الأربعاء 17 ديسمبر 2025 الموافق لـ 26 جمادى الثانية 1447
Accueil Top Pub

في ظل الحفاظ على السرية و تشديد القوانين: المنصة الرقمية لحماية النساء خطوة لكسر حلقة الخوف


تعاني نساء من أشكال متعددة من العنف الجسدي و النفسي، وتمتد آثار هذه المعاناة لتؤثر على الأطفال والأسر والمجتمع ككل، وفي إطار جهود حماية هذه الفئة من المجتمع، أعلنت مؤخرا، وزارة التضامن الاجتماعي، عن إطلاق منظومة رقمية شاملة تهدف إلى تقديم الدعم الكامل للنساء ضحايا العنف في كافة أنحاء البلاد، وتشمل المنظومة مجموعة من الخدمات المتنوعة التي تساهم في توفير المساعدة اللازمة للنساء في حالات العنف والتعنيف.

ومن بين الخدمات التي أطلقتها الوزارة رقم أخضر مجاني 1026 متاح طيلة أيام الأسبوع، يقدم خدمة الاستعلام والتبليغ، ويشكل نقطة الاتصال الأولى للنساء المتعرضات للعنف. وهناك أيضا منصة «سندكم» الرقمية المخصصة للاستشارات الأسرية والدعم النفسي عن بعد.

تقدم المنصة الدعم النفسي والمشورة المتخصصة للنساء ضحايا العنف كما تم إطلاق منصة «حمايتي» التي تعمل على التنسيق بين وزارة العدل، وزارة الصحة، الدرك الوطني، والأمن الوطني، لضمان استجابة سريعة وفعالة لحالات العنف.
كما أعلنت الوزارة عن حملة وطنية تحسيسية لمدة 16 يوما، تهدف إلى تعزيز الوعي المجتمعي بطرق الوقاية من العنف ضد النساء. كما تدعو وزارة التضامن كافة النساء اللواتي يواجهن حالات عنف إلى الاتصال بالرقم 1026 أو زيارة المنصات الرقمية المذكورة للحصول على الدعم اللازم، مؤكدة التزامها بتوفير الحماية والدعم الكاملين للنساء ضحايا العنف، وتحث على أهمية التبليغ المبكر وتفعيل المنظومة الرقمية للوصول إلى المساعدة اللازمة في الوقت المناسب.

* المحامي وأستاذ القانون زين العابدين حتحوت
التنسيق في منصة «حمايتي» يرفع مستوى التكفل
وحسب ما أوضحه المحامي و الأستاذ الجامعي الدكتور حتحوت زين العابدين، فإن الرقم الأخضر المجاني 1026، يوفر خط اتصال مباشر ومجاني يعمل على مدار الأسبوع لتلقي البلاغات وتقديم الدعم الفوري والتوجيه المتخصص للنساء والفتيات.
وقال، إنها آلية تسهم في كسر حاجز الصمت والخوف و توفر وسيلة آمنة وسرية للإبلاغ عن حالات العنف، كما يعزز التنسيق الجيد والموسع الربط بين الضحايا ومختلف الجهات المختصة القضاء، الصحة، الأمن في إطار منظومة التكفل الشامل عبر منصة «حمايتي»، لضمان استجابة سريعة تحمي للمعنفات حقوقهن القانونية، والاجتماعية، والصحية.
وأشار المحامي، إلى وجود آلية مماثلة خاصة بالرجال، لأن المادة 37 من الدستور تكفل المساواة القانونية لكل المواطنين في الحماية.
وبخصوص الإجراءات القانونية التي تتم بعد التبليغ عبر الرقم الأخضر أو من خلال المنصات الرقمية، أوضح المتحدث، أنه وفقا للقانون الجزائري، فإنه بمجرد التبليغ عن العنف عبر الرقم 1026 أو منصة «حمايتي»، يتم تفعيل مسار قانوني فوري يبدأ بـالتدخل والحماية من خلال توجيه الضحية فورا نحو المصالح الأمنية المختصةسواء الضبطية القضائية، أو الشرطة، أو الدرك، لفتح محضر رسمي، أو نحو وكيل الجمهورية مباشرة، مع إمكانية توفير إيواء استعجالي وطبي عند الضرورة.
كما تتم المتابعة القضائية من خلال تحريك النيابة العامة للدعوى العمومية، إذا رجحت وجود جريمة إلا في حالات الصفح في العنف البسيط. ويتم الأمر بسماع الأطراف أو إجراء تحقيق قضائي قد ينتهي بمحاكمة المعتدي وفقا لقانون العقوبات بموجب المواد 266 مكرر وما يليها، والتي تشدد العقوبة على العنف الأسري.
وأوضح الأستاذ، أن منصة حمايتي تساهم في التنسيق بين وزارة العدل والصحة والأمن، وتعد نقطة ارتكاز رقمية تضمن الربط البيني الفوري بين قطاعات العدالة «النيابة العامة»، الأمن «الشرطة والدرك»، والصحة «الطب الشرعي والنفسي».
ويسهم هذا التنسيق بحسبه، في تسريع التكفل بالضحايا عبر توحيد قنوات التبليغ وإحالة الملفات آليا إلى الجهات المختصة، مما يقلل من البيروقراطية ويضمن حماية الأدلة الجزائية فورا، وهو ما يحسن الاستجابة بشكل جذري لنداءات الاستغاثة مقارنة بالأساليب التقليدية.

