تضاعف في الآونة الأخيرة، استخدام العلب البلاستيكية في تخزين الأطعمة وتجميدها، رغم التحذيرات المتكررة التي يطلقها المختصون في الصحة والتغذية، بشأن المخاطر التي قد تنجم عن استعمال هذه المواد، خصوصا عند تعرضها للحرارة أو البرودة الشديدة، ما قد يؤدي إلى تسرب مواد كيميائية سامة إلى الأطعمة، مسببة أمراضا خطيرة ومستعصية مثل السرطان، واضطرابات الغدد الصماء، ومشاكل الخصوبة وغيرها. باتت العلب البلاستيكية الخاصة بتخزين الأطعمة مشهدا شائعا في معظم المنازل، حيث انتشرت بشكل كبير، واكتسحت الأسواق بمختلف أشكالها وأحجامها وألوانها، إذ تتنافس الشركات المنتجة على ابتكار تصاميم جذابة ومغرية، تستقطب اهتمام ربات البيوت، وتسوق على أنها وسيلة فعالة لتنظيم المواد الغذائية داخل الثلاجات والمجمدات، وكذا للحفاظ على بقايا الطعام بطريقة عملية وعصرية. ولم يقتصر الأمر على العلب فقط، بل تعداه إلى استخدام القوارير البلاستيكية لتخزين مياه الشرب، والعصائر، والزيوت، وحتى المواد الساخنة في بعض الأحيان.
ورغم ما توفره هذه المنتجات من حلول مريحة في التنظيم والتخزين، إلا أن الأطباء والمختصين في علوم التغذية، يحذرون بشدة من الاستخدام المفرط وغير الآمن للعبوات البلاستيكية، خاصة غير المصنفة على أنها «صالحة للاستعمال الغذائي».
ويوضح في هذا السياق، المختص في الصحة العمومية الدكتور أمحمد كواش، أن تخزين وحفظ الأغذية يعد ممارسة قديمة وجدت منذ فجر البشرية، وكانت في بداياتها وسيلة للحفاظ على الطعام من التلف خلال فترات الغياب الطويلة عن المنزل، ولحماية الإنسان من الأزمات الصحية الناتجة عن فساد الأغذية.
غير أن هذا السلوك الصحي، تحول في العصر الحديث إلى ممارسة محفوفة بالمخاطر، بسبب الاستخدام المفرط والعشوائي للمواد البلاستيكية في التخزين.وأكد المتحدث، أن استعمال البلاستيك في المطابخ الجزائرية ظاهرة واسعة الانتشار، حيث أصبحت أغلب العائلات تعتمد عليه بشكل يومي في حفظ مختلف أنواع المواد الغذائية، انطلاقا من المياه التي تخزن في القارورات البلاستيكية، مرورا بالأطعمة المطهوة التي توضع في علب بلاستيكية، وصولا إلى تخزين البقوليات، والعجائن، وحتى التوابل في علب بلاستيكية معادة التدوير، بعضها لا يمت بأي صلة للمعايير الصحية، ولا يحمل أي رمز يدل على صلاحيته لهذا الغرض. وحذر الأخصائي، من الاستخدام غير المدروس لهذه العبوات، خصوصا عندما تكون مصنعة من مواد بلاستيكية رديئة أو موجهة أساسا لتغليف المنتجات الجافة أو المواد الصناعية، ثم يعاد استعمالها في حفظ الطعام داخل المجمد أو الميكروويف.
وشدد، على أن هذا النوع من السلوك يشكل خطرا مباشرا على الصحة لما يمكن أن تسببه المواد الكيميائية المنبعثة من البلاستيك عند تعرضه للحرارة أو البرودة المفرطة، خاصة عند وضع الطعام الساخن مباشرة داخل هذه العلب، إذ تزيد احتمالية تسرب مركبات سامة إلى الأطعمة. وأضاف كواش، أن التخزين السليم والصحي يجب أن يعتمد على اختيار عبوات ذات جودة عالية ومخصصة لتجميد الأطعمة، موضحا أن هذه الأخيرة تكون عادة موسومة برموز خاصة تشير إلى قابليتها للاستعمال في المجمد أو المايكروويف، على عكس بعض الأنواع التجارية الرخيصة التي لا تصلح إلا لحفظ المواد الجافة.كما دعا، إلى الاستعانة بالبدائل الآمنة، وعلى رأسها الأواني الزجاجية والأواني الفخارية أو الطينية في تخزين الحبوب والبقوليات، نظرا لقدرتها على الحفاظ على جودة المواد الغذائية، إلى جانب العلب المعدنية من النوعية الجيدة لنقل أو حفظ الأطعمة الساخنة، بدلا من البلاستيك الذي أصبح يشكل تهديدا صامتا لصحة المستهلك الجزائري.
لينة دلول