انطلقت منذ أسابيع، بمدينة برج الكيفان شرقي الجزائر العاصمة، مبادرة خلاقة تعبق بروح الانتماء والعمل الجماعي، وهي أولى خطوات في مشروع لطلاء وتزيين الأحياء والمباني بألوان زاهية، في محاولة لإعادة الوهج الجمالي والسياحي لهذه المدينة العريقة، التي طالما كانت مناراتها و رمال شاطئها قبلة للمصطافين والزوّار.
إعادة صياغة للهوية الحضرية
في قلب برج الكيفان، المدينة الساحلية التي لطالما عرفت بجمالها الطبيعي وموقعها الأخّاذ، تنبعث اليوم حياة جديدة من بين الجدران، فمشروع طلاء المدينة بألوان زاهية الذي أطلقته أيادٍ فنية جزائرية، لا يهدف فقط إلى تجميل المكان، بل إلى إعادة صياغة هوية حضرية تسعى لأن تجعل من هذه المدينة وجهة سياحية مزدهرة.
تتنفس برج الكيفان الواقعة شرقي الجزائر العاصمة، بحوالي 16 كلم، هواء جديدا، فلم يعد المارّ عبر شوارعها يرى جدرانا باهتة تنطق بالرمادي، بل أصبح يتأمل لوحات حيّة تنبض بألوان زاهية وتفاصيل مشرقة، تنسج للمدينة وجها جديدا أكثر حياة وبهجة.
تبلورت فكرة مشروع طلاء واجهات المدينة بألوان زاهية في صيف عام 2021، حسب ما استفيد من فريق العمل القائم على التنفيذ، ولا يقتصر الأمر على تغيير الألوان فحسب، بل يهدف إلى إحياء روح المكان وبعث جاذبيته السياحية حتى لا تخفت.
هذه المبادرة، التي أطلقتها الإعلامية سميرة بزاوية، مالكة قناة ‹› سميرة تيفي››، واحتضنها المجلس الشعبي البلدي لبرج الكيفان، بالتعاون مع الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، والمتعاملين الاقتصاديين، خرجت من حدود الفكرة لتصبح ورشة مفتوحة للفن والتغيير الحضري.
وخلال حلولنا بالمدينة السياحية التي يشقها خط الترامواي الرابط بين محطتي، العناصر ‹› الرويسو››، ودرقانة، يقول الكثير ممن سجلنا آراءهم خلال إجراء استطلاعنا، إن ما يحدث في برج الكيفان ليس مجرد طلاء، بل عملية تجميل حضرية تضاهي التجارب العالمية المعروفة لبعض المدن الصغيرة التي كانت مجهولة، قبل أن تتحول إلى مقاصد سياحية كبرى بفضل الألوان.
وضربوا أمثلة بحيّ لابوكيريا في الأرجنتين، و أزقة فالفاريسو في الشيلي، وجدران هافانا في كوبا وغيرها، مبرزين أن تلك التجارب أثبتت أن الألوان يمكن أن تكون رافعة للسياحة والحياة الاقتصادية المحلية.
«حومتك دارك» فصل جديد في قصة المدينة
وهكذا فإن المشروع الجاري تنفيذه في برج الكيفان و الموسوم بـ «حومتك دارك»، يسر بخطى واثقة على هذا النهج، رغم أن الفكرة حسب من تحدثنا إليهم، من ممثلي مختلف الفعاليات المحلية، انطلقت بداية في ظروف غير سهلة، وواجهت بعض التحفظات من السكان الذين لم يعتادوا مثل هذه اللمسات التجميلية الجريئة.
لكن سرعان ما تغيّرت نظرتهم للأمر حين لامسوا التحول بأعينهم، فصار الرفض قبولا، باعتبار أن الألوان المستعملة في واجهات البيوت الخمسة الأولى النموذجية، لم تُضفِ بهجة بصرية فقط، بل أثارت الحنين وخلفت حالة من الفخر والانتماء، وأصبحت الجدران المزخرفة محط أنظار الزوار وعدسات الكاميرات.
سيلاحظ الزائر لبرج الكيفان، في هذه المساحات المزخرفة أن الفن يتداخل مع تفاصيل اليوم، وأن الشارع الرئيسي على وجه التحديد، الذي يعبره خط المترو كما بعض الأنهج قد تحولت إلى معارض مفتوحة تحت السماء، يشارك فيها الفنانون والطلبة والحرفيون، إلى جانب مواطنين أبدوا حماسا غير مسبوق لمرافقة المشروع.
