صار الاهتمام بأحوال الطقس تفصيلا مهما بالنسبة لجزائريين، لا يضبطون خططهم السياحية صيفا إلا بعد التأكد من الأحوال الجوية، مقابل ذلك زاد وعي قطاع آخر من الناس بقضايا المناخ و صار تتبع النشرات وصفحات الرصد الجوي في التلفاز وعلى مواقع التواصل شائعا جدا لدرجة أن هناك صفحات مليونية جزائرية تعرف تفاعلا كبيرا من قبل المواطنين، لمعرفة جديد الأيام والأسابيع القادمة، و ترقب موجات الحر والمنخفضات الجوية المحتملة التي قد تؤجل خططهم لزيارة البحر أو تقدمها بحسب درجات الحرارة وحالة البحر المتوقعة.
إيناس كبير
يحظى هذا النوع من المحتوى باهتمام كبير جدا، حيث يقدمه على مواقع التواصل الاجتماعي محترفون و هواة أيضا، وقد ساهم في تبسيط فهم الناس لأحوال الطقس و استيعابهم كذلك لطبيعة التغيرات المناخية من خلال ما يقدم إليهم من نشرات مفصلة إما كتابية أو في شكل فيديوهات توضيحية، وقد أصبحت متابعة أخبار الطقس عادة يومية بالأخص صيفا وشتاء تفاديا للاضطرابات الجوية المفاجئة.
محتوى مبسط
تنتشر صفحات عديدة على مواقع التواصل الاجتماعي تقدم نشرات جوية مفصلة عن حالة الجو، بالإضافة إلى منشورات توعوية وتحذيرية ترافق فترات اضطراب الطقس، ومقالات علمية تتناول ظواهر جوية وتعرف بها، وذلك وفقا لما رصدناه على منصات مثل فيسبوك، وإنستغرام، وتيك توك.
وقد كان الاهتمام بهذا المجال مقتصرا في وقت ما على فئة معينة من الناس، غير أن انتشار نشاطي السياحة والتخييم، ناهيك عن مشاكل المناخ المسببة لكوارث طبيعية كالحرائق الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة والفيضانات خريفا، وترقب الأمطار والثلوج شتاء، جعل أفرادا يتقربون أكثر من المجال خصوصا وأن الناشرين يعملون من خلال صفحاتهم على تشكيل الوعي بأهمية الاطلاع على أحوال الطقس، إما ليستمتع الفرد بيومه أو تجنبا للمخاطر التي قد يقع فيها، مثل حوادث الغرق عند اضطراب البحر المفاجئ صيفا.
تحدثنا إلى أناس، يعتمدون على هذا المحتوى لمعرفة أحوال الطقس، فقالت هاجر شابة في العشرينات، إنها تتابع صفحة مشهورة على موقع التواصل الاجتماعي منذ أكثر من سبع سنوات، وبما أنها تقطن في ولاية داخلية فكلما قررت وعائلتها الذهاب في رحلة سياحية أو إلى البحر، تتصفح هي المنشورات المتعلقة بالإرشادات والمعلومات حول أحوال الجو لذلك اليوم لتتأكد أن الرحلة ستكون جميلة وآمنة.
وتضيف المتحدثة، أنهم يستفيدون منها تفاديا لمخاطر الطريق أو لتغيير برنامجهم في حالة اضطراب البحر، وقد أكدت أن الصفحة التي تتابعها تساعدها شتاء في اختيار اللباس الذي ترتديه تجنبا لنزلات البرد عند تقلب الطقس.
أما أيمن، فيُحمل على هاتفه تطبيقات متنوعة يرصد من خلالها درجة الحرارة وحالة الجو، وقد أصبحت هذه الطريقة عادة لديه قبل العزم على الخروج من المنزل، وبالأخص إن كان ذاهبا في رحلة طويلة أو للتخييم. أخبرنا أيضا أن موقفا حصل معه وعائلته بسبب اضطراب الجو فجأة قبل الوصول إلى وجهتهم، جعله يفكر مليا في أهمية التأكد من أحوال الطقس قبل ضبط برنامج الخروج مجددا، وهكذا تحديدا اكتسب هذه العادة هو وأفراد عائلته.
أسلوب تقديم النشرات الجوية ضاعف الجذب
صفحة "زاكي آرمادا ميثيو" المهتمة برصد أحوال الطقس، تعتبر واحدة من أشهر الصفحات في الجزائر وقسنطينة على وجه التحديد، يتابعها أكثر من 396 ألف شخص على فيسبوك. لاحظنا من خلال تصفحها أن آخر منشور لصانع المحتوى الذي يديرها، كان يتحدث عن انخفاض درجات الحرارة نهاية الأسبوع، حيث سجل حوالي 4 آلاف شخص إعجابهم به، مع إحصاء 127 تعليقا و24 مشاركة للمنشور.
