الثلاثاء 19 أوت 2025 الموافق لـ 24 صفر 1447
Accueil Top Pub

شباب يعيدون تقديم فكرة الأناقة الرجــالية: البذلة الكلاسيكية تخرج من دولاب المناسبات إلى الشارع


زاد اهتمام الرجال و تحديدا فئة الشباب بالأناقة في السنوات الأخيرة، و خرج الطقم الكلاسكي أو البذلة « كوستيم»، من دولاب المناسبات و الأفراح إلى الشارع، فصار ارتداؤه شائعا بين طلبة وموظفين أعادوا تقديم فكرة الأناقة بأساليب عصرية و عملية أكثر، تعطي انطباعا شبابيا فيه كثير من التغيير وحتى الإبداع في ترتيب قطع الملابس، وهو ما انعكس إيجابا على صورة الرجل الجزائري الحديث.

بين الكلاسيكي والرياضي حزام جلدي رفيع
لابد أنك التقيت يوما في مطعم أو إدارة ومكتب خدمات أو في الشارع بشاب أنيق أثار انتباهك، و السبب هو ذلك المزيج الذكي في تنسيق الثياب و الجمع بين بعض القطع الكلاسكية كطقم كامل، قميص وسروال على الأقل مع الحذاء الرياضي.
هذه الإطلالة العملية والأنيقة لا تكتمل عادة إلا بحزام رفيع وجميل من الجلد الطبيعي، وهو تحديدا سر التكامل بين كل التفاصيل التي تخدمها عادة تسريحة شعر عصرية.و بالرغم من أن الجزائري اليوم، يميل إلى البساطة بشكل كبير، إلا أنه عرف في سنوات السبعينيات بأناقته التي تعكسها أفلام الأبيض والأسود حين كان يظهر وسيما مرتبا في طقم متناسق يبرز أكتافه العريضة و يظهر قامته، وهي إطلالة أعاد شباب إحياءها من جديد بفضل تأثير مواقع التواصل الاجتماعي التي ينشط من خلالها مؤثرون مهتمون بالموضة يحظون بمتابعة كبيرة.
استشارة مجانية على إنستغرام
وقد زاد الاهتمام بالأزياء و المظهر عند الشباب و الرجال بشكل كبير مؤخرا، وذلك بالنظر إلى انتشار هذا النوع من المحتوى على منصات ذات شعبية في الجزائر مثل تيك توك وإنستغرام وفيسبوك، يشتهر عبرها مهتمون بالموضة من أمثال « رضا دلي» و» إلياس»، و محمد لورينزو» وآخرون، يقدمون استشارات مجانية وتوجيهات حول الأناقة و الإطلالات المناسبة للرجال، وأجدد الصيحات، كما يساعدون الشباب على تعلم تنسيق قطع الملابس بما يتماشى مع الوزن والطول، ويسمح بإبراز الشخصية.
ويتابع هؤلاء المؤثرين العديد من الرجال و يتفاعلون مع محتواهم بالتعليقات، حيث يحصي حساب رضا دلي ما يتجاوز مليون متابع، بينهم أوفياء يعلقون بشكل دائم و يؤكد بأن النصائح التي يقدمونها قد خدمتهم بشكل كبير جدا، وأعادت ترتيب فكرتهم عن الموضة.
ويسعى هؤلاء إلى تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة عن الموضة الرجالية، كما يكشفون علاقة المظهر ببعض التصورات النمطية التي قد تقدم الشخص بشكل خاطئ للآخرين انطلاقا من نوعية وماركة حذائه، أو نوعية وماركة حذاء اللباس الرياضي الذي يرتديه، ويبينون أيضا متى وأين يجب ارتداء كل قطعة وكيف يمكن تنسيقها بشكل أفضل.
