الاثنين 29 سبتمبر 2025 الموافق لـ 6 ربيع الثاني 1447
Accueil Top Pub

في أسبوعها العالمي: الإسلام أقرّ مقاصد وحكمًا للرضاعة الطبيعية

لقد اعتنى الإسلام بالطفولة عنايةً كبيرة، حيث جعل الاهتمام بها جزءًا لا يتجزأ من التكريم الإلهي للإنسان، مصداقًا لقوله تعالى: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا».

وحماية الإسلام للطفل تبدأ من حسن اختيار أمه، كزوجةٍ صالحة تُحسن الرعاية والتربية والتوجيه والتنشئة الصالحة. وإذا استقرّت نطفة أو علقة ثبتت له الحرمة الآدمية عند جماهير الفقهاء، فإذا صار مضغة ونُفخ فيه الروح حَرُم إجهاضه، وثبت له الحق في الحياة، ووجب على الوالدين الحفاظ على حياة الجنين في بطن أمه بكل الوسائل المباحة والمتاحة.
فإذا خرج إلى الحياة ثبتت له أهلية الوجوب الكاملة، وثبتت له كامل الحقوق المادية والمعنوية، ومن بين حقوق مرحلة الصبا: حق الرضاعة الطبيعية، بموجب قوله تعالى:
«وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذلِكَ».
فهذه الآيات الكريمة تُحدّد نظام الرضاعة في حالة قيام الزوجية أو انفكاك عقدها. فالأصل أن الزوجة، في حال بقائها في عصمة زوجها، يجب عليها إرضاع الصبي وجوبًا استحبابيًا.
أما الآية الكريمة فهي تعالج -وبشكل أساسي– مسألة الإرضاع عند الطلاق، فقد تحمل الزوجة الضغينة، وإذا ما امتنعت عن الرضاعة فلا تُلزم بها، وعلى «المولود له» (أي الأب) أن يسترضع امرأة أخرى ترضع الولد.
ويمكن القول إن الآية لم تُوجب الرضاعة على الأم في حال قيام الزوجية؛ لأن هذا من باب بيان الضرورة، فالزوجة في ظل الزوجية والاتفاق وعدم الشقاق تجد نفسها -بفطرة الأمومة ودافع الحب الغريزي– ترضعه دون أن تسأل عن النفقة أو بدل الرضاعة وأجرتها. كما أن «المولود له» لا يقصّر تلقائيًا في الإنفاق والتوسعة على زوجته وولده، ويعدّ ذلك من تمام واجباته كزوج وأب، بل يكون ذلك مدعاةً للاستقرار الأسري.
والرضاعة –حينما نلتفت إلى مقاصدها وأسرارها وفوائدها، بعيدًا عن صورية بعض الأحكام التي يتناولها الفقهاء، خصوصًا عند الخلاف والاحتكام إلى مقاطع الحقوق الصرفة دون النظر إلى روح التشريع وحِكمه– نجد أن تجليات الحِكَم والأسرار واضحة جلية، تُلقي بظلالها الوارفة على الحياة الأسرية المستقرة.
ولذا نجد القرآن الكريم يضع البلسم الشافي عند الشقاق، قائلًا:«وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ»، حتى لا يسفُ الزوجان في الإسفاف والمبالغة في الوقوف عند الحقوق والواجبات، دون تنازل.
وقد وجّه القرآن الكريم المسلمين إلى قاعدة جليلة في التعامل، خاصة عند التشاحن، بقوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ»، حتى قال الإمام الألوسي: لو قال الحق تبارك وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} فقط وسكت، لتظالم الناس، لصعوبة تحقيق العدل المطلق؛ فقال:«وَالْإِحْسَانِ»، حتى يتجاوز الناس بعضهم عن بعض، ويتحقق العدل المطلق بالإحسان والتجاوز.
فوائد الرضاعة الطبيعية
