الاثنين 29 سبتمبر 2025 الموافق لـ 6 ربيع الثاني 1447
Accueil Top Pub

الفقهاء نفوا صفة الشهادة عمن غرق في حالة الخطر: دخول البحر حال هيجانه محظور شرعا

لقد سخر الله تعالى للبشرية البحار والمحيطات وأنعم بها عليها بما أودع فيها من منافع للناس؛ سواء بما حوته من ثروة سمكية غذائية أو كنوز وحلي وثروات طبيعية ومائية أو بتطويعها لتطفو السفن فوقها لتكون وسيلة نقل يركبها الإنسان ويقطع بها مئات وآلاف الأميال، فاستعملها الإنسان عبر تاريخه للتجارة والسفر والسياحة والنزهة والترفيه والصيد؛ فقال الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ، وما يزال الإنسان يكتشف في كل عصر كنوز البحار والمحيطات وما حوته ويسخره بطرق جديدة لخدمته؛ ولذلك وجب شكر الله تعالى على هذه النعمة وذاك التسخير.

بيد أن الإسلام وإن أباح ركوب البحر واستغلاله إلا أنه قيد ذلك بحالة كون البحر هادئا يأمن فيه الإنسان على نفسه ومتاعه؛ فإن كان هائجا مضطربا يشكل خطرا حقيقيا على حياة الإنسان فلا يجوز دخوله للصيد أو السفر أو السياحة أو السباحة والنزهة؛ فقد روى أحمد عن أبي عمران الجوني قال: حدثني بعْض أصحاب محمد وغزونا نحو فارس، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ‹مَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ عِنْدَ ارْتِجَاجِهِ فَمَاتَ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ)، فدخول البحر حال هيجانه محرم شرعا؛ قال ابن عبد البر المالكي: (ولا خلاف بين أهل العلم أن البحر إذا ارتج لم يجز ركوبه لأحد بوجه من الوجوه في حين ارتجاجه) ونقل عن ابن بطال قوله: ( أما إذا كان إبان ارتجاجه، فالأمة مجمعة أنه لا يجوز ركوبه، لأنه تعرض للهلاك، وقد نهى الله عباده عن ذلك بقوله: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ـ وبقوله: ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما.)
وقد يعتقد البعض أن مجرد غرقه في البحر يجعل منه شهيدا لما ورد في الحديث: (والغريق شهيد) بيد أن الأرجح من أقوال الفقهاء أن من عرض نفسه لهلاك ودخل البحر حال هيجانه ثم غرق لن يكون شهيدا؛ وقد نقل عن ابن تيمية قوله: (ركوب البحر للتجارة جائز إذا غلب على الظن السلامة، وأما بدون ذلك فليس له أن يركبه للتجارة، فإن فعل فقد أعان على قتل نفسه، ومثل هذا لا يقال: إنه شهيد).ولذا ينبغي أن يحذر المسلم اقتحام البحر للسباحة أو غيره حال اضطرابه لأنه عرض نفسه للهلاك خاصة إذا تم تنبيهه للخطر ولم يكن جاهلا به أو مكرها عليه؛ وقد بينت بعض مؤسسات الإفتاء الإسلامية حالات عدم جواز السباحة في البحر، ومنها دار الإفتاء المصرية وهي: أن يكون الشخص لا يجيد السباحة، في حال كانت الأحوال الجوية غير مستقرة، عند غلبة الظن في هلاك الشخص، لأن سلامة الإنسان مقدمة على كل شيء. فهذه حالات تجعل السباحة خطيرة و محظورة، لأنها مظنة الغرق وتعريض النفس للهلاك.
ع/خ

