الاثنين 4 أوت 2025 الموافق لـ 9 صفر 1447
Accueil Top Pub

تسجيل إقبال كبير عليها خلال الصائفة: قاعات ألعاب الفيديو.. متعة عالية المخاطر


تحولت ألعاب الفيديو في السنوات الأخيرة، من وسيلة للترفيه والمتعة إلى مصدر قلق حقيقي، خاصةً بعد الانتشار الكبير لألعاب الواقع المعزز مثل جيتيا وغيرها، وهي نماذج تستحوذ على اهتمام الأطفال و المراهقين وحتى الشباب.
تعرف قاعات ألعاب الفيديو إقبالا كبيرا خلال الصائفة، حيث تعبر ملاذا للعديد من أبناء المدن الداخلية تحديدا، كونها توفر بدائل لتمضية الوقت والحصول على المتعة.
تتواجد بقسنطينة، العديد من القاعات على مستوى البلديات عموما، وتستقطب فئات عمرية مختلفة خصوصا الأطفال والمراهقين، إلى جانب الشباب كذلك، و المتجول بينها خلال فترة الظهيرة إلى غاية المساء سيلاحظ أنها مكتظة عن آخرها فمن لا يلعب سيكتفي بالمشاهدة وكذلك يتم تبديل الأدوار باستمرار.
عالم مواز لا يغلق أبوابه
زرنا عددا من القاعات بقسنطينة، وقد لاحظنا أن نشاطها لا يتوقف طوال اليوم، فهذه الأماكن لا تغلق أبوابها تقريبا حيث يبدأ التوافد عليها في حدود العاشرة صباحا ليستمر حتى ساعات متأخرة من الليل.
تشبه القاعات التي زرناها النماذج المعروفة التي نراها في الأفلام، لكن بحجم أصغر و عدد ألعاب أقل، مع ذلك فهي مثلها تماما فضاءات مكيفة بإنارة خافتة و موسيقى حماسية تمتزج بأصوات وهتافات اللاعبين، الذين يضحك بعضهم ويعبر بعضهم الآخر عن امتعاضه بسبب الخسارة.
عالم مواز تماما إذا دخلته ستنفصل كليا عن الواقع في الخارج، فكل شيء مهيأ ليأسر كل حواسك، خصوصا ألعاب العالم المعزز الجديدة التي تستحوذ على اهتمام الأطفال والشباب.
لاحظنا خلال تواجدنا داخل إحدى القاعات بأحد أحياء قسنطينة، أن غالبية زبائن المكان من فئة الصغار بين 10 و 17 سنة، وقد علمنا من مسير القاعة، أنهم يقضون فيها جل نهارهم تقريبا، حيث تشكل الظهيرة ذروة الإقبال خصوصا وأن القاعة مكيفة.
قال محدثنا واسمه عماد، إن بينهم زبائن أوفياء يترددون على القاعة طوال السنة تقريبا، مشيرا إلى أن المكان يستقطب الشباب فوق سن 20 كذلك، لكن هؤلاء يقصدونه في الفترتين المسائية و الليلة عموما. ويشترك جميع الزبائن في إدمان ألعاب معينة.
تحدثنا إلى مراهقين وأطفال تواجدوا في القاعة خلال جولتنا، وقد أوضحوا لنا أنها أفضل مكان يمكنهم قضاء الوقت فيه، فإن لم يتمكنوا من اللعب بسبب عدم توفر المال، سيكون بمقدورهم المشاهدة والتفاعل.
قال شكيب تلميذ في السنة الثانية متوسط، إنه يفضل التواجد في القاعة على التواجد في البيت رفقة عائلته خصوصا إذا كان هاتفه بدون شحن أو رصيد، أو تعذر عليه استعماله، مؤكدا أن والدته تستحوذ على التلفاز وقت الظهيرة وأن الحرارة تكون مرتفعة في البيت في هذا الوقت ولذلك يلجأ إلى القاعة أين يلعب ويستمتع.
أما سيف الدين، تلميذ في السنة الخامسة ابتدائي، فقال إنه يحصل على المال من جده ووالدته، ويدخل قليلا ليتمكن من اللعب في الصالة، مؤكدا أن التواجد فيها يعتبر متعة كبيرة وأن الحماس هنا لا يتوقف.
ألعاب الواقع المعزز إدمان مكلف
