أبان أطفال وشباب من فئة ذوي الهمم بقسنطينة، عن قدرات استثنائية في حفظ وتجويد القرآن الكريم، ليقدموا قصصا جميلة عن المثابرة رغم الاختلاف.
لينة دلول
قابلت النصر مؤخرا، حفظة لكتاب الله على هامش الطبعة الخامسة من المسابقة الوطنية لحفظ القرآن بقسنطينة، والتي تنظمها مديرية النشاط الاجتماعي والتضامن، وتحدثنا إلى أطفال وشباب عن تحضيراتهم للمنافسة التي يعتبرونها كما قالوا، رحلة إيمانية للتقرب من الله وإلهام كل من يسعى في سبيله.
* أمجد زيادي بن فوغال
«شغفت بحفظ القرآن منذ الصغر»
جلس أمجد زيادي بن فوغال، ابن 16 ربيعا، في ركن من أركان مسجد الأمير عبد القادر ينتظر دوره للتنافس، بدا هادئا جدا ومستريحا وكأنه ليس بصدد دخول مسابقة للتميز، تقدمنا منه للحديث عن التجربة، فأخبرنا أنه حضر نفسه جيدا و يعلم أنه سيكون في المستوى المطلوب. قال لنا، بأنه من منتسبي المركز البيداغوجي والنفسي ديدوش مراد، وقد جاء ليخوض تجربته الثانية في هذه المنافسة، متسلحا بالإرادة أمام إعاقته الذهنية الطفيفة.يشارك أمجد هذا العام حسب ما أكده لنا، بثلاث سور جديدة وهي «الأعلى، والغاشية، والطارق»، وهي خطوة متقدمة حسبه مقارنة بمشاركته الأولى، مؤكدا بالقول :« استغرق مني الأمر وقتا أطول قليلا لحفظ هذه السور، لكن كنت مصرا على إجادتها». وأشار أمجد، إلى أن معلمته في المركز هي من ساعدته على الحفظ وساندته خلال هذه الرحلة.
تحدي رؤوس الآيات والمثابرة في الحفظ
لم تكن الطريق سهلة بالنسبة لمحدثنا، الذي أوضح أنه واجه صعوبة في استذكار رؤوس الآيات، وتطلب منه الأمر تكرارا مستمرا حتى ترسخت الآيات في ذهنه لدرجة بات يشعر أنها جزء من ذاكرته، مضيفا أن أجواء المنافسة شجعته أكثر على حفظ سور جديدة، خاصة بعد أن وجد نفسه بين متنافسين من نفس فئته يتشاركون نفس الطموح.
أما عن قدوته في التلاوة فقال إنه محمد إمام المسجد الذي يصلي فيه، وهو من يستلهم منه حسن الأداء والتلاوة العذبة، وقد وجه أمجد رسالة إلى أقرانه من الشباب الذين يقضون ساعات طويلة أمام شاشات الهواتف قائلا «إن القرآن الكريم أفضل لهم، فهو يهذب النفس ويملأ القلب بالسكينة».
وحسبه، فإن تجربته في حفظ القرآن لا ترتبط فقط بالمنافسة، بل هي رحلة تحد وإصرار، للبرهان على أن الإرادة مهمة لكل إنسان لبلوغ الشغف.
* صفا قطوش
«أتلو القرآن بنور قلبي»
تضيء صفا قطوش عالمها بصوتها العذب وتلاوتها المتقنة للقرآن الكريم، متحدية إعاقتها البصرية.
الطفلة البالغة من العمر 12 سنة، تتابع دراستها في السنة الثانية من التعليم المتوسط، بمدرسة الأطفال المعاقين بصريا، وقد وجدت لنفسها أنيسا في كتاب الله، واستطاعت أن تتعلم القراءة والحفظ بفضل إصرارها.
قالت، إنها بدأت رحلتها مع القرآن الكريم منذ أن كانت في السادسة من عمرها، حيث كانت تحفظ حزب إلى ثلاثة أحزاب في كل مرة، ومع مرور السنوات ارتفع سقف طموحها، حتى أتمت 20 حزبا من كتاب الله.
وأوضحت صفاء، بأنها شاركت في المسابقة بقراءة جزء يس، الذي استغرق منها حفظه ثلاثة أشهر خلال العطلة الصيفية.
مؤكدة، أنها لا تتسابق في مجال الحفظ لأول مرة، فقد سبق أن خاضت غمار المنافسة في الطبعة الثانية من نفس الفعالية، إلى جانب مشاركتها في مسابقة «مزامير داوود»، ما عزز خبرتها وثقتها بنفسها خلال مثل هذه الفعاليات.ولا تجد الطفلة، صعوبة في حفظ القرآن الكريم، فهو محفوظ في صدرها كما تقول، لكن التحدي الأكبر بالنسبة لها هي أحكام التلاوة، التي تجتهد للتحكم فيها عن طريق متابعة أستاذها الذي يصحح لها الأحكام، والذي تعتبره قدوتها في هذا المجال. أما عن كيفية موازنتها بين الدراسة وحفظ القرآن، فأوضحت أنها تنظم وقتها بذكاء، حيث تستغل أوقات الفراغ في المنزل، وبعد إنهاء واجباتها الدراسية، تخصص وقتا لمراجعة القرآن، خاصة في يوم الجمعة، الذي تعتبره يوما مميزا لحفظ كتاب الله.