إذا نظرنا إلى حق الرضاعة الطبيعية للطفل، وجدناه يحقق أهدافًا ومقاصد كثيرة، وفوائد طبية وصحية، حيث ثبت علميًا وطبّيًا أن الرضاعة الطبيعية ذات أهمية بالغة، وفائدة كبيرة لصحة الطفل والأم المرضعة على حد سواء، بدنيًا ونفسيًا ووقائيًا، ولم تُظهر الأبحاث العلمية الحديثة هذه الحقيقة إلا مؤخرًا.
(أولًا): بالنسبة للطفل:
حليب الأم محفوظ بصورة طبيعية، وبنفس درجة حرارة الجسم، وخالٍ من الجراثيم الممرضة (معقّم وغير ملوّث)، وجاهز للإعطاء في أي وقت يحتاجه الطفل.
يحتوي حليب الأم على جميع المواد الغذائية الأساسية لنمو الطفل، بصورة متناسقة حسب عمره ووزنه ومقدرته على الهضم والامتصاص، وهو يتغير يوميًا، بل بالساعات، حسب متطلباته.
السعادة والاطمئنان التي يشعر بها الطفل وهو يسمع دقات قلب أمه، ويشمّ رائحتها، وهي التي تعوّد على سماعها في بطنها. هذه التجربة تُعزز فيه روح المحبة والعطف، وتقوي رابطة البنوة والطاعة، مما يؤدي إلى نشوء طفل مستقر نفسيًا وعاطفيًا، فضلًا عن كونه صحيحًا بدنيًا، ويقوي الروابط الاجتماعية بين أفراد الأسرة.
(ثانيًا): بالنسبة للأم:
تحقيق سعادة الأم، وهي تشبع غريزة وعاطفة الأمومة لديها.
توفير الوقت والجهد، مقارنة بما تتطلبه الرضاعة الصناعية.
تعجيل عودة أجهزة جسمها إلى الحالة الطبيعية، خصوصًا الرحم.
تقليل حالات النزف بعد الولادة.
تقليل احتمالية الإصابة بسرطان الثدي.
(ثالثًا): بالنسبة للأسرة والمجتمع:
الرضاعة الطبيعية هبة مجانية من رب العالمين، تُوفر مبالغ ضخمة للأسرة يمكن استغلالها في مجالات ملحة، وبالتالي فهي مفيدة للمجتمع والدولة. كما أنها تُساهم في استقرار الأسرة، وتخفف من الأعباء المالية على الزوج، التي كثيرًا ما تكون سببًا في الخلاف والتفكك الأسري.
والطفل حتى الشهر السادس لا يحتاج إلى أي غذاء إضافي، وإذا علمنا أنها تقلل كثيرًا من معدلات الإصابة بالأمراض والوفيات مقارنة بالرضاعة الصناعية، عرفنا أهميتها الاقتصادية والديموغرافية.
و أخيرا لا بد من همسة في آذان الأمهات، وهي الاحتكام إلى النظام الإسلامي في المجال الأسري والاجتماعي، والتمسك بالتشريعات الوطنية المستمدة من شريعتنا السمحة وأعراف وتقاليد مجتمعنا، بعيدًا عن التأثيرات الثقافية أو التشريعية المخالفة، مهما حملت من شعارات.
فلكل أمة خصوصياتها الدينية والحضارية، وكل ما يصادم الدين والفطرة وأخلاق المجتمع يجب رفضه.
«الاستثمار في الرضاعة الطبيعية استثمارٌ في المستقبل»
شعار الاحتفال هذا العام، وهو دعوةٌ حقيقية للاعتراف بأهمية الرضاعة الطبيعية كأساس للصحة والنمو والعدالة مدى الحياة.
ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن حملة هذا العام تسلط الضوء على أهمية الدعم المستمر الذي تحتاجه النساء من نظام الرعاية الصحية طوال فترة الرضاعة.
ويجب أن تحصل كل أم على المعلومات والدعم الذي تحتاجه، من الحمل وحتى الطفولة المبكرة، ويجب أن تُعطي السياسات والبرامج الأولوية للنساء والرُّضع، وأن يُمنع التأثير التجاري في غذاء الرضع.
الرضاعة الطبيعية تحمي صحة الطفل، وتُقلل من خطر الإصابة بأمراض مثل الإسهال والالتهاب الرئوي.ولذلك، على الدول أن تُدرج الرضاعة الطبيعية ضمن استراتيجياتها الصحية، وتُنفّذ مدونة تسويق بدائل حليب الأم بصرامة.
ع-خ

