تجار اقتحموا مجال الإنتاج و كتاب  سيناريو  وقعوا في فخ الارتجال
أكد الممثل حسان بوكرسي في حوار  للنصر أن لهجته البدوية التي يستعملها في الكثير من أعماله وبالأخص الكوميدية ناتجة عن طبيعته ونشأته في مشته فحام بالتلاغمة، كما كشف أن  موهبته في التمثيل لم تأت  صدفة، بل نتيجة صقل حصل عبر عدة مراحل، بداية من تكوينه في المسرح المدرسي، كما اعتبر أن الممثل العصامي الذي يكون نفسه بنفسه أفضل من الممثل الأكاديمي، ولم يخف  محدثنا امتعاضه من المستوى الذي وصل إليه الفن والكوميديا بصفة عامة.
حاوره: زين العابدين فوغالي
ما هو جديد حسان بوكرسي؟
لدي عمل مع المخرج السوري عقلة عرسان، فهو يكتب السيناريو باللهجة السورية وأنا أقوم بتحويله إلى اللهجة الجزائرية، وعملت معه في مسلسلين بهذا الشكل، الأول بعنوان»مجنون الجزائر»، والثاني في طور الانجاز، وأنا الآن في الحلقة رقم 10، وهناك 5 حلقات تم تقديمها للجنة القراءة للمحطة المركزية،  و حاليا أقوم بكتابة سيناريو مسلسل»أخبار المدينة» ، العمل يتناول حكايات من التراث الشعبي حول الجشع و الطمع وغيرها،  هو  مبرمج للعام المقبل بإذن الله.
أعمال ضخمة سقطت بسبب الاختيار الفاشل للممثلين
هل يعد الفن المهنة الوحيدة التي تمارسها؟
حاليا اشغل منصب أستاذ مؤطر بالمعهد الوطني المتخصص للتكوين المهني في ميدان الأشغال العمومية، فأنا خريج معهد الهندسة المدنية بمعهد زرزارة بقسنطينة دفعة 1994.
كيف تعلمت الأبجديات الأولى للتمثيل؟
علاقتي بالتمثيل كانت منذ نعومة أظافري، ففي فترة السبعينات تأسست في داخلي اللبنات الأولى على يد أساتذة كبار بالمسرح المدرسي، حيث كانت مدينة التلاغمة آنذاك تشهد نهضة فكرية وفنية، وكان هناك نشطاء ينشرون أفكارهم عبر المسرح،    وقد تعلمنا على أيديهم، مثل الأستاذ محمد بودرياس الذي تأثرت كثيرا به وهو من وجهني للتمثيل، وبعد وصولي إلى الجامعة احتككت بالحركات الطلابية أين نظمنا عدة مسرحيات.
أول ظهور لك في الشاشة كان لبضعة دقائق في   برنامج»صباح الخير»، هل كانت هي الانطلاقة؟
في سنة 1996، خصص لي حيز في «صباح الخير» عبر محطة قسنطينة الجهوية وكنت أقدم فيها فواصل فكاهية، وضعت تحت مجهر مخرجين معروفين وقتها أمثال عمار محسن وحسين ناصف وعلي عيساوي وعزيز شولاح و حازورلي وغيرهم، ومن هنا كانت البداية ، حيث  أسندوا لي أدوار تلفزيونية في أعمالهم.
ماهي أبرز الأعمال التلفزيونية التي شاركت فيها؟
هناك عدة أعمال وأبرزها «أعصاب وأوتار» مع المخرج محمد حازورلي و»يا عامر يا ناسي» لحسين ناصف و»كبش العيد» لعزيز شولاح في دور القمري تاجر المواشي، وسلسلة «جحا» بجميع أجزائها مع عمار محسن و»مع المهني روح مهني» و «واش رايكم» و «عمار بين الخدمة والدار» للمخرج مهدي عبد الحق، الذي شاركت في العديد من أعماله، بالإضافة لـ»ريح في الشبك» الذي كان يعكس التعفن في مجال كرة القدم وأديت دور رئيس فريق، بالإضافة لمسلسل»كسوف» و»بساتين البرتقال» مع عمار محسن، وأديت دور المختار، وكان من بين فضل أدواري وهو يعرض حاليا على الشاشة الصغيرة، ومسلسل «ابن باديس» و «حكاياتكم» من بطولة حكيم دكار، وشاركت فيه كممثل وكاتب سيناريو.

تعلمت أبجديات التمثيل من والدتي
  وقد نلت جائزة أحسن دور ثانوي في طبعة الفنك الذهبي 2008  بعد دوري في مسلسل «مع المهني روح مهني» سيناريو وحوار عزيز عجابي وإخراج مهدي عبد الحق، وأنتج العمل سنة 2006.
