* تنفيذ أكثر من 8 آلاف تدخل عن بعد
قلص الاعتماد على منظومة “سكادا” الرقمية لمركز التحكم عن بعد في شركة الكهرباء والغاز “سونلغاز” بولاية قسنطينة المدة الزمنية المستغرقة في معالجة الأعطاب الكهربائية إلى بضع دقائق، حيث أصبح يتيح التنبؤ بالاختلالات في الشبكة ويقدم رؤية آنية عن وضعيتها، بالإضافة إلى تمكين المهندسين والتقنيين من التدخل عن بعد وإصلاح أعطاب الشبكة قبل وقوعها. النصر زارت المركز الموجود على مستوى مديرية التوزيع قسنطينة في باب القنطرة، حيث يفتح أمام وسائل الإعلام لأول مرة، بعد سنوات من دخوله حيز الخدمة، فيما يرتبط بنسيج متكامل وشامل من التجهيزات التكنولوجية الرفيعة للاستشعار والاتصال وجمع البيانات ومعالجتها وتخزينها، فضلا عن تطوير شبكة اتصال متعددة الطبقات خاصة بشركة “سونلغاز” لضمان فعالية الأداء وحماية المعطيات.
روبورتاج: سامي حباطي
وزرنا أمس مركز التحكم عن بعد الموجود على مستوى مديرية التوزيع قسنطينة لشركة الكهرباء والغاز “سونلغاز”، حيث استقبلنا في المكان مسؤول الاتصال بالمديرية، كريم بودولة، ليؤكد لنا أن المركز يفتح أبوابه لأول مرة لوسائل الإعلام من أجل الاطلاع على المهام التي يتكفل بها. ورافقنا إلياس شناشر، رئيس مصلحة التحكم عن بعد في جولتنا بالمركز الذي يشرف عليه، حيث قال إنه يتكفل بالمراقبة والتحكم في الشبكة وأدوات قطع وتشغيل الكهرباء عن بعد وجمع المعلومات عن شبكة الكهرباء ذات الضغط المتوسط 10 آلاف/30 ألف فولت، مشيرا إلى أن وظيفة المركز تغطي حيّز مديرية التوزيع علي منجلي ومديرية التوزيع قسنطينة، فضلا عن تأكيده بأن المركز الموجود في مقر مديرية التوزيع بباب القنطرة مصمم ليستوعب التكفل بست ولايات، تتمثل في خنشلة وأم البواقي وباتنة وميلة وقسنطينة وتبسة.
300 جهاز استشعار لمراقبة الشبكة وإجراء تدخلات عن بعد
ولفت المتحدث إلى أن كل واحدة من الولايات المذكورة تنطوي على مركز تحكم عن بعد خاص بها، إلا أن قاعدة بياناتها ممركزة في مركز باب القنطرة، بينما شرح بأن الأجهزة الخاصة بالتحكم عن بعد موزعة على 20 محولا للضغط المتوسط والضغط المنخفض، بالإضافة إلى حوالي 300 جهاز مثبت في المحولات الفرعية الموزعة عبر الأحياء. وذكر المتحدث أن أجهزة الرصد الموزعة عبر المحولات تستهدف جمع المعلومات الخاصة بالشبكة واكتشاف الأعطاب وموقعها المحدد من خلال منهجية التشخيص بالاستبعاد، مضيفا أن المركز يسيّر أيضا نوعا آخر من الأجهزة المخصصة لمتابعة الشبكة الريفية الهوائية لرصد الأعطاب والاختلالات ومراقبة نشاط الشبكة.
