السبت 23 أوت 2025 الموافق لـ 28 صفر 1447
Accueil Top Pub

يقودها أئمة المساجد: حملـة وطنيـة لترشيــد استهلاك الماء

شرعت مختلف مساجد الجزائر في حملة وطنية لترشيد استهلاك الماء، تزامنًا مع فصل الصيف الذي يكثر فيه عادةً استهلاك الماء وتقلّ كميته، لا سيما في هذا العام الذي عرف تساقطًا متذبذبًا للأمطار، ما تسبب في نضوب بعض السدود والينابيع وقلة تدفّق هذا المورد. ولذلك كانت الحاجة ماسّة لترشيد استهلاكه في مختلف طرق الاستعمال، عادةً وعبادةً، حتى يتسنّى حسن توزيع الكمية المتاحة منه، وعدم تعريض الناس أو الحيوانات أو النباتات لخطر العطش؛ فلا إسراف ولا تبذير، بل دعوة إلى الاستهلاك بقدر الحاجة.

وقد دعت المساجد خبراء من قطاع المياه لتقديم دروس حول أهمية الماء وضرورة المحافظة عليه، كما قدّم الأئمة دروسًا وخطب جمعة، وبثّوا كلمات عبر فضاء التواصل الاجتماعي دعوا فيها إلى ترشيد استهلاك الماء، وحذّروا من الإسراف والتبذير وتداعياتهما الشرعية والحياتية.
وتعزيزًا لهذه الحملة، ومساعدةً للأئمة على إنجاحها، نشرت المديرية الفرعية للإعلام بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف بالجزائر عبر موقع الوزارة مقالة شاملة عنونتها بـ: «نعمة الماء بين الامتنان والحفاظ عليها».
جاء فيها:
(إن من أجلّ النعم التي أنعم الله بها على بني آدم نعمة الماء، التي هي سرّ الحياة، وأغلى ما يُفقد عند ندرته، وأرخص ما يُستهان به عند وفرته.
قال تعالى: وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ [الأنبياء: 30]، فالماء هو أصل كل حي، وبه قِوام الأرض والسماء، وهو من رحمة الله بعباده، يُنزله وقت ما يشاء، وكيفما يشاء، وبالكمية التي يشاء.
قال سبحانه: وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ [الحجر: 22].
بل قد يُمسك الله رحمته لحكمة يعلمها، فقال سبحانه: مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [فاطر: 2].
وقد ورد ذكر الماء في القرآن في تسع وخمسين موضعًا، مما يدل على عظيم قدره وشدة الحاجة إليه، قال الله تعالى:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ [الزمر: 21].
وهكذا صار الماء شريان الحياة، وسبب النماء، ووسيلة الإحياء، فهو نعمة تمسّ كل مخلوق، وتشمل كل مجال: الشرب، الزرع، النظافة، العلاج، الصناعة، وكل جوانب المعاش.
قال تعالى: هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ، يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ، إِنَّ فِي ذلك لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [النحل: 10–11].
لكن من الناس من يألف وجود النعم، فيغفل عن شكرها، ولا يعرف قيمتها إلا عند فقدها. وقد نبّهنا الله إلى ذلك بقوله:
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ [الملك: 30].
ولو شاء الله لجعل الماء ملحًا أُجاجًا، لا يُستساغ ولا يُستفاد منه، فقال:
أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ، أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ، لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ [الواقعة: 69–70].
ومن شكر النعمة المحافظة عليها، وعدم تبذيرها، فقد نهى الله عن الإسراف في كل شيء، حتى في الماء، قال تعالى:
وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأعراف: 31].
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقتصد في استعمال الماء، فقد قال أنس رضي الله عنه: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد، ويتوضأ بالمد»؛ والمدّ ملء الكفَّين المعتدلتين.
فإذا كان الاقتصاد في الماء مطلوبًا في العبادة، فهو في غيرها أولى، لذا فإن من السلوكيات التي حث عليها الإسلام: حماية المياه من التلوث، وصيانتها من الإهدار.
إن الماء من النعيم الذي يُسأل عنه العبد يوم القيامة، قال تعالى:
ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ [التكاثر: 8]،
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أكل أو شرب قال: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَ وَسَقَى، وَسَوَّغَهُ، وَجَعَلَ لَهُ مَخْرَجًا» (رواه أبو داود).
إن المحافظة على نعمة الماء، والتعاون مع الجهات المعنية في ترشيد استهلاكه، والوعي البيئي، مطلب شرعي ووطني، قال تعالى:
وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة: 2].
فمن الواجب استخدام وسائل الترشيد، واستثمار المياه المستعملة في ريّ المزروعات أو تنظيف المرافق، بدل رميها هدرًا، فإن ذلك من شكر النعمة، والله لا يُضيع أجر المحسنين.
إن من أعظم الفقد، فقدان نعمة الماء، فإنه تعبٌ وعناء، وغورُها هلاكٌ وشقاء، فاحرصوا على شكرها وحفظها، فدوام النعمة بالشكر، وزوالها بالجحود.
لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ [إبراهيم: 7]،
فلنُدم الشكر، ولنحذر الغفلة، ولنسأل الله دوام النِّعم، والسلامة من النِّقم، فهو سبحانه الكريم الوهاب).
فالماء يكتسي أهميةً حيويةً في مجال الحياة، عبادةً وعادة، والمحافظة عليه وحُسن استغلاله فريضة شرعية وضرورة حياتية. ع/خ

