الأربعاء 10 سبتمبر 2025 الموافق لـ 17 ربيع الأول 1447
Accueil Top Pub

مختصون يؤكدون: الفن علاج إدراكي وسلوكي لأطفال متلازمة داون

يلعب الفن دورا محوريا في تطوير المهارات الذهنية والسلوكية لدى الأطفال المصابين بمتلازمة داون، فهو لا يقتصر على كونه وسيلة ترفيه أو نشاطا جانبيا، بل يعد أداة تعليمية وتأهيلية تساعدهم على الانضباط وتمنحهم مهارات ثمينة في التواصل الاجتماعي والاندماج مع الغير.
وحسب ما أكده مختصون للنصر، فإن للفن أثرا بالغا في تنمية شخصية هذه الفئة التي تمتلك قدرات إبداعية كبيرة، لا يمكن حصرها أو تقييدها في مجال واحد، لأن كل طفل يجد في الفن ما يعبر به عن ذاته بطريقته الخاصة.
وقد سطع نجم عدد من الأطفال المصابين بمتلازمة داون في مجالات فنية متعددة، إذ استطاعوا رغم خصوصيتهم الصحية، أن يثبتوا وجودهم في ميادين الرسم والمسرح والخياطة والتمثيل والرقص، وغيرها من الفنون التي أصبحت بمثابة نوافذ للتعبير عن المشاعر والأفكار والهويات. وكونها أيضا أدوات فاعلة لتحسين الاستقلالية الشخصية وتوسيع الأفق الاجتماعي لهؤلاء الأطفال.على هامش فعاليات اليوم الوطني للفنان، التي احتضنها المتحف العمومي الوطني للفنون والتعابير الثقافية التقليدية قصر الحاج أحمد باي، استوقفنا المعرض الفني المخصص لبراعم جمعية «أمل تريزوميا 21»، حيث زينت لوحاتهم وابتكاراتهم القاعة بألوان مفعمة بالدفء والحياة. وقد عبر الأطفال المشاركون عن شغفهم الكبير بالفن، إذ أبدع بعضهم في الرسم والتلوين، بينما تفننت فتيات أخريات في الخياطة والتطريز، وتميز آخرون في الأعمال اليدوية والتزيين، فكانت أعمالهم تعكس بصدق إحساسا راقيا، وقدرة على تحويل الألوان والخيوط إلى رسائل صامتة ولكنها معبرة للغاية.

كنزة بركان
انخرطت منذ الصغر في عالم الفنون

ومن بين الأسماء التي لفتت الانتباه خلال الفعالية، برزت كنزة بركان، فتاة من ذوي متلازمة داون، لم تكتف بتعلم هواية أو اثنتين فقط، بل انخرطت منذ صغرها في عالم واسع من الفنون والحرف اليدوية، جعلت منها وسيلة للتعبير عن ذاتها، وكسر الصور النمطية، وتحقيق إثبات حقيقي لوجودها وإبداعها. وقالت كنزة، بأنها منذ أن كانت صغيرة تعلمت ببببليتبتليبتنلتعلمت الخياطة و الطرز والتجميل، والحلاقة وحتى تنسيق الأزياء، وشكلت هذه الأنشطة عالمها الخاص الذي يمنحنها الثقة، مضيفة في ذات السياق بأن بيتها الثاني هو الجمعية التي وقفت معها وساندتنها دائما.وذكرت محدثتنا، أن تطوير الذات لا يتوقف عند المهارات اليدوية، حيث تواظب حاليا على استخدام الإنترنت للتعلم الذاتي، ومتابعة محتوى تثقيفي وفني يساعدها على تنمية أفكارها وصقل مواهبها بشكل أكثر احترافية. وأشارت أيضا، إلى أنها شاركت في عدة عروض مسرحية وفعاليات ثقافية، معتبرة نفسها نموذجا قادرا على النجاح، متابعة بالقول « أستطيع أن أقدم أحسن نسخة من نفسي، وأريد أن أكون مثالا يحتذى به لأطفال متلازمة داون في الجزائر».

هدى بوعلي
الرسم وسيلة للتعبير عن مشاعري

في جانب آخر من المعرض، التقينا بهدى بوعلي، وهي شابة طموحة وجريئة، تركت بصمتها في أكثر من مجال فني، مؤكدة بأنها تحب كل الفنون لكن الرسم والتلوين هما عالمها المفضل.وذكرت هدى، بأنها عندما ترسم تشعر بأنها تعبر عن مشاعرها وأفكارها، وتطلق العنان لخيالها، لأن الرسم كما أخرتنا يحررها من الضغوطات.
وقالت أيضا، بأنها لا تكتفي بالقلم والألوان، بل تبدع كذلك في الأشغال اليدوية، حيث شاركت في ورشات سينمائية، وعروض مسرحية، ودروس طبخ، وحتى في تطريز الألبسة التقليدية، ما جعل منها فتاة متعددة المواهب بحق.

نور الهدى سعيد تومي
أحب التلوين كثيرا

أما نور الهدى سعيد تومي، فكانت أكثر تعبيرا عن ارتباطها بالطبيعة والفن في آن واحد، حيث قالت بأنها تحب التلوين كثيرا خاصة بألوان الطبيعة، مثل الأخضر والأزرق والأصفر، كما تحب رسم الأشجار والأوراق، والزهور، والأرض. وأخبرتنا، بأنها تشعر بأن الطبيعة هي أجمل لوحة، لذلك تسعى لأن تضيف إليها لمستها الخاصة كنوع من التعبير عن الذات ومحاولة لإيجاد مكان لها في هذا العالم الكبير.وأوضحت نور الهدى، بأنها شغوفة بكل الأنشطة التي تتيح لها فرصة الاكتشاف والتعبير، وأكدت أنها لا تتغيب عن أية ورشة أو فعالية تنظم لفائدة الأطفال من ذوي متلازمة داون، فهي تجد فيها الفرح وتشعر خلالها بالانتماء، كما تعتبرها فرصة مثالية لإظهار قدراتها.

