الحج الركن الخامس من أركان الإسلام وهو عبادة مالية بدنية لمن استطاع إليه سبيلا عملا بقوله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) وقول النبي صلى الله عليه بني الإسلام على خمس .... وحج البيت من استطاع إليه سبيلا)
ولا شك أن من شروط وجوب الحج على المسلم الاستطاعة البدنية والمالية وعدم وجود عوائق تمنع الحاج حتى لو كان مستطيعا من أداء الحج. ولا شك أن فريضة الحج تعود بذاكرة الإنسان إلى قصة الحج زمن سيدنا إبراهيم عليه السلام وهو الترابط والتسلسل بين دعوة أبينا إبراهيم القائمة ودعوة سيدنا محمد صلى الله عليه القائمتين على التوحيد والحنفية السمحة وهي دعوة جميع الأنبياء والرسل وليس كما يدعي اليهود والنصارى حتى رد عليهم القرآن الكريم بقوله: (ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما). فالحج يربط الأمة بماضيها لتنطلق في حاضرها لتحقيق العبودية لله رب العالمين كما حققها إبراهيم وإسماعيل عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
الحج مدرسة يتعلم فيها الإنسان التجرد من ملذات الدنيا ويوق شح نفسه ويتطهر من الأنانية والعجب والكبر، فبتجرده من لباسه يكون قد تجرد من كل مظاهر الدنيا الزائلة والأعراض الفانية بالتلبية يعلن التجرد لله تعالى ويحرر الولاء لله تعالى وكأنه يتهيأ للخروج من الدنيا الفانية واستقبال الحياة الباقية بوقوفه في عرفات كأنه يستعد للوقوف في العرصات للحساب متذكرا قول الحق تبارك وتعالى (ولقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقيين مما فيه).
الحج يذيب الفوارق بين المسلمين ويحقق الربانية والعالمية والمساواة بين بني البشر عملا بقوله صلى الله عليه وسلم (وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) الكل سواسية أمام التشريع السماوي لا ميزة لأمير على مأمور ولا فضل لعربي على أعجمي ولا فرق بين عالم وجاهل أو غني وفقير إنه الإعلان العالمي الفعلي لحقوق الإنسان العدل والمساوة وضمان الحريات وكرامة الإنسان .
والحج مؤتمر عالمي يلتقي فيه المسلمون من أصقاع المعمورة ومن كل فج عميق يتدارسون أوضاعهم ويقفون على جديد أخبارهم وأحوالهم وإذا سمحت الفرصة لتدارس خطط نهضتهم وسبل بناء عمرانهم ومعرفة خطط أعدائهم
والحج رحلة إيمانية وترجمة عملية لسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ومسيرة أصحابه وسلف الأمة في عصر الاستحلاف لتجديد العهد مع الانطلاقة الوثابة والتحرر من ربقة الاستضعاف فكل موضع وكل شعيرة تذكرنا بدروس وعبر ومواقف تربوية دعوية تشريعية اجتماعية سياسية تسهم بطريقة أو أخرى في بناء الأمة أفرادا وجماعات بناء عقديا وفكريا وتشريعيا سليما يحقق الهدف الذي خلق من أجله الإنسان العبودية الحق وعمارة الأرض وتحقيق منهج الاستخلاف.
من فضائل الأيام العشر من ذي الحجة وآدابها
أن الله تعالى أقسم بها: والقسم بالشيء دليل على أهميته وعظم نفعه، قال تعالى: «وَالْفَجْرِ. وَلَيَالٍ عَشْرٍ» الفجر:1-2، قال ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف: إنها عشر ذي الحجة.
أنها أفضل أيام الدنيا، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء»/أخرجه البخاري. -
أن فيها يوم عرفة وهو اليوم المشهود الذي أكمل الله -فيه الدّين وصيامه يكفّر آثام سنتين، عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال: «يكفر السنة الماضية والباقية»/أخرجه مسلم.
وفي العشر أيضاً يوم النحر الذي هو أعظم أيام السنّة على الإطلاق وهو يوم الحجّ الأكبر الذي يجتمع فيه من الطّاعات والعبادات ما لا يجتمع في غيره.
