية باردة في الجزائر، ومن أفضل النكهات لدى عشاق البوظة ليس بفضل نكهته الفريدة و المنعشة فحسب، بل لأن الوصفة التي قدمت من إيطاليا وأدخلت عليها تعديلات محلية حسب تجار، لطالما كانت صانعة لبهجة الأحياء الشعبية في الصيف، ولكل فرد ذكرى معها تعود إلى زمن الطفولة، كما أن لكل واحد منهم طريقته المفضلة في تناول هذه المثلجات التي تشتهر بنكهة الليمون.
روبورتاج/ إيناس كبير

صنفت مؤخرا، موسوعة الطبخ العالمية الشهيرة «تايست أطلس» مثلجات «لكريبوني» في المرتبة 25 عالميا والأولى عربيا وفي إفريقيا، وذلك ضمن قائمة لأفضل التحليات المجمدة ضمت أكثر من 50 تحلية عبر العالم.
وبحسب ما جاء على موقع أطلس الغذاء العالمي ، والذي يختص في تقييمات الأطعمة الشعبية و التقليدية عبر العالم، فإن مبتكر الكريبوني هو المعمر الإسباني «جيلبرت سوريانو» الذي عاش في ولاية وهران زمن الاحتلال الفرنسي في الجزائر، وقد صنع بوظة من شربات الليمون بمحل» Crèmrie l’Oranaise»، كما نشر الموقع وصفة صناعته المكونة من الليمون، البيض، والسكر الأبيض، مرفقة بخريطة وعلم الدولة الجزائرية.
ووفقا لتجار متخصصين في صناعة «الكريبوني» زارت النصر محلاتهم المتواجدة في ولاية قسنطينة، فإن هذه الوصفة تعد الأقدم وهي سر تعلق الجزائريين بهذا النوع من المثلجات، حبا في المذاق الحامض الذي يبقيها على رأس ترتيب خيارات المستهلكين من مختلف الأعمار رغم انتشار نكهات أخرى.
أقدم وصفة «كريبوني»

انطلقت جولتنا من محل الإخوة لعمامرة، المتخصص في بيع المثلجات والمتواجد بساحة أول نوفمبر بوسط المدينة، وبالرغم من أن الساعة كانت تشير إلى الحادية عشرة صباحا، مع ارتفاع محسوس في درجة الحرارة لفتنا أن أغلب الكراسي محجوزة من قبل زبائن ينتظرون طلبياتهم، وقد لاحظنا أيضا اختلافا في الفئات العمرية بين شباب، كهول، مسنين، وحتى أطفال.تحدثنا مع أحد أصحاب المحل واسمه فيصل لعمامرة، أخبرنا أن الكريبوني مرتبط بقصة عائلتهم فوالده يعمل في بيع المثلجات منذ سنة 1954 ويعد من أقدم صانعيها بمدينة قسنطينة، وقد تعلم وصفتها من مستوطن أوروبي كان يعمل في محله زمن الاحتلال الفرنسي للجزائر. كان الرجل الخمسيني يتحدث وكأن شريط صور مدينة كامل يمر أمام عينيه فالمحل حسبه، شاهد على ساحة أول نوفمبر قديما التي تتوسط أزقة المدينة والتي عادت لتجمع أبناء قسنطينة مرة أخرى بعد تهيئتها.
يقول، إنهم كانوا يصنعون «لكريبوني» بالطريقة اليدوية التقليدية باستعمال آلة قديمة تُسمى «توربين» يعود عمرها إلى الستينات ورثوها عن والدهم وعلق أن مثلجاتها ألذ بكثير عن الحالية.
أخبرنا كذلك، أنهم كانوا يستخدمون آلة «النحاسية» أيضا، بينما تعتمد الوصفة القديمة وفقا لصاحب المحل، على مواد محلية مائة بالمائة وهي مكونة من زبدة البقر، بيض الدجاج الذي يضاف تدريجيا وببطء إلى المزيج، ثم تُخلط المكونات مع حليب البقر المغلي، وعاد البائع إلى طريقة بيع «الكريبوني» التي تختلف عن الأسلوب الحالي، معلقا أن الباعة كانوا صناع البهجة في الأحياء العتيقة مثل حي رحبة الصوف، أين كانوا يتجولون بعرباتهم في الشوارع يتحلق حولهم الأطفال الصغار، وعبر بأن هذه المثلجات هي جزء من ذاكرة الذوق الشعبي، ومن التقاليد التي لاتزال راسخة.
ويحافظ فيصل وشقيقه حاليا على الوصفة القديمة، التي تتميز ببساطة مكوناتها على غرار الماء، والليمون، والسكر دون مضافات غذائية أخرى وتعد المفضلة لدى الزبائن بفضل نكهتها الحامضة خصوصا وأنها صحية أكثر.
وبحسبه، فإن مغتربين أيضا زاروا المحل وأبدوا إعجابهم بطعم المزيج المنعش من بينهم «اليوتيوبر» الجزائري بلقاسم وزوجته الإيطالية «إيستر» اللذين زارا المحل واستمتعا بمذاق «الكريبوني».
أما عن أقدم صناعها في المدينة، فأشار فيصل إلى بعض من اشتهر منهم قديما مثل بن شوالة، وأحمد لعقاص، والعم أحمد في رحبة الصوف.
وخلال تواجدنا هناك لاحظنا أن أصحاب المحل يوفرون جوا مريحا للزبائن، ومع الحرص على تلبية طلباتهم ويقفون على خدمتهم وما إن يهم أحدهم بالانصراف يبادرون إليه بالتحية ويدعونه للعودة مرة أخرى، كما تميز المكان بالهدوء وتواجد العائلات.
اقتربنا من زبونة كانت تجلس مع صديقاتها وهي امرأة في عقدها السادس اسمها نجوى، قالت إنها زبونة وفية لمحل الإخوة لعمامرة منذ 10 سنوات، كما أنها من عشاق المثلجات التي يصنعونها لأنها تتميز بلذة خاصة وطعم منعش خصوصا في فصل الصيف. مضيفة أنها ترتاح في المكان المحاط بروح المدينة القديمة من كل جهاته.
كل صانع يملك وصفة سرية