وتتيح هذه الأجهزة بحسب محدثنا عزل حيز العطب أو الحيز الذي سيخضع للأشغال بشكل آني، فقد أوضح محدثنا أن التدخلات المتخذة على مستوى المركز تسمح بتقليص مدة الأشغال أو مدة الانقطاع، لتصل في أغلب الحالات إلى أن الزبون يكاد لا يشعر بانقطاع التزويد بالكهرباء ثم عودتها. ويعتمد مركز التحكم عن بعد لشركة “سونلغاز” على تكنولوجيا نظام تحصيل البيانات والتحكمSupervisory Control and Data Acquisition ، المعروف اختصارا بتسمية «سكادا»، حيث شرح مرافقنا أن هذا النظام يقوم على مبدأ توزيع أجهزة في الشبكة وبناء شبكة اتصال لربطها بخوادم لتجميع البيانات، إلى جانب مركز المراقبة الذي يتكفل المشتغلون فيه بمعالجة المعلومات المخزنة في الخوادم على مدار الساعة وطيلة أيام الأسبوع.
ويعمل موظفو مركز التحكم عن بعد على تسيير التدخل ومعالجة الأعطاب المسجلة من خلال تسخير الفرق الميدانية، بالإضافة إلى نشاطهم في تحسين التزويد عبر الشبكة بالاعتماد على البيانات التي يحوزون عليها، على غرار تدخلاتهم عند ملاحظة تركز شحنات في أجزاء من الشبكة دون أخرى، ما يجعلهم يقسمونها، بالإضافة إلى قدرة المركز على التنبؤ بإمكانية وقوع أعطاب من خلال المعطيات المجمعة، لتقوم بعد ذلك الفرق التقنية بالتدخل قبل وقوع المشكلة. وتصادف خلال تواجدنا في المكان أن تلقى المهندسان العاملان على جهازي كمبيوتر في وحدة التحكم معلومة بخصوص عطب في شبكة الكهرباء في حامة بوزيان، حيث جرى التدخل ومعالجة المشكلة بشكل آني، ليخبرنا أحدهما بعد ذلك بأن المشكلة قد سويت وعادت الشبكة إلى وضعها الطبيعي في زمن لا يتجاوز دقيقة أو دقيقتين.
كفاءات الشركة تسيّر منظومة التحكم عن بعد بشكل كامل
وطُورت منظومة التحكم عن بعد في شركة «سونلغاز» بالشراكة مع متعامل عالمي في المجال، لكن مرافقنا أكد لنا أن تسيير المركز في الوقت الحالي يتم بشكل كامل بكفاءات محلية، حيث أوضح أن فرق التدخل تعمل وفق برنامج مناوبة متواصلة، فضلا عن برنامج الصيانة الوقائية المسبقة والصيانة التصليحية. ونبه أن الصيانة تشمل الشبكة والأجهزة والحواسيب وجميع المعدات والأدوات التي يتم الاعتماد عليها. وتستقبل الأجهزة المثبتة في المحولات الكهربائية الكبرى في الولاية المعلومات الواردة من الأجهزة المثبتة في المحولات الفرعية الصغرى الموجودة في الأحياء وتحولها إلى الخوادم عبر نظام الاتصال، حيث تقدم أجهزة الرصد في المحولات الفرعية الصغرى معطيات حول حالة المحول والتيار المار عبره، فضلا عن التنبيه بوجود الأعطاب والحيز الذي تسجل فيه.
ويشتغل مركز التحكم عن بعد بأكثر من 22 فردا، من بينهم مهندسون في الإلكترونيك والإلكتروتقني والإعلام الآلي وتقنيون في الإلكترونيك والإلكتروتقني، فيما أوضح رئيس المصلحة أن تدخلاتهم تتطلب مهارات واطلاعا على شبكة الكهرباء والمعدات الإلكترونية وعلوم الكمبيوتر وتكنولوجيات الاتصال، وهو ما اكتسبوه من خلال التدريب الموجه على مستوى المركز.