للعقل أهمية كبرى وينبغي استغلاله فيما ينفع
إن أهمية العقل تكمن في تميز الإنسان به، حيث أن الله خلق الملائكة بعقل دون شهوة، وخلق الحيوان بشهوة دون عقل، وخلق الإنسان بعقل وشهوة، وأعطاه حرية الاختيار بين أن يحكم عقله، أو يخضع لشهواته، فالعقل يقارع الشهوات في الإنسان، وقد استثني من الناس ثلاثة من العقاب بعدم استعمالهم العقل؛ فعن علي رضي الله عنه وكرم وجهه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:« رُفِعَ الْقَلَمُ عن ثلاثة: عن النائم حتى يَسْتَيْقِظَ، وعن الصبي حتى يَحْتَلِمَ، وعن المجنون حتى يَعْقِلَ»، رواه أبو داود والترمذي والنسائي في الكبرى وابن ماجه وأحمد .
وقد حضرت خطبة جمعة تناولت موضوع العقل، ورغم أن موضوع الخطبة هام جدا إلا أن الإمام الجامعي اقتصر فيه على النظر في الدين وخاصة زاد الآخرة؟ وتبين لي من خلال أمثلته وشرحه أن الدنيا مفصولة عن الآخرة، وليست مقدمة لها، وأن لا آخرة بدون دنيا، وهو منهج الخطاب الديني الإسلامي التقليدي المنبثق من عصور التخلف، وجمود الاجتهاد، وليس من عصر السلف الصالح، وعصر الحضارة العربية الإسلامية، وإذا كان موضوع العقل بهذه الأهمية بالنسبة للإنسان فإنه لابد من استغلاله فيما ينفع، ولا يجوز تعطيله لاسيما في مجال العمل والابتكار والإنتاج، وهو ما أشار إليه الإمام في خطبه بشيء من الاختزال والتعميم دون تركيز وتعمق، وقد رجع في ذلك إلى مرجعين أحدهما الشيخ البشير الإبراهيي في آثاره، وهو ما يدخل في إبراز جهود علماء الجزائر، وتخليد تراث أمتنا كإضافة لجهود الأمتين العربية والإسلامية، والذي يشكر عليه، وهو الدور الذي يجب أن تقوم به كل المؤسسات الوطنية خاصة التربية والتعليم والمسجد والإعلام، وكذلك الأفراد من نخبة الأمة الواعية والغير مصلحية؟
موضوع العقل يتصل بالفكر، فالرجوع إلى عدد من المراجع العربية الإسلامية، وغير العربية الإسلامية أمر مهم جدا لتصحيح الصورة وتوضيحها، على سبيل المثال وليس الحصر: كتاب التفكير فريضة إسلامية للعقاد، والعقل والثورة. هيغل ونشأة النظرية الاجتماعية لهربرت ماركيوز، وغيرهما كثير عربي ومترجم، وليس ذلك بالهين لأن العلم سلطان يسعى ويرتقى إليه، وكل هذه الوسائل والطرق هدفها الارتقاء بالإنسان عموما، وممن يؤمون المسجد خصوصا لا الهبوط إلى مستوى الغوغاء ؟! وألح على أن يفتح باب النقاش ليس أثناء الخطبة إنما قبلها أو بعدها، فبالنقاش تتضح المعالم، وتشعل أضواء العقول.

