الثلاثاء 9 سبتمبر 2025 الموافق لـ 16 ربيع الأول 1447
Accueil Top Pub

الرسالة النبوية توجهت لبناء الإنسان ومنظومته القيمية في ظل حضارة عالمية

حري بنا أن نتوقف في كل ذكرى ميلاد المصطفى صلى الله عليه وسلم من كل عام لنطرح سؤالا مهما لماذا يجب على البشرية أن تدرس سيرة النبي صلى الله عليه لتعرف الخبر وتستلهم العبر من السيرة والمسيرة لتقتفي الأثر في بناء الأمة وتشييد الحضارة لا أن تدخل في جدل جواز الاحتفال وعدم جواز فهذه مسالة خلافية لا ترفع إلى قيام الساعة فالخوض فيها من لغو الكلام.

فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كانت البشرية غارقة في جاهلية وموغلة في الكفر والإلحاد، ولم تكن بقعة من بقاع الأرض تعرف توحيدا ولا تحتكم لأخلاق و فضيلة، بل الظلم والتهارج و الاقتتال و الاستعباد وسيادة الرذيلة هم أبرز عناوين الحياة العامة للأمم والشعوب، والايغال في الماديات والإسراف في الإلحاد، وعبادة الأوثان والكواكب والنجوم حتى غدا للخير إله وللشر إله، وأسفار حضارات الأمم والشعوب قاطبة شاهدة على الانحراف والفساد، حتى أصحاب الديانات السماوية انحرفوا عن جادة الصواب فأصبحوا أقرب ما يكونون للكفر والزندقة منهم للإيمان، سوى ثلة من أولئك الذين أطلق عليهم الحنفاء ورغم تمسكهم بالتوحيد والملة الحنفية السمحة بقايا شريعة إبراهيم عليه السلام إلا أنهم لم يكونوا ليحدثوا تغييرا ولا ينكروا واقعا أليما، بل كل ما يسعون إليه النجاة بالنفس والاعتزال في الفيافي والقفار، وأما جزيرة العرب فأمة همل لا يلتفت إليها ملتفت، ولا يطمع فيها طامع سوى بعض الأجزاء في كل من الشام والعراق، المناذرة والغساسنة فكانوا تبعا للروم أو الفرس لا يملكون قرارا و لا يصنعون حدثا إلا بإذن من سودوهم وملكوهم، كما عششت فيهم الخرافة وحكمتهم الأساطير، وألغي دور العقل، لقد فقدت البشرية بوصلة الاتصال بالسماء حتى لجأت إلى ملاذ آخر وهم الكهنة لصلتهم بالجن كآخر همزة وصل بين الأرض والسماء على حد زعم الكهنة، وهذا ما حدى بالجن أن تقول (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا). ويمكننا القول إن الرسالة التي جاء بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم تتمثل في:
(أولا): صناعة الإنسان الرسالي: يحمل رسالة الاستحلاف وعمارة الأرض في ظل العبودية الحقة لله تبارك وتعالى مصدقا لقوله تعالى: [وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً]. وعن عمارة الأرض قوله تعالى: [واستعمركم فيها]. وعن العبادة فقوله تعالى: [وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون]، فكل تعمير وبناء للأرض خارج هذه الثلاثية فليس باستخلاف ولا إعمار، لأنه خال من الروح فلا يسمى حضارة.
(ثانيا): بناء منظومة القيم والأخلاق: لا قيمة للإنسان مالم يتحل بمنظومة خلقية متكاملة ،ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في بيان الهدف من البعثة الشريفة [إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق]، فبالأخلاق الحميدة انتشر الإسلام وساد المسلمون وتصدروا المشهد الحضاري العالمي، و تبؤوا الصدارة في قيادة الأمم والشعوب وهذا لما كانت الأخلاق سلوكا وممارسة لا تنظيرا وفكرا فحسب، ولقد قال الصحابة عن البعد الأخلاقي في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفرغنا ثم يملؤنا} يفرغهم من جميع المفاهيم الخاطئة والأخلاق السيئة ويملؤهم قيما حضارية وأخلاقا فاضلة عالية
(ثالثا): تصحيح العقائد والتصورات عن عالم الغيب: وهو حجر الزاوية في بناء شخصية الإنسان المسلم حيث كان الاضطراب العقدي وتشوه النظرة الإنسانية للذات الإلهية والملائكة واليوم الآخر وعالم الغيب عموما السمة الغالبة للإنسان فاليهود قالوا عزير ابن الله والنصارى قالوا عيسى ابن الله والأمم الأخرى عبدوا آلهة شتى وتعددت الآلهة عند العرب وتكاثرت الأوثان حتى أصبح لكل قبيلة صنم تعبده فجاءت رسالة الإسلام بقيمة التوحيد التي تقر بوحدانية الله الفرد الصمد بعيدا عن التشبيه والتعطيل الكامل في صفاته وأفعاله تبارك وتعالى: {ليس كمثله شيء} وهو يَخلُق ولا يُخلَق ليس له شبيه ولا نظير لم يلد ولم يولد.
(رابعا): غرس الإيجابية وبناء الحضارة: ورابع مهمة جاء بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الإيجابية والانطلاق في إعمار الأرض وتشييد الحضارة في ظل إعمال السنن الإلهية في البشر أفراد وجماعات ودولا وانطلاقا من مبدا التعاون الحضاري وفقه التجاور مع الآخر عملا بقول الحق تبارك وتعالى: {لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ}. ولقد أنطلق المسلمون بعد رسول الله تعالى وفق هذه النظرة الاستشرافية فأسسوا حضارة شهد لها العدو قبل الصديق والغريب قبل القريب وساسوا أمما وشعوبا من حضارات شتى أذعنوا لدولة الإسلام بالولاء والطاعة في ظل رعاية الحقوق الشخصية لهذه الشعوب ولو كانت غير مسلمة.
واليوم؛ والأمة تشهد تحولا جذريا في التعاطي معها وخاصة في ظل طوفان الأقصى المبارك ومشروع الشرق الوسط الجديد والخطط المقترحة حول غزة خصوصا والعالم الإسلامي عموما؛ هل تكون ذكرى ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ميلادا للأمة الإسلامية في ألفيتها الثالثة تنتهي فيها الهيمنة الغربية والغول الصهيوني في المنطقة وتستأنف مشروعها الحضاري متعايشة بسلام وأمان مع الأمم الشعوب مؤثرة ومتأثرة فاعلة في الحدث الإنساني مساهمة إسهاما كبيرا في بناء الإنسان الخليفة.

من تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
المولد النبوي الشريف أحد الأعياد الإسلامية التي يحتفل به معظم المسلمين، وقد ولدنا وترعرعنا على حب الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى إحياء ذكراه، وفرحنا ونحن صغارا، وتألمنا ونحن كبارا بعدما تعلمنا وفهمنا كنه الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وعشنا وعايشنا، ولاحظنا ولمسنا وجربنا، وحان لنا نحن معشر المتعلمين أن ندلي برأينا ـ المستند إلى مرجعية القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، وتراث الأمة الحضاري ـ
فلم يحتفل بالمولد النبوي الشريف على امتداد السبعة قرون الأولى للهجرة، أي خلال عصور نشر الدعوة الإسلامية على نطاق واسع، وإبان فترة الازدهار الحضاري العربي الإسلامي، وزمن قيادة الأمة الإسلامية لأمم الأرض في القارات الثلاث آسيا، وإفريقيا وأوروبا «القديمة «بأساليب وطرق مباشرة، وغير مباشرة، حتى إذا أظلمت على الأمة بسُحب كثيفة متتالية سحب الصليبيين من الغرب، والتتر المغول من الشرق، والتفكك والجهل الذي أصاب الأمة من الداخل، وزادتها تعميقا بداية الاكتشافات الجغرافية، وتحول الطرق التجارية حيث فقدت الأمة أهم مورد اقتصادي لها فجأة، ولم تبحث عن بديل إبان هذا التحول، كما زاد ذلك تقاعس الأمة وحكامها في المدافعة، فأخذ على عاتقهم ثلة من القادة، وفي مقدمتهم علماء الأمة زمام الذود عن الحياض، والدفاع عن العرض، وعن حرية الأوطان واستقلالها، كان ذلك المنطلق من غرب العالم الإسلامي، ومن بلاد المغرب الإسلامي، فعملوا على إحداث الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وإذا زرعت هذه النبتة في بلاد الغرب الإسلامي فإنها أينعت حسب ما هو ثابت في المشرق، في بلاد صلاح الدين الأيوبي. بلاد الأكراد حماة الدين والديار، في كردستان العراق وحاضرته مدينة أربيل أو أربل، وفي الوقت نفسه، بالغرب الإسلامي آل على أنفسهم بعض العلماء منهم آل العز ـ على نمو بذرة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في الغرب الإسلامي معتبرين ذلك أحد العوامل الحاسمة لتحريك روح المدافعة في المسلمين، وحكامهم وقادتهم، فكان للزهاد والمتصوفة باع في إرساء قواعد الاحتفالية المولدية، ولم يتخلف بعض الحكام عن الركب الذي أصبح يتقرر فيه مصيرهم، وعملوا على تطوير تقاليده شحنا للهمم، وإذكاء لنخوة العزة والكرامة، فأسهموا بدورهم في ترسيم الاحتفالية وتوطينها، وأقر ذلك الفقهاء والعلماء، ولم يختلفوا فيها إلا قليلا لأنهم رأوا الطريق الأسلم لعزة الأمة.
ويعتقد أن الذين استنكروه لم يقدروا ظروف التحول العالمي الخطير، وكانت أوطانهم بعيدة نسبيا عن خطر الغزو المباشر، وعن نار الحروب، فظلوا متمسكين بما كان عليه السلف، ولم يحاولوا التجديد لأن الظروف تبدلت والمعطيات تغيرت، وموازين القوى اختلت، ولم تجبرهم الظروف على توظيف القلم والكلمة، والإشراقات في منارة الإسلام ودولته لأجل إيجاد وسائل وطرق جديدة ومتجددة لاستنهاض الأمة من خمولها، والأخذ بيدها في مقاومة الغزو الخارجي المبني على التطور العلمي والفكري، والانحطاط الداخلي، والعمل على دفع قوى الأمة في سبيل التنمية والتطور، والتأسيس لمرحلة جديدة سمتها العطاء وليس الأخذ؛ قال الرسول صلى الله عليه وسلم:» إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَة سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا»، وتأصيلها لأن الإسلام كمنهج حياة يتجدد بمفاهيمنا المعتمدة على الوسائل الحديثة والمستحدثة، وهو ما يعنيه الحديث النبوي الشريف.

