السبت 3 ماي 2025 الموافق لـ 5 ذو القعدة 1446
Accueil Top Pub

المسلم مطالب بأدائه بإتقان: العمل عبادة شرعية وضرورة مدنية

يتعدى العمل في التصور الإسلامي من مجرد كونه حاجة بشرية للعيش وضرورة مدنية وقيمة حضارية وتفاعل بين الإنسان والطبيعة والاجتماع لتحقيق خلافة الأرض وعمارتها؛ بل ارتقى به ليكون عبادة يؤجر عليها، إن حسنت نيته واستوفى أخلاق العامل الصالح من إخلاص وإتقان وصدق وجودة وسماحة، ففسح له مجال العمل برا وبحرا وجوا، وأذن له باكتشاف قوانين الطبيعة وتطويع مقدراتها وتسخيرها لصالحه، ولكل عصر طبيعة عمله ولكل جيل فرصه، وما زالت البشرية تنتقل من المشافهة في التعليم إلى القلم والتدوين، ومن الجلود إلى الورق ومنها إلى اللوح الإلكتروني والرقائق الإلكترونية، ومن الذكاء الطبيعي إلى الذكاء الاصطناعي وما يحمله من مفاجآت للبشرية قاطبة، وبين عالم الواقع وعالم الافتراض يظل العمل العنصر الأساس في كل عصر وفي كل فضاء، يمتد ليشمل الطبيعة والإنسان والاجتماع.

فقد ذكر العمل في كتاب الله تعالى أكثر من240 مرة بصيغ مختلفة فعلا واسما ووصفا، وجاء في ثناياها الأمر به كما في قوله تعالى: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [التوبة:105]، ورتب القرآن الكريم على العمل الصالح الأجر والثواب في الدنيا والآخرة؛ فقال الله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل: 97]؛ وغيرها من الآيات الدالة على حسن الثواب.
وقد مهد الله تعالى للإنسان الأرض للعمل والكسب؛ فقال تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ[الملك:15]، وهي دعوة للإنسان للتأمل والبحث والتنقيب والسير برا أو بحرا أو جوا في مناكب هذه الأرض؛ ظاهرها وباطنها واستغلال ثرواتها لمعيشته وتسخيرها لصالحه، ورغم كثرة خيرات الأرض وثرواتها إلا أن الاستفادة منها منوط بالعمل والبحث فيها والسير في دروبها، وفي ثناياها يجد الإنسان رزقه رزقا مباشرا أو مادة رزق يسهر على تطويعها وتحويلها لصالحه؛ تجارة وصناعة وحرفة؛ سواء كان ذلك في البر أو في البحر؛ فقد أخبر الله تعالى أن البحر أيضا فضاء للعمل والكسب والحصول على الرزق سواء مباشرة أو عن طريق صناعة الفلك والإبحار فيه بها؛ فقال تعالى: وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [النحل:14]، بل أشار القرآن الكريم إلى أن السماء بما فيها مسخرة هي أيضا للإنسان فقال الله تعالى: ((اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ* وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ)) إبراهيم:32-33-]. فله أن يطوعها لصالحه ويستخرج ما فيها من طاقات وقوانين
و السير في الأرض برا وبحرا وجوا يعطي صورة عن تعدد مجالات العمل وكثافة العمل وكثرتهم، واختلاطهم من مختلف الأوطان لتبادل الخبرات للارتقاء بجودة العمل فلا مجال للكسل بين هذه الجموع البشرية ولا عذر لبطال يتحجج بانعدام فرص العمل فأرض الله واسعة؛ فقد أمر الله تعالى المسلم بأن ينطلق في الأرض بعد أداء العبادة المفروضة عليه شعيرة ولا يركن للاسترخاء، فيبدأ بعدها في عبادة أخرى هي العمل؛ فقال الله تعالى: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ [الجمعة جزء من الآية 11]، فحياته كلها عبادة لله تعالى؛ فلا يليق بالمسلم الكسل والخمول، أو البطالة أو التسول. وفي الحديث: (ما أكلَ أحدٌ طعامًا قطُّ، خيرًا من أنْ يأكلَ من عمَلِ يدِهِ وإنَّ نبيَّ اللهِ داودَ كان يأكلُ من عمَلِ يدِهِ).
وقد تحدث القرآن الكريم عن سيرة بعض الأنبياء والرسل وكشف أنهم كانوا عاملين أصحاب حرف؛ كما قال عزّ وجل:عن داوودوَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [سبأ 10: 11]، وقال الله تعالى عنه:وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُم [الأنبياء:80]، وقال الله تعالى عن سليمان عليه السلام: وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ * يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ [سبأ 12:13] وقال الله تعالىعن موسى عليه السلام:قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ [القصص:26]، بل أمر الله تعالى مريم عليها السلام وهي في المخاض بأن تعمل وتبذل جهدا لتأكل؛ فقال لها الله تعالى: وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا [مريم: 25]، كما امتهن رسول الله صلى الله عليه وسلم التجارة قبل البعث وشارك في رحلات تجارية مع قومه نحو الشام وما ذاك إلا ليكون هؤلاء الأنبياء والرسل قدوة لغيرهم في العمل حبا لها وتعففا بها وإتقانا له.
فالمسلم مطالب بالعمل حسب مقتضيات كل عصر؛ لاسيما في هذا العصر الذي تشعبت فيه الوظائف وتنوعت؛ فهو مطالب –لاسيما في مرحلة الشباب-بالتكيف مع عصره، للعيش في كرامة وتطوير أمته والمحافظة عليها اقتصاديا وتعليميا وتكنولوجيا وعسكريا وتربويا وإعلامياوعمرانيا وصناعيا وفلاحيا وطبيا وإداريا، وغيرها من مجالات الحياة، وكلها من الآثار الطيبة للعمل.
ع/خلفة