أكدوا على أهمية التأهيل المزدوج للمفتين شرعيًا وتقنيًا
علماء يدعون إلى تبنِّي معايير الحيطة والدقة في عصر الفتوى الرقمية
دعا المشاركون في فعاليات المؤتمر العالمي العاشر للأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، الذي عُقد يومي 12 و13 أغسطس 2025م، بعنوان: (صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي)، بالعاصمة المصرية القاهرة، والذي حضره ممثّلاً عن الجزائر كل من وزير الشؤون الدينية والأوقاف، ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى، إلى التأهيل المزدوج للمفتي في عصر الرقمنة والفتوى الرقمية.
وحثّوا المؤسسات الإفتائية والعلمية على تبنِّي أعلى معايير الحيطة والدقة في عصر الفتوى الرقمية، وضرورة ترسيخ ضوابط فقهية وأخلاقية تحكم الفتاوى المنشورة عبر الوسائط الرقمية، مع تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي لخدمة الفتوى المعتدلة، وأكدوا ضرورة الاستشراف الفقهي لمواجهة مستجدات العصر، وذلك بإنشاء برامج بحثية موسّعة لدراسة قضايا المستقبل.
وفي توصيات توّجت أشغال يومين كاملين، حسب ما نقلته وسائط إعلامية، أكّد المشاركون على مركزية القضية الفلسطينية، واعتبارها قضية العرب والمسلمين جميعًا، وأنَّ نصرة أهلنا في فلسطين تمثّل فريضة دينية ووطنية مصيرية لا يجوز التهاون فيها، مع الدعوة إلى تكثيف جهود المؤسسات الدولية والحكومات لإغاثة الشعب الفلسطيني، وتقديم الدعم الإنساني العاجل دون عوائق، حمايةً للأرواح البريئة ونصرةً للقضية العادلة.
وشدّدوا على وَحدة الصف الإسلامي، ونبذ الخلافات، والالتفاف حول الثوابت الجامعة.
ودعوا المؤسسات الإفتائية والعلمية إلى تبنِّي أعلى معايير الحيطة والدقة في عصر الفتوى الرقمية، وضرورة ترسيخ ضوابط فقهية وأخلاقية تحكم الفتاوى المنشورة عبر الوسائط الرقمية، كما أوصى المشاركون بالعمل على وضع أُطر أخلاقية صارمة للاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي، مستمدة من النموذج المعرفي الإسلامي.
ودعوا إلى تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي لخدمة الفتوى المعتدلة، ودمج تقنياته في البحث والدعوة من خلال تطوير تطبيقات تُيسّر وصول الناس إلى المصادر الموثوقة والمرجعيات الصحيحة، وتعزيز القدرة على استخراج الأحكام من مصادرها، وتشجيع الابتكار في البرمجيات الإفتائية وتطبيقات الهواتف والمنصات الرقمية.
وأكدوا ضرورة توفير الدعم الفني والمالي للمبادرات التي تُيسّر الوصول إلى الفتوى الصحيحة بلغات متعددة، وإطلاق برامج توعية لتثقيف الجمهور حول مخاطر الاعتماد على الفتاوى غير الموثوقة عبر المنصات المفتوحة، وطلب الجواب الشرعي من تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي لا تخضع للمراجعة والتقييم، مع حثّ الجمهور على الرجوع إلى المؤسسات المعتمدة.
وأبرزوا أهمية الاستشراف الفقهي لمواجهة مستجدات العصر، وذلك بإنشاء برامج بحثية موسّعة لدراسة قضايا المستقبل بهدف استباق المستجدات بحلول شرعية راسخة، ودعوا دُور وهيئات الإفتاء والمؤسسات العلمية إلى إعداد دراسات موسّعة لقضايا الغد، كالتقنيات الغامضة، والحروب الإلكترونية، وغيرها.
وشدّدوا على أهمية التأهيل المزدوج للمفتين شرعيًّا وتقنيًّا، مع إدراج مهارات التعامل مع الذكاء الاصطناعي والوسائط الرقمية ضمن مناهج إعداد المفتين وبرامج تدريبهم. كما دعوا إلى تعزيز العمل المؤسسي الرقمي في دُور وهيئات الإفتاء، من خلال تطوير البنية التحتية الإلكترونية، ودعم إنشاء المنصات الرقمية التفاعلية لإصدار الفتاوى، وتفعيل قواعد بيانات وشبكات اتصال بين الهيئات الإفتائية عالميًا.وطالبوا أيضًا بإدماج قضايا المناخ ضمن أولويات المؤسسات الإفتائية، وإشراك القيادات الدينية في معالجة قضايا التغيّر المناخي، كما دعوا إلى مواجهة خطاب الكراهية والتطرّف الرقمي بحزم، وإطلاق مبادرات توعوية لنشر قيم التسامح والاعتدال والعيش الآمن على مستوى العالم.
وأكدوا دعم التنوّع الثقافي، وترسيخ التعايش السلمي، واحترام الخصوصيات المحلية للمجتمعات، وتعزيز قيم الحوار بين الأديان والثقافات، وجعل الفتوى جسرًا للتواصل بين الشعوب؛ تأكيدًا على عالمية رسالة الإسلام في تحقيق السِّلم والوئام. ع/خ

آخر الأخبار

Articles Side Pub-new
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com