وجهها 200 عالم من 50 دولة منهم جزائريون
دعوة إلى تخصيص 50% من الزكاة لغزة
دعا 200 عالم من 50 دولة، منهم جزائريون –في بيان لهم-إلى تخصيص ما لا يقل عن 50% من زكاة العام القادم لدعم غزة، وإنشاء صندوق وقفي ودعوا رجال الأعمال والمؤسسات الاقتصادية والمالية وكل مقتدر في العالم الإسلامي لتخصيص ما لا يقل عن 2% من أرباحهم السنوية لدعم جهود الإغاثة والتنمية في غزة، عبر آليات قانونية وشفافة
وفي مؤتمر عالمي إسلامي انعقد في إسطنبول بعنوان «غزة مسؤولية إسلامية وإنسانية»، بدعوة من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وبالتعاون مع وقف علماء الإسلام في تركيا، واختُتم نهاية الأسبوع الماضي بـ “إعلان إسطنبول» الذي نص على تأسيس تحالف عالمي حقوقي وبرلماني، لإيقاف المجازر الصهيونية أكد المشاركون على على حق الشعب الفلسطيني في جميع أشكال المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني، ودعوا إلى كسر الحصار المفروض على غزة، وفتح جميع المعابر، والقطع الشامل لجميع أشكال العلاقات مع الكيان الصهيوني المحتل مؤكدين على ضرورة تفعيل قرارات محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.

صدى المنابر
في ذكرى المولد النبوي
إخوة الإيمان: تحدث الوجود عن مولده صلى الله عليه وسلم وأشرقت الأرض بظهوره واستنار الكون بضيائه واستبشر العالم بقدومه فجاء لإحياء الإنسانية وإخراجها من الظلمات إلى النور ومن الضلال إلى الهدى فهو البشير النذير والسراج المنير وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين ,لقد كانت ولادته صلى الله عليه وسلم ولادة خير وميلادا للفضائل والمكارم والأخلاق نال الحفاوة الكاملة والاحتفاء التام من ربه حين مدحه فقال: ((وإنك لعلى خلق عظيم)) وحينما قال عن نفسه صلى الله عليه وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)
عباد الله: إن عظمة النبي صلى الله عليه وسلم خالدة بخلود آثارها تنمو وتمتد لتنهض بالأمة الإسلامية من كبوتها وغفلتها إلى تحقيق الرقي والتقدم في الحياة وبناء الحضارة بجميع مقوماتها وخصائصها وهداية الإنسان إلى الطريق الأقوم في عقيد ته وخلقه وفي نظم حياته وروابطه وفي علاقته بهذا الكون أرضه وسمائه وفي نظامه مع إخوانه بني الإنسان وفي عمارة الدنيا وأمنها واستقرارها
فيا أحباب رسول الله خذوا من نور نبيكم لتنوير قلوبكم وتنوير أفكاركم وتنوير حياتكم وتنوير أسركم وتنوير مجتمعكم وتنوير وطنكم قال تعالى: ((قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين)) فاجعلوا عباد الله من هذا النور أقلاما تفتح القلوب وتحي الضمائر وترسم خطوط الآفاق في هذه الحياة.
الشيخ محمد كرمة إمام المسجد القطب تيارت وأمين المجلس العلمي

آخر الأخبار

Articles Side Pub-new
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com