في صحيح ابن حبان وغيره مرفوعا:«أفضل الأيام عند الله يوم النحر ويوم القر» ويوم القر هو الذي يلي يوم النحر.
وظائف عشر ذي الحجة: يسن للمسلم:
- أن يصوم تسع ذي الحجة. فقد كان صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر والخميس»/أخرجه النسائي وأبو داوود.
- يسن التكبير والتحميد والتهليل والتسبيح أيام العشر. والجهر بذلك في المساجد والمنازل والطرقات وكل موضع يجوز فيه ذكر الله إظهاراً للعبادة، وإعلاناً بتعظيم الله تعالى. ويجهر به الرجال وتخفيه المرأة.قال الله تعالى: «لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ» الحج28. وقد ثبت أن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما.
- قراءة القرآن والذكر : قال تعالى : «ويذكروا اسم الله في أيام معلومات»/الحج28.
- الصدقة : وعلى المسلم في هذه الأيام المباركة أن يكثـر من أعمال الخير التي تنفع الناس، فأحب الخلق إلى الله تعالى أنفعهم للناس
- الإمساك عن أخذ الشعر والظفر لمن أراد أن يضحي. فعن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئا.» وفي رواية «فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي». رواه مسلم. يحمل المالكية هذا النهي على الكراهة. قال الإمام مالك: «ليس على من أراد أن يضحي أن يترك شعره أو ظفره وإنما هو على وجه الاستحباب ولا حرج في ترك ذلك». قال الشيخ خليل: «وندب ترك حلق وقلم لمضح عشر ذي الحجة»
موقع وزارة الشؤون الدينية
وقفــــــات مع الأضحيــــــة وأحكامهــــــــا الشرعيــــــــــــــة
* شروط صحة الأضحية
(1). السلامة من العيوب البينة، فلا تجزىء العوراء ولو كانت صورة العين قائمة، أما إذا كان بعينها بياض لا يمنعها من النظر فإنها تجزىء؛ ولا تجزىء فاقدة جزء كيد أو رجل ولو كان الفقد خلقة، ويغتفر قطع خصية الحيوان؛ لأن الخصاء يعود على اللحم بسمن ومنفعة، وهذا مشروط بما إذا لم يؤد إلى مرض. بين. ولا تجزىء البكاء فاقدة الصوت، ولا الخبراء منتنة رائحة الفم، ولا الصماء التي لا سمع لها، ولا تجزىء صغيرة الأذن جدا، ولا العجفاء التي لا مخ في عظامها، ولا البتراء التي لا ذنب لها، سواء كان فقده خلقة أو عرضا، ولا تجزىء من كان ضرعها يابسا لا ينزل منه لبنا، فإن أرضعت ولو بالبعض أجزأت، ولا تجزىء من كان ثلث ذنبها فأكثر مقطوها، فإن كان المقطوع أقل من ثلث الذنب أجزأت، ولا تجزىء المريضة مرضا بينا، إلا الخفيف فلا يضر، ولا تجزىء المجنونة فاقدة التمييز إذا كان الجنون دائما، فإن لم يدم فلا يضر. ولا تجزىء العرجاء إلا العرج الخفيف فإنه لا يضر، ولا تجزىء من كان قرنها يدمي لم يبرأ فإن برىء أجزأت؛ ولا تجزىء من فقدت أكثر من سن دون سبب إثغار أو كبر، وفقد السن الواحد لا يضر مطلقا، وكذلك فقد أكثر من سن بسبب إثغار أو كبر فإنه لا يضر، أما فقدها بسبب مرض أو ضرب فإنه يضر ولا يجزىء.
ولا تجزىء من كان أكثر من ثلث أذنها مفقودا أو مشقوقا، أما الثلث فأقل فإنه يجزىء. والدليل ما راه البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل ما يتقى من الضحايا، فأشار بيده وقال:«أربعا: العرجاء البين ظلعها، والعوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعجفاء التي لا تنقى.» أخرجه مالك في الضحايا (الموطأ) والمراد بالعجفاء التي لا تنقى: جديدة الهزال، أو التي لا شحم فيها.
