قالت المتوجتان بالمرتبة الثالثة لجائزة رئيس الجمهورية للباحث المبتكر في طبعتها الأولى، نرجس ريحان، وبتول مسعود بورغدة، إن مشروعهما «بيوستيم آغرو»، يهدف إلى توفير غذاء صحي وآمن للمستهلكين، كما يساهم في زيادة خصوبة التربة، وبالتالي رفع الإنتاج الوطني ودعم الفلاحة المستدامة في الجزائر.
هكذا طورنا محفزا حيويا طبيعيا في مخابر الجامعة
قالت الطالبتان في تخصص بيولوجيا وعلم الوراثة، بجامعة الإخوة منتوري، قسنطينة 01، إنهما قادتا معا رحلة جادة من الدراسات والبحوث، والتجارب المخبرية والميدانية دامت لمدة سنتين، وأنهما ركزتا رفقة الفريق المخبري المساعد لهما على تطوير محفز حيوي طبيعي يعتمد على بكتيريا محلية مفيدة ومخلفات النباتات، لصناعة منتج ذو قيمة اقتصادية وصديق للبيئة.
وأوضحتا، أن هذا الابتكار يساعد على تحقيق الفلاحة المستدامة ويزيد من جودة المنتوجات الزراعية الجزائرية بمختلف أنواعها، فضلا عن الاهتمام بصحة المواطن فلاحا كان أو مستهلكا، بتوفير بديل آمن عن المواد الكيميائية والمبيدات الضارة بالصحة، والتي تؤثر أيضا على جودة التربة.
* الطالبة نرجس ريحان
المشروع قائم على دراسة احتياجات السوق الجزائرية
وذكرت طالبة سنة أولى ماستر، وصاحبة فكرة «بيوستيم آغرو»، نرجس ريحان، أن التحضير لفكرة المشروع بدأ عند مشاركتها السنة الماضية في الجامعة الصيفية، وقد سجلت خلالها عدة ملاحظات حول السوق الجزائرية، من ناحية ظهور خضر وفواكه منخفضة الجودة بسبب استخدام المواد الكيميائية، والأسمدة غير طبيعية، والمبيدات بطريقة غير عقلانية بهدف زيادة الإنتاج، دون التفكير في صحة المستهلك وجودة التربة.
وأضافت ريحان، أن حديثها مع موردين التقت بهم في معرض خاص بالفلاحة كشف لها عن غياب محفز حيوي يعد خطوة نحو الزراعة المستدامة.
وبعد جمع البيانات من السوق انطلقت نحو البحث العلمي بالاعتماد على خلفيتها الأكاديمية في مجال البيولوجيا، فيما يتعلق بأصناف البكتيريا التي يمكن استخدامها، والمواد الثانوية، وكيفية تخريج المنتج النهائي، وجمع أصناف المخلفات النباتية التي توجد في الجزائر، ودراسة إمكانية مزجها مع منتجين آخرين طورهما الفريق انطلاقا من المنتج الأول.
قالت، إنها عرضت الفكرة على فريقها وتحديدا الأستاذة المشرفة رزيقة غرزولي، التي أكدت أنها ذات قيمة، وهكذا عرفتها بالأستاذة فاطمة الزهراء صبيحي، المختصة في مجال البكتيريا النافعة وقد رحبتا معا بالمشروع وعمل الفريق عليه مع حاضنة الأعمال «سيرتا».
وأوضحت الطالبة، أن المحفز الحيوي عبارة عن منتج طبيعي تُستخدم فيه بكتيريا نافعة أو فطريات، تمد النباتات بطريقة طبيعية ومستدامة بهرمونات النمو، «إنزيمات» تحليل المواد العضوية في التربة، خصوصا «الفوسفات» مع تسهيل امتصاصه من النباتات وكذا تقوية مناعتها.
المنتج صديق للبيئة وذو قيمة اقتصادية
ووفقا للمتحدثة ذاتها، فإن مزج البكتيريا النافعة الموجودة في التربة الخصبة مع المخلفات النباتية للفواكه الفاسدة، وأوراق النباتات التي تحتوي على مواد عضوية ومغذية يسرع عملية تحللها وتغذية التربة بصفة مستمرة، كما تحسن من تهويتها واحتفاظها بالماء، فيستغني الفلاح في هذه الحالة عن شراء عدة مواد كيميائية.
وأشارت، إلى أن المنتج يتمتع بمنفعة بيئية من ناحية منع تراكم مخلفات النباتات في الطبيعية التي تُجمع وتستخدم في إنتاج منتج يمنح المستهلك غذاء عضويا طبيعيا، كما يساعد على معالجة التربة من الأعماق، والحفاظ على جودة المحاصيل الزراعية.