مقاصد صندوق الزكاة الجزائري ومحاسنه
عطفا على ما أوردناه في المقالين السابقين من بيان لأهمية صندوق الزكاة وأدلة وجوب تنظيم الزكاة، نكشف هنا عن مصالح صندوق الزكاة ومفاسد الطرق التقليدية: في جمع الزكاة وفق ما يأتي:
(1).صندوق الزكاة ينظّم الزكاة من حيث الجلب والصرف، والطرق التقليدية تبعثرها.فتجمع الزكاة في الحسابات البريدية لكل ولاية إما عن طريق صناديق الزكاة المتواجدة في المساجد، والتي تتولاها لجان قاعدية ويشرف عليها إمام المسجد أو عن طريق الحساب البريدي، ثم تدفع التقارير مع الوصولات إلى مكاتب الزكاة بالمديريات، ثم تدرس الملفّات، ويصنّف الفقراء بحسب حاجاتهم، وعدد أفراد عائلاتهم، ويراعى فيها مبدأ الأولوية.وأمّا الطرق التقليدية فتبعثر الزكاة، بحيث يعطي من يشاء من يشاء كيف يشاء، فمن له أقرباء أغنياء يغنى ومن ليس له أقرباء أغنياء فيموت جوعا، ولو كانت الطرق التقليدية مجدية لقضت على الفقر، أو قلصت من عدد الفقراء، وكذلك أن أكثر الأغنياء لا يعلمون أن الزكاة ليست مقصورة على الفقراء فقط، بل لها أصناف ثمانية.
(2). صندوق الزكاة له آليات معرفة ضوابط الفقر، والطرق التقليدية لا آلية لها في ذلك.
بحيث يطلب من المستحق الوثائق اللازمة، وينظر إليه هل له راتب شهري أو منحة أو له أولاد أغنياء، وصندوق الزكاة أيضا تتولاه لجان قاعدية وهي قادرة على معرفة هذه الضوابط والبحث عنها ونقترح إشراك لجان الأحياء في هذه اللجان؛ بخلاف الأغنياء فالكثير من أهل المال يجهل مسائل الزكاة، وهم غير متفرغين للبحث عن حقيقة الفقراء، بل يعطون بحسب ظاهر الحال من الناس، وهذه فريضة لا تنبني على الشك أو الوهم، وأمّا اللجان القاعدية وبالتنسيق مع لجان الأحياء يسألون عن كلّ من طلب الزكاة، وهذا ليس من التجسس في شيء.
(3). صندوق الزكاة يشمل عددا كبيرا من الفقراء والمساكين، وغيرهم من الأصناف، بخلاف الطرق التقليدية التي تقتصر على عدد معين من الناس.فقبل إنشاء صندوق الزكاة كان الأغنياء يدفعون زكاتهم لأقربائهم وجيرانهم وعمالهم وبعض معارفهم فقط، وبعد إنشائه وضعت قوائم الفقراء والمساكين بكل المساجد وقامت اللجان بإحصائهم، ومن الفقراء من هو متعفف يستحي من سؤال الناس الزكاة، قال الله تعالى: لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ البقرة:(273). فهؤلاء الفقراء المسجّلون في قوائم المستحقين أصبحوا ينالون نصيبهم من زكاة المال كل سنة، ومن زكاة الفطر، ويُنتقر منهم من يستفيد من قفة رمضان التي تقوم بها بعض المساجد، وكذلك محفظة الفقير في الدخول المدرسي، وغير ذلك. والطرق التقليدية قد اقتصرت على بعض الأفراد فقط، وتركهم متسوّلين دائما.
(4). صندوق الزكاة يستر المزكّي ويبعده عن الرياء والسمعة والطرق التقليدية تجعل الغني يظهر والفقير يهان.ومعلوم أن صدقة السرّ أفضل من صدقة العلن، قال الله تعالى:إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ البقرة:(271). فإن كانت صدقة العلن أيضا مجزية ولكن بشرط الإخلاص، كما يستر صندوق الزكاة الفقير والمستفيد، ويبعد عنه الذلّ والإهانة بوقوفه أمام دور الأغنياء، ومكاتبهم. وكأنه متسوّل منهم وإذا كان عزيز النفس يهضم حقّه.
(5). صندوق الزكاة يبرئ ذمّة المزكّين، والطرق التقليدية لا تبرئها أحيانا.فقد أجمع الفقهاء على أن من أعطى زكاته للساعي فقد برأت ذمّته، وأمّا الطرق التقليدية ففي كثير من الأحيان لا تُبرأ الذمّة كمن أعطاها لغني ولو خطأ أو أعطاها لمن لا يستحقّها، كمن يعطيها لامرأة أبوها غني، أو أعطاها لكافر، أو لمن يقدر على العمل وغير ذلك، والكثير من الأغنياء يدفعون زكاتهم لمن يحترف مهنة التسول وهو غني، ففي هذه الحال لا تعتبر زكاة، لأنها وضعت في غير محلّها، ولو كان ذلك جهلا أو خطأ.
(6). صندوق الزكاة لا محاباة فيه، ولا يفضّل أحدا على أحد، وأمّا الطرق التقليدية فتكثر فيها المحاباة.حيث تقوم لجنة بدراسة الملفّات، فإن أصابت فلها أجران، وإن أخطأت فلها أجر، وأما الطرق التقليدية فتكثر فيها المحاباة، كمن يبعث بزكاته بنفسه لأقربائه، وهذا دأب الكثير من الأغنياء حيث يدفعون زكاتهم لأقربائهم ويتوكأون على مبدأ الأقربون أولى بالمعروف، بهذا يكسبون ودّهم وفي الغالب يكون فيه رياء، ومن المزكّين من يدفع زكاته لعمّاله فينتفع بزكاته انتفاعا مباشرا، بحجة أنهم فقراء وقد يهضم لهم حقهم، ثم يجبر ذلك بالزكاة، وهنا ينتفع بزكاته والقاعدة الفقهية في الزكاة تقول:«لا حظ للمزكّي في زكاته» فهنا نجد حظّا ماديا وحظّا معنويا.ولا تتحقق مقاصد الزكاة ومصالحها في الخلق إلا إذا انتظمت الزكاة وصارت تحت إشراف هيئة وأن تكون هذه الهيئة ممثلة من جميع شرائح المجتمع وأهل الاختصاص الذين يعرفون تنزيل الأحكام ومعرفة مآلات الأمور وعواقبها.