وبفضل هذا التلاحم بين المجتمع المدني، والبلدية والفنانين، ووسائل الإعلام، صارت برج الكيفان تكتب فصلا جديدا في قصتها الحضرية.
ولا تقتصر اللمسات الجمالية التي تم إضفاؤها على الشكل وحده، بل تطال إحساس الناس، وتعيد تشكيل العلاقة بين الإنسان وبيئته. وإذا استمرت هذه الدينامكية ستكون قادرة على جعل المدينة وجهة سياحية صاعدة خاصة وأن موقعها الساحلي وجذورها التاريخية يمنحانها مؤهلات طبيعية وثقافية واعدة.
والمؤكد أن المدينة لا تعيد فقط طلاء جدرانها خلال هذا المشروع، ترسم لها صورة جديدة في المخيلة الجماعية، وتفتح الباب أمام نهضة حضرية قد تُلهم مدنا جزائرية أخرى تسعى لاستعادة ألقها بوسائل بسيطة ولكن فعالة.
الجدران صارت خلفيات للصور و الذكريات
سيدفعك الفضول لزيارة المكان خصوصا في ظل ما يحظى به من أضواء الإعلام، بفضل هذه المبادرة ومثيلاتها التي تروج لفكرة غير مسبوقة عبر الشبكات الاجتماعية، وسيتبين لك أن مشروع طلاء جدران مدينة برج الكيفان بالألوان الزاهية لم يكن فقط مبادرة لتجميل الفضاء العمراني، وإنما شرارة بعثٍ بصري وثقافي ساهمت في إعادة المدينة إلى عدسات الكاميرات، وإلى صدارة المشهد الإعلامي المحلي وحتى الرقمي.
منذ انطلاق المشروع، تحوّلت الشوارع والأزقة إلى لوحات مفتوحة، استهوت عدسات الهواة والمحترفين وأغرت القنوات التلفزيونية بتخصيص تغطيات مصورة لالتقاط تفاصيل هذا التحوّل الجمالي، الذي مسّ الذاكرة البصرية للسكان، وأعاد تشكيل نظرتهم إلى المكان.
ومع كل هذا الاهتمام الإعلامي السمعي البصري والرقمي، لم تعد الجدران مجرد حدود إسمنتية صامتة بل صارت خلفيات فنية للصور التذكارية، تُخلّد لحظات العائلات والزوّار، وتشكّل محتوى بصريا راقيا ينتشر عبر منصات التواصل الاجتماعي.
لقد باتت برج الكيفان، بهذا المشروع مدينة تنتمي للزمن الرقمي الحديث، تفتح ذراعيها لهواة التصوير وصانعي المحتوى السياحي، الذين وجدوا في ألوانها الحيوية مادة جذابة ومُلهمة.
كما لم تغب القنوات التلفزيونية الوطنية عن هذا الحدث البصري، حيث أولت اهتماما خاصا بالمبادرة، ونقلت مشاهد توثق الانتقال من مدينة باهتة الألوان إلى أخرى تنبض بالحياة، وتروي قصة انبعاث جمالي نابع من روح سكانها وشبابها المبدعين.
وفي زمن الصورة، نجحت برج الكيفان في إعادة صياغة صورتها، ليس فقط بفرشاة الطلاء، بل أيضا بعدسات الكاميرا التي وجدت في هذه المدينة الساحلية ما يستحق الإضاءة والاحتفاء.
وهي عموما تجربة حضرية جميلة تؤكد أن الجمال، حين يُستثمر بذكاء يصبح بوابة للسياحة، ورافعة للانتماء، ورسالة مفتوحة إلى العالم.
صاحبة الفكرة المسؤولة الإعلامية سميرة بزاوية
أردنا أن نلبس المدينة ثوبا جديدا يعيد ألقها السياحي
قالت صاحبة المبادرة السيدة سميرة بوزاوية، صاحبة قناة «سميرة تيفي››، للنصر، إن فكرة المشروع انطلقت من قناعة شخصية بأهمية اللون كعنصر يعيد الحياة للفضاء الحضري، ويمنح مدينة برج الكيفان السياحية طابعا فنيا وإنسانيا مميزا. مبرزة، أن الفكرة وُلدت من رحم الرغبة في تغيير الصورة النمطية عن هذه المدينة السياحية، وتبيان جمالياتها المخفية، من خلال إعادة بعث روح جديدة في جدرانها وبناياتها التي طالها الإهمال.