(2).أن تذبح نهارا فلا يصح ذبحها بليل، لقوله تعالى:« ويذكروا اسم الله في أيام معلومات» الحج 28، ووجه الاستدلال أن الله تعالى ذكر الأيام ولم يذكر الليالي، واسم اليوم لا يتناول الليل، والنهار يبتدىء بطلوع الفجر من اليوم الأول و الثاني والثالث، ولكن شرط صحتها في يوم النحر الأول يختلف عن اليومين بعده، فإن الأضحية لا تصح في اليوم الأول إلا بدخول وقت الذبح، ووقت ذبحها بالنسبة للإمام بعد فراغه من الصلاة والخطبة بعد حل النافلة، فلا تجزيه إن هو قدمها على الخطبة، فيدخل وقتها بالنسبة له بفراغه منها بعد الصلاة.
ووقت ذبحها بالنسبة لغير الإمام بعد فراغ الإمام من ذبح أضحيته، فلا يجزىء المضحي إن سبق الإمام ولو أتم بعده، وكذا إن ساواه في الابتداء ولو خام بعده، بخلاف ما لو ابتدأ بعدها وختم بعدها أو معه لا قبله، قياسا على سلام الإمام في الصلاة. فعن بشر بن يسار أن أبا بردة بن نيار ذبح ضحيته قبل أن يذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأضحى فزعم أن رسول الله أمره أن يعيد بضحية أخرى. متفق عليه. ولقوله تعالى:« فصل لربك وانحر» الكوثر2 فقد أمر الله بالصلاة قبل النحر.
ومحل عدم إجزاء الضحية قبل ذبح الإمام إذا أخرج الإمام أضحيته إلى المصلى أو المسجد، فإن لم يبرزها تحرى الناس ذبحه، فإن تبين أنهم سبقوه فإنها تجزىء لعذرهم ببذل وسعهم، وإذا توانى الإمام وتراخى عن الذبح بدون عذر انتظروا قدر ذبحه، وذبحوا وكذلك إذا علموا أنه لا يضحي، فإن لم ينتظروا قدر ذبحه لم تجزهم، لأن الانتظار لقدر ذبحه شرط صحة.
rrالفضائل في الضحايا
(1). الأفضل في الضحايا الضأن، ثم المعز، ثم البقر ثم الإبل، لأن المراعى في ذلك طيب اللحم، بخلاف الهدايا، فالمعتبر فيها كثرة اللحم، والدليل على صحة تفضيل الضأن ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين.» والذبح العظيم الذي فدى به إسماعيل كان كبشا، وهو السنة الباقية، وهي الأضحية.
(2). والأفضل في كل نوع الذكر على الأنثى، والفحل على الخصي، إذا لم يكن الخصي أسمن، وإلا فهو الأفضل، والأصل في هذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم فقد ضحى بكبش فحيل.
(3). والأفضل المضحي الجمع بين الأكل، والإهداء، والصدقة، بدون تحديد بثلث أو غيره.
(4). والأفضل من الأيام للذبح اليوم الأول إلى الزوال، ثم إلى الغروب.
شروط الإشراك في ثواب الأضحية
يشترط لجواز التشريك في ثواب rrالأضحية ثلاثة شروط:
(أولا): القرابة: بمعنى أن يكون المشرك من قرابته، كأبويه وأولاده وأجداده وإخوته وأخواته وأعمامه وعماته وأخواله وخالاته وأولادهم، لأن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يضحي بكبش عن نفسه وعن أهل بيته، وكذلك كان أصحابه رضي الله عنهم يفعلون.
(ثانيا): الإنفاق: أي أن يكون في نفقته، سواء كانت النفقة واجب عليه كالوالدين والزوجة والأولاد، أو كانت تطوعا كالإخوة والأخوات والأعمام والعمات إذا كانوا في نفقته
(ثالثا): المساكنة: أي أن يكون ساكنا معه في بيته غير بعيد عنه، وهذا الشرط خاص بالأقارب الذين لا تجب النفقة عليهم، أما من تجب النفقة عليهم فيجوز تشريكهم في الأضحية سواء كانوا يسكنون معه أم لا.