وقد توصلوا حسبها، إلى هذه النتيجة بعد تطبيق نتائج البحث على نبات القمح، الذي زرعوه ثم تابعوه لمدة شهرين، ومن الملاحظات التي سجلوها
وذكرت ريحان، تسجيل زيادة في طول النبتة والجذور، التي تمتع النبتة بمناعة قوية، بقاءها آمنة من الفطريات بالرغم من انتشارها فوق السطح.
التكريم يعكس اهتمام الدولة بالبحث العلمي
وعن تتويجها بالمرتبة الثالثة لجائزة رئيس الجمهورية للباحث المبتكر، عبرت نرجس ريحان، أنها لم تصدق الأمر في البداية بسبب بعض العراقيل التي عرفتها، إلا أنها حاولت وفريقها قدر المستطاع إبراز تكامل المشروع وحاجة السوق إليه، كما اعتبرت الجائزة تتويجا لمجهوداتهم واعترافا بالمسار العلمي والمخبري الذي مروا به.
مضيفة، أن التتويج بمثابة تحفيز ودفع لهم كطلبة للاستمرار في البحث العلمي خصوصا وأنه أصبح يتمتع بالمكانة التي تليق به في الجزائر.
وعن اهتمام الدولة بالمؤسسات الناشئة والابتكار، ترى الطالبة أنها فرصة لكل من يحب التجريب وطرح أسئلة علمية، خصوصا وأن بداية مشوارها انطلقت من النوادي العلمية وهو ما جعلها تكون سباقة لميدان الابتكار. وأوضحت، أن إلمامها بعدة تخصصات من خلال الدورات التكوينية التي استفادت منها طوال مشوارها، ساعدها على إنجاح مشروعها من كل جوانبه.
وأعقبت، أن الباحث المبتكر يجب أن يكون على قدر من المسؤولية وملما بفكرته سواء من ناحية شرحها، أو التعريف بها، والتأسيس لها وتحويلها إلى مشروع، وصولا إلى الترويج وإخراج المنتج النهائي إلى السوق.
* الطالبة بتول مسعود بورغدة
المنتج مفيد لكل المحاصيل
من جهتها، أكدت الطالبة المتوجة بتول مسعود بورغدة، والمكلفة بالمهام المخبرية في مشروع «بيوستيم آغرو»، أنهم كفريق استخرجوا حوالي 35 صنفا من البكتيريا من تربة خصبة ضواحي ولاية قسنطينة، وأجروا عليها أكثر من 7 اختبارات للوصول إلى الخصائص «الفيزيوكيميائية» التي يبحثون عنها، و منها تمديد هرمون النمو لدى النبات، «إنزيمات» تحليل المواد العضوية، خصوصا «الفوسفات»، وهرمونات تقوية المناعة والقضاء على الفطريات، وقد توصلوا إلى 10 منها استخدموها في صناعة المنتج.
وأضافت الطالبة، أن التجارب المخبرية والميدانية التي قاموا بها حققت نتائج فعالة ومرضية للمحفز الحيوي الذي ابتكروه، خصوصا في جانب عدم تأذي النبتة بالفطريات التي زُرعت أمامها، لذلك قرروا عرضه في السوق حتى يستفيد منه الفلاح خصوصا وأنه يصلح لكل المحاصيل الزراعية سواء الخضر أو الفواكه، وكذا الأشجار المثمرة، مردفة أنهم ما يزالون يعملون أكثر في المخبر لأجل إنتاج كميات ستذهب إلى فلاحين لتجريبها.
البحث العلمي معني بتطوير الفلاحة
وقالت الطالبة، إن المشروع يدعم اهتمامات الدولة بالاقتصاد الغذائي والفلاحة، خصوصا من ناحية تقليل كلفة الاستيراد، لأن المنتج الخاص بهم وفقا لها، يزيد من الإنتاج الطبيعي ومفيد لصحة المستهلك والتربة.
كما ترى، أنه يجب تغيير النظرة إلى قطاع الفلاحة في الجزائر، وضرورة ربطه بالعلم، لأنه من المجالات المهمة جدا، ولذلك ترى أن دعم الفلاحة بالابتكارات والبحوث العلمية يعود بالفائدة سواء على الصحة أو الإنتاج الوطني، كما يجعل الفلاحين يتخلون عن الأساليب التقليدية في خدمة الأرض.
من جهة أخرى، اعتبرت أن جائزة رئيس الجمهورية حفزتهم على تطوير منتجهم والرفع من وتيرة العمل حتى يدخل إلى السوق قريبا، معتبرة أن التكريم جعلهم كجيل جديد من الطلبة يلمسون دعما حقيقيا من الدولة واهتمامها بالبحث العلمي والشباب المبتكرين. إيناس كبير