انطلقت أمس الأول، بأعالي بلدية آث يني الواقعة على بعد حوالي 40 كلم جنوب شرق ولاية تيزي وزو، فعاليات الطبعة 19 لعيد الفضة الذي سيمتد إلى غاية 9 أوت الجاري تحت شعار "حلي آث يني، تراث عالمي للإنسانية".
ووفقا للمنظمين الذين أعدوا برنامجا ثريا ومتنوعا، فإن هذه التظاهرة الثقافية تعرف مشاركة ما يقل عن 160 حرفيا قدموا من مختلف ولايات الوطن بما فيها الجزائر العاصمة، ورقلة، الطارف، بجاية تمنراست، وباتنة، وتيميمون، وغيرها، وتتخلل المهرجان معارض للحرف التقليدية الأخرى، مثل الفخار والسلال، والألبسة التقليدية، وما إلى ذلك، إلى جانب عروض فنية وثقافية.
وأكد الوالي أبو بكر الصديق بوستة، خلال إعطائه إشارة انطلاق الطبعة من إكمالية العربي مزاني، أن هذه التظاهرة تهدف إلى دعم الاقتصاد المحلي وخلق ديناميكية اقتصادية مستدامة، خاصة في مجال الصناعات التقليدية. وأوضح أن مثل هذه المبادرات تساهم في ترقية المنتجات التقليدية المحلية، والترويج للمؤهلات السياحية والثقافية لمنطقة آث يني، كما تتيح للحرفيين فرصا لتسويق منتجاتهم في جو احتفالي.
وأشاد الوالي بالمجهودات الجماعية التي ساهمت في نجاح التظاهرة على مدار 19 عاما، واعتبر أن الحفاظ على الحرف التقليدية والتراث الثقافي هو رهان حضاري وتنموي يشكل هوية الشعوب وأداة للتنمية الشاملة، وتعهد بمواصلة دعم وتوسيع "عيد الفضة" بكل الإمكانيات المتاحة.
من جهتهم، اعتبر الحرفيون المشاركون في هذه التظاهرة، أن مهرجان الفضة في آث يني ليس مجرد حدث تجاري واقتصادي لعرض منتجاتهم فحسب، بل هو تظاهرة ثقافية بامتياز، تساهم في إحياء الحرف التقليدية والحفاظ عليها من الاندثار وضمان استمراريتها للأجيال القادمة، كما تعزز من قيم التراث والإبداع، وتسمح مشاركة العدد الكبير من الحرفيين للجمهور التعرف على تنوع الصناعات التقليدية والحرف التي توارثتها الأجيال عبر الوطن.
ويعتبر العديد من سكان آث يني، أن الحلي الفضية هي جزء من هويتهم الثقافية وتاريخهم، وليس مجرد زينة فقط ، مع العلم أن حرفة صناعة الفضة تعد مصدر رزق رئيسي لأكثر من 80 بالمائة من سكان المنطقة، ويعد المهرجان فرصة مهمة لهؤلاء لعرض وتسويق إبداعاتهم بشكل مباشر للزوار، مما يزيد من مبيعاتهم ويساهم في انتعاش الاقتصاد المحلي.
كما يساهم المهرجان في تحويل منطقة آث يني إلى وجهة سياحية هامة، حيث يستقطب آلاف الزوار الذين يأتون للاستمتاع بالحرف اليدوية التقليدية ومشاهدة الحلي المعروضة واقتناء بعض القطع مع التعرف على الأهمية الثقافية لها والتقنيات المعقدة التي يعتمد عليها الحرفيون في صنعها والتي تنقل من جيل إلى جيل، كما يسمح لهم أيضا بالتعرف على تاريخ المنطقة العريق، وثقافتها، وجمالها الطبيعي.
وطرح الحرفيون الذين تحدثوا إلى "النصر"، عن مشكل الارتفاع المستمر لأسعار المواد الأساسية التي يستخدمونها في صناعة الحلي ولا سيما الفضة الخام والمرجان الذي يعد أحد أهم مكوناتها، وهو ما أثر على أسعار المجوهرات الفضية، كما أن غلاء المواد الأساسية دفعت بالعديد من الحرفيين إلى التخلي عن هذه الحرفة ولا سيما فئة الشباب. مشددين في ذات السياق، على ضرورة حماية التراث الحرفي الوطني، بما في ذلك حلي آث يني ذات الشهرة الوطنية والدولية والمعروفة بعمقها التاريخي للحفاظ على تراث الأجداد والترويج له، واعتبروا عيد الفضة فرصة لتسليط الضوء على هذه المشكلة والدعوة إلى إيجاد حلول تضمن استمرارية إرث آث يني للأجيال القادمة.
سامية إخليف