* يحيى زرغوت
«تجاوزت إعاقتي السمعية وأتممت السور خلال شهر»
يدرس يحيى زرغوت، ابن الحادية عشرة، في الصف الخامس الابتدائي مع ذلك يسير بثبات نحو تحقيق حلمه في أن يكون من حفظة القرآن الكريم، حتى وإن كان يعاني من إعاقة سمعية.
وأوضح يحيى، الذي خضع مؤخرا لعملية زرع قوقعة، أنه يدرس بمدرسة الأطفال المعاقين سمعيا بشير بوطبة بقسنطينة، وأنه شارك لأول مرة في مسابقة حفظ القرآن الكريم، متسلحا بالدعم العائلي والإصرار الشخصي.
وقال التلميذ، إنه شارك في المسابقة بحفظ سور «الفاتحة، والإخلاص، والناس، والفلق، والكوثر، والكافرون، والعصر»، بالإضافة إلى سورة الإخلاص مع تفسيرها، وهو إنجاز استغرق منه شهرا كاملا.
ورغم شغفه بحفظ القرآن، إلا أن التحدي الأكبر بالنسبة ليحيى كان التجويد، حيث يواجه صعوبة في النطق وتثبيت الحفظ، مع ذلك أكد لنا أن الفضل في نجاحه إلى الآن، يعود إلى أستاذته في اللغة الفرنسية، التي لم تبخل عليه بالنصح والمساعدة، إلى جانب والدته صاحبة الدعم الأكبر.
* لجين بوتلاع نوري
«تحدّيت متلازمة داون بحفظ القرآن»
جاءت لجين بوتلاع نوري، لتشارك في مسابقة حفظ القرآن الكريم وكلها أمل بالنجاح، وقد حدثتنا عن التجربة و كلها تفاؤل وإيمان بقدرتها على التفوق.
رغم إصابتها بـمتلازمة داون، أثبتت لجين صاحبة 12 ربيعا أن الإعاقة ليست عائقا أمام تحقيق الأحلام، حيث نجحت في حفظ 6 أحزاب من كتاب الله، وتسير بخطى واثقة نحو المزيد.
وقالت، بأنها شاركت في المسابقة بتلاوة سور« الطارق، والانشقاق، والأعلى، والبروج»، وهي سور حفظتها في غضون شهر واحد، بمساعدة عائلتها ومعلمتها، الذين كانوا الداعم الأساسي لها في هذه الرحلة الروحانية. وعلى الرغم من تمكنها من حفظ العديد من السور، إلا أن سورة المطففين كانت الأكثر صعوبة بالنسبة لها، لكنها لم تتراجع كما عبرت بل واصلت المحاولة لتجاوز التحدي. تتبع لجين أسلوبا مميزا في الحفظ، حيث تفضل مراجعة القرآن في الصباح الباكر، حين يكون ذهنها صافيا ومستعدا لاستقبال آيات الله، هذه العادة حسبما أكدت لنا، ساعدتها على الحفظ بشكل أفضل والاستعداد للمسابقة بروح عالية. عندما سئلت عن شعورها تجاه المشاركة، لم تتمالك لجين فرحتها وقالت بكل حماس إنها سعيدة جدا بهذه التجربة، فهي ليست مجرد فرصة للتنافس، بل للتقرب من الله ولإثبات قدرتها على الإنجاز. ولم تكتف بذلك، بل أكدت أنها تستعد لحفظ سورة الانشقاق في الأيام القادمة، في خطوة جديدة نحو تحقيق حلمها بأن تصبح من حفظة كتاب الله.
* ملاك بوخاري
«أتطلع لأكون من حفظة الكتاب كاملا»
تخطو ملاك بوخاري في عمر العشر سنوات، أولى خطواتها في عالم مسابقات حفظ القرآن الكريم، فرغم معاناتها من إعاقة ذهنية طفيفة، إلا أنها قررت التنافس للمرة الأولى، متطلعة إلى أن تكون هذه المسابقة بداية لمشوارها في حفظ كتاب الله.
لم تستهلك ملاك وقتا طويلا في حفظ السور التي شاركت بها، فتمكنت خلال شهر واحد من إتقان سور «الفجر، الغاشية، الناس، والفاتحة». مؤكدة، أنها لم تواجه صعوبة في الحفظ، وهو ما يعكس حماسها الكبير وتعلقها بالقرآن الكريم. وأكدت ملاك، أن أصوات المقرئين من المشرق العربي تشدها رغم صغر سنها، لأن لها ذائقة خاصة في الاستماع لتلاوات القرآن، حيث تقول إنها تستمتع بأصوات سعد الغامدي، وعبد الباسط عبد الصمد، وياسر الدوسري، وهزاع البلوشي، وغيرهم من المقرئين. ما ساعدها على تحسين أدائها الصوتي واكتساب نطق سليم للآيات.
وأشارت، إلى أن الفضل في حفظها للقرآن الكريم يعود إلى والديها، فهما من ساندها منذ البداية، وشجعاها على تعلم الصلوات الخمس وحفظ القرآن، ما جعلها تتقرب أكثر من كتاب الله وتحلم بمواصلة هذا الطريق.