وسألنا رئيس المصلحة عن نسبة تقليص المدة الزمنية التي يستغرقها التدخل، فأكد لنا أن منظومة التحكم عن بعد أصبحت تختصر التدخلات في بضع دقائق تتفاوت بحسب حجم التدخل مقارنة بالطريقة القديمة التي كانت تتطلب تنقل الفرق التقنية إلى موقع العطب ومعالجة المشكلة، في حين أوضح أن التحكم عن بعد انطلق بشكل جزئي في شركة «سونلغاز» منذ سنة 2009، ثم أخذ في التوسع تدريجيا، مشيرا إلى أن المشروع كبير لأن وضع الأجهزة يتطلب وقتا، فضلا عن أنه ينفذ دون توقيف الشبكة، كما ينبغي إجراء تجارب محاكاة للتأكد من سلامة الجهاز قبل تثبيته بشكل نهائي. أما بخصوص الاعتماد على الكشف عن بعد عن الشبكة الكهربائية لرصد الأعطاب، فقد أوضح محدثنا أن فرق الكشف عن بعد على الأسلاك تعمل بالتوازي مع مصلحة التحكم عن بعد، حيث يعمل أفرادها بالتنسيق مع فرق التدخل التابعة لمصلحة التحكم عن بعد من خلال أجهزة الاستشعار التي تسمح بكشف وضعية الشبكة تحت الأرض، بالاعتماد على المعطيات التي يوفرها المركز حول الحيز المحصور لاحتمالية موقع وجود الخلل في الشبكة، كما نبه أن صيانة أسلاك الشبكة ذات الضغط العالي تتطلب إجراءات خاصة.
شبكة اتصال مغلقة خاصة بمركز التحكم عن بعد لحماية البيانات
وأكد محدثنا، في رد على سؤالنا بخصوص إجراءات الحماية الرقمية للمعطيات المجمعة حول الشبكة في مركز التحكم عن بعد، بأن شركة «سونلغاز» تخصص شبكة اتصال مغلقة خاصة بمركز التحكم عن بعد فقط، حيث لا يمكن أن يتم الاتصال الخارجي بهذه الشبكة حتى داخل إدارة شركة «سونلغاز» نفسها. وأضاف المصدر نفسه أن البيانات التي تُجمع حول وضعية الشبكة تُخزّن في خوادم مخصصة للأرشفة، حيث تعتمد عليها الشركة في استخلاص الإحصائيات وإجراء الدراسات، كما أوضح أن هذه البيانات تزود الشركة برؤية واضحة وشاملة حول أداء الشبكة وتطورها. ولاحظنا خلال جولتنا في المكان بأن الدخول إلى قاعات مركز التحكم يقتصر على الأشخاص المخولين بذلك فقط، حيث يكون الولوج إليها بإدخال رمز سري لفتح الأبواب، في حين قادنا رئيس المصلحة إلى قاعة الخوادم وأجهزة مراقبة شبكة الاتصال، التي وجدنا أن درجة الحرارة بداخلها منخفضة كثيرا مقارنة بالقاعات المكيفة الأخرى. وذكر مرافقنا أن التكييف يشغل داخل هذه القاعات بشكل مستمر من أجل الخوادم والتجهيزات الأخرى، في حين أخبرنا بأن شبكة مركز التحكم عن بعد تعتمد على عدة أنواع من تجهيزات الاتصال بحسب أجهزة الرصد التي يعمل بها وحجم البيانات التي تتم معالجتها.
ونبه محدثنا أن المركز يشتغل دائما بمبدأ البنية التحتية الأساسية للشبكة والبنية الثانوية الاحتياطية، حيث تنطوي شبكات الاتصال فيه على عدة تكنولوجيات على غرار نظام الحلقة المحلية اللاسلكية WLL ونظام التردد بالغ الارتفاع UHF ونظام الاتصال بتردد عالي HF ونظام الألياف البصرية، بالإضافة إلى نظام اتصال احتياطي مع شركة اتصالات الجزائر، لكنه شدد على أن الشبكة الخاصة بشركة «سونلغاز» تمثل الأداة الأساسية للاتصال. ونبه المصدر نفسه أن «سونلغاز» أنجزت حوالي 26 كيلومترا من شبكة الألياف البصرية عبر مديرية التوزيع قسنطينة في سنة 2024، كما برمجت حوالي 18 كيلومترا من الألياف البصرية لمركز التحكم عن بعد والأقسام الأخرى خلال السنة الجارية، موضحا أن هذه المشاريع خاصة بـ«سونلغاز».