وبخصوص القوانين التي تحمي النساء من العنف وهل هناك تحديثات تتماشى مع هذه المنظومة الرقمية، أكد حتحوت، أن الحماية القانونية للنساء ضحايا العنف في الجزائر، ترتكز على قانون العقوبات المعدل إلى غاية 2024 بالقانون 24/06. والذي جرم بشكل صريح العنف الجسدي، واللفظي، والنفسي، والاقتصادي، بما في ذلك العنف في الأماكن العامة وجريمة الإغواء والتحرش الجنسي في العمل.
وتماشيا مع المنظومة الرقمية الجديدة منصة «حمايتي» والرقم 1026، فقد سمحت تعديلات 2024 و2025 بتوسيع صلاحيات التبليغ الإلكتروني من خلال موقع وزارة العدل واعتبارها حجة قانونية لبدء التحقيق، إضافة إلى أحكام جديدة في مشروع قانون الإجراءات الجزائية تسهل المساعدة القضائية وتوسع تدابير الحماية للضحايا فور التبليغ الرقمي.
هذا وعزز دستور 2020(المادة 40) التزام الدولة بحماية المرأة من جميع أشكال العنف في كل الأماكن و الظروف، في الفضاء العمومي وفي المجالين المهني و الخاص، مما يوفر غطاء لهذه الآليات الرقمية.
وقال حتحوت، بأن الحملة الوطنية التحسيسية ستساهم في توعية المجتمع حول العنف ضد النساء، من خلال تفعيل الشق الوقائي للقانون الجزائري ونشر الثقافة القانونية، وتبسيط النصوص خاصة التعديلات المجرمة للعنف النفسي والاقتصادي لعامة الناس.
كما تلعب دورا جوهريا في ترسيخ ثقافة التبليغ وكسر حاجز الصمت مما يحول العنف من «شأن عائلي خاص» إلى جريمة يعاقب عليها القضاء، وهو ما يسهل عمل النيابة العامة في التدخل المبكر ويعزز الردع العام.
كما أوضح، بأنه من المنظور القانوني سيكون هناك تغيير حقيقي في الوعي المجتمعي حول العنف ضد النساء بعد هذه الحملة، لأنها تخرج العنف من دائرة «الخصوصية العائلية» إلى دائرة «المساءلة الجزائية»، مما يرسخ في الوعي الجمعي فكرة أن القانون (خاصة تعديلات 2015) لا يتسامح مع هذه الأفعال.
وهذا الوعي بصرامة الردع القضائي، مقرونا بسهولة التبليغ الرقمي يؤسسان لثقافة قانونية جديدة تجعل المجتمع شريكا في نبذ العنف خشية المتابعة الجزائية كما عبر.
وأضاف المتحدث، بأنه في إطار الحملة الوطنية 16 يوما لمناهضة العنف تحت شعار «الاحترام المتبادل، سلوك حضاري وإنساني»، فإن أبرز الرسائل القانونية والمجتمعية التي يجب إيصالها هي أن العنف جريمة وليس شأنا عائليا، فالترسانة القانونية وبخاصة تعديلات 2015 و2024ف تجرم كافة أشكال العنف الجسدي، النفسي، الاقتصادي، الرقمي ولا تتسامح معها.
كما يمثل التبليغ أول خطوات الحماية لكون آليات الحماية متاحة وسهلة الوصول و الاستعمال و تحديدا الرقم الأخضر 1026 ومنصة «حمايتي»، مع التأكيد على سريتهما القانونية لكسر حاجز الخوف. مع التوعية بأن حماية المرأة هي مسؤولية مشتركة بين المسجد، الإعلام، الأسرة، وليست فقط مهمة القضاء والأمن، مشددا على التركيز على نبذ العنف الرقمي والإفلات من العقاب في الفضاء الإلكتروني.وتحدث، عن أن تعزيز الوعي المجتمعي يحول العنف من «ممارسة مسكوت عنها» إلى «فعل مرفوض اجتماعيا وقانونيا»، ويوفر بيئة رادعة خوفا من الملاحقة الجزائية والوصمة الاجتماعية، وبالتالي تقليص معدلات العنف بشكل فعلي على المدى الطويل.

