يتضاعف احتمال تلوث الغذاء صيفا بسبب ارتفاع درجات الحرارة وسوء التعامل مع الطعام سواء من طرف تجار أو مواطنين وتكون التسممات الغذائية شبحا يخيم على هذا الفصل ويفسد بهجة المصطافين خصوصا مرتادي المطاعم ومن يتناولون الوجبات السريعة، في حين يمكن الاعتماد على عادات سليمة تفاديا للخطر وقضاء موسم اصطياف آمن.
إيناس. ك
تتجند مصالح الرقابة بوزارة التجارة عبر مختلف ولايات الوطن لمكافحة التسممات الغذائية والظواهر التجارية السلبية، وقد أطلقت منذ بداية الصيف حملات تحسيسية، قصد توعية المصطافين بالمخاطر الناجمة عنها مع التأكيد على ضرورة تجنب اقتناء المنتجات والمأكولات المعرضة لأشعة الشمس وعلى حافة الشواطئ.
كما نُظمت خرجات ميدانية لمراقبة المحلات التجارية ومدى التزام أصحابها بشروط النظافة والنظافة الصحية، سلامة المادة الغذائية وشروط عرضها للمستهلك، واحترام سلسلة التبريد، وقد استُدعي التجار المخالفون قصد اتخاذ الاجراءات القانونية.
وفي حديثه للنصر، قدم المنسق الوطني للمنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه فادي تميم، جملة من التوجيهات التي تساعد على التقليل من التسممات الغذائية مؤكدا على أهمية التقيد بها تفاديا لخطورة الاصابات التي وصلت إلى تسجيل حالات وفيات.
تصرفات غير واعية وخطيرة
وبحسب ما أوضحه تميم، فإن تسجيل حالات التسممات الغذائية وارد طوال السنة لكن عدد المصابين بها يتضاعف صيفا بسبب أخطاء يتحمل مسؤوليتها تجار ومستهلكون كما قال المنسق الوطني للمنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه.
وعن طبيعة التصرفات الخاطئة التي يمارسها أصحاب المحلات، ذكر قطع سلاسل التبريد، وإطفاء الثلاجات ليلا من أجل الاقتصاد في فاتورة الكهرباء، وبيع مواد غذائية مصنعة فوق طاولات في الشوارع. ولفت إلى ضرورة حفظها في المبردات داخل المحلات بعيدا عن الأتربة وانبعاثات السيارات وكذا ملامسة الأيدي.
وتحدث أيضا عن الظروف التي تعمل بها بعض المطاعم صيفا، وقال إنها تكون في الغالب غير مقبولة، بسبب ارتفاع عدد الزبائن خصوصا في المدن الساحلية، ما يؤدي إلى تراجع الاهتمام بالنظافة التي يجب أن تكون دورية ويومية. فضلا عن غياب الشروط الصحية في تحضير الوجبات كإعادة تسخين المأكولات تفاديا للخسارة، واستخدام لحوم ودجاج قديم كما تحدث عن مواد خطيرة أخرى تستخدمها محلات بيع الحلويات والمرطبات مثل البيض المكسور وهو ممنوع عالميا وفقا لما قاله.
وعرج للحديث عن المستهلكين الذين يضعون صحتهم على المحك بسبب فعل متهور، ناصحا إياهم بالابتعاد عن شراء منتجات استهلاكية معروضة على قارعة الطريق أو من باعة متجولين، لأن الظروف التي أُنتجت فيها سلعهم مجهولة. كما أكد على الدور الرقابي الذي يجب أن يكون متزنا بين الضمير المهني والحرص على سلامة المستهلك.
ورشات سرية تعمل في ظروف غير صحية
ونصح تميم، أصحاب المحلات بتفادي التعامل مع التجار الفوضويين وأفاد أن هؤلاء يعملون داخل ورشات بعيدة عن الرقابة وغير خاضعة للسجل التجاري، وفي هذه الحالة فإن التاجر النظامي يُعرض لعقوبة عند حدوث تسمم غذائي للزبائن. وذكر على سبيل المثال المقاهي التي توفر حلويات لإفطار الصباح.
وفي السياق ذاته، نبه إلى تجنب المواد الغذائية التي تُباع في الشواطئ مثل الشاي والمرطبات، وكشف أن المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه وقفت على ورشات سرية تعمل في ظروف غير صحية وملوثة جدا تتواجد بها جميع أنواع الحشرات والقوارض، ناهيك عن تلوث زيت القلي الذي تُكرر فيه العملية لعدة مرات.
