• تطوير البنية التحتية وإنشاء مراكز بيانات بمعايير عالمية وتأهيل العنصر البشريكشفت الوزيرة المحافظة السامية للرقمنة، مريم بن مولود، يوم أمس عن مضمون...
كشف رئيس مصلحة التعاون والأنظمة المعلوماتية بوزارة الدفاع الوطني، رابح نسيم إكلف، يوم أمس، أن أهم التهديدات التي تواجه التحول الرقمي في الجزائر،...
أمر وزير التربية الوطنية محمد صغير سعداوي مدراء المؤسسات التربوية بتخصيص قاعة لجمع الكراريس المسترجعة من التلاميذ، ليتسنى للمؤسسة العمومية...
* بوجمعة: المشروع أخذ بالكثير من انشغالات المحامين وألغى نظام المدافعةأكد وزير العدل حافظ الأختام، لطفي بوجمعة، أن مشروع القانون المتضمن قانون...
أبناء المهاجرين جيل متعصب لهويته لكنه يرفض الاستقرار في الجزائر
يعودون كل صائفة تقريبا إلى أرض الوطن رفقة عائلاتهم و يحاولون التأقلم مع نمط الحياة و مجاراة العادات و التقاليد و حتى إتقان اللغة، رغم تفضيلهم للفرنسية أو الانجليزية، حسب لغة تواصلهم الأولى، و يرفضون وصفهم بالفرنسيين، و يتعصبون لجزائريتهم أكثر من مواليد الجزائر أنفسهم، لكنهم يستحسنون صفة المهاجرين، هم أبناء المهاجرين جيل يحب الوطن الأم لكنه يرفض العودة إليه.
يشكل أبناء المهاجرين الجزائريين في دول أوروبا و أمريكا و حتى آسيا، جيلا ثالثا هجينا مزدوج الجنسية و الهوية، يصعب تصنيفهم في خانة الجزائريين العاديين باعتبارهم من مواليد المهجر وحاملين لجنسية غربية، كما أن أغلبهم لا يعرف عن الجزائر، أكثر مما يعرفه الغربيون أنفسهم، مع ذلك فإن قضية الهوية تعتبر في عيون المعنيين أنفسهم قضية ثانوية لأنهم جزائريون وفقط، كما قالوا للنصر التي التقت عددا منهم ، و حاولت معرفة موقفهم من إشكالية الهوية و تعريفهم لمفهوم الوطن.
إسحاق، جود و لينا قدموا من مارسيليا و ليون بفرنسا
يسألوننا عن هويتنا في المدارس الفرنسية فنجيب نحن جزائريون
على شواطئ مدينة بجاية قابلنا عائلتين جزائريتين قادمتين من مدينتي مارسيليا و ليون الفرنسيتين، فكان لنا حديث مع أبناء تتراوح أعمارهم بين 12 و 15 سنة جميعهم من مواليد فرنسا يتحدثون العربية بطلاقة، سألناهم عن علاقتهم بالجزائر، فاختزلوها في عطلة الصيف و أفراد العائلة و حتى طبق الكسكسي مع ذلك أجاب الجميع «نحن جزائريون» عندما سألناهم عن انتمائهم الحضاري.
أخبرنا إسحاق 15 سنة من مدينة ليون بأن موقفا مماثلا سبق و أن حصل له في مدرسته بفرنسا، إذ سألته المعلمة عن هويته، فأجابها بأنه جزائري من مواليد فرنسا، مشيرا إلى أن الأمر لا يطرح أية مشكلة تذكر، نظرا لوجود العديد من التلاميذ الجزائريين والتونسيين و المغاربة في المدرسة. و علقت والدته وهي منحدرة من ولاية سكيكدة، بأنها اضطرت لنقله من المدرسة العمومية إلى مدرسة خاصة رفقة شقيقته لينا 12سنة، بسبب المناهج التعليمية في المدارس الحكومية الفرنسية و التي تشوه التاريخ، كما قالت، بشكل كبير، كما أنها تركز على تنشئة الأطفال تنشئة دينية تقدس المسيحية.