مديرة المؤسسة الطبية والاجتماعية أمل تريزوميا 21
نوظف الفنون بشكل كبير لتحسين أداء منتسبينا

أكدت مديرة المؤسسة الطبية والاجتماعية «أمل تريزوميا 21» بالخروب خيال زحاف، أن الفن يعد من أهم الوسائل العلاجية والتربوية في مسار التكفل بالأطفال المصابين بمتلازمة داون، كونه لا يعمل فقط على تنمية مهاراتهم الإبداعية، بل يساهم كذلك في تحسين سلوكهم وتعزيز تفاعلهم الاجتماعي. وأوضحت المتحدثة، أن العديد من الأطفال المنتسبين للمؤسسة أبانوا عن مواهب مميزة في مجالات متنوعة، أبرزها الرسم والمسرح الصامت مشيرة، إلى أن هذه الفئة تتميز بطبعها الاجتماعي، وقدرتها السريعة على التفاعل، وأن الفن يزيد من قدرتها على التعبير عن الذات بطريقة تلقائية وآمنة.
وأضافت زحاف، أن الأجواء داخل الورشات الفنية تكون ممتعة وثرية وأن الأطفال المشاركين يظهرون ذكاء مدهشا في التفاعل مع الألوان والخامات، والخطوط، كما ينجذبون للنشاطات التي تتيح لهم الاستقلالية والانخراط الجماعي، وهو ما يجعل من الفن وسيلة علاجية وسلوكية فعالة.

نسيبة لشطر أخصائية أرطوفونية
يعدل السلوك ويخرج الطاقات الكامنة

من جهتها، اعتبرت الأخصائية في الأرطفونية نسيبة لشطر، أن للفن أهمية كبرى في تعديل السلوك وإخراج الطاقات الكامنة لدى الأطفال المصابين بمتلازمة داون، خاصة وأن العديد منهم يعاني من اضطرابات نمائية أو إدراكية مرافقة. وأكدت أن إدماجهم في الأنشطة الفنية يساعد على تجاوز هذه التحديات تدريجيا.
وأشارت الأخصائية، إلى أن الفهم الدقيق لاحتياجات وقدرات كل طفل يتطلب وقتا وصبرا وملاحظة دقيقة، إذ تختلف التفاعلات حسب ميولات الطفل وإمكانياته العقلية والبدنية.
وبحسبها هناك من يمتلك قدرة دقيقة على استخدام الإبرة في الطرز ويبرع آخرون في الرسم، بينما يفضل غيرهم الطبخ أو الحرف اليدوية مؤكدة، أن المهم هو توجيه كل طفل نحو النشاط الذي يتماشى مع قدراته ويعزز ثقته بنفسه.
وشددت الأخصائية، على أن الفن لا يقدم فقط مساحة للتعبير والتسلية بل هي وسيلة لتهذيب السلوك، وضبط الانفعالات، وتحفيز التركيز، ما يجعل منه أداة تكفل ضرورية في المؤسسات المختصة، داعية إلى إدماجه بشكل دائم في البرامج التربوية والعلاجية لهذه الفئة.

أهم الأنشطة التدريبية الفنية التي تعمل على تحسين المشكلات

وتشير الدراسات في المجال كذلك، إلى فعالية دور العلاج بالفن التشكيلي في تحسين المهارات الإدراكية للأطفال المصابين بمتلازمة داون، ورغم تعدد البرامج التي تقدم للطفل من خلال معالجين ومعلمين متخصصين، إلا أن برامج التأهيل والعلاج بالفن تؤكد فعاليتها في كل مرة، خصوصا وأنها تهدف لمساعدة الطفل على تطوير المهارات الحركية والإدراكية، واللغة، والمهارات الاجتماعية، ومهارات المساعدة الذاتية. ومن أهم المشكلات النمائية التي يعاني منها أطفال متلازمة داون صعوبات في الفهم والاستيعاب والتفكير المجرد، وصعوبات في الإدراك اللمسي والسمعى والبصري، إلى جانب صعوبة في نموهم اللغوي عند معظم الحالات، وصعوبة في التخيل والتصور، وصعوبة في بعض القدرات العقلية مثل التمييز والترتيب و والتذكر، وكذا صعوبة في استخدام العلاقات في المواقف التعليمية.
يأتي هنا دور العلاج بالفن في تحسين المشكلات النمائية لدى هؤلاء الأطفال، من خلال برنامج تدريبي على تحسين المهارات الإدراكية والمعرفية، وتحسين الانتباه البصري، والمهارات الحركية الدقيقة باستخدام الأنشطة الفنية التي يتم اختيارها وفقاً لتقييم كل طفل والتعرف على مهاراته لوضع الأهداف التدريبية المناسبة له.
ومن أهم الأنشطة التدريبية الفنية التي تعمل على تحسين المشكلات النمائية لدى طفل الداون، التشكيل والرسم بالصلصال، لضم الخرز، الرسم والتصوير، الأشغال الفنية بالورق وبالخامات المتنوعة، فضلا عن أشغال النسيج المتنوعة، وكذلك الطين، حيث يعد من المهم جدا أن يهتم الأولياء بتدريب أبنائهم المصابين بالمتلازمة على هذه الفنون، كونه شكل من أشكال التدخل العلاجي المبكر الذي يضمن الأثر الإيجابي في الناحية التعليمية والإدراكية والمهارية.
لينة دلول

آخر الأخبار

Articles Side Pub-new
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com