واطلعنا على خوادم منظومة «سكادا» الخاصة بمركز التحكم عن بعد في باب القنطرة، حيث نبه محدثنا أن النشاط في كل التفرعات اللوجستية للمركز يقوم على مبدأ الاحتياطي الجاهز في كل وقت، حيث أوضح أن جميع الخوادم الاحتياطية تبقى دائما جاهزة للانطلاق في العمل بشكل آني، فضلا عن خوادم الأرشفة وخزانة الحماية من الحريق التي تحفظ فيها البيانات المؤرشفة والمخزنة. ولاحظنا أن خزانة أرشفة البيانات مصفحة وموصدة برمز سري، حيث لا يمكن الولوج إلى البيانات المخزنة فيها إلا للمخولين بذلك بتصاريح صارمة، مثلما شرح لنا مرافقنا، كما أكد أن تجهيزات غرفة الخوادم وشبكة الاتصال والحواسيب ذات تكنولوجيا عالمية رفيعة، فضلا عن توفر القاعات التي توجد فيها على جميع احتياطات الحماية، مثل نظام إخماد الحرائق، ناهيك عن ضمان نظافة التجهيزات وصيانتها ومتابعتها بشكل مسبق ومستمر.
المركز نفذ 8200 تدخل على شبكة الكهرباء عن بعد
وخلال مغادرتنا لقاعة العمليات الخاصة بالمركز، لاحظنا موظفا يقوم بتلقي تحويل البلاغات والاتصالات الواردة على الرقم الأخضر للشركة 3303، حيث كان ينظمها ويوزعها على الفرق الميدانية من أجل القيام بتدخلات أو معاينات. وذكر لنا رئيس المصلحة أن مركز التحكم عن بعد نفذ ما لا يقل عن 8200 تدخل عن بعد من أجل تقليص المدة التي تستغرقها التدخلات وتجنيب الفرق الميدانية عناء التنقل، فضلا عن وحدة معالجة الشكاوى الواردة من الزبائن تعمل في المركز على مدار الساعة وطيلة أيام الأسبوع، حيث عالجت 4895 شكوى، من بينها 3609 شكاوى خاصة بالكهرباء و1002 شكوى خاصة بالغاز و284 شكوى متنوعة، كما بلغ عدد الشكاوى المعالجة من قبل الوحدة ما بين بداية جوان إلى غاية نهاية أوت 1124 شكوى خاصة بالكهرباء و287 شكوى خاصة بالتزويد بالغاز و69 شكوى متنوعة تتعلق بالجانب التجاري.
من جهة أخرى، قدم لنا مسؤول الاتصال في مديرية التوزيع قسنطينة تفاصيل الإحصائيات حول الشكاوى المعالجة منذ بداية السنة، حيث يلاحظ بأن عدد البلاغات المحولة إلى المديرية من قبل مصالح الدرك الوطني وصلت إلى 20 منذ بداية السنة من بينها 5 خلال فترة الصيف ما بين 1 جوان إلى 31 أوت المنصرم، كما وصلت البلاغات المحولة من مصالح الأمن الوطني 25 منذ بداية السنة من بينها 10 خلال فصل الصيف، إلى جانب 144 بلاغا محولا من مصالح الحماية المدنية من بينها 82 خلال فصل الصيف.
وتتضمن الشكاوى الواردة منذ بداية السنة 14 شكوى حول خلل في العدادات و37 شكوى بخصوص رائحة الغاز، من بينها 26 شكوى خلال الصيف، في حين وصلت الشكاوى بخصوص تسرب الغاز إلى 210، من بينها 140 شكوى خلال فصل الصيف، كما تلقت المديرية 35 شكوى بخصوص طلب تفقد تركيبة الغاز الداخلية. وانطوت الشكاوى أيضا على 22 حالة اعتداء على توصيلات الغاز، 50 بالمئة منها مسجلة خلال فصل الصيف، فيما سجلت 24 شكوى بخصوص الاعتداء على قنوات الغاز، من بينها 19 حالة خلال فصل الصيف.
س.ح