وجاءت المبادرة حسبها، من منطلق قناعة شخصية وتجارب عالمية مشابهة، أثبتت أن الفن يمكن أن يكون أداة فعالة لتحسين صورة المدن وجذب الزوار.
مضيفة، أن المشروع لا يقتصر على طلاء الجدران فحسب، بل يشمل إضفاء لمسة فنية تستلهم من البيئة المتوسطية الساحلية لبرج الكيفان، واسترجاع روح المدينة القديمة بنظرة عصرية، وهكذا تضيف فإن الألوان التي وقع عليها الاختيار مستوحاة من الطبيعة، لتعكس دفء الشمس، وزرقة البحر، وبهجة الحياة اليومية لسكان المدينة.
وأشارت السيدة بزاوية، إلى أن الشروع في الإنجاز فعليا تم خلال الفترة الأخيرة، بمرافقة مجموعة من الفنانين الشباب والمتطوعين من أبناء الحي، إلى جانب دعم السلطات المحلية، وبعض المتعاملين الاقتصاديين والتجار وتنظيمهم المهني، وقد تكلل بفتح ورشة فنية دائمة تُعنى باستدامة الفكرة وتوسيع رقعة التلوين لتشمل أحياء أخرى.
ولعل أجمل ما حققه المشروع إلى اليوم كما عبرت، هو تحويل جدران برج الكيفان إلى لوحات فنية مفتوحة تشكل خلفيات مثالية للصور التذكارية، وتعيد المدينة إلى قلب الكاميرا، بعدما لفتت اهتمام القنوات التلفزيونية وصناع المحتوى الرقمي والسياحي. وأضافت :›› إن هذا المشروع ليس فقط مبادرة فنية، بل هي دعوة للحياة ورسالة أمل بأن الجمال يمكن أن يكون مدخلا للتنمية السياحية، والاجتماعية، والثقافية في آن واحد».
الفنان موسى نون المدير التنفيذي للمشروع
استلهمنا الألوان من التراث المحلي
يقود الفنان التشكيلي والمخرج السينمائي، متعدد المواهب موسى نون، مشروع طلاء مدينة برج الكيفان، وقد أكد لجريدة النصر، أنه يؤمن بأن الجمال يمكنه أن يغير الواقع ويعيد الأمل لسكان المدن التي أثقلها الإهمال، لذلك لم يتردد في قبول اقتراح صاحبة الفكرة للإشراف على تنفيذه.
مفصلا:»اتصلت بي السيدة سميرة صاحبة فكرة المشروع، وقالت لي أنتم الفنانون لا تنامون باكرا، لذلك لدي مشروع لا يمكن أن يقوده غيرك... أنت والألوان››.وأضاف كانت تلك بداية مغامرة فنية كنتُ أحلم بها منذ سنوات، لطالما راودني الأمل بأن أرى مشروعا يغيّر واجهة مدننا، ويمنح الشوارع التي أراها حزينة، جرعة من الفرح والحياة».
وعلق:»بدأنا من واقع صعب، حيث صارت المدينة تفتقر للحياة خارج جدران البيوت.. الداخل مريح، أما الخارج فمشوه، قبيح، محيط يفتقر للروح... إذ مع الوقت نسينا الألوان و نسينا الحياة، حتى غدت المظاهر الرمادية وكأنها الواقع الوحيد الممكن».
يواصل « انطلقت ورفاقي في تنفيذ فكرة المشروع الموسوم بـ «حومتك دارك»، وهي تسمية ترمز إلى تحويل الحي إلى امتداد للبيت، أي مكان يشعر فيه الناس بالانتماء والجمال والأمان، وذلك استنادا إلى رؤية فنية تعتمد على استلهام الألوان من التراث المحلي، مثل الزليج والفخار، ودمجها في واجهات البنايات.
