دعا أساتذة وباحثون وأئمة وشيوخ زوايا إلى رصد الأفكار الهدامة المهددة للسلامة الاجتماعية وأخذ الحيطة والحذر من المعلومات المضللة عبر مختلف الوسائط الاجتماعية و إلى ضرورة إشاعة المظاهر الأخلاقية الإيجابية المنتشرة في المجتمع والتركيز عليها، محذرين من مخاطر الإدمان على البلاد والعباد.
وفي توصيات تليت مساء الأربعاء إلى الخميس توجت ثلاثة أيام من أشغال الأسبوع الوطني ال27 للقرآن الكريم ببومرداس المتزامن مع اليوم الوطني للإمام، بادرت إلى تنظيمه وزارة الشؤون الدينية والأوقاف ، دعوا إلى التعاون والتنسيق مع مختلف المخابر والمراكز البحثية المتخصصة على رصد مختلف الأفكار الهدامة المهددة للتماسك الاجتماعي ولحمته المتربصة بمجتمعنا ووضع خطط استراتيجية للوقاية منها، مستعينين بالدراسات المتخصصة في الموضوع لاسيما الدراسات القرآنية. وأكدوا على ضرورة أخذ الحيطة والحذر من المعلومات المضللة والاختراقات السيبيرانية والإشاعات المغرضة المنتشرة عبر مختلف الوسائط والفضاءات الإعلامية مجهولة المصدر، التي تعمل على زرع الفرقة وإثارة الفتن.
المشاركون الذين أشادوا باختيار موضوع الملتقى حول التماسك المجتمعي ووحدته وترابط عراه وتعزيز لحمته في ظل القيم القرآنية الراشدة والملهمة وثمنوا إشراك مختلف القطاعات الوزارية و المؤسسات الرسمية في تأطير مداخلاته بما يؤكد على أن التماسك الاجتماعي وتعزيز اللحمة الوطنية، هي مسؤولية مشتركة بين الجميع، ونوهوا بدور بشيوخ الزوايا و المرشدات في تقوية أواصر الأخوة و زرع المحبة بين أفراد المجتمع وفئاته ونشر الوعي المجتمعي بخطورة الفرقة والتشرذم والكراهية وحثهم على مواصلة العناية بهذا الموضوع.
كما دعوا إلى تعاضد عمل جميع الفاعلين على زيادة الوعي بأهمية الوعي المجتمعي وجعله في أولى الأولويات والعمل على التنسيق الدؤوب بين مختلف المؤسسات الرسمية والمجتمعية لأجل ربط الشباب برسالة الشهداء وبحب الوطن وغرس قيم العلم والعمل والتضحية والفداء
وتم التأكيد في التوصيات على أهمية التنشئة الأسرية في غرس قيم المحبة والأخوة وإشاعة المظاهر الأخلاقية الإيجابية المنتشرة في المجتمع والتركيز عليها، محذرين من مخاطر الإدمان بمختلف أنواعه لاسيما المهلوسات والمخدرات لما لها من أثر هدام وخطير جدا على الأسرة والمجتمع ولما تشكله من تحد استراتيجي للحفاظ على أمن البلاد والعباد. ع/خ
عشية يومه الدولي
تقويض السلام جريمة دولية ينبغي التصدي لها
يحتفي غدا العالم باليوم الدولي للسلام في مبادرة سنوية تستهدف تذكير البشرية بأن الأصل في العلاقات الإنسانية هو السلم وأن الحرب حالة طارئة في حياة الشعوب والأمم؛ لأن السلم قرينا للحياة و وسيلتها، والحرب نقيض الحياة ومقوضها، فتقويضه جريمة ضد السلم العالمي وهي من الجرائم الدولية تنأى الشرائع الدينية والوضعية والفطر السوية والعقول السليمة بنفسها أن تعطيها شرعية أو تنخرط فيها، لكن السلم في الوضع الراهن يقوض على مرأى البشرية ومؤسساتها الدولية، التي ما فتئت عاجزة عن تحقيقه وفرضه، لاسيما في فلسطين حيث التعنت الصهيوني الذي انتهك كل الشرائع والأعراف وداس على كل القيم متجاوزا حدود الفطرة ونداءات العقل وضمير الإنسانية، وهو يدمر كل ما بنته البشرية في العقود الأخيرة واشتغلت عليه في هذا المجال.
