-هكذا نحول قلق الامتحان إلى طاقة نجاح
يجتاز 29 مترشحا من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة امتحان شهادة البكالوريا بولاية قسنطينة هذه الأيام، ويحمل هؤلاء التلاميذ آمالا وأحلاما كبيرة للمستقبل كغيرهم من المتمدرسين الذين يتطلعون إلى النجاح والانتقال للجامعة، غير أن ظروف بعض الممتحنين من ذوي الهمم تكون أصعب مقارنة بغيرهم، وهو ما يوجب حسب مختصين توفر مرافقة نفسية وأسرية جيدة لتعزيز الثقة لديهم و مساعدتهم على تجاوز قلق الامتحان، وتدارك الأخطاء التي قد تقع في أول يوم لمواصلة السعي بأريحية وثقة أكبر خلال أسبوع البكالوريا.
22 نفسانيا عياديا وتربويا مجندون في مراكز الامتحانات
ولضمان السير الحسن للاختبارات ومضاعفة حظوظ الممتحنين من ذوي الاحتياجات الخاصة في النجاح، سخرت مديرية النشاط الاجتماعي والتضامن بقسنطينة كافة الإمكانيات المتاحة، مع تجنيد 22 أخصائيا نفسانيا عياديا وتربويا بشكل كامل في مراكز الامتحانات، وذلك في إطار مبادرة تضامنية تهدف لتعزيز تكافؤ الفرص وتمكين هذه الفئة من اجتياز الباك في بيئة ملائمة تحترم خصوصياته الممتحنين.
وأكد مدير النشاط الاجتماعي والتضامن لولاية قسنطينة، عبد القادر دهيمي، أنه وفي إطار التحضير الجيد لامتحانات شهادة البكالوريا، تم تسطير برنامج خاص يهدف إلى مرافقة فئة ذوي الاحتياجات الخاصة خلال هذه المرحلة الحساسة، وذلك بالتنسيق مع أخصائيين نفسانيين، وقد تم لهذا الغرض بحسب المتحدث، تسخير مجموعة من الممارسين، من بينهم أخصائيون في العلاج النفسي العيادي، وآخرون في المجال التربوي، يتكفلون هؤلاء بمرافقة التلاميذ من فئة ذوي الاحتياجات المقبلين على اجتياز شهادة البكالوريا، وذلك طيلة ساعات الاختبار من الصباح إلى المساء، في إطار الدعم النفسي والتربوي المستمر.
وحسب المعطيات الرسمية، التي صرح بها المتحدث فقد بلغ عدد المترشحين من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة هذه السنة، 29 مترشحا ينتمون إلى مختلف بلديات الولاية، من بينهم تلاميذ يقيمون في مناطق نائية. وقد تم اتخاذ ترتيبات خاصة لهؤلاء، شملت توفير وجبة الغداء على مستوى مدرسة الأطفال المعوقين سمعيا بحي المنصورة، إلى جانب توفير كافة الإمكانيات المادية والبشرية لضمان اجتيازهم للامتحان في أحسن الظروف. وأكد المسؤول الولائي، أن هذه الإجراءات جاءت تنفيذا لتعليمات وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، التي شددت على ضرورة ضمان مرافقة شاملة ومتكاملة لفائدة المترشحين طيلة فترة الامتحانات، بما يوفر لهم بيئة مناسبة وآمنة تسمح بالتعبير عن قدراتهم الحقيقية.
تنسيق بين مصالح التربية و التضامن وأولياء التلاميذ
وأوضح دهيمي، أن التحضيرات لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة لا تقتصر فقط على أيام الامتحانات، بل تمتد على مدار السنة الدراسية، من خلال تنسيق دائم مع مديرية التربية وأولياء التلاميذ، بهدف توفير أفضل الأساليب التعليمية والتربوية التي تتلاءم مع كل حالة، كل حسب نوع إعاقته.
وقد تم خلال الفترة التحضيرية لشهادة البكالوريا، اعتماد مرافقة قبلية ونفسية متخصصة، يشرف عليها أخصائيون نفسانيون عياديون وتربويون، بعد إحصاء دقيق للمترشحين بالتعاون مع مديرية التربية. وشملت العملية كل فئات ذوي الاحتياجات الخاصة، سواء المدمجين كليا أو جزئيا ضمن أقسام خاصة، تم فتحها على مستوى مؤسسات التربية الوطنية.
وفي هذا السياق، أشار المتحدث، إلى أن الأقسام الخاصة تم فتحها في إطار القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 14 مارس 2014، الذي ينص على دعم الإدماج الجزئي للتلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة داخل الوسط المدرسي العادي. وتم وفقا لذلك، تخصيص أدوات بيداغوجية ووسائل خاصة تتناسب مع طبيعة كل إعاقة، وتستخدم خلال الامتحان لتضمن مشاركة المترشح في ظروف طبيعية مشابهة لزملائه.
استحداث خلية يقظة واستجابة استعجالية لفائدة التلاميذ
كما تم توفير خدمة النقل المدرسي، الإطعام، والدعم النفسي والبيداغوجي، إلى جانب استحداث خلية يقظة واستجابة استعجالية على مستوى مديرية النشاط الاجتماعي، تكلف بالتدخل الفوري في حال وقوع أي طارئ قد يؤثر على ظروف اجتياز الامتحان. وفيما يخص الإعاقات التي تم تسجيلها لدى المترشحين، فهي تتوزع كالتالي 6 حالات إعاقة بصرية، 10 حالات إعاقة سمعية، 9 حالات إعاقة حركية، و 3 حالات توحد، و حالة إعاقة ذهنية خفيفة.