ويؤكد الفنان موسى نون، أن المشروع أحدث تغييرا فوريا في سلوك السكان: إذ «بدأ الناس يخرجون الكراسي إلى الشرفات ويتأملون المشهد، وكثيرون من خارج المدينة صاروا يقصدون المكان خصيصا لالتقاط الصور، رغم أننا لم نكمل العمل بعد...لقد تغيرت الأجواء، وبدأ الناس يتصالحون مع محيط المدينة الجديد».
ويتحدث موسى، عن جرأة الاختيارات الفنية: «كان بإمكاننا الاكتفاء باللونين الأزرق والأبيض، لكننا أردنا هوية و لمسة محلية، و روحا نابضة مستلهمة من ثقافتنا البصرية، لإيماننا بأن الألوان ليست رفاهية، بل ضرورة جمالية وثقافية وإنسانية».
ويضيف المتحدث :›› تم اقتراح المشروع أولا على بلدية برج الكيفان، ثم على اتحاد التجار والمتعاملين الاقتصاديين المحليين، لدعمه ماديا سيما من خلال توفير وسائل العمل وأدواته، وقد لقي دعما وتجاوبا كبيرين. وكانت البداية بخمس بيوت فقط، لكن التجاوب الشعبي دفع الفريق لمواصلة العمل على نطاق أوسع، ليشمل كل بيوت، ومحلات، ومرافق الشارع الرئيسي للمدينة الذي يشقه خط الترامواي».
من المنتظر أن يتم تدشين المشروع رسميا يوم 5 جويلية المقبل، بالتزامن مع احتفالات عيد الاستقلال، في رمزية قوية تعكس التحرر من القبح وإعادة الروح للمكان، وقد شدد المدير التنفيذي للمشروع في ختام حديثه :»الفنانون التشكيليون هم نواة هذا العمل، بدونهم لم يكن بالإمكان إنجاز هذا المشروع››.
وأضاف موسى نون :››المشروع لا يتعلق فقط بتغيير الواجهة العمرانية، بل بتغيير العقليات والسلوكيات، هي بداية لطريق طويلة تحتاج إلى نَفَس، لكن كل طريق مهما كانت طويلة تبدأ بخطوة».
مهدي حطالي عضو الهيئة التنفيذية للمشروع
هكذا تبلورت المبادرة...
قال مهدي حطالي، عضو الهيئة التنفيذية للمشروع، في تصريح للنصر :»في البداية، تواصلت معي السيدة سميرة بزاوية، وكنت أعتقد أن الأمر يتعلق بعمل تلفزيوني أو سينمائي لأنه مجالي، فقد اشتغلت سابقًا كمدير إنتاج في المجالين السينمائي والتلفزيوني، لكنني فوجئت عندما عرضت علي فكرة مشروع تزيين مدينة برج الكيفان بألوان زاهية، و تحدثت لي عن المشروع وأهدافه، ولم أكن متحمسا كثيرا في البداية، ولكن حين منحتني الوقت لأفهم الفكرة وتفاصيلها، جذبتني ووافقت على الانضمام».
وأضاف: ‹› حضرنا أول اجتماع مع رئيس بلدية برج الكيفان، وممثلين عن الاتحاد العام للتجار والحرفيين والسيدة سميرة وفريقها، وبعد النقاش أدركت أن المشروع ضخم وأن تنفيذه لن يكون سهلا، و بالفعل كانت الانطلاقة صعبة، لكن بفضل الله، ثم بفضل تضافر جهود الجميع من أعضاء الاتحاد إلى سكان المدينة استطعنا أن نبدأ العمل››.
وحسب المتحدث، فإن بعض العراقيل واجهت فريق العمل في البداية، خاصة في ما يتعلق باختيار الألوان لأن سكان الحي لم يكونوا معتادين على هذا النوع من المبادرات، فالبعض كان مترددا حسبه، لذلك ‹› واجهنا كما قال، نقدا لكن في المقابل، تلقينا تشجيعا كبيرا من أولئك الذين سافروا واطّلعوا على مشاريع مشابهة في بلدان أجنبية كتركيا وغيرها، دعمنا هؤلاء بقوة لأنهم أدركوا أهمية هذا التغيير الجمالي››.
