الثلاثاء 19 أوت 2025 الموافق لـ 24 صفر 1447
Accueil Top Pub

ترفيه لا محدود و حركية لا تهدأ نهارا: ليل عنابة يضيء مسارات السياحة ويضاعف الاستقطاب

تضيء سماء عنابة ليلا، ويستيقظ حب الحياة في قلوب زوارها، فبونة الجميلة تعرف كيف تستقطب السياح نهارا بفضل شواطئها وطبيعتها الساحرة، كما تبرع جدا في إغرائهم مساء، بفضل ما تتوفر عليه من مرافق سياحية تضمن الترفيه و المتعة حتى ساعات متأخرة، ذلك لأن ليلها كنهارها يسجلان حركية كبيرة طوال موسم الاصطياف، بالنظر إلى ما استجد من استثمارات نوعية في مجال الخدمات، ناهيك عن المسارات السياحية المستحدثة مؤخرا، و التي تقلب صفحات أكثر في دليل الوجهات الثري الذي تزخر به عروس الشرق.

« الكور» من هنا تبدأ الرحلة
تسجل المعالم السياحة بعنابة استقطابا لافتا هذه الصائفة، فساحة الثورة تروي قصصا يومية عن زوار المدينة، باعتبارها نقطة الانطلاق الأولى التي تنفتح بعدها باقي الدروب القديمة والجديدة التي تثري أرصدة ذكريات السياح المحليين والأجانب.
زرنا عددا من المعالم في إطار استطلاعنا، و التقينا بأناس تحدثوا عن تجربة السياحة في بونة، وقد بدأت كل القصص من « الكور»، لأن الساحة تعتبر القلب النابض للمدينة العتيقة « بلاص دارم» التي أسسها الفينيقيون وبناها الأتراك، وحاول طمس هويتها الفرنسيون.
وتعتبر المنطقة من أهم النقاط التي تتشكل منها الخارطة السياحية لذلك تحظى باهتمام الزوار، لأن المنطقة التي تتميز بطابعها العمراني الأوروبي تحكي جانبا من نضال بونة التي أرادها المستعمر مجردة كليا من بعدها الإسلامي.
تجمع هذه المدينة التي تقاوم بناياتها الزمن، ثقافات عريقة ضاربة في عمق التاريخ، ينبعث عبقها من كل زاوية، وساحة، مسجد ودكان، مقهى، ومحل حرف تقليدية.
تقابلك المدينة الأثرية هيبون من مرتفع بلاص دارم، وتضم أثارا مدينة رومانية نائمة على كنوز أثرية صنع لها القديس أوغستين شهرة عالمية فتحولت كنيسة « لالة بونة» إلى قبلة للحجيج المسحيين من كل صوب. كما يحصى المتحف الأثري مئات الزوار يوميا، لاكتشاف تاريخ المدينة و رؤية رسومات أسود كان زئيرها يدوي في جبال وتلال الإيذوغ.
الكورنيش للعائلات وسرايدي قبلة المغامرين
من جهة ثانية، يصنع الكورنيش أجواء مغايرة، فالبحر دواء للنفوس وفسحة للتخلص من سلبية وضغوطات المسؤوليات اليومية، وكورنيش عنابة يتميز بموقعه الاستراتيجي وسط محيط حضري مهيأ بشكل جيد لاستقطاب السياح.
يمتد الكورنيش الساحر من القطارة إلى رأس الحمراء، ويوفر لزوار أماكن للخلوة والتأمل، لذلك يعتبر مقصد الباحثين عن الراحة و صفاء البال، كما أنها القبلة الأولى للعائلات بالنظر إلى الانتشار الكبير للمرافق الخدماتية في المكان خصوصا المطاعم و المقاهي المختلطة و الشرفات التي تقدم المشروبات البادرة والساخنة و المثلجات و التحليات وغيرها.
وتستمد منطقة الكورنيش شهرتها كنقطة استقطاب عائلية كذلك ، من حديقة التسلية « فروق لاند» الواقعة بمدخل المدينة، والتي تعرف حركية لا تكاد تتوقف ليلا نظرا للمساحة الشاسعة التي تمتد عبرها وتوفرها على عديد الألعاب، فضلا عن خدمات سياحية متنوعة تضمن المتعة لساعات متواصلة دون ملل.
في الجهة المقابلة، تستمر سرايدي الساحرة في تحقيق الاستثناء كل موسم لأنها من بين البلديات ذات الطابع السياحي الخالص، بالنظر إلى موقعها المتميز و توليفة الغابة والبحر. تشتهر البلدية بشاطئ جنان الباي، إلى جانب احتضانها لمحطة المصعد الهوائي، وفندق المنتزه العريق، زيادة على مركز تحضير المنتخبات الوطنية المفتوح للجمهور، وكذا مرافقها الخدماتية المختلفة ومطاعمها التي تعرف بالأطباق التقليدية. وقد تحولت سرايدي مؤخرا، إلى محج لعشاق الطيران الشراعي ورياضات المغامرة، والتجول بالدراجة النارية الرباعية.