أصحاب محلات ينجحون في توظيف الإشهار لخدمة الذائقة
من جهتهم، ينشط أصحاب محلات بشكل كبير على مواقع التواصل وخصوصا تيك توك، ويعتمدون في عملية الإشهار لبضاعتهم على فيديوهات الريلز، التي يظهر شابا وسيما يرتدي القطعة ويبرز جمالها، أو تقدم فكرة عن كيف يمكن للباس الأنيق وتحديدا الطقم الكلاسيكي أن يغير من إطلالة الرجل ويزيده وسامة، حيث ينشرون فيديوهات تبين الاختلاف قبل ارتداء البذلة وبعدها، مع التركيز على الوصف و التعبير واختيار الكلمات بشكل مغر.
وقد حول هذا الترويج البذلة الكلاسيكية إلى لباس رائج بين الشباب من مختلف الأعمار، وهو ما أكده سيف صاحب محل بحي النجمة أحد أشهر الأحياء لبيع الملابس الرجالية الفاخرة بقسنطينة، قائلا :» إنها ليست مجرد أقمشة تفصّل أو ألوان تنسّق، بل هي نمط وأسلوب حياة، ورسالة هادئة تعلن عن ذوق الرجل وشخصيته قبل أن ينطق بكلمة».
«الهندام بطاقة تعريف تسبق البطاقة الوطنية»
مضيفا :» في مجالنا نقول إن الهندام بطاقة تعريف تسبق البطاقة الوطنية وهذا ما يختصر جوهر الفكرة، فقبل أن تفتح فمك لتتحدث يكون مظهرك قد قدمك مسبقا إلى الآخر». وحسب علي، بائع آخر بنفس المنطقة، فإن الأناقة الحقيقية لا تتوقف عند جودة القماش أو شكل البذلة، بل تتجلى في طريقة ارتدائها، وأسلوب الجلوس، وحتى طريقة المشي. . معلقا:» قبل عقود كان ارتداء البذلة الرسمية جزءًا من الحياة اليومية للرجل الجزائري، سواء كان موظفًا في إدارة، أو معلمًا في مدرسة، أو حتى زائرًا لمناسبة اجتماعية بسيطة. كان الحلاق يعرف زبونه بالاسم، والخياط يحتفظ بمقاساته على ورقة صغيرة داخل درج خشبي قديم». يواصل حديثه مسترسلا:» اليوم ومع انتشار اللباس الرياضي وهيمنة ثقافة الراحة على الأناقة، تراجع حضور البذلة الكلاسيكية في الشوارع وصارت يقتصر على المناسبات الكبرى مثل حفلات الزفاف، المؤتمرات، أو المناسبات الرسمية».
عودة الأولد موني «Old Money»
ومع ذلك، يؤكد محدثنا أن هناك عودة ملحوظة لما يسمى بـ «Old Money»، ذلك الأسلوب البسيط الذي يبتعد عن التدرج اللوني والتكلف المبالغ، ويركز على الجودة والخطوط الهادئة والتصاميم والتفاصيل المتقنة. .
نفس الفكرة يشاطرها ويوضحها أكثر تجار آخرون وباعة ملابس رجالية تنتشر محلاتهم بحي القصبة بقسنطينة، حيث يقولون أنه رغم بالتواضع الذي يوحي به هذا « الستايل» في اللباس، إلا أنه في الحقيقة محمل بتفاصيل دقيقة تجعل منه عنوانا للفخامة الراقية.
والبذلة حسب التاجر محمد العربي، صاحب محل متخصص في بيع اللباس الكلاسيكي، ليست مجرد زي بل هو رمز لمكانة اجتماعية ورسالة بصرية تختلف حسب المناسبة فهناك البذلات الرسمية الداكنة التي تناسب الاجتماعات واللقاءات المهنية، وهناك الفاتحة المخصصة للنهار والفعاليات الصيفية، إلى جانب تلك الفاخرة التي تُلبس في حفلات الزفاف أو المناسبات الخاصة.
وفي الجزائر، ما يزال القميص الأبيض يتربع على عرش الأناقة كما علق، فهي القطعة التي لا تبطل موضتها أبدًا كما عبر، وترتبط في أذهان الناس بالنقاء والبساطة.
وفي السنوات الأخيرة، عاد «الكروازي» أو البذلة ذات الأربع أزرار بقوة حسبه، خاصة في المناسبات الفاخرة، إلى جانب قصات «الأوفر سايز» المستوحاة من سبعينيات القرن الماضي.