وفي حديثنا مع صاحب الصفحة المختص في أخبار الطقس بالجزائر، زكرياء لعابد، قال إن فقرة الأحوال الجوية لم تكن شعبية جدا في بلادنا قبل سنوات، حيث كانت فئة قليلة فقط تتابعها وقد كانت النشرة الجوية تمر قبل أو بعد الأخبار الرئيسية مباشرة.
وأوضح، أن نشرات التلفاز تقدم بطابع موحد تقريبا، حيث تكون مختصرة جدا ولا تقدم معلومات مفصلة، كما لا تركز على تبسيط المصطلحات الدقيقة، ويكون المحتوى عموما عبارة عن إشارة إلى حالة الطقس في كل ولاية، وحالة البحر، وتوقيت الغروب والشروق، و لذلك فإن الشباب عموما ما كانوا يهتمون بها حسبه.
بعد تغير المعطيات و ظهور منصات التواصل الاجتماعي والتطبيقات المتخصصة، زاد الاهتمام بالطقس، ذلك لأن المناخ صار أكثر تطرفا ولم تعد الأجواء مستقرة بشكل دائم، وبات هناك تداخل بين الفصول، الأمر الذي فرض وعيا أكبر بأهمية المناخ عموما والطقس بشكل خاص.
وقد جاءت الصفحات الناشطة في هذا الشأن على مواقع التواصل الاجتماعي، بأسلوب جديد في الطرح والشرح، وطورت البحث عن المعلومات الخاصة بالمناخ فضلا عن وظيفتها التعليمية والتثقيفية حول عدة مواضيع مبرزة تفاصيل في شكل منشورات بسيطة، مقالات علمية، فيديوهات، وبث مباشر.
وذكر المتحدث، على سبيل المثال طريقة تشكل الاضطرابات الجوية وأنواعها كالاضطراب الأطلسي، الكلاسيكي، والاضطراب القطبي ومنخفض القطع، والمنخفض الصحراوي، والمصطلحات العلمية الأخرى، وتحدث عن توفير مقالات علمية حول ظواهر طبيعية مثل دخول المرتفعات الجوية، والضغوطات الجوية، وفروقات الضغط الجوي.
وأردف، أن هذه الدقة جعلت أفرادا يهتمون بالمجال ويجدون متعة في الاطلاع عليه خصوصا الشباب، فأغلبهم أصبحوا متابعين أوفياء لصفحات رصد الطقس وجعلوا تصفحها عادة يومية، خصوصا الصفحات التي تتميز بمصداقيتها ودقتها وتنشط منذ سنوات.
معقبا، أن متابعيه مثلا، أصبحوا يتحدثون عن ظواهر مختلفة كانت مبهمة مثل "مرتفع الآزوري" الذي يسيطر حاليا لأنه أساسا يكون شتاء، أما صيفا فيتمدد وتصبح منطقته هي شمال إفريقيا وجنوب أوروبا، وصولا إلى شمالها، مضيفا أنهم فرضوا المعلومة العلمية الصحيحة مع تفنيد المغلوطة منها.
ويعتمد صانع المحتوى حسب ما أخبرنا به على التشويق في تقديم منشوراته منذ التنبؤ بالاضطراب إلى غاية حدوثه، وإرفاقه بنشرة جوية مفصلة مع ذكر المناطق المعنية، وأشار إلى أنها تأتي في شكل سلسلة يشد بها انتباه المتابع.
راصد الجو مسؤول عن المعلومات المنشورة
وقد ساعدت متابعة هذه الصفحات حسبه، على تجنب بعض المخاطر الطبيعية وأشار إلى العواصف الرعدية التي زاد عنفها بسبب التطرف المناخي وما تبعه من تغيرات.
وأرجع زكرياء لعابد، ذلك إلى أن مناخنا أصبح متداخلا مع المناخ الأوروبي، الذي يسبب تصادمات بين الكتل الهوائية الحارة والباردة ويؤدي إلى تساقط حبات برد كبيرة الحجم، وتشكل سحب "سوبر سال" التي تسبب أعاصير قمعية صغيرة، إضافة إلى الفيضانات القوية.
ويرى، أن رصد الطقس يعد مسؤولية كبيرة، ناصحا بالحفاظ على ثقة المتابع الذي يعتمد على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي المهتمة بهذا الشأن، ونبه إلى الموضوعية والمصداقة في طرح المواضيع وتجنب نشر معلومات على المدى البعيد، لأن النماذج الجوية غير ثابتة.
وتنشط صفحة "زاكي آرمادا" شتاء وصيفا نتيجة الاهتمام بهذا المحتوى وذكر صاحبها، أن التفاعل مع المنشورات يكون حسب الظواهر المتعلقة بكل فصل فعلى سبيل المثال يهتم متابعون شتاء بالنشرات التي تتحدث عن المنخفضات القطبية عند سقوط الثلوج. ويتفاعلون صيفا مع منشورات انخفاض درجات الحرارة خصوصا بعد موجات الحر، حالة البحر، والحالات الرعدية الفجائية.
إ.ك