أما بالنسبة للطفل جود، وهو مهاجر يقيم بمارسيليا، فقد أكد بأنه يحب الجزائر أكثر من فرنسا و أنه يتوق للعودة سنويا إلى بجاية، لرؤية أقاربه و الاحتكاك بهم، و بالرغم من عدم إتقانه للغة العربية، إلا أنه يعتبر نفسه جزائريا، أما عن وصفه لوطنه الجزائر، فقد اختزله في ترديد مقاطع من النشيد الوطني الجزائري و عشقه لفريق كرة القدم الذي يحفظ أسماء لاعبيه.
جود بين بأنه لا يعتبر نفسه مختلفا عن الأطفال الفرنسيين، و تربطه علاقة طيبة بعدد من زملائه في الصف، مع ذلك يبقى انتماؤه الأكبر لزملائه من الجزائريين و المغاربة، لأنهم أقرب إلى نمط حياته، كما عبر، مضيفا بأن زيارة الجزائر سنويا، تعد أهم حدث ينتظره بشغف رفقة والديه، مع ذلك فإنه يحفظ دائما تاريخ العودة إلى فرنسا، حيث يمكنه ممارسة حياته بشكل عادي. إسراء و خديجة شقيقتان من برستل البريطانية
نحب الجزائر نحترم الإسلام و العادات لكن لا يمكننا العيش هنا
إسراء، 19 عاما و خديجة، 16 عاما شقيقتان من قسنطينة، و لدتا بمدينة برستل البريطانية و تقيمان بها، تتحدثان العربية الفصحى، بدلا من الدارجة بالإضافة إلى القليل من الفرنسية أخبرتنا بأن والدهما جزائري لكن أمهما إنجليزية لكن ورغم ازدواجية جنسيتيهما، و زياراتهما القليلة جدا إلى الجزائر، إلا أنهما تعتبران نفسيهما جزائريتين بشكل أكثر بحكم قوة علاقتهما بوالدهما، مع أن ذلك لا ينفي حبهما للمملكة البريطانية.
حسب لينا، أطفال الجالية الجزائرية في بريطانيا أكثر انتماء إلى الجزائر من أبناء الجاليات الأخرى، فغالبيتهم يلتحقون بمدارس خاصة لتعلم العربية و لا يتوانون في التحدث بها مع بعضهم البعض، خصوصا في المنازل، وذلك لتجنب مشكل التواصل لدى العودة للوطن، ورغم الاندماج الكبير لأبناء المهاجرين في الحياة العامة في إنجلترا إلا أن الاختلاف يبقى أمرا مفروضا ضمنيا و بارزا في كل حديث أو مناسبة خصوصا المناسبات الدينية كالأعياد و شهر رمضان، وهي مناسبات « نحبها و نحترمها و نقدسها»، كما علقت خديجة.
الشقيقتان أكدتا بأنهما مهتمتان بكل ما له علاقة بالجزائر من أخبار، مع ذلك فإنهما لا تفكران أبدا في الاستقرار بها مستقبلا، لعدة أسباب أهمهما الفرق الشاسع في نظام الحياة و نمط المعيشة و حتى علاقة الأفراد ببعضهم.
مهدي قسنطيني من مواليد مدينة بروج البلجيكية
نظرة الغرب للمهاجرين زادت من تعلقي بالجزائر لكن العودة إليها مستحيلة
أخبرنا مهدي 19 عاما، و هو جزائري مولود ببلجيكا لأبوين جزائريين بأنه يعتز بجزائريته، رغم أن زياراته للجزائر قليلة و لغته العربية ضعيفة جدا، مع ذلك فإنه مدرك لاختلافه عن أبناء البلجيكيين وهو اختلاف، قال بأن البلجيكيين أنفسهم لا يدخرون جهدا لإبرازه، خصوصا في السنوات الأخيرة، بسبب نظرتهم السلبية و المعادية أكثر فأكثر للمهاجرين و هي نظرة جعلت من المهاجرين أكثر تشبثا بهويتهم الأصلية، رغم اندماجهم الكبير في المجتمع الفرنسي.