ساحة الثورة بوابة عنابة السياحية
تسجل عنابة ذروة الحركية السياحية طيلة شهر أوت، أين تتحول عناوين كساحة الثورة إلى نقطة استقطاب رئيسية في الليل كما في النهار، وهو ما وقفنا عليه عند ترددنا على المكان خلال الفترتين.
بدأت جولتنا من « الكور» في حدود الساعة الحادية عشرة صباحا، وقد كانت الحركية عادية عند وصولنا، ثم تغيرت الأجواء بعد نحو ربع ساعة وذلك مع بداية توافد الزوار و المجموعات السياحية، والذين يدخل بعضهم إلى المدينة عبر منافذ الميناء و المدينة القديمة، ويشكلون فرقا تتنقل منفصلة في جولات خفيفة على طول الساحة.
بعد نهاية الجولة، يعود الجميع إلى نقطة الانطلاق للجلوس تحت ظلال الأشجار التي تزين المكان، فينشغلون باحتساء القوة وتناول المثلجات وتأمل هندسة المباني.
تتزايد الحركية في «الكور» بشكل لافت، وتصبح أكبر كلما مرت ساعات النهار، خصوصا وأن الموقع مفتوح للعائلات بعيدا عن برتوكولات الجلوس والاختلاط وغيرها. يحتضن المكان الجميع ويتوفر على مساحات للجلوس و الاسترخاء و الدردشة ولما لا التأمل وبرمجة الوجهات المقبلة.
اقتربنا من مجموعة من النسوة كن يتناولن القهوة، قالت سيدة إنهن قدمن إلى عنابة في إطار رحلة منظمة تضم زوارا من ولايتي البليدة والجزائر العاصمة.
أوضحت، أن المجموعة تزور القالة لأربع أيام، وفقد حطت الرحال بعنابة مشيرة إلى أن ساحة الثورة كانت أول نقطة تمت برمجتها ضمن مخطط الجولة وذلك بالنظر إلى شهرتها الكبيرة، مؤكدة بأن المنطقة تستحق ما يقال عنها فعليا وأنها جميلة و مثالية لدرجة جعلتهم يتناقشون بخصوص إمكانية تغيير مسار الرحلة و زيارة معالم عنابة السياحية أولا.
رصدنا أيضا مغتربين مع عائلاتهم وأطفالهم يتجولون في الساحة، ويجلسون أيضا في المقاهي التي كانت عامرة بالزوار وأبناء المدينة، وعند حدود منتصف النهار زاد التوافد واستمر إلى غاية الثانية زوالا وهو الموعد الذي تنطلق فيه الجولات السياحية نحو باقي المواقع عادة، على اعتبار أن الساحة تشكل نقطة اللقاء والانطلاق سواء تعلق الأمر بالرحلات السياحية أو المنطقة، أو حتى بالنسبة للزوار والمقيمين في الفنادق القريبة.
مدينة لا تنام ليلا
في الليل اختلفت الأجواء تماما، نزلنا عند حدود الساعة التاسعة، وقد بدت المدينة مضيئة بشكل رائع، كانت الحركية كبيرة جدا، كل الكراسي في «الكور» كانت مشغولة خصوصا قبالة مقر البلدية، أما الإيقاعات باتجاه الميناء فكانت راقصة لأن جولتنا تزامنت مع برمجة حفل فني قرب المسرح الجهوي عز الذين مجوبي.
علمنا أن الحفل من تنشيط فنانين في طابعي المالوف والشعبي وقد كان الحضور متحمسا لبداية الفقرة الترفيهية.
تقدمنا باتجاه المقاهي وكانت الأضواء المتسلسلة تتسلق الأشجار وتطوقها بشكل زادها جمالا، وكان زوار المدينة منتشرين بين المقاهي وأكشاك المثلجات، فالساحة تشتهر بأنواع مختلفة من « الآيس كريم» على غرار «الكربوني» الذي يتخصص في تقديمه مقهى برابح مند الستينيات.
أغلب من تحدتنا اليهم، كانوا من ولايات الجزائر العاصمة، وسطيف وقسنطينة، وقالمة، قالوا إن الكور ليلا لوحة فنية ماتعة لأبعد الحدود.
سحر الواجهة البحرية
يذكر أيضا، أن التهيئة التي شهدها الكورنيش السنتين الأخيرتين والاستثمارات الخاصة التي عرفتها المنطقة من حيث الخدمات والمطاعم زادت الواجهة البحرية استقطابا وهو ما وقفنا عليه خلال جولتنا.وصلنا إلى حدود شاطئ السانكلوا، في حدود الساعة السابعة مساء، وقد بدا المكان مكتظا عن آخره، وكانت الشمسيات لا تزال مثبتة على الرمال و العائلات تصطاف بكل أريحية.