العمل سنة طبيعية عند كل الكائنات
إن العمل ليس وظيفة مدنية فحسب تقتصر على الإنسان؛ بل إنها وظيفة طبيعية يمتهنها عالم الحيوان وعالم النبات وعالم الجماد بحكم الفطرة والغريزة والطبع، كما يمتهنها الإنسان العاقل، والباحثون في علوم الطبيعة والحياة يلاحظون ويصورن مشاهد هذا العمل وكثافته فلا تكاد تجد كائنا في الطبيعة دون عمل، فعالم الحيوان في البر والبحر والجو كما هو ملاحظ له نظام في العمل عمارة وصيدا وكسبا للقوت؛ بدءا بالنمل والنحل والطير والفيل وانتهاء بأضخم الحيتان على وجه الأرض، والنبات ينمو تدريجيا بعد أن يتغذى ويرتوي بجذوره وتتلقح، ومن لا يتغذى يذبل ويتلف، وكذلك عالم المياه في تساقطها وسيلانها في الوديان والانهار والبحار، بل إن الجماد الذي نحسبه خاملا في عمل دؤوب من خلال التفاعلات الكيميائية لعناصره الطبيعية وما ينتج عنها من تحولات؛ وكذلك المجرات والنجوم والكواكب والنيازك والمذنبات في حركتها المستمرة، فكل هذه العوالم تشتغل وتعمل بنظام محكم مقصود لتحقيق غايات ما وكل من يتوقف عن العمل مآله الزوال، بل إن أجهزة جسم الإنسان الاثني عشر في عمل دؤوب، فكل يؤدي دوره المنوط به، عصبا وتنفسا وهضما وتناسلا وصرفا ومناعة وغدة وغيرها من الوظائف المتواصلة.ولذلك جاءت إشارات كثيرة في كتاب الله تعالى عن عمل بعض هذه العوالم كما في عالم النحل وغيره. ع/خلفة

