بين رفوف مليئة بالتوابل الطبيعية وأكياس الحبوب الكاملة التي يصفها داخل مطبخ منزله، يختار طه، وهو شاب من قسنطينة، المكونات التي يمكن أن تصنع وجبةً صحيّة متكاملة، تُناسب من يتبعون الحمية و تكون مثالية للرياضيين و المهتمين بنمط الغذاء الصحي، والذين يقترح عليهم مشروعه المنزلي البسيط وجبات لذيذة وصديقة للصحة.
يستيقظ طه حملاوي، كل صباح وكأن يومه يبدأ بسباق رياضي جديد، فالشاب صاحب الثانية والعشرين من عمره، و الحامل لشهادة ماستر في التدريب الرياضي، يدير مشروعا منزليا صغيرا يتطلب المتابعة الدائمة، خصوصا وأن العمل التسويقي الأهم يتم عبر صفحة nutr fit 25 ويعتمد على تصفح البريد والتفاعل مع التعليقات بشكل آني.
فكرة نضجت في مطبخ صغير
قرر الشاب أن يختار طريقا مختلفة عن الوظيفة، وأن يجد لنفسه باب رزق يجمع بين تكوينه الجامعي وقدرته على الإبداع وشغفه بالطبخ، وهكذا أطلق مشروعا لتحضير الوجبات الصحية للرياضين.بدأت الفكرة من البيت وأصبحت حلمًا بمطعم متخصص يقول طه : "توجد في العاصمة وبعض مدن الغرب الجزائري، خدمات توصيل لوجبات صحية جاهزة، لكننا نفتقر لهذا المنتج في قسنطينة، فالرياضيون هنا مثلا، يضطرون للطبخ بأنفسهم أو يتناولون ما يتوفر في الثلاجة وفقط، حتى إن لم يكن مناسبًا لأهدافهم."
انطلاقا من هذه الملاحظة، قرر طه أن يملأ الفراغ، وقال عن البداية في هذا المجال:" انطلقت بأدوات طبخ بسيطة ولكني اخترت وصفات مدروسة، كنت أدونها على دفتر صغير لحساب نسب البروتين، والكربوهيدرات، والدهون في كل وجبة". يواصل حديثه:" في البداية كانت الطلبات تأتي من أصدقائي الرياضيين فقط، لكن سرعان ما انتشرت الفكرة، ووصلت شهرة الوجبات إلى صالات التدريب، وبات يطلبها الأطباء وحتى بعض العائلات التي تبحث عن أكل نظيف ومتوازن".
رياضيات الطبخ
والمطبخ بالنسبة لطه، ليس مكانًا للطهي فقط، بل ورشة علمية فكل وجبة تُحسب بالميزان، وكل مكوّن مختار بعناية صدر دجاج الطازج، الأرز البني، الخضروات الموسمية، زيت زيتون وغير ذلك من المكونات. يقول :" أحسب كل شيء بمنطق معادلة رياضية لأحقق النتيجة الدقيقة، أعتمد على مواد طبيعية 100%، وأرفض استخدام أي إضافات صناعية".
وحسبه، فإن الأكل الصحي ليس سيء الطعم بالضرورة، بل على العكس من ذلك، يمكن أن يحضر بعناية للحصول على وجبة لذيذ بنكهة حقيقية تضمن الشبع". يشرح الشاب بحماس الأنواع الرئيسية التي يوفرها مطبخه قائلا :" هناك وجبات للتنشيف وخفض نسبة الدهون، وجبات لزيادة الكتلة العضلية وجبات خاصة بفقدان الوزن". ولأنه يعرف أن بعض الزبائن يعانون من أمراض مزمنة، فهو لا يتردد في نصحهم بمراجعة الطبيب قبل اعتماد أي برنامج غذائي.
"الصحة قبل كل شيء"
خارج المطبخ يتحول طه إلى "صانع محتوى صحي" على مواقع التواصل الاجتماعي، يصور أطباقه بألوانها الزاهية ويشرح الفوائد الغذائية، ويشارك نصائح عن نمط الحياة الصحي. عن هذا النشاط يقول الشاب: " أريد أن أرفع نسب الوعي عن الناس عموما وليس الرياضيين فقط، فالأكل الصحي ليس رفاهية، هو أساس الصحة الجيدة."
ما حلمه الكبير، فهو افتتاح مطعم متخصص في تقديم الأكل الصحي في قلب مدينة قسنطينة، يجهز زاوية للأنشطة الترفيهية ليكون المكان حيا كما عبر، فيجد الزبون أطباقًا متوازنة وشهية، وجوًّا يشجع على العيش بأسلوب صحي. وعلق طه: "أنا مؤمن بأن أي فكرة صغيرة قد تتبلوو وتكبر بفضل الجد، ولذلك أعمل على تكريس هذا النمط الصحي في التغذية والتوعية بضرورة التحول نحو ثقافية غذائية أكثر توازنا لأنه تفصيل قادر على تغيير حياة الكثير من الناس." ويواصل الطاهي الشاب، رحلته بين القدر والميزان، مسلحًا بالشغف والمعرفة، ومؤمنًا أن الطعام يمكن أن يكون طريقًا إلى الصحة، وأن الصحة أساس كل نجاح.
عبد الغاني بوالودنين