جلسنا هناك حتى غروب الشمس، حينها بدأت العائلات في الانسحاب تدريجيا استعداد لجولة أخرى بعد ليلا، بالمقابل اتضح بأن هناك من فضلوا تناول وجبة العشاء على الشاطئ والاستمتاع بإيقاع الأمواج ونسمات البحر، وهناك أيضا من وصلوا متأخرين لأنهم يفضلون السباحة تحت ضوء القمر في أجواء أكثر هدوءا وأقل حركية.
وصالنا السير على طول الكورنيش إلى غاية « شابي» كان الرصيف ينبض بالحياة، أناس يتمشون بمحاذاة البحر ويتجاذبون أطراف الحديث، منهم من يوثق تلك اللحظات بالصور، ومنهم من ينشغلون بتأمل الأمواج والاستماع لصوتها، ومراقبة الأضواء التي تلوح من رأس الحمراء.
كان الطريق مزدحما بالسيارات المتجهة نحو المنارة المعروفة «بلفنار»، مرورا بشواطئ الخروبة، وبلفداور، و طوش، أين تنتشر محلات ومطاعم السمك والمأكولات البحرية والمشويات على اختلافها. مقابل ذلك، اختار آخرون مطاعم الوجبات السريعة والبوراك العنابي الذي يحمل العلامة المميزة للمدينة من حيث الذوق والشكل.
الطبيعة متعة مجانية للجميع
محطتنا التالية كانت بسرايدي، أين نجحت وزارة النقل في إعادة المصعد الهوائي للخدمة بعد رصد أغلفة مالية ضخمة وتسخير شركات متخصصة للصيانة. وقد علمنا أن المصعد يستقبل يوميا ما بين3000و 4000 راكب.
أقلنا المصعد إلى وسط المدينة، وبعد مسار ممتد على نحو 500 متر بلغنا الشارع الرئيسي، كان الهدوء يعم المكان والجو منعش، والطرق نظيفة وسكانها هادئون. توجهنا إلى الساحة الرئيسية التي اكتست حلة جميلة تجمع بين خضرة الطبيعة و الجلسات المتنوعة، والأكشاك العصرية المنظمة، خصوصا عند محور الدوران الذي يأخذك إلى مسارات متعددة نحو أدغال الإيدوغ باتجاه بوزيزي، وعين بربر، وجنان الباي وغيرها. وقد بدا لنا وسط مدينة سرايدي أقرب من حيث الأجواء إلى ساحة الثورة لكن بتوابل الطبيعة وهدوء الجبل بعيدا عن ضوضاء المدينة.
اتجهنا بعد ذلك إلى فندق المنتزه العريق المشيد في سنوات السبعينات بطراز معماري فريد، وقد اتضح أن الدخول إليه أصبح مدفوعا حيث حدد سر التذكرة بـ 500 دج، مع إمكانية ركن السيارة في الداخل، واستخدام مختلف المرافق ومعاينة المسبح، والشرفات.
وتتميز إطلالة المكان بلوحات فنية طبيعية آسرة، للصخور والبحر، أما خارج الفندق فإن أكثر ما يلفت الانتباه هي الدرجات النارية الرباعية التي يسير نشاطها أعضاء نادي سياحي محلي، يتيح استخدمها للتجوال بأدغال سرايدي، إلى جانب إمكانية تجربة الطيران الشراعي، وزيارة الموقع المتواجد بقمة شاطئ جنان الباي.
الفنادق أغلبها محجوزة طيلة شهر أوت وبداية سبتمبر
قصدنا أيضا فندق الهقار 3 نجوم بوسط المدينة، والمعروف بخدماته المميزة بشهادة الزبائن، باعتباره فندقا عائليا بامتياز، في البهو قابلنا زائر من مدينة قسنطينة، أكد بأنه يقضي أياما من عطلته كل سنة بعنابة، وقد جد في الفندق راحته مقابل سعر معقول حسبه. وربط المتحدث علاقته بعنابة بدراسة والدته في ثانوية القديس أوغستين سنوات الستينيات ما عزز ارتباط العائلة بالمنطقة.
من جهته، قال مدير الفندق محمد جلال عياط، بأنهم يركزون على جودة الخدمات، وهو السر وراء استمرار الإقبال و الحجوزات المسبقة طيلة فصل الصيف.
أخبرنا المدير، أن شهر جويلية كذلك عرف إقبالا منقطعا هذا الموسم عكس السنوات الماضية، بفضل أجواء الطقس الجميلة وتزامن ذلك مع موعد الألعاب الإفريقية المدرسية التي جرت بعنابة، أما بالنسبة للأسعار فذكر بأنها في المتناول وتنطلق من 5500 دج لليلة الواحدة.
ربورتاج: حسين دريدح

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com