فتاوى
أريد معرفة هل هناك نصوص شرعية تعمل على تحديد ثمن السلع وحجم الفوائد التي يمكن أخذها.
إن الربح في المبيعات ثمرة البيع والشراء، غير أن هذه الثمرة ليست محددة بسقف ولا نسبة، هذا فيما عدا بعض المسائل مثل: 1 – أن تكون الدولة أو الحاكم قد وضع تسعيرا لبعض المبيعات، فهنا لا يجوز الاعتداء في الربح فوق السقف المحدد مراعاة للصالح العام. 2 – أن تكون هذه السلع من الضروريات التي لا تقوم الحياة إلا بها، فإن المبالغة في الربح يوقع الشراة في حرج، والحرج مرفوع شرعا 3 – ألايكون العرض في سوق مخصصة للبيع وقد اتفق الباعة على ثمن سلعة ما فيخالف هو بالنقص مثلا حتى يضر بغيره من الباعة فهذا أيضا لا يصح. أما فيما عدا ذلك فإننا ننصح البائع أن يراعي القدرة الشرائية عند المواطن ولا يجعل الطمع والجشع والاستغلال رائده إنما عليه أن يكون سمحا إذا باع سمحا إذا اشترى كما كان قدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم
حكم الإجارة والكراء وأخذ الثمن على الأعمال؟
الإجارة بأصنافها ينظر فيها إلى جنس الثمن والمنفعة. أما الثمن فيشترط فيه أن يكون طاهرا، منتفعا به، مقدورا على تسليمه، مملوكا لصاحبه، وهذه الشروط كما تلزم في الثمن تلزم في المثمن وفي كل، فمنها المتفق على جوازه، ومنها الممنوع جوازه. فالمتفق على جوازه ما توفرت فيه الشروط السابقة، والمتفق على منعه هو ما خالف الشروط السابقة، وذلك كالميتة والدم ولحم الخنزير وغيرها من المحرمات شرعا، فيحرم الانتفاع بها بالبيع والشراء والإجارة، ومنها أجر النائحة وثمن الكلب وحلوان الكاهن وأجر المغنية، وأجر البَغِيِّ. ومن ذلك ما تكره الإجارة عليه كالإمامة وتعليم القرآن الكريم، إلا إذا كانت الأجرة من بيت المال وصاحبها فقير فلا يعطى لأجل الصلاة أو القرآن، ولكن لفقره وحاجته. ومن الإجارة المباحة الإجارة على البناء والغرس وخدمة الأرض والخياطة والحدادة والنجارة والحياكة والصباغة والقصارة وغيرها من سائر الأعمال اللازمة التي يحتاج إليها الناس فيها إلى بعضهم البعض، ومثلها إجارة الماعون والبسط والحلي، فكلها إجارة مباحة. ومثلها الكراء ككراء الدواب والسيارات وغير ذلك، واختلفوا في كراء الأرض بما يخرج منها، فقوم أجازوها، وقوم منعوها، وذلك لحديث رافع بن خديج «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن نحاقل الأرض فنكريها على الثلث والربع والطعام المسمى، وأمر رب الأرض أن يزرعها، وكره كراءها وما سوى ذلك»، أو كما قال. وممن منعها من التابعين طاووس وأبو بكر بن عبد الرحمن، ومذهب الجمهور الجواز لما أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينه عنها وإنما قال: «أن يمنح أحدكم أخاه خير له من أن يأخذ منه شيئا»، قالوا: «قد قدم معاذ بن جبل رضي الله عنه اليمن وهم يخابرون وأقرهم على ذلك»، والمخابرة كراء الأرض بما يخرج منها.
موقع وزارة الشؤون الدينية والأوقاف

دعوة لاستكتاب دولي لملتقى المذهب المالكي
في إطار التحضير لملتقى المذهب المالكي في طبعته السابعة عشرة دعت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الباحثين من داخل الوطن وخارجه الراغبين في المشاركة ببحوث في الموضوع إلى الاطلاع على شروط المشاركة والالتزام بالمواعيد المحددة في الإعلان الذي أصدرته،وحسب موقعها فإن هذه الطبعة ستعالج موضوع: «منظومة الزكاة في المذهب المالكي، الأبعاد الحضارية والتنموية في ظل التحديات المعاصرة».

تواصل الدورات التكوينية للحجاج
تواصلت الدورات التكوينية في أحكام ومناسك الحج لقاصدي بيت الله الحرام بمختلف مساجد ولايات الوطن وينتظر أن تختتم هذه الأيام استعدادا لانطلاق الحجاج إلى بين الله تعالى الحرام، وقد شملت الدورات دروسا نظرية وأخرى تطبيقية في كيفية أداء فريضة الحج بأركانها وشروطها وسننها وآدابها وتوجيهات تربوية للحجيج كما شملت إرشادات صحية ومدنية قدمها أخصائيون في قطاع الصحة والحماية المدنية. بالتوازي مع ذلك أشرف وزير الشؤون الدينية والأوقاف، الدكتور يوسف بلمهدي منتصف الأسبوع على افتتاح فعاليات الملتقى التكويني الوطني لفائدة مرشدي الحج، والذي يُنظم بدار الإمام بالمحمدية تحت شعار: «إرشاد ديني مسؤول وفعّال... خدمة لضيوف الرحمن».
ويأتي هذا الملتقى في سياق التحضيرات المكثفة التي تباشرها الوزارة لضمان أداء مناسك الحج في أجواء روحانية منظمة، حسبما أعلنت عنه الوزارة، حيث يُراهن على تكوين مرشدين أكفاء يجمعون بين العلم الشرعي والتواصل الفعال، بما يعكس صورة الجزائر الحضارية ويضمن رعاية متميزة للحجاج.

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com