وللحد من هذه التصرفات السلبية المضرة بصحة المواطن، يرى محدثنا أن الحل يتمثل في توفير خدمات تجارية للمستهلك على الشواطئ وتطوير التجارة بها بالاعتماد على عربات مرخصة ونظيفة، تضيف جمالية إلى المنظر العام وتوفر "سندويشات" ومأكولات معلومة المصدر ومحضرة في ظروف صحية.
إرشادات لتفادي التسممات الغذائية
وقدم المنسق الوطني للمنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه، فادي تميم، جملة من النصائح لتفادي التسممات الغذائية خصوصا عند استهلاك بعض المواد التي يزيد الاقبال عليها صيفا، مثل المثلجات سواء المصنعة أو التي تُحضر في آلات خاصة.
وذكر، أن المواطن يجب أن ينتبه إلى خاصية "الزهرة" التي تتشكل أعلى العلبة وتبين أن المنتج لم يتعرض لإعادة التجميد، وأوضح أن المثلجات حساسة جدا لدرجة الحرارة وتصبح خطيرة على صحة المستهلك عند ذوبانها لذلك يجب الامتناع عن شرائها في هذه الحالة.
أما بالنسبة للمحلات التي تقدم مثلجات مصنعة بواسطة الآلات، فأشار إلى الانتباه لبعض المؤشرات التي توحي بتوفر ظروف النظافة من عدمها كزي البائع، وحالة المحل.
وأضَاف، أن التجار مجبرون على تنظيف الأوعية وآلات تحضير المثلجات من البقايا العالقة وصيانتها يوميا، حتى لا تتجمع فيها البكتيريا والجراثيم المؤدية إلى الاصابة بالتسمم.
وتطرق أيضا، إلى الاقبال على الفواكه المعروضة على قارعة الطريق مثل التين الشوكي الذي يُباع مقشرا، وأوضح أن قشرة بعض الفواكه تعد جدارا حاميا من التلوث وفتحها يزيد من مخاطر التسممات خصوصا عند استخدام سكينة قد تكون ملوثة، فأي جزء يُقطع بها يصبح مضرا للصحة ناهيك عن عرضها طوال اليوم في أماكن ملوثة فوق الطاولات، وملامسة الأيدي لها.
وحسبه، فإن استخدام القفازات لا يوفر الحماية الكافية خصوصا إذا لم تُغير، وعقب أن القفاز يستخدم لمرة واحدة فقط ثم يُرمى عكس ما يقوم به بعض التجار،أين يتحول القفاز إلى مصدر للتلوث الغذائي.
مضيفا، أن تغليف الفاكهة بالبلاستيك الغذائي الشفاف سام أيضا عند ارتفاع درجات الحرارة وعدم إفراغها من "الأكسجين"، لأن البلاستيك في هذه الحالة يوفر بيئة ملائمة لتكاثر الجراثيم والبكتيريا.
أما بالنسبة للظروف الصحية الخاصة ببيع التين الشوكي، فذكر المتحدث عدم تعريضه مباشرة لأشعة الشمس، واقتناء الفاكهة في شكلها الطبيعي وتقطيعها في المنزل حفاظا على صحة المستهلك.
من جانب آخر، قال المتحدث إن السلوك الاستهلاكي في الجزائر يعرف تطورا تدريجيا، وقد أصبح المواطنون بمن فيهم الأطفال ينتبهون إلى بطاقة المعلومات الموجودة على علب المواد الغذائية ويطلعون على تاريخي الإنتاج ونهاية الصلاحية.
لكن هذه الثقافة ما تزال ضعيفة نوعا ما في جانب الاهتمام بمكونات تصنيع المنتج وأشار إلى الابتعاد عن بعضها مثل المشروبات الغازية التي تحتوي على مضافات غذائية وبالأخص الموجهة للأطفال، ولفت في هذا الجانب إلى الاستعانة بالتكنولوجيا لتفسير الرموز المبهمة الموجودة على البطاقات مثل المواد الكيميائية تجنبا لأخطارها.
حيل بسيطة لحفظ الطعام بشكل صحيح
الوجبات المنزلية بديل صحي على الشواطئ
يختار مواطنون عند ذهابهم إلى شاطئ البحر تحضير وجباتهم الغذائية في المنزل بدل اقتنائها من محلات بيع المواد الغذائية أو تناول الوجبات الخفيفة في المطاعم، وذلك تجنبا للتسممات الغذائية وأحيانا حرصا على ميزانيتهم، ويعد التقيد بالإجراءات الوقائية أثناء طبخ الطعام و حفظه ضروريا خصوصا في حالة السفر لساعات طويلة، كما توضحه الطبيبة المختصة في التغذية العلاجية والدقيقة، الدكتورة صبرينة غجاتي.