* الأخصائية النفسانية نسيمة صحراوي
التبليغ والمساعدة النفسية المبكرة حماية للمرأة
من جهتها، أوضحت الأخصائية النفسانية نسيمة صحراوي، أن الدعم النفسي الذي ستقدمه المنصات المستحدثة عن بعد يمكن أن يحقق نتائج إيجابية للغاية خاصة أنه يسهم في تسهيل التواصل والاتصال، فمن خلاله يمكن للمرأة الحصول على المساعدة دون الحاجة للتنقل، وهو أمر مهم للغاية خصوصا إذا كان لديها أطفال صغار.
موضحة في ذات السياق، أنه لا يمكن مقارنة الدعم عن بعد بالتكفل النفسي المباشر، لأن لكل منهما تأثيرات إيجابية مختلفة في تحسن حالة المرأة المعنفة، لكن يمكن القول بحسبها، بأن منصات الدعم النفسي عن بعد قد تكون فعالة جدا إذا تم الوصول إلى أكبر عدد ممكن من النساء.وأضافت الأخصائية، بأنه من المهم أن تكون هناك حملات توعية واسعة النطاق، تساهم فيها جميع القطاعات للوصول إلى النساء وتوجيههن إلى هذه الخدمات، فالكثير من النساء قد لا يعرفن أصلا بوجود هذه المنصات، مما يجعل حملات التبليغ والتوعية ضرورة ملحة. مشيرة، إلى أنه يمكن تنفيذ هذه الحملات عبر الإعلانات في أماكن تواجد النساء، مثل عيادات تلقيح الأطفال، مراكز الأمومة والطفولة، أو حتى في أماكن التسوق، بالإضافة إلى ذلك، يمكن إرسال رسائل نصية قصيرة إلى هواتف النساء، خاصة عند شراء شرائح هواتف جديدة.أما بالنسبة لتحديد شدة العنف عن طريق المنصة والرقم الخصر، فيمكن تقييمه عبر نوع العنف إذا كان جسديا مثل الضرب، الحرق، الخنق أو نفسيا مثل الاعتداء اللفظي، السب، الشتم، الصراخ، التجويع، الحبس والعزل من خلال الحديث مع الضحية ووصف ما تعرضت له، يمكن تحديد مدى خطورة العنف وتقديم الدعم النفسي المناسب.
التدخل السريع أمر مهم
وقالت المتحدثة، بأنه وعلى الرغم من أن التواصل عن بعد قد يساهم في تخفيف التوتر، إلا أن التدخل السريع يبقى أمرا أساسيا لأن المرأة قد تظل في خطر ما دامت تعيش مع المعتدي. وهذا يعني بحسبها، أن تبليغها عن العنف يعد خطوة أساسية نحو العلاج حيث يمكن أن يساهم في الحد من ترسيخ آثار العنف التي قد تشمل فقدان الثقة بالنفس، القلق، الاكتئاب، الانسحاب الاجتماعي، وصعوبة اتخاذ القرارات.
وأكدت الأخصائية، أن التبليغ المبكر يساعد على كسر صورة العنف كمشكلة عادية أو روتينية، إذ قد تبرمج المرأة على التكيف معه كجزء من حياتها اليومية، مما يترتب عليه تقبلها للأمر على أنه نمط حياة.
موضحة، بأن التبليغ والمساعدة النفسية المبكرة يمثلان حلا وقائيا يحفظ للمرأة كرامتها ومكانتها في أسرتها وفي المجتمع.
وأكدت صحراوي، أن أهمية التوعية والتحفيز في طريقة الإشهار، من خلال استخدام عبارات إيجابية تعيد للمرأة ثقتها بنفسها وتشعرها بأنها قوية وقادرة على تجاوز محنتها، كما يجب التركيز على تأثير العنف على الأطفال، لأن ذلك يساعد في تعزيز حوافز التبليغ ويشجع النساء على اتخاذ خطوات عملية لإنهاء دائرة العنف. كما قالت، بأنه إذا تم تبني هذه المفاهيم بشكل فعال فإن التبليغ عن العنف يمكن أن يصبح ثقافة جديدة في المجتمع، ويجب التعامل معها بحذر لضمان حماية المتصلين وتحقيق التكفل الشامل بهم.
لينة دلول

آخر الأخبار

Articles Side Pub-new
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com