الأولياء الحلقة الأهم لنجاح الأبناء
من جهتها، أكدت الأخصائية النفسانية العيادية نبيلة عزوز، على أهمية الدور الذي يلعبه الأولياء في مرافقة أبنائهم من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة خلال فترة اجتياز امتحانات البكالوريا، مشددة على ضرورة أن تكون هذه المرافقة مبنية على التفهم، والدعم العاطفي، والاهتمام المكثف خاصة في هذه الأيام، التي تعد حسبها من أكثر الفترات حساسية في حياة التلميذ.وأوضحت المتحدثة، أن الأطفال لاسيما المصابين بالتوحد، يكونون في حاجة ماسة إلى الحضور العاطفي والوجداني للأولياء، وبوجه خاص الأم، لما لذلك من تأثير كبير على استقرارهم النفسي وتوازنهم السلوكي. وشددت، على أن الشعور بالأمان والدعم الأسري يمكن أن يكونا عاملين فارقين في زيادة قدرة الطفل على التركيز والتعامل بإيجابية مع أجواء الامتحان. وأضافت الأخصائية، أنه على الأولياء أن يلعبوا دورا تحفيزيا وداعما في الوقت ذاته، وذلك من خلال تشجيع أبنائهم وتهيئتهم نفسيا، وشرح طبيعة الأجواء التي ستكون داخل قاعة الامتحان، مع التأكيد لهم أن الطاقم التربوي سيكون متعاونا ومتفهما لوضعيتهم، وأن الأساتذة سيرافقونهم بلطف ويساعدونهم على فهم الأسئلة وتقديم التوجيهات اللازمة بطريقة واضحة ومبسطة.
الأخصائية النفسانية والتربوية صبرينة بوراوي
تدريب على التنفس والاسترجاع يسمح بتجاوز الخوف وزيادة التركيز
من جهتها، تقول الأخصائية النفسانية والتربوية و المعالجة الأسرية صبرينة بوراوي، إن الخوف والقلق الذي يواجهه هؤلاء التلاميذ خلال أيام البكالوريا حالة طبيعية مشتركة بينهم وبين باقي التلاميذ الآخرين، لكن الفرق يكمن حسبها، في طريقة التعامل مع هذه المشاعر كون ذلك ينتج نتائج مختلفة تماما.
وأوضحت، أن هناك بين التلاميذ من يسقطون في فخ المراجعة المتواصلة حتى ساعات متأخرة من الليل في الليلة التي تسبق الامتحان، ظنا منهم أن كل دقيقة إضافية ستضيف لهم شيئا، مع أن الراحة الذهنية والنوم العميق في ليلة الامتحان أهم من أي مراجعة متأخرة، لأن الذاكرة تحتاج إلى الهدوء والى راحة لتثبيت المعلومات، وعملية الحشو العشوائية والعقل المرهق يُضعف التركيز يوم الامتحان. .
وتنصح الممتحنين خصوصا من أصحاب الهمم، أن يكتفوا بمراجعة خفيفة صباحا ومساءً، على أن يتم إغلاق كل مصادر التوتر بعد عشاء خفيف «الهواتف، النقاشات السلبية، وحتى بعض الأصدقاء المتوترين» وفي صباح الامتحان، تقول إنه على المترشح أن يتجاوز كل ما عاشه في اليوم السابق حتى وإن بدا له أنه أخفق في أول مادة، ويبدأ يومه بالماء وقراءة دعاء أو آية يحبّها، ويتذكر أنه في مرحلة جني الثمار لا زرعها و لا يحمل نفسه فوق طاقتها.
وأضافت الأخصائية النفسانية و التربوية :» القلق لا يمنع الخطأ بل يمنع التركيز، عملية التنفس ببطء مهمة جدا، ركّز على الورقة أمامك، واقرأ الأسئلة بهدوء. اسمح لعقلك أن يسترجع ولا تجبره على التذكر. «.
واعتبرت المتحدثة، أن القلق شعور طبيعي يسبق كل حدث مصيري وهو في حد ذاته إشارة إلى أهمية الامتحان عند صاحبه، و المشكل حسبها ليس في القلق، بل في طريقة التعامل معه، لذلك تنصح التلاميذ بعدم المراجعة من يربكونهم، ولا يسمحوا لمقارنات الآخرين أن تدخل عقولهم.
وعلقت :» ركز فقط على يومك، لا على النتيجة، عملية التنفس مهمة جدا شهيق 6 ثوان، حبس النفس 4 ثوان، زفير 8 ثوان، ستساعد هذه العملية كثيرا على الهدوء والتركيز». ووجهت رسالة إلى أولياء الأمور، مفادها أنهم حلقة مهمة جدا في نجاح الأبناء لذلك وجب عليهم الانتباه لتصرفاتهم كي لا يضاعفوا الضغط على الممتحنين، والحرص على تسجيل حضور إيجابي، وتشجيع الممتحنين، لزيادة ثقتهم في أنفسهم، مع منحهم شعورا بالدعم و الحب غير المشروط لأن البكالوريا مجرد امتحان ومهما كانت النتيجة يبقى الجهد المحترم هو النجاح الحقيقي.
لينة دلول