تعاون جزائري سويدي في مجال الإفتاء
استقبل السيد وزير الشؤون الدينية والأوقاف، الدكتور يوسف بلمهدي، أول أمس، السيد حسان موسى، الأمين العام للمجلس السويدي للإفتاء، مرفوقًا بالسيدة يمينة البشير، عضو مجلس الإفتاء للنساء في السويد، بحضور إطارات من الإدارة المركزية للوزارة. وحسب موقع الوزارة، فقد شكّل هذا اللقاء فرصة لتبادل الرؤى حول سبل تعزيز التعاون في مجال الشؤون الدينية، لا سيما ما يتصل بتأمين الحياة الروحية للجالية المسلمة بالسويد، ودعم جهود التأطير الديني المعتدل، الذي يعكس صورة الإسلام السمحة، ويستجيب لانشغالات المسلمين في أوروبا.

صدى المنابر
المحافظة على النِّعَمِ وعيٌ وسلوكٌ حضاري
الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمٍ لا تُعدّ ولا تُحصى، وعلّمنا الشكر، وحثّنا على الرشد والتدبير، فقال في محكم التنزيل:
{وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا، إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِين}.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد، عباد الله:
فمن واجب المسلم أن يُدرك أن النعمة مسؤولية، وأن الاستعمال الرشيد لما وهبنا الله تعالى من خيرات هو من شكر النعمة، وقد قال سبحانه:
{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7].
ومن أعظم هذه النعم في عصرنا: نعمة الكهرباء والماء والغاز، التي يجب علينا جميعًا أن نحسن استخدامها، ونرشد استهلاكها، خصوصًا في هذه الأوقات التي يزداد فيها الطلب عليها.
عباد الله، إننا نعيش فصل الصيف، حيث ترتفع درجات الحرارة، ويكثر استعمال الكهرباء، وكم من الأجهزة تشتغل دون حاجة، وكم من المصابيح تظل مضاءة نهارًا، وكم من أجهزة التكييف تُشغَّل بإفراط!
وهذا ليس من الحكمة في شيء، بل هو إسراف مرفوض شرعًا، ومُكلف اقتصاديًا وبيئيًا.
وعليه، فإننا ندعوكم –عباد الله– إلى الاستعمال الرشيد للكهرباء في بيوتكم ومؤسساتكم، وإلى تربية الأبناء والناشئة على ثقافة الاقتصاد، وعدم الإسراف في تشغيل الأجهزة، وأن نعلم أن الترشيد سلوك إيماني نبيل.
عباد الله، اعلموا أن الغاز الطبيعي يُستخدم في إنتاج أكثر من 98% من الكهرباء في بلادنا، وهو ثروة وطنية عظيمة، ليست ملكًا فرديًا، بل هي أمانة في أعناقنا جميعًا.
وكل استهلاك زائد للكهرباء هو استنزاف مباشر لهذا المورد النفيس. ومن هنا، فإننا نهيب بكم أن تتحمّلوا مسؤوليتكم في الحفاظ عليه، وتفادي إهداره، ورفع الوعي في محيطكم بأهميته.
أيها الأحبة، لا تقتصر دعوتنا على الاقتصاد في الكهرباء والغاز فقط، بل تشمل أيضًا الماء، هذه النعمة التي لا يستغني عنها إنسان، ومع ذلك فإن كثيرًا من الناس يُبذّرون الماء دون وعي أو مسؤولية، حتى في أمور الطهارة.
وقد قال رسول الله (ص) لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه حين رآه يُسرف في الوضوء:
«ما هذا السَّرَفُ يا سعد؟»
قال: أو في الوضوء سرف؟
قال: «نعم، وإن كنتَ على نهر جارٍ».
فإذا كان الإسراف في الوضوء –وهو عبادة– منهيًّا عنه، فكيف بغيره؟
عباد الله، علينا أن نكون قدوة في بيوتنا وأحيائنا، وأن نغرس في نفوس أبنائنا أن الاقتصاد في النعمة هو شكرٌ لله، وهو عونٌ على استدامتها، وهو سلوك حضاري وإيماني في آنٍ واحد.
فلنُحيِ هذا المعنى في أنفسنا، ولنكن حُمَاةً للنعم لا مُبذّرين لها.
عن موقع وزارة الشؤون الدينية

بعثة من الأئمة الجزائريين نحو الأزهر الشريف
توجّهت بعثة من الأئمة الجزائريين، أول أمس، إلى مصر للمشاركة في دورة تكوينية بأكاديمية الأزهر العالمية، التابعة لمجمع البحوث الإسلامية.
وحسب موقع وزارة الشؤون الدينية، فإن هذه هي الدفعة الثالثة من السادة الأئمة الموفدين من قبلها للتربّص، ويأتي هذا التربّص في إطار تنفيذ بنود اتفاقية التعاون في مجال الشؤون الدينية والأوقاف بين الجزائر ومصر، التي توّجت أعمال الدورة الثامنة للجنة العليا المشتركة بين البلدين.

آخر الأخبار

Articles Side Pub-new
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com