يواصل حديثه :» اليوم، بعدما أنهينا جزءا كبيرا من المشروع، نرى فرحة الناس وهم يلتقطون الصور أمام الجدران الملوّنة، وقد زال اللون الباهت والبني الرمادي الذي كان يبعث الكآبة في النفوس، وحلّت مكانه ألوان تبعث على الراحة النفسية والبصرية». يضيف مسترسلا:›› إن كل ما تحقق هو بفضل الله، ثم بفضل جهود جنود الخفاء من فنانين وحرفيين، وعلى رأسهم الفنان موسى نون، والسيدة سميرة بزاوية التي كانت صاحبة الفكرة والمبادِرة لجمع هذا الفريق.
بوبكر زهير ممثل اتحاد التجار
مشروع مواطن أطلقه أبناء المدينة واحتضنه الجميع
أكد زهير بوبكر، عضو المجلس الوطني للاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، والأمين الولائي للاتحاد بولاية الجزائر العاصمة، أن مشروع تزيين برج الكيفان وطلاء مبانيها بألوان زاهية، لم يكن وليد الصدفة، بل هي ثمرة فكرة محلية نابعة من أبناء المدينة أنفسهم تهدف إلى إعادة إحياء برج الكيفان اقتصاديا وثقافيا وسياحيا.
وقال السيد بوبكر، وهو ابن المدينة والمقيم بها: « فكرة هذه المبادرة تعود إلى سنتي2021 و2022، حين طرح بعض شباب برج الكيفان الأمر وساءلوا كيف يمكننا استرجاع إشعاع المدينة من مختلف الجوانب، لا سيما السياحية والثقافية، بعد سنوات من الركود؟».
وأوضح، أن الفكرة عادت إلى الواجهة بفضل السيدة سميرة بزاوية، التي بادرت إلى بعث المشروع من جديد من خلال الاتصال برئيس المجلس الشعبي البلدي، الذي بدوره تواصل مع الاتحاد العام للتجار والحرفيين و»تبنينا المشروع عن قناعة»، يضيف زهير، «لأننا رأينا فرصة واعدة لتغيير وجه المدينة، وفتح آفاق اقتصادية وسياحية جديدة».
ولم يقتصر الأمر على الهياكل الرسمية، بل تم تنظيم لقاءات مع سكان وأصحاب المحلات بوسط المدينة، في مقر البلدية، لشرح تفاصيل المشروع، كما شارك متعاملون اقتصاديون من أبناء المنطقة، وساعدوا ماديا ومعنويا في توفير الطلاء ووسائل العمل كل حسب استطاعته».
وأشار المتحدث في تصريح للنصر، إلى أن السيدة سميرة، استقدمت الفنان السينوغرافي المبدع موسى نون، ابن خميس مليانة، الذي أبدع في تصميم وإخراج العرض الفني الاستعراضي المبهر بعنوان «صميم»، خلال حفل افتتاح الألعاب العربية بالجزائر في 2023، للإشراف الفني على العملية، مما أضفى عليها طابعا إبداعيا راقيًا، وحوّلها إلى ما يشبه معرضا فنيا مفتوحا في الهواء الطلق.
ويؤكد المتحدث، أن نجاح المشروع كان نتيجة تفاعل المجتمع المحلي معه، حيث انخرط الشباب طواعية في تنفيذ الأعمال، خصوصًا في فترات المساء، وساهموا في طلاء الجدران وتركوا بصماتهم بحب.
ويضيف: «استلهمنا من مقولة الشهيد العربي بن مهيدي أرموا بالثورة إلى الشعب يحتضنها، وهو ما حدث فعلا فالمواطنون تبنوا المشروع بروح جماعية «.
وعن اختيار الألوان، أوضح السيد بوبكر زهير، أنها عملية تمت بعناية، إذ تم التركيز على ألوان البحر كالأزرق والأبيض، ممزوجة بلمسات من الأصفر والألوان الزاهية التي تناسب الطابع المتوسطي والسياحي للمنطقة، مضيفا أنه تم استلهام بعض الألوان من لوحات الفنانة التشكيلية باية حداد، التي تنحدر بدورها من برج الكيفان، تكريما لإرثها الفني.
وختم بالقول: «ما تحقق اليوم سابقة أولى في الجزائر، ونتمنى ألا تكون الأخيرة. انطلقت المبادرة من شارع الشهيد علي خوجة، لكنها مرشحة للتوسع نحو أحياء وأزقة أخرى من المدينة، وربما لتلهم مبادرات مماثلة في مدن جزائرية أخرى».
روبورتاج : عبد الحكيم أسابع