و قال محدثنا بأن إقامته في حي يعج بالجزائريين و المغاربة و الأفارقة، عزز لديه الشعور بالانتماء إلى الجزائر فهو يفضل ألوان الفريق الوطني على ألوان الفريق البلجيكي، كما أنه يعشق الكسكسي و يفضله على المأكولات الغربية، و موسيقى الراي هي المفضلة و غالبية أصدقائه جزائريين، كما أن الحديث عن الوطن لا يغيب عن أحاديثهم.
مع ذلك يرى مهدي بأن العيش في الجزائر أمر صعب، بل مستحيل بالنسبة إليه، لأن نمط الحياة مختلف جدا، و نظام التعليم مختلف، فضلا عن أن فرص النجاح أقل، و حتى و إن كان يعتز بهويته الجزائرية العربية الإسلامية، فإنه لا ينكر انتماءه للمجتمع البلجيكي و تصنيفه كجزء منه، مشيرا إلى وجود نسبة من الجزائريين في بلجيكا و فرنسا و ألمانيا و دول أخرى، لا تكن نفس الشعور للوطن الأم و لا تعرف عن الجزائر الكثير، وهو أمر راجع إلى التنشئة، حسبه.
الباحثة في علم الاجتماع ياسمين بغريش
نمط الحياة في أحياء المهاجرين لا يعرقل الاندماج لكنه يدفع للتشبث بالهوية
تعتبر الباحثة في علم الاجتماع ياسمين بغريش، بأن أبناء المهاجرين وهم يمثلون الجيل الثاني و الثالث، يعدون أكثر اندماجا في النسيج الاجتماعي الغربي من آبائهم أي الجيل الأول، وذلك بحكم تنشئتهم و تأثير المحيط العام على أفكارهم و سلوكاتهم وفهمهم للقيم و الواجبات و المسؤوليات، فضلا عن حملهم لجنسية البلد الذي ولدوا فيه وهي بحد ذاتها تخلق لديهم شعورا بالانتماء.
مع ذلك فإن إشكالية الهوية تطرح بالنسبة إليهم، أكثر من الجيل الذي سبقهم لأنهم ولدوا في قلب صراع حضاري و ثقافي عزز لديهم الشعور بالاختلاف، لذلك فإنهم و رغم يقينهم بالانتماء إلى المجتمع الذي يعيشون فيه و يتفاعلون مع أفراده، فإنهم يميلون للبحث عن الجذور، التي تتجلى لديهم من خلال سلوكيات أبنائهم و علاقتهم بوطنهم، حتى و إن زاروه مرة واحدة فضلا عن أن احتكاكهم بغيرهم من المهاجرين، الذين يرتكزون غالبا في نمط معين من الأحياء يعزز لديهم الشعور بالانتماء و يدفعهم للبحث في قضية الهوية، و يضعهم أمام تساؤل رئيسي هو» من نحن؟».
و عندما يغيب هذا التوازن، كما أضافت الباحثة، يصبح اللجوء إلى العنف، وفي جميع الاتجاهات، وسيلة للتعبير عن الذات، وهو ما نلاحظه حاليا من خلال بعض الحوادث التي تنسب إلى أبناء المهاجرين، « طبعا دون إغفال الشق المتعلق بجهلنا بحقيقة الأحداث في الأساس»، لكن عموما فإن الدوامة الثقافية و الفكرية تدفع الفرد عادة، إلى التمسك بالمعتقد الديني أو الموروث الثقافي.
من جهة ثانية، فإن فئة أخرى من أبناء المهاجرين تحاول خلق التوازن من خلال الاندماج إيجابيا في المجتمع الغربي و العمل على تحقيق التفوق و النجاح لكنها تعود مجددا لاستغلال منبرها الجديد لطرح قضايا تتعلق بالمهاجرين و واقعهم
.نور الهدى طابي