تحضيرات مسبقة
قالت الدكتورة غجاتي، إن التجهيز لقضاء عطلة آمنة وممتعة تسبقه تحضيرات يجب الاهتمام بها مثل طرق حفظ الطعام أثناء السفر أو على شاطئ البحر، ونصحت بترتيبه في علب تجميد يستحسن أن تكون كهربائية ووضعها في أجهزة التبريد الصغيرة، أو استخدام حقائب حافظة عازلة لأشعة الشمس، بالإضافة إلى استخدام قوارير التبريد والأوعية الحافظة للسوائل. وللوقاية من التسممات الغذائية، أوضحت أنه يجب تفادي تناول الأطعمة المتبقية والتخلص منها لأنها تصبح تالفة في آخر النهار، وغسل اليدين وتعقيمهما مع تنظيف سطح الطاولات وأواني وضع الوجبات، زيادة على غسل الخضر والفواكه جيدا ونقعها لدقائق في الماء والملح أو الخل الأبيض، وطهي اللحوم والأسماك والبيض جيدا تفاديا لتكاثر الجراثيم، كما تنصح بتجنب الأطعمة سريعة التلف، واحترام سلسلة التبريد خصوصا عند تناول الحليب ومشتقاته.
وعقبت، أنه يجب رمي هذه المواد مباشرة إذا انتفخت العلبة أو أصبح قوامها ورائحتها غريبة، مضيفة أن الأطباق التقليدية والحبوب غير مناسبة تماما للشاطئ.
وتحدثت الدكتورة أيضا عن الابتعاد عن وجبات المطابخ المتنقلة على شاطئ البحر لأنها معرضة طوال اليوم للحرارة، ناهيك عن مصدرها المجهول، مشيرة إلى أنها قد تكون في غالب الأحيان غير مستوفية لشروط التغذية والحفظ والنظافة اللازمة، ناهيك عن تفادي الوجبات السريعة المشبعة بالدهون والمسببة للسمنة والخمول. وفي حالة ظهور أعراض التسمم الغذائي مثل الإسهال، والقيء، وارتفاع درجة حرارة الجسم، وآلام في البطن، ووهن في الجسم، أفادت غجاتي أنه يجب تناول الأدوية حسب العارض، والتوقف عن الأكل لمدة مع شرب الماء وتناول أطعمة ضد الإسهال تفاديا للجفاف واستعادة توازن البكتيريا النافعة.
أطباق غير مكلفة توفر تغذية أفضل
أما عن الأطباق المناسبة لشاطئ البحر، اقترحت الطبيبة المختصة في التغذية العلاجية والدقيقة، تناول أطعمة فردية مثل "ساندويشات" غنية بالخضر، الدجاج المشوي، التونة، البيض المسلوق، يمكن تحضيرها مسبقا وتغليفها فرديا، أو تحضيرها في البحر بمكونات آمنة، وتناول حصص من الفواكه الموسمية مثل المشمش، الفراولة، العنب، التمر.
وتضيف، أنه يمكن الاعتماد على سلطات غنية بالخضر مثل سلطة مشكلة من البطاطا، الطماطم، الزيتون، البصل، البيض المسلوق والتونة، وأيضا سلطات مشوية مع الفلفل، الطماطم، الباذنجان، مع دجاج مشوي، وكذا سلطات المعكرونة، والأرز، والقرنبيط البنفسجي، والعدس، و"الموتزاريلا"، مع تتبيلة بزيت الزيتون والحامض. واعتبرتها أفكارا جيدة لتفادي بعض الأطعمة سريعة التلف مثل "الكاشير"، و"المايونيز"، وتحدثت أيضا عن تحضير الشواء على شاطئ البحر، وتعويض الأجبان واللحم المفروم بـ"بيتزا" نباتية.
أما بالنسبة للوجبات الخفيفة قالت، إنه يُستحسن تناول مكسرات غنية بالفيتامينات، والدهون الصحية، والبروتين، بالإضافة إلى الفواكه المجففة، ووفقا لها فإنها أفضل من الكعك المحشو بالشوكولاتة، والكريمات والبيض خصوصا وأنه سريع التلف، كما نصحت بتحضير شرائح من الجزر والخيار والفلفل الحلو وتقديمها للأطفال.
من جهة أخرى، تحذر غجاتي من الإفراط في تناول الأطعمة على شاطئ البحر تفاديا للحوادث أثناء السباحة بسبب التخمة، وتنصح باتباع نمط تغذية صحي للتمتع بالعطلة بطريقة آمنة وواعية، وعقبت أن العطلة مهمة للراحة وشحن طاقة إيجابية، لذلك يجب أن يُرتب لها جيدا وعدم تضييعها في النوم صباحا والسهر لساعات متأخرة من الليل، تجنبا لاضطراب الهرمونات. إ.ك