استعادت المدينة السياحية الحموية حمام دباغ بقالمة، بهجة لياليها الصيفية من جديد، بعد ركود طبع بداية الصيف، لانشغال الناس بالعمل و الدراسة و الامتحانات الرسمية التي حبستهم في منازلهم ومنعتهم من الخروج ليلا، للاستمتاع بجمال المناظر الطبيعية والنسيم العليل المنبعث من السد الكبير و مجرى وادي السخون.
وتستقطب محمية العرائس الأسطورية، الواقعة بقلب المنطقة السياحية أعدادا كبيرة من الزوار كل ليلة، لما تتوفر عليه من خدمات وهدوء وأمان، فهي الفضاء الطبيعي الوحيد الذي بقي محافظا على مكوناته و لم تمسسه يد البشر بسوء، عكس مواقع أخرى التهمها العمران و تكاد تفقد جمالها الطبيعي المتفرد.
يبدأ تجار المنطقة السياحية قبل غروب الشمس، في توزيع الطاولات و الكراسي على نطاق واسع، حيث تستعيد المطاعم و المقاهي حيويتها مساء، و تشتغل أنظمة الإنارة، و تتحرك دواليب منصات الألعاب، مؤذنة ببداية ليلية أخرى من ليالي السمر الجميلة بعيدا عن فوضى الأحياء السكنية المزدحمة، و البيوت التي تطبق عليها الحرارة فتعجز أنظمة التكييف عن مواجهتها.
ويأتي عشاق السمر كل ليلة إلى منطقة العرائس، قادمين من مدن و قرى الولاية، و حتى من ولايات مجاورة، للاستمتاع بجمال المنطقة و قضاء ساعات طويلة من الليل، بعيدا عن الفوضى والحرارة الخانقة، فالمحمية فضاء واسع مفتوح للجميع بلا مقابل يوفر متسعا للجلوس تحت ضوء خافت لتناول القهوة و الشاي والمثلجات، التي توفرها الأكشاك المنتشرة في المكان، إلى جانب محلات بيع الشواء و البوراك، والمكسرات، والمياه الباردة والقهوة، و الشاي الصحراوي الذي يتقن شباب الجنوب إعداده.
تتوقف الهواتف عن الاشتغال في هذا المنتجع الصيفي الليلي الجميل، ويعود هواة السمر إلى زمن القصص والحديث المباشر عن الحياة و متاعبها، وهنا تتجدد العلاقات الاجتماعية وتتحرر العقول من غزو المنتجات الرقمية. وقد تطورت البنية التحتية للمدينة في السنوات الأخيرة، ببناء المزيد من الفنادق، و المطاعم، والمسابح، والمتاجر، و رخصت السلطات الولائية بإيجار المنازل الخاصة، و وسعت نظام الإنارة إلى الشوارع و الطرقات الرئيسية، مما شجع السياح على زيارة المدينة و الإقامة فيها خلال عطلة صيف.
وصارت محمية العرائس الشهيرة، مقصدا لا بديل عنه لنزلاء الفنادق، وزوار الولاية عموما بالنظر إلى مجانية ركن السيارات ودخول فضاءات اللعب، أين يستمتع الأطفال كثيرا بتسلق الصخور البركانية الأسطورية، و يمكن للزوار الجلوس على الأرض قرب المنابع الحموية، و النوم تحت ضوء القمر حتى مطلع الفجر، بينما تواصل المطاعم و المقاهي عملها حتى تشرق شمس اليوم الموالي، حينها يغادر الجميع في انتظار ليلة أخرى من ليالي الصيف الجميلة، بواحدة من أشهر المنتجعات السياحية الحموية في البلاد.
فريد.غ