تحول أطباء وأخصائيون في مجال التغذية، إلى نجوم على مواقع التواصل بالنظر إلى مساهماتهم التوعوية و حضورهم المكثف في وسائل الإعلام المكتوبة والسمعية البصرية هذه الأيام، ويحظى المحتوى الذي يقدمونه بمتابعة كبيرة، خصوصا مع تزايد الاهتمام بالثقافة الصحية والغذائية.
أسماء بوقرن
اهتمامات صحية وأغراض جمالية
ويلاحظ، بأن التفاعل مع هذا النوع من المحتوى كبير ونوعي، حيث يميل متابعون من شرائح عمرية مختلفة ومن الجنسين إلى طرح الأسئلة و الاستفسار أكثر عن علاقة الغذاء بالصحة، وكيفية ضبط البوصلة التي تقودهم نحو حياة صحية أكثر.
ولا يقتصر الاهتمام على المرضى فقط، بل الأصحاء كذلك، حيث يتنوع المحتوى الذي يقدمه الأخصائيون بتنوع الحالات و يكون في الغالب مبسطا ليسهل على الجميع استيعاب المعلومات، علما أن خبراء التغذية صاروا ناشطين بشكل ملفت على منصة « تيك توك»، بعدما كان ظهورهم مقتصرا على انستغرام وفيسبوك، وذلك على اعتبار أن المنصة أكثر تفاعلية وتسمح بتفعيل خاصية البث المباشر والمشترك، وهو ما أدخل بعضهم دائرة النجومية على غرار أخصائي التغذية سمير بن عيسى.
ويشكل الجانب الجمالي هدفا رئيسيا بالنسبة لفئة من المتابعين، على اعتبار أن التغذية تعتبر كذلك مفتاحا لنظارة البشرة و جمال وصحة الشعر،إذ تلقى « الريلز»، أو الفيديوهات القصيرة التي تعنى بهذا الجانب رواجا كبيرا.
ويحاول أطباء وأخصائيون في التغذية، تقديم فيديوهات توعوية بطريقة جذابة لضمان انتشار المحتوى، كأن يحدد الخبير كمية السكر الموجودة في كوب المشروبات الغازية أو حلوى الزلابية مثلا بعدد معين من قطع السكر، مع الإشارة إلى الآثار المترتبة عن ضعف الثقافة الصحية.
مسارات علاجية و مقارنة النتائج لأجل التحفيز
وينشر مختصون، تفاصيل المتابعة الطبية ومختلف الأمراض التي تعالج بفضل إتباع الحميات الغذائية، ناهيك عن الأجهزة المعتمدة، مثل «التانيتا» لتحليل كتلة الجسم وتحديد معدل الحرق، و احتباس السوائل في الجسم، وهو ما يعزز المصداقية لدى المتابعين.
كما يستعرضون تجارب ناجحة لمرضاهم قبل وبعد المتابعة، خصوصا من أصيبوا بالأمراض والسمنة المفرطة جراء التغذية الخاطئة، ومن بين القصص التي نشرتها الأخصائية صبرينة غجاتي بقسنطينة، وحققت صدى صورة أم لأربعة أطفال تخلصت من 22 كيلوغرام من الوزن الزائد بعد إتباع حمية طبية صحية، فضلا عن تجربة لخمسيني كان يعاني من خمول الغدة الدرقية، وارتفاع ضغط الدم، النقرس والسمنة، و تحسنت حالته بعدما تخلص من 26 كيلوغرام.
وقد ساعدت المنشورات الصحية في نقل تجارب المرضى، وإبراز مكانة طبيب التغذية، وشرح الحالات التي تستدعي تدخله، كما ساهم التنسيق مع الأطباء المختصين كل حسب تخصصه في تحسن جودة حياة العديد من الأفراد، بينهم مرضى كانوا يعانون بشدة، قبل التحلي بثقافة غذائية سليمة.
وشجعت مثل هذه التجارب المهنيين في مجالي التغطية و الطب، على تعزيز الحملات التوعوية و التحسيسية لتوسيع نطاق الاهتمام بنمط التغذية و التوجه نحو كل ماهو صحي ، إذ ينشط مختصون على مستوى عيادات ومؤسسات، تبرمج الحملات ضمن إطار مناسباتي مثل اليوم العالمي لمرضى الصرع، أو أكتوبر الوردي وغير ذلك.
* الدكتورة في التغذية العلاجية والدقيقة صبرينة غجاتي
التخصص حديث نوعا ما وتكثيف التحسيس أبرز مكانته
تقول طبيبة التغذية الدكتورة صبرينة غجاتي حرم زروال، وهي واحدة من الأخصائيات اللاتي يقدمن محتوى صحيا مهما على مواقع التواصل، إنه صار هناك وعي غذائي لدى الفرد الجزائري، وبات هناك من يدركون أن التغذية الصحية تسبق العلاج، ما رفع نسبة الاهتمام بطبيب وأخصائي التغذية، وأحدث المعطيات وتطورات العلاج في المجال.
