السبت 27 سبتمبر 2025 الموافق لـ 4 ربيع الثاني 1447
Accueil Top Pub

التضامــــن المدرســــي عبـــادة

شهد وطننا الحبيب يوم الأحد الماضي دخولا اجتماعيا حيث التحق ملايين التلاميذ والطلبة في مختلف الأطوار من الابتدائي إلى المتوسط ومرحلة الثانوي والتعليم الجامعي بمقاعد الدراسة والتحصيل العلمي والتحصين التربوي وهذا ما يجعلنا نقف عنذ هذا الحدث لنستلهم العبر والعظات ومنها:

(أولا): العلم صمام أمان الأمة الإسلامية من كل الغوائل التي تتهددها، والتحديات التي تواجهها وهو سبيل نهضتها وطريق عزتها. فبالعلم تبنى الأوطان، وتساس الدول، وتشاد الحضارات وتكتسب الريادة والسيادة ويحدث الشهود الحضاري المؤدي إلى التعاون الحضاري بين الأمة الإسلامية ومختلف الأمم والشعوب،إذ بالعلم يحصل التأثر والتأثير بكل ما هو نافع صالح، وهذه البديهية المسلمة دعت إليها النصوص القطعية الصريحة الصحيحة فكان أول ما نزل على نبينا صلى الله عليه وسلم قول الحق تبارك وتعالى {اقرأ} كما جاءت الأحاديث النبوية متواترة وآحاد متظافرة على تقديس العلم وإنزاله منزلة القلب من الجسد في وعي الأمة، كما أن الشواهد التاريخية في مسيرة الحضارة الإسلامية عبر حقب التاريخ شاهدة على ذلك.
(ثانيا): إن الأجيال التي وضعها الآباء والأمهات بين أيدي أساتذتهم أمانة عظمى فعقلوهم وسلوكهم وطبائعهم وتربيتهم ـ وهم المادة الخام والأوراق البيضاء الناصعة البياض والعجينة اللينة القابلة للتشكل أمانة استأمن الله تعالى عليها أولئك المربين والمربيات يتحملون مسؤولية كبرى على ما يغرسونه من قيم وما يلقنونه من علوم ومعارف لهذا الجيل ولقد قال صلى الله عليه وسلم: {لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له}. فليتق الله المعلمون والأساتذة فأنهم مستأمنون على ذلك وليستشعروا المسؤولية أمام الله تبارك وتعالى: وليتذكروا حديث النبي صلى الله عليه وسلم: {كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته} وقول النبي صلى الله عليه وسلم:{ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة}.
(ثالثا)التكافل والتراحم والتضامن من أجل دفع العملية التعليمية قدما: مما هو مقرر شرعا أن الأمة الإسلامية هي أمة واحدة ويجب عليها التناصر والتعاون والتكافل والتراحم مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم {مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر}.كما دعا القرآن الكريم أفراد المجتمع المسلم إلى التعاون والتآزرعند ما تدلهم الخطوب،وتحدث النوائب وتحل بدارهم الرزايا والمصائب وتنزل بساحتهم الجوائح، وما شرع النظام المالي في الإسلام إلا ليحقق مقصد التكافل والتعاون بين أبناء الأمة المسلمة،ورغم أننا في جزائرنا الحبيبة ومنذ مطلع الاستقلال ونحن ننعم بمجانية التعليم ليتمكن أبناء الشعب جميعا من حق التعليم الذي هو أحد أكبر حقوق الإنسان ـ الحق في التعلم ـ إلا أن الفقر والفاقة والعوز والفقدان المعيل أحيانا يقف حاجزا ومانعا من مواصلة بعض أبناء الفقراء لمسيرتهم التعليمية وهذا ما حدى بالخيرين في هذا البلد لتوفير جميع مستلزمات مواصلة التمدرس، ولقد نفع الله من خلال هذه العملية التكافلية التراحمية امتنا ووطننا بطاقات وقامات علمية في مختلف التخصصات كاد أن يمنعهم العوز من التعلم وتحرم الأمة من كفاءاتهم. ومن هنا فإن ما نشهده من هبة تعاونية لتوفير الحقيبة المدرسية للتلاميذ المعوزين يدخل في إطار قواعد وإجراءات من قبيل:
(1)التعاون على البر والتقوى وهو من أكبر مقاصد الشرع
(2) العبادة المتعدية النفع أعظم عند الله من العبادة القاصرة على صاحبها.
(3) تحقيق التراحم والتكافل بين أبناء المجتمع المسلم
(4)يجوز إخراج ذلك من الزكاة لأنه يندرج تحت سهم في سبيل الله والتعليم من أعظم سبل الله تعالى، وإلا فيندرج تحت سهم الفقراء والمساكين، وإن كانوا يتامى فيندرج ذلك في كفالة اليتيم ويتحقق بذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:{أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة}
(5): الأغنياء مدعوون إلى الانفاق في سبيل الله في سد خلة المحتاجين
(6): يجوز وقف المال لشراء ما تتحصل به العملية التعليمية، ولقد شهدت حضارتنا الإسلامية في مختلف حقبها التاريخية الوقف التعليمي والذي من خلاله شيدت أمتنا حضارة إسلامية انعكس شعاعها الحضاري على الغرب وانتفعت أوروبا بخيرها ونفعها.
(7) لا شك أن الحاجة كبيرة ويجب أن يتعاون جميع الخيرين من وزارة التضامن إلى وزارة الشؤون الدينية من خلال سبل الخيرات ـ وقد شهدنا ذلك ولله الحمد والمنة ـ مع الخيرين من باقي مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية قاصدين وجه الله تعالى مخلصين له الدين حنفاء وهذا لا يمنع ترشيد العطاء وحوكمة العمل الخيري حتى لا تتسرب إليه شائبة فساد حتى على مستوى المعوزين، فيستفيد شخص أكثر من مرة ويمنع الحياء والعفة آخرين من الاستفادة.
أجـر تجهيز طالب العلم كــأجر تجهيز المجاهد
إن تجهيز طالب العلم من قبل أهله أو دولته أو من قبل المحسنين من مجتمعه لا يقل أجرا عن تجهيز المجاهد في سبيل الله تعالى عندما يكون الجهاد فرض كفاية؛ لأن العلم واجب وتحصل به مصالح ضرورية وحاجية للفرد وأمته في دينها ودنياها فلا يتأتى لها الظفر بسعادة الدارين إلا بالعلم، و قد ورد عن رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قوله: (مَن خرَج في طَلَبِ العِلمِ، كان في سَبيلِ اللَّهِ حَتَّى يرجِعَ).رواهُ الترْمِذيُّ (حَسن.) ولذلك أوجب الله تعالى أن تنفر طائفة فقط من الأمة للجهاد ويبقى الآخرون للتفقه في الدين، وقد ورد عن ابن عابدين (أنه تلزم على المسلمين كفاية طالب العلم إذا خرج للطلب؛ حتى لو امتنعوا عن كفايته يجبرون كما يجبرون في دين الزكاة إذا امتنعوا عن أدائها). بل قد يكون الإنفاق على العلم أهم إن لم يكن الجهاد فرض عين، وفي هذا العصر أصبح العلم سلاحا قويا للجهاد في ظل التطور التكنولوجي.
ع/خ

