رصدت النصر على هامش حفل تكريم 20 ناجحا في شهادة التعليم المتوسط من مرضى السرطان، إلى جانب مرضى آخرين نالوا شهادتي الليسانس والماستر، بوهران، قصص مؤثرة وملهمة عن المثابرة والتحدي ومواجهة المرض في سبيل نيل الشهادة وتحقيق نتائج مبهرة.
رصدت النصر تصريحات بعض المكرمين، الذين كانت فرحتهم كبيرة لكن بطعم الحزن على فقدان زميلهم الذي كان ضمن قائمة المكرمين، لكن القدر شاء أن يرحل قبل أن يتذوق طعم النجاح، وذلك خلال حفل أقامته جمعية إعانة الأطفال المصابين بالسرطان بوهران بفندق الروايال، حيث قالت التلميذة قبة كنزة من غليزان أنها تحصلت على شهادة التعليم المتوسط بمعدل 14.33 رغم اكتشافها لإصابتها بالسرطان على مستوى الرقبة مع نهاية السنة المنصرمة، وخضوعها للعلاج ولعملية جراحية خلال تحضيرها لنيل الشهادة، ولا تزال تتابع وضعها الصحي، على مستوى مستشفى علاج السرطان بوهران،
من جهتها تعتبر التلميذة نورهان صنهاجي من سيدي بلعباس، نجاحها في شهادة التعليم المتوسط وإسعاد والديها حافزا للتحلي بالقوة والشجاعة لمجابهة مرض السرطان، الذي اكتشفت إصابتها به مع نهاية السنة المنصرمة، مردفة بأنها ستواصل دراستها رغم المعاناة الصحية وستختار شعبة الآداب في الطور الثانوي، ولا تختلف قصة التلميذة أماني لخضاري، مع المرض عن زميلتيها، اذ تأكدت إصابتها بسرطان الدم مع بداية السنة الجارية، ما أجبرها على التوقف عن الدراسة لتبدأ رحلة العلاج، لتعود لمقاعد الدراسة في الثلاثي الأخير، الذي كان كافيا بالنسبة لها لاستدراك ما فاتها من دروس وتحقق نجاحا باهرا في "البيام" متحصلة على معدل 16.42، وتطمح للمواصلة على نفس الدرب لتنال معدلا ممتازا في البكالوريا يؤهلها للاتحاق بكلية الطب.
السرطان حرمني من ساقي ولم يسرق حلمي بنيل الماستر
تفوقت فئة أخرى من محاربي السرطان في مستويات أعلى، حيث تعد سناء سجراري من محاربي السرطان الذين تغلبوا على المرض وحقق التميز في مسارهم الدراسي، بنيلها شهادة الماستر، تقول أنها أصيبت به في سن 13 عاما ما تسبب في تم بتر ساقها بعد سنة من المعاناة واضطرارها حينها لاجتياز شهادة التعليم المتوسط على الفراش بمستشفى السرطان الذي لم تغادره إلا عندما كانت في السنة الثانية ثانوي، وقتها بدأت حالتها الصحية تستقر، ونالت بعدها شهادة البكالوريا بمعدل 12 في شعبة تقني رياضيات، وتابعت تعليمها الجامعي في تخصص إدارة، مختتمة مشوارها الجامعي بنيل شهادة الماستر هذا الموسم، متحصلة على علامة 18 وتقدير ممتاز.
وعن موضوع مذكرة الماستر، فقد اختارت سناء موضوع ملفت وهو "أثر التحفيز على مردود الموظفين"، فعنصر التحفيز تراه عاملا مهما وجب غرسه في نفوس الآخرين وخاصة لدى الفئة العاملة، مختتمة حديثها للنصر بالتعبير عن استعدادها للتسجيل في طور الدكتوراه، ومواصلة علاجها، قائلة إن الإصابة بالمرض الخبيث شجعتها أكثر للمضي في طريق التفوق.
أما نصر الدين سعداوي، الذي أصيب بمرض السرطان على مستوى الكتف وهو في سن السابعة من العمر، فأنهى هذا الموسم مرحلة الليسانس بمعدل 17، ويتطلع لمواصلة الدراسة ونيل شهادة الماستر، قال للنصر بأن رحلته مع العلاج بدأت بعد اكتشاف المرض، وإجراء عملية جراحية مرجعا الفضل في متابعة وضعه ومراقبة مواعيد فحوصاتها التي يجريها سنويا لوالدته، مضيفا بأنه ورغم المعاناة إلا أنه ظل متمسكا بدراسته، وحقق نتائج لا بأس بها في شهادة التعليم المتوسط حيث نال معدل تجاوز 13 من عشرين، وكذا في شهادة الباكالوريا، حيث نجح بمعدل 12.52 من عشرين، أهله لمواصلة دراسته الجامعية في تخصص "ميكروبيولوجيا".
مراعاة الجانب النفسي ضروري لتدريس مرضى السرطان
وكان للأساتذة المشرفين على التلاميذ المرضى دوركبير في تحصيل نتائج جيدة، لاتباعهم طريقة خاصة في التدريس، تقول أستاذة لغة إنجليزية، أن هذه الفئة كانت تواجه صعوبات في إتباع الدروس، ما جعلها تنتهج أساليب مختلفة لتبسيط الفهم، مضيفة الصعوبات التي واجهتها كانت مع التلاميذ الذين اكتشفوا المرض حديثا لعدم تقبله بسهولة ما يؤثر على حياتهم ودراستهم، فيما أوضحت أستاذة رياضات أنه رغم تخوف عامة التلاميذ من هذه المادة، لم تجد إشكالا مع مرضى السرطان، وكان التعامل معهم بأريحية وبكل حب وصدق، وتفضل اعتماد أسلوب الشرح التدريجي للدروس لتسهيل الفهم، بينما أستاذة التاريخ والجغرافيا فقالت أن التلاميذ الذي درستهم هذا العام كانوا متقبلين للدراسة وللمادة أيضا، وأنها اختارت طريقة خاصة للتعامل معهم أثناء فترات العلاج، حيث كانت ترسل لهم الدروس لتشرحها لهم فيما بعد، حيث حرصت على التواصل الدائم معهم.
وأجمعت الأستاذات اللواتي تحدثن إليهن للنصر، أن تدريس التلاميذ العاديين يختلف عن المرضى، فالتلميذ المريض يتم تدريسه لوحده لإتاحة له الوقت الكافي لطرح الأسئلة، مع مراعاة حالته النفسية.
للإشارة فقد حضر الحفل، مدير التربية أوبلعيد عبد القادر وممثلة الصحة وأيضا ناشطين في أعمال خيرية وعلى رأسهم وحيد بن كنان، الذي يرافق هذه الفئة في كل الظروف.
بن ودان خيرة