وحسب زبائن آخرين، فإن اللعب داخل القاعة يحقق متعة مختلفة لا يمكن أن تتحقق عند اللعب بالهاتف أو على التلفاز، رغم ذلك فإن الألعاب مكلفة نوعا ما ولذلك يحتاجون إلى المشاركة أحيانا ليتمكنوا من استعمالها.
وقد اتضح من خلال حديثنا إليهم أن تكلفة ساعة كاملة على لعبة بلاي4 مثلا، هي 400دج، أما 60 دقيقة على لعبة بلاي5، فتصل إلى 600دج.
وحسب مسير القاعة، فإن فترة اللعب لا تزيد عادة عن 30 دقيقة فقط وذلك لأن أغلب الزبائن من الصغار ولا يمكنهم تحمل تكلفة اللعب طويلا، ولذلك هناك من يكتفي بالتشجيع و المشاهدة فقط.
أوضح لنا زكريا، صاحب قاعة أخرى بقسنطينة، أنه رغم تكاليف اللعب إلا أن حجم إقبال الأطفال كبير جدا على القاعات وتحديدا ألعاب الواقع المعزز، وأشار إلى ألعاب معينة تحقق استقطابا كبيرا مثل كرة القدم وGTA 5.
ورغم أنه مسير لنشاط ترفيهي إن صح الوصف، إلا أنه يرى وجوب انتباه الأولياء لسلوكيات أبنائهم، متحدثا عن غياب الوعي الأسري بخصوص خطورة بعض هذه الألعاب، ومعلقا بأن الأطفال يندمجون فيها بشكل رهيب، لدرجة أن منهم من يتسربون من الأقسام أيام الدراسة ليتواجدوا في القاعة لأجل اللعب.
وأشار المتحدث، إلى أن هناك إقبالا على هذه الألعاب حتى من أشخاص راشدين كذلك، موضحا أنه مؤخرا صار يرفض استقبال الصغار من سن 6 سنوات إلى 16 سنة، وقال : "أنا لست ضد ألعاب الفيديو بشكل مطلق، ولكن يجب أن تُمارس تحت رقابة صارمة من الأولياء. هناك ألعاب ترفيهية عادية، لكن توجد أيضا ألعاب للراشدين فقط تتضمن كمية كبيرة من العنف وكثيرا من الإيحاءات".
تعزل الطفل عن محيطه وتدفعه نحو الانطواء
من جهتها، ترى الأخصائية النفسانية والتربوية صبرينة بوراوي، أن الخطر يتجاوز ما يظهر على السطح، وتقول: "شركات الألعاب تستهدف الأطفال بشكل مباشر، وتستخدم في ذلك خوارزميات ذكية تهدف إلى السيطرة على ميولاتهم، فالهدف ليس الترفيه بل الربح وفقط، و بالنسبة لهذه الشركات، الطفل مجرد رقم ومعطى رقمي يُستخدم لجني الأموال."
وتؤكد بوراوي، أن ألعاب الواقع المعزز تحديدًا تشكل خطرًا مضاعفًا لأنها تعزل الطفل عن محيطه وتدفعه نحو الانطواء، مما يفتح المجال لاضطرابات نفسية وسلوكية في وقت مبكر.
وتضيف: "لقد لاحظت خلال عملي أن العديد من حالات العزلة والانفصام عند الأطفال ترتبط بشكل مباشر بالإفراط في استخدام هذه الألعاب."
وتوجه الأخصائية، نداءً صريحًا للأولياء بضرورة التواجد في حياة أطفالهم الرقمية، وعدم تركهم ضحية لشاشات لا ترحم، كما تدعو إلى ضرورة سنّ قوانين ورقابة على محتوى الألعاب التي تُعرض في القاعات، خاصة تلك التي تستهدف الأطفال بمضامين عنيفة أو خيالية بشكل مبالغ فيه.
وحسبها، فإن الموضوع لم يعد مجرد نقاش حول "اللعب من أجل التسلية"، بل هي قضية تربوية ومجتمعية يجب التعامل معها بجدية، معلقة :" فيما نركض خلف التطور التكنولوجي، لا يجب أن نغفل عن الجانب الإنساني والآثار النفسية التي قد تنجم عن هذا الانغماس غير الواعي في التكنولوجيا ومنتجاتها، فالمستقبل الذي نبنيه يبدأ من أطفال اليوم، والواجب أن نكون إلى جانبهم، لا أن نتركهم لوحدهم وسط عوالم افتراضية لا تعترف بالحدود"
عبدالغاني بوالودنين

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com