الوحــــــــــدة قــــــــــــوة
إن الوحدة من أهم الموضوعات التي طرحت وتطرح على الأمتين العربية والإسلامية، حيث لا توجد سيادة أمة دون وحدة، ودون حرية، ودون عمل وإنتاج؛ والأمة الخيرة هي التي تأمر بالمعروف، فطلب العلم معروف، والعمل معروف، والإنتاج معروف، وإقامة العدل معروف، وتنهي عن المنكر، وعن الكسل والتقاعس، والتهاون، والتفريط، وعدم أخذ العلم والمعرفة، والقعود عن العمل وعدم تواصله وإتقانه، والغش فيه، وعدم بذل الجهد الفكري والعضلي.
كل هذا يعد منكرا يجب النهي فيه، والنهي عن المنكر يكون بثلاثة أساليب ووسائل في الوقت نفسه، وفي حديث الرسول محمدصلى الله عليه وسلم الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه في الحديث الذي يرويه أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-أنه قال: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: (مَن رَأَى مِنكُم مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيَدِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وذلكَ أضْعَفُ الإيمانِ)، وباعتبار أن أمة الإسلام أمة الخيرية. أمة تأمر بعمل الخير، وتنهى عن الشر. قال جل جلاله: ((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ باللهِِ)).آل عمران 110؛ وقال: ((ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون))آل عمران، 104؛ وحيث أن الفعل يقرن بالقول، فيكون سابقا له أو لاحقا، وكما ورد في الآثار «ما وقر في القلب وصدقه العمل»، والإنكار بالقلب صفة من صفات العجز.
إن الكثرة تغلب القوة مهما كان نوع القوة وحجمها إذا كانت موحدة ومتراصة كالبنيان يشد بعضه بعضا، وعلى قلب رجل واحد بنسبة مرتفعة تقارب 90 % فلابد من مراعاة النسبة في هذه الأمور: فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [المؤمن لِلْمؤْمن كالبُنْيان يَشُدُّ بَعْضُه بَعْضا، ثُمَّ شَبّك بين أَصابعه] رواه البخاري.
والوحدة تقابلها الفرقة لذلك نبهنا خالقنا جل جلاله العارف بطباع خلقه حيث أن الأمة التي تفرق أفرادها شيعا تضعف قوتها، وتنهار هيبتها، مثل ما هو حادث اليوم فيما يخص الأمتين العربية، والإسلامية أمام الغرب الاستدماري بقيادة أمريكا وذراعه الكيان المصطنع مغتصب أرض فلسطين، ومجمع الأنبياء والرسل، ومسرى الرسول محمدصلى الله عليه وسلم ومعراجه، وأرض الأنبياء والرسل، حيث ينتصب القدس الشريف والمسجد الأقصى، وقبة الصخرة رموز أصالة الأمتين العربية والإسلامية قال تعالى:((وَاعْتَصِمُوا بـِحَبْلِ اللهِ جَمِيْعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا))[آل عمران/102-103]؛ وقال عز وجل:((وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ))[المؤمنون 52 ].