والدين الإسلامي من خلال مصادره الأساسية وفقهه الواسع ظل يدعو للسلم ويحث عليه باعتباره حالة طبيعية ينبغي أن ينضوي تحت مظلتها الجميع، ثم يترك الأمر بعد ذلك لتدافع الأديان والأفكار والمذاهب وتنافس الأمم في إطار سلمي تحقيقا لسعادة الإنسان ووقفا لاستغلاله وبيانا لرسالته في هذه الحياة، دون إكراه أو ضغط أو تخويف؛ والسلم الذي دعا إليه القرآن يكون سلما اجتماعيا بينيا كما في قوله الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ [البقرة: 208]. أو سلما مع باقي الأمم إن التزمت به كما في قوله تعالى: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ * وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 60، 62[ـ وقد ابتدأت هذه الآيات الداعية للسلم بالأمر بإعداد القوة وهي إشارة إلى أن السلم قد يفرض بالقوة وقد تحميه القوة؛ لاسيما إن كان سلما مبنيا على اتفاق مع من ديدنهم الغدر
فالمسلم لا يدعو إلى السلم ويقبل به على سبيل الخوف لأن ذلك منهي عنه في قوله تعالى: ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾[ محمد: 35]، قال المفسرون المعنى: (فلا تضعفوا عن قتال الكافرين ، ولا تدعوهم إلى الصلح والمسالمة على سبيل الخوف منهم ، وإظهار العجز أمامهم ، فإن ذلك نوع من إعطاء الدنية التى تأباها تعاليم دينكم )، فالسلام يفرض ويحمى بالقوة على من طبعه الغدر.
واستنادا لوسائط إعلامية فإن اليونيسكو تحتفي في اليوم الدولي للسلام هذا العام بقدرة التضامن العالمي على بناء عالم مستدام يعمه السلام، ولم تكن هذه المسألة على هذا القدر من الأهمية قط، إذ أصبحنا نواجه تحديات غير مسبوقة، فقد نشأت قوى جديدة تسعى إلى دق إسفين الانقسام ونشر الكراهية والتعصب.
و قد جعلت الأمم المتحدة شعار عام 2025: «اعملوا الآن من أجل عالم يسوده السلام» وهو ما يقتضي تسخير كل التشريعات و المؤسسات و الهيئات الدولية لفرض السلام و المحافظة على حقوق الأفراد و الجماعات والشعوب في حياتها و كرامتها وتقرير مصيرها. ع/خلفة
القـــــراءة أمانـــــــــــــــة
إن الإنسان مدعو إلى استعمال العقل، والتفكير في خلق الكون بل الأكوان قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾، آل عمران، 190، 191. وقال في السياق نفسه جل جلاله: ) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِم ۗ مَّا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ(، الروم، 8، ذلك أن الإنسان ميزه الله بالتكليف عندما أعطاه العقل من خلال ما جاء في القرآن العظيم، خاصة خطاب العقل والفكر، وتذكيره بالرشد والبصر، وهي وسائل ملكيات التمييز في مصطلحات الأوائل والأواخر( انظر: العقاد عباس محمود، الإنسان في القرآن الكريم، بيروت: منشورات المكتبة العصرية، د ت، 21 )، ويضيف العقاد أن الإنسان الكائن الناطق أهله الله سبحانه لتحمل أمانة التكليف، ومادام مكلفا، وتحمل أمانة السموات والأرض التي لم تستطع تحملها . قال جل جلاله: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (، الأحزاب، 72.
ومن هذه الأمانة أمانة العلم، وأمانة العمل، ويجب على الإنسان أن يعلم علم اليقين إذا لم يتعلم بعمق فهو خائن أمانة الله، وإذا لم يعمل بإتقان فهو خائن أمانة خالقه ومكرمه، وفي هذا يكون الخطاب الإرشادي التوجيهي التوعوي في مؤسساتنا الإسلامية و التربوية وغ يرهما، لاسيما ونحن أمة اقرأ وللأسف معظمنا لا يقرأ وإذا قرأ لا يستوعب، ولا يفهم؟ وبعضنا لا يعمل و إذا عمل يغش و لا يتقن فيما يزرعه ويصنعه؟ فبعض مدننا لا تجد فيها من المكتبات التجارية إلا القليل! وينسحب هذا على معظم مدن وطننا الصغير و الكبير؟ أما المكتبات العمومية لاسيما التابعة للمؤسسات التعليمية و الجامعية، و الثقافية فتجدها في بعض الأحيان خاوية على عروشها إلا أيام الامتحان؟!