توجهنا نحو حي بوالصوف الذي يشتهر بين أبناء المدينة بلذة مثلجات محلاته، تحدثنا هناك مع وليد حوار، بائع بوظة منذ 25 سنة، فأخبرنا أن المحل الذي ينشط فيها يشتغل في المجال منذ حوالي 53 سنة ولذلك يعد من أشهر محلات بيع المثلجات في قسنطينة.قال محدثنا، بأن صاحب المحل ذهب إلى إيطاليا لتعلم صناعة «لكريبوني» والشائع أنها موطن الوصفة الأصلي وفقا له، مؤكدا أن المكونات عرفت بعض التدخلات المحلية التي تتماشى مع ما يتوفر في الجزائر من منتجات وطبيعتها وجودتها.
وحسبه، فإن الكريبوني صارت جزائرية بشكل كامل بالنظر إلى كل ما طال الوصفة من تعديل مع اعتماد الليمون المطبوخ على النار، الذي يمزج بالبيض والحليب للحصول على القوام المتماسك.
وأردف، أنه يستطيع صناعة لكريبوني بوصفات عديدة وقد شاركنا أحد أسرارها قائلا «إن السر يكمن في حليب البودرة، والتركيز على نظافة المعدات، وكمية الماء المضافة إلى المزيج» ولكل صانع لمسته الخاصة. وأشار المتحدث، إلى النكهات المختلفة لهذا النوع من المثلجات فبالإضافة إلى الليمون، توجد نكهة الرمان، واليوسفي، و»الموخيتو» أو النعناع، زيادة على النكهات الأربع الشائعة التي وفدت من إيطاليا حسبه، وهي «الشوكولاتة»ّ، و»الفانيليا»، والفراولة، والموز يبقى كريبوني الليمون المفضل لدى الجزائريين، وأرجع ذلك إلى نكهته الحامضة التي تساعد على الراحة بعد الأكل لذلك فإن أغلب المحلات تحافظ عليها إرضاء للزبائن.
أما عن أشهر محلات بيع هذه التحلية في قسنطينة، فذكر البائع أن حي بوالصوف يعرف توافدا كبيرا لزبائن من ولايات أخرى وكذا مغتربين وأجانب مردفا، أن نشاط المحل لا يتوقف حتى شتاء نظرا لوجد طلب مستمر على «الكريبوني. كما ذكر محلات شهيرة أخرى في أحياء بالخروب، وسيدي مبروك.وفضلا عن قضاء سهرة الصيف في محلات خاصة ببيع المثلجات هروبا من حر المنازل، أخبرنا وليد أن زبائن يحافظون على عادات قديمة عند شراء المثلجات ويحبون أكلها في وعاء مصنوع من معدن «إينوكس» على الطريقة القديمة حفاظا على برودتها. ويضيف أن الكريبوني في الأساس مرتبط بالماضي وعلق قائلا «عندما كنا صغارا نقول أذهب لشراء «لاقلاص» وليس لاكريم»».
مغتربون زادوا من شهرة «الكريبوني»
واعتبر البائع أن تصنيف الكريبوني في موقع «تايست أطلس» يساعدهم كتجار في استقطاب زبائن أكثر، خصوصا الأجانب والمغتربين الذين يزورون الجزائر صيفا. وفي هذا الخصوص، قال إن المثلجات الجزائرية حجزت مكانتها لدى زبائن مغتربين، وحدثنا عن زبون زار المحل وأُعجب بطريقة تقديمهم لها فضلا عن قوامها المتماسك، فأخرج هاتفه وبدأ يصور المشهد من خلال بث مباشر على حسابه الإلكتروني، وقبل أن يترك المحل أخبره أن المثلجات في فرنسا لا تُصنع بهذه الطريقة اللذيذة لأنهم يعتمدون على مضافات صناعية عكس الوصفة الجزائرية ذات المكونات الطبيعية.
وقبل أن نترك المحل ركن شاب من ولاية مجاورة سيارته ونزل ليمتع نفسه بنصيب من المثلجات خصوصا وأن الحرارة كانت مرتفعة، وفي دردشة معنا قال إنه يفضل «الكريبوني» بحثا عن الانتعاش ومازال وفيا للنكهة التقليدية التي تذكره بالماضي.

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com