وأكدت الطبيبة للنصر، أنها لاحظت في السنوات الأخيرة انتشارا مقبولا لثقافة التغذية الصحية، بفضل تأثير مواقع التواصل الاجتماعي، التي يعرّف من خلالها أطباء والمختصون بالمجال الذي يعد حديثا قي نظر الكثيرين. كما يساهمون من خلال المحتوى الذي ينتجونه في التوعية وإبراز دور المتابعة العلاجية في الشفاء و التحسن، وذلك بدليل حجم التجاوب والتفاعل مع المعلومة. مع ذلك تقول إن التجاوب متفاوت من فئة لأخرى ومن جنس لأخر، ويختلف باختلاف السن و طبيعة المشاكل الصحية.
كما تعتبر بأن التوعية بالتغذية الصحيحة والصحية عبر وسائل الإعلام سواء أو كالجرائد، والإذاعة والقنوات التلفزيونية وغيرها، مهم جدا، وقد أخرج التخصص من دائرة العموميات و أعاد تقديمه بشكل أوضح وأصح للأفراد، خصوصا وأن المعالجة الإعلامية تتناول مواضيع متنوعة تتعلق بمختلف الأمراض وعلاقتها بالتغذية، فضلا عن التعريف بالتقنيات العلاجية.
كما ذكرت الأخصائية، المواضيع الإعلامية التحسيسية في مجال الغذاء الصحي عموما، مثل صحة الجهاز الهضمي والغدد الصماء، والتي تكون موجهة للمرضى بغرض تحسيسهم بطبيعة المرض الذي يعانون منه، والإجابة على انشغالاتهم وتصحيح المعلومات الخاطئة لديهم، وقالت إنها تمارس هذا النشاط التحسيسي في الإعلام، وعلى مواقع التواصل، وفي العيادة و بالتنسيق مع جمعيات المجتمع المدني.
ورشات تربوية لتذوق الأغذية الصحية
وتضيف المتحدثة، بأن الحصص التربوية المنظمة في شكل ورشات توعية لتذوق الأغذية الصحية والتي تبرمجها في عيادتها، تجربة مفيدة وناجعة جدا، أعطت نتائج وصدى إيجابيين خصوصا بالنسبة لمريض السيلياك، حيث تتيح له الفرصة للتعرف على الأغذية المناسبة له وتذوقها، مع تقديم توضيحات بخصوص تركيبتها، واقتراح وصفات له ولمريض السكري كذلك، تمكنهما من تناول أطعمة معينة دون ارتفاع مؤشر السكري في الدم، وقالت إنها تنقل نشاطها التحسيسي إلى الشارع عبر حملات التوعية في الفضاءات التجارية الكبرى.
تعلم قراءة ملصقات المنتجات للاتجاه نحو غذاء صحي
وتتبنى الطبيبة عبر صفحتها على موقع التواصل فيسبوك، شعار تحت شعار» العناية بالغذاء بدل تناول الدواء»، وتكثف من المنشورات التوعوية التي تتضمن نصائح حول اعتماد أغذية صحية، وتناول خضار موسمية، والتحذير من استهلاك الأطعمة التي تحتوي على هرمونات ومواد تهدد الصحة، وتسبب أمراضا مثل تكيس المبايض والتثدي عند الرجال، ناهيك عن التحذير من استهلاك بعض المنتوجات غير الصحية.
وتعتبر أن المحتوى الذي تقدمه، مهم لتوجيه الأفراد، كما تخصص منشورات لتعليم كيفية قراءة الملصقات الغذائية، والتحذير من المكونات الخطيرة التي توجد في الصلصات الجاهزة، وتقول إنه « كلما تعلم الإنسان قراءة الملصقات كلما اتجه نحو غذاء صحي».
كما قالت، بأنها تخصص جزءا من منشوراتها للتعريف بالطرق التي تتبعها في علاج مرضاها، والأجهزة التي تعتمدها كجهاز «التانيتا» الذي يكشف العمر الأيضي لكل مريض ويبرز الخلل في حرق الجسم للأطعمة أو ما يعرف بـ « معدل الأيض أو الاستقلاب»، ومقارنة التمثيل الغذائي للأشخاص، ويحدد نسبة دهون الجسم، ودهون الأحشاء، والكتلة العضلية، واحتباس الماء، ونسبة التصريف، ونسبة البروتينات، وغيرها من المعطيات الطبية التي تساعد في اختار طريقة العلاج المناسبة، مع تحديد أسباب السمنة، النحافة، ونقص المعادن و الفيتامينات.
وقال إنه تقوم على مستوى عيادتها « سونتي ريجيم» بسيدي مبروك بقسنطينة، بضبط النظام الغذائي الصحي للمتابعين، بداية بفحص متخصص يحدد طول و وزن المريض مع تحليل الكتلة في جسمه من خلال جهاز تحليل كتل الجسم، وذلك لمعرفة إن كان الشخص يعاني من السمنة مثلا، ومعرفة سببها، أو تحديد سبب نقص الوزن وإيجاد الحل المناسب له وذلك ذلك بناء على نتائج الفحوصات والأجهزة.
أ ب