هنا مكمن الداء، الفكري والعلمي لدى الإنسان؟ وهل يمكن أن تحدث تنمية بدون الإنسان و للإنسان؟ و حيث أن العلاقة الأونطولوجية (الوجودية) بين الله بوصفه المصدر الجوهري للوجود الإنساني، و بوصفه ممثلا للعالم أي علاقة الخالق بالمخلوق الذي بيده كل شيء يديره، و الإنسان خليفته، وعليه عبء تطبيق أوامره ونواهيه، وأداء أمانة التكليف منها طلب العلم الذي يميزه كفرض، عن المخلوقات فيكون في أعلى الدرجات، وأحسن تقويم، وإذا خالف أرتد إلى أسفل سافلين ( انظر، توشيهيكو إيزوتسو ( الياباني)، الله والإنسان في القرآن – علاقة دلالة الرؤية القرآنية للعالم، ت.هلال محمد الجهاد، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2007 ، ص، 130)
وهو ما ميز الله به الإنسان و جعله تجاه التكليف، و اتباع الشرائع، وتلك خصيصة الإنسان التي ارتكزت عليها مدنيته وانتظمت جماعاته، (انظر، الشعراوي محمد متولي، تفسير وخواطر الإمام ، القاهرة: دار النور للطباعة والنشر والتوزيع،؛ ودار الإسلام للنشر والتوزيع، 2010، 19/356 )، وبهذا حُمل الإنسان ما لم يحمل غيره من المخلوقات مع منحه حرية الاختيار ومحاسبته على اختياره. قال جل جلاله: ((إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا) (، الإنسان، 3 وقوله أيضا: )وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (، البلد،10.
وعلى الإنسان أن يطلب العلم مدة حياته، وأن يعمل طول عمره، فالأعمار محدودة جدا فلا عطلة ولا تعطيل، وأن حكم الصلاة الواجبة على الإنسان المسلم حتى وهو على فراش المرض وربما الموت، فينبغي أن يُنزل على الإنسان في العلم والعمل.
صدى المنابر
ينبغي تذكير أبنائنا بفضل طلب العلم
عباد الله نعيش هذه الأيام نفحات ربيع الأنوار، شهر ميلاد سيد الأبرار صلى الله عليه وسلم، الذي أرسله الله رحمة وهداية، قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ ويصادف هذا الحدث المبارك بداية عام دراسي جديد، يجتمع فيه نور الرسالة المحمدية مع نور العلم والتعلم، لنبني أجيالا صالحة، تعبد ربها، وتحب نبيها، وتخدم وطنها. عباد الله، إن أعظم ما يُغرس في القلوب هو محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فهي أصل الإيمان وأساس النجاة، قال تعالى:﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾ وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين) فلنغرس في قلوب أبنائنا هذه المحبة الصادقة، ولنربطهم بذكر الله وتلاوة كتابه، قال تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ ومن شبَّ على حب الله ورسوله، عاش مطمئنا، ومات سعيدا، وبُعث مع الذين أنعم الله عليهم.
عباد الله ومع انطلاقة العام الدراسي، علينا أن نذكّر أبناءنا بفضل طلب العلم، فالعلم نور، والجهل ظلام، وقد رفع الله مكانة العلماء، فقال سبحانه: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سلك طريقًا يلتمس فيه علما، سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة) فليستغل أبناؤنا هذه الفرصة، وليجعلوا نيتهم في طلب العلم خالصة لله، وليعلموا أن الأمة لا تنهض إلا بسواعد العلماء والمخلصين. عباد الله وإن من أعظم الواجبات في هذا السياق، مسؤولية الأولياء تجاه أبنائهم، فهم أمانة بين أيديهم. قال صلى الله عليه وسلم: (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم) فليحرص الآباء والأمهات على تربية أبنائهم تربية صالحة، ومرافقتهم سلوكيا وأخلاقيا، فإن غرس القيم في النفوس في الصغر، أثبت في الكبر. وزارة الشؤون الدينية