قطع لا تبطل موضتها أبدًا !
يقول الهادي، بائع أزياء كلاسيكية بحي القصبة، بأن البذلة موضة لا تندثر وأنها قطعة يجب أن تكون موجودة على رف خزانة كل رجل معلقا:»الأناقة الحقيقية لا تموت قد تتغير القصات والألوان، لكن الرجل الذي يعرف قيمتها لا يتخلى عنها». مضيفا :» نشهد عودة قوية لأسلوب الماضي البساطة الراقية هي ما يميز الزبون الذكي، بالنسبة لي اللون الأسود يظل سيد الألوان، لكن الزبائن أصبحوا أكثر جرأة في تجربة الرمادي الداكن والأزرق البحري».
كما يرى محدثنا، أن الإكسسوارات مثل الساعة والحزام ليست كماليات، بل هي ما يعطي الإطلالة روحها». وبين الفخامة والأسعار، تتوفر في المحلات أطقم يتجاوز سعرها 800 ألف دج، خاصة تلك المصنوعة من صوف نادر يُستخرج من الماعز الكشميري في آسيا الوسطى، فيما تنطلق أسعار البذلات العادية في السوق المحلية من 20ألف حتى 100ألف دج حسب التصميم والخامة والمصدر، ولا تقل فخامة بعض التصاميم المحلية عن المنتج المستورد. وحسب تجار في المجال، فإن أغلب المبيعات تتراوح بين 20ألف و40ألف دج، وهي بذلات مستوردة أساسًا من تركيا وإيطاليا، علما أن الماركات التركية تسيطر على السوق، لأنها تمزج بين الجودة المقبولة والسعر المتوسط، في حين تبقى البذلات الإيطالية خيارًا للنخبة أو عشاق العلامات الفاخرة.
للورشات التقليدية زبائنها أيضا
ولا يقتصر الطلب على البذلات و الأطقم الجاهزة، بل يوجد زبائن أوفياء للخياطين والمصممين المعروفين بهذا النشاط في قسنطينة، على غرار عمي نور الدين دحداح، خياط مخضرم بدأ العمل عام 1978. يقول بفخر : «إن البذلة اليدوية تحفة فنية تبدأ من اختيار القماش، ثم تفصيله وفق مقاسات دقيقة، وأخيرًا اللمسات النهائية التي لا درك أهميتها إلا من يعرف المعاني الحقيقة لفكرة الأناقة الرجالة».
ويضيف بابتسامة :»لصناعة بذلة كاملة يدويًا نحتاج إلى أربعة أيام من العمل المتواصل، و في زمن السرعة قليلون من يقدرون قيمة الانتظار، فمواقع التواصل الاجتماعي صار لها تأثير كبير على الاختيار والذوق والموضة لم تعد تنتشر فقط عبر عروض باريس وميلانو أو واجهات المحلات الكبرى، بل يكفي أن ينشر نجم كرة قدم صورة له ببذلة فاخرة، أو أن يشارك مؤثر على إنستغرام إطلالة كلاسيكية، حتى يبدأ المئات في تقليديه».ويعتبر محدثنا، أن هذا التأثير الرقمي منح فرصة للعودة إلى الأناقة، لكنه يحوّلها أحيانًا إلى مجرد تقليد أعمى بلا روح، فالأناقة أكثر من مظهر خارجي للرجل، بل هي انعكاس لسلوكه، والتزامه، وطريقة كلامه، ورقي تعامله والبذلة وحدها لا تكفي كما عبر، بل يجب أن تكتمل بالأخلاق و الأدب.
وقدم المصمم نصيحة أخيرة لكل رجل مفادها أن الأناقة الحقيقية لا تعني مطاردة كل صيحة جديدة ولا الانغماس في التقليد، وإنما اختيار واعٍ يجمع بين جودة القطع، وتناسق الألوان، وفهم أن البساطة أحيانًا أرقى من التعقيد، فالبذلة حسبه، قد تمنحك الهيبة أمام الناس، لكن ذوقك وسلوكك هما ما يكمل المظهر.
عبد الغاني بوالودنين

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com