صدى المـنابر
للـصحة ارتباط وثيق بالتحصيل العــلمي
أيها الأحبة، الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الصحة والفراغ من أعظم نعم الله على عباده فقال: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ» (رواه البخاري)فالمؤمن العاقل يستغل هذه النعمة في طاعة الله، وفي طلب العلم، وفي خدمة نفسه وأهله ومجتمعه، ومن فرّط في صحته فقد فرّط في رأس ماله، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير) (رواه مسلم)والمراد بالقوة قوة الإيمان والعقيدة، وقوة البدن والجسد، وقوة العقل والفكر، وقوة الإرادة والعزيمة.إن الله يحب أن يرى من عبده المؤمن نشاطاً وحيوية، لا كسلاً ولا خمولا، لأن المؤمن القوي أنفع لأهله وأصلح لمجتمعه وأمته.
أيها الأحبة، لا يخفى على أحد أن شباب الأمة وتلاميذها وطلابها هم عماد مستقبلها، بهم تبنى الأوطان، وعليهم تُعلّق الآمال، لكن هذا المستقبل المشرق لا يتحقق إلا إذا كانت صحتهم سليمة، وأبدانهم قوية، ونفوسهم مطمئنة، وعقولهم واعية، لذلك وجب على الأولياء والتلاميذ معاً أن يعتنوا بتنظيم أوقاتهم بين الدراسة والراحة والعبادة، وأن يوازنوا بين حقوق الجسد وحقوق الروح وحقوق العقل، فالمؤمن الحق لا يُفرّط في واجباته الدينية بحجة الدراسة، ولا يُهمل دراسته بحجة العبادة، وإنما يعطي لكل ذي حق حقه. قال تعالى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾.
أيها الأحبة، لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يهتم بصحته وصحة أصحابه، فقد سابق زوجته عائشة رضي الله عنها، فتارة تسبقه وتارة يسبقها (رواه أحمد وأبو داود)، وكان يحث على السباحة والرماية وركوب الخيل، فقال: «كل شيء ليس من ذكر الله فهو لهو أو سهو إلا أربع: ملاعبة الرجل امرأته، وتأديبه فرسه، ومشيه بين الغرضين (أي: في الرمي)، وتعليم السباحة» رواه النسائي، وكان صلى الله عليه وسلم معتدلاً في طعامه وشرابه، فقال: « ما ملأ آدمي وعاءً شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه» رواه الترمذي.فمنهج النبي صلى الله عليه وسلم هو الاعتدال والوسطية، لا إسراف ولا تضييع. وهذا درس عظيم لأبنائنا وتلامذتنا في الاهتمام بالغذاء الصحي والرياضة، والابتعاد عن التدخين والمخدرات وكل المفسدات. قال تعالى:﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأعراف:31].
عباد الله من أراد صحةً وعافيةً فليجعل طعامه معتدلاً، وليجتنب التخمة، وليحرص على الأطعمة النافعة، ولا يغفل عن الرياضة التي تقوّي البدن وتنشّط الدورة الدموية وتزيد في القدرة على التحصيل العلمي. أما التدخين والمخدرات والمسكرات وكل المفسدات، فهي سموم قاتلة، ومدخل للشيطان، ومضيعة للصحة والدين والمال والعقل. وقال سبحانه:﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة:90].
وزارة الشؤون الدينية

آخر الأخبار

Articles Side Pub-new
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com