ينبغي أن تنعكس الدروس المسجدية في سلوك المصلين في الفضاء العام
إن موضوع الفساد لا يقدم في دقائق معدودات، وهو يحتاج إلى وقت بل أوقات طويلة ومتكررة يسهم في إجلاء جوانبه بعض المختصين فهو متشعب وعميق الجذور، فمهمة من يتولون توعية الجماهير هي الرفع من مستواها، وليس الحط من مستوى العلم والفكر إلى مستوى العامة، والتبسيط في مثل هذه المسائل مضر، وضرره يتطاير يمنة ويسرة ؟! وباعتبار كذلك الصلاح أو البديل الإيجابي؟ فالمسجد بامتياز مكان متميز، فهو مؤسسة أو مبنى ليس للتعبد فحسب على غرار المعابد الوثنية، والديانات البشرية الأخرى، بل هو بيت الله الذي يشع نوره منه.
لابد إذن أن نضع في حسباننا أنه بعد أداء الصلاة سيحمل المصلون أو على الأقل جزء منهم المسجد إلى الشارع، وإلى البيت، والمؤسسات...كموضوعات النظام، وعدم رمي الفضلات المضرة والمشوهة، والمحافظة على البيئة بغرس الأشجار والعناية بها، والحرص على آداب الطريق، وعدم إتلاف الممتلكات العامة أو العمومية، التي يستفيد منها جميع الناس كصناديق رمي الفضلات، وأعمدة الهاتف، والكهرباء والغاز، وأنابيب الماء، وأن لا نحدث الضجيج أمام المساكن، والمستشفيات، ومقرات الدراسة، والمساجد وغيرها، وأنا أعرف ما قيل ويقال، وهناك من يردد ويعلل: «لا حياة لمن تنادي؟»، وأنا أقول لابد من التكرار حتى « ينقب الرخام».
من هنا يبدأ غرس الحس المدني في الساكنة واستنهاض همم الناس، وهي بالطبع ليست مهمة المسجد وحده، ولكنه يتحمل العبء الأكبر لأنه هوالذي يتردد عليه الناس خمس مرات في اليوم، ويوم الجمعة، وهم من جميع الفئات، والمستويات.
والأمر المهم جدا هو كيف نجعل الناس يعملون، ويقدسون العمل. قال سبحانه وتعالى: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)،التوبة،105. وللأسف الشديد في بلدنا وكمسلمين مؤمنين لا نعير اهتماما للجهد بالعمق المطلوب، والله أمرنا أن نكسب طعامنا بالعمل، ولا نتكاسل، ونمد أيدينا لغيرنا كما هو اليوم في بلدنا وبلاد الإسلام، واليد العليا خير وأحب عند الله من اليد السفلى، وهي اليد التي تعمل، وبذلك أسأنا التصرف في الكون بالكسل والخمول في استخراج خيرات الأرض وأقواتها علما بأن الأرض وضعت للأنام، قال سبحانه وتعالى: ((وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ))الرحمن، 10؛ وكما علق الشعراوي في خواطر إيمانية.ونختم بما نقله عبد الرحمن الثعالبي (3/318، 319) في تفسيره لهذه الآية عن مجاهد قال:«هو بارتفاع البركات، ووقوع الرزايا، وحدوث الفتن، وتغلب العدو وهذه الثلاثة توجد في البر والبحر»، وهو ما نعيشه اليوم في وطننا وأوطان المسلمين، والله نسأل الهدايا والعمل الصالح والبعد عن الفساد والمفسدين.

جامعة الأمير تصدر كتابا عن العلامة الجزائري المغيلي
أصدرت جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة كتابا بتأليف جماعي حول شخصية العلامة محمد بن عبد الكريم المغيلي (ت - 909هـ/1504م) تضمن عدة مقالات نشرها أساتذة وباحثون من داخل الجزائر وخارجها، وزعت على ثلاثة محاور غطت جوانب حياة الإمام العلمية والدعوية والإصلاحية
وقد تضمن المحور الأول الجهود الإصلاحية والدعوية للمغيلي وامتداداتها الإفريقية، وتضمن المحور الثاني فكره التربوي والاجتماعي، في حين تضمن المحور الثالث البلاغة ومنهج التأليف من خلال بعض مكتوبه، إضافة إلى ملحقات ختم بها الكتاب الذي تزامن صدوره وتخرج الدفعة ال38 من طلبة الأمير واستلام ملحقة جديدة بعلي منجلي سميت باسم هذا العلامة.

آخر الأخبار

Articles Side Pub-new
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com