ما هو أفضل دور أديته في مشاورك  ؟
بالنسبة لي دور المختار في «بساتين البرتقال» كان الأفضل، وهذا راجع لقوة النص والشخصية أثرت في كثيرا، و المخرج عمار محسن عرف كيف يوظفني في شخصية المختار التي كانت مضطهدة من قبل الاستعمار و ناس الدوار و حتى زوجته وابنته، وهذا الدور سمح لي بتفجير إمكانياتي بعيدا نوعا ما عن الكوميديا، كما سمح لي بالعمل مع العملاق عبد الحميد رماس رحمه الله في آخر عمل له.
 تبدو عفويا أكثر في الأدوار الكوميدية، هل ساعدتك شخصيتك المرحة في هذا، أم أنك تحاول خلق  بصمة خاصة بك؟
 عندما يتم اختياري لأداء دور معين، أول شيء قوم به هو طلب نسخة من السيناريو في اقرب وقت ممكن لاطلع عليه، وأحضر بالشكل اللازم،  بعد أن أكتشف الشخصية ، وبعدها أقوم باقتباس الدور وأكيفه بطريقتي الخاصة في الكلام خصوصا عندما  يتعلق الأمر بشخصية بدوية، فكما قلت لك سابقا أنا بدوي بطبعي وكاتب السيناريو من المدينة ولا يمكن آن يصل في السيناريو إلى مستوى لغة أهل البدو، وهنا أقوم بتكييف النص وفق ما تتطلبه الشخصية، دون الخروج طبعا عن الفكرة العامة.
في أدوارك تستعمل كثيرا الأمثال الشعبية القديمة، من أين اقتبستها؟
في هذه الحالة أتذكر والدتي رحمها الله التي تعلمت منها الكثير وكنت أرجع إليها  عند الضرورة ، مع العلم أن والدتي كانت أيضا ممثلة بارعة في مجالس الأعراس ،وهو ما لاحظته صغيرا  حينما كنت أرافقها ،  كانت في ثواني تسيطر على المجلس، وآنا متأثر بها كثيرا وتعلمت منها الأبجديات الأولى للتمثيل رحمها الله.
الشخصيات التي تقمصتها  على مدار مشوارك ،هل تلتقط معالمها من الواقع أم تعتمد على خيالك؟
(يضحك) لعلمك الممثل هوأ لص في العالم، فهو يسرق ما يراه من الواقع ويجسده خلف الشاشة أو فوق خشبة المسرح، وهناك العديد من الأدوار التي أديتها استوحيتها من شخصيات واقعية وليست افتراضية.
أصولي البدوية  سهلت علي الأدوار الكوميدية
حدثنا عن تجربتك في مجال كتابة السيناريو؟
 كل ممثل يوجد بداخله مخرج صغير و سيناريست صغير، ولأن الإخراج علم قائم بذاته يتطلب تكوينا أكاديميا ودراسة  في تقنياته، فاتجهت إلى كتابة السيناريو، وساعدني في هذا حبي لمطالعة الروايات منذ الصغر، وأول تجربة لي كانت كتابة 25 حلقة من مسلسل سميته في البداية «شذى الريحان» فلم توافق عليه لجنة القراءة للمحطة الجهوية وطلب مني تغيير الاسم فأصبح فيما بعد «حكاياتكم» الذي عرض في رمضان الفارط، وأدى حكيم دكار دور البطولة رفقة كوكبة من الممثلين المعروفين، كما أنني أحب كثيرا قراءة مؤلفات أغاثا كريستي التي تعتبر أبرع من كتبت في الرواية البوليسية، وحاليا أنا بصدد كتابة مسلسل»أخبار المدينة» وهذا العمل سيرى النور العام المقبل بحول الله.
هل تؤمن بالممثل العصامي أمن ترى بضرورة التكوين الأكاديمي؟
التمثيل موهبة لا تكتسب أكاديميا، لهذا أنا أؤمن بالممثل العصامي الذي تعلم مع الأيام و المواقف التي يعيشها يوميا ويحسن توظيفها، ربما الدراسة الأكاديمية تصقل موهبة الممثل وتعطيه أبعادا أخرى لكن من الخرافة أن نتوهم أن التكوين الأكاديمي سيصنع لنا ممثلا بارعا من العدم.
ألا تخشى أن يتغلب الطابع الكوميدي على أدوارك الجادة؟
لا، لأن الممثل الجيد هو أشبه بالسائل الذي يتكيف مع شكل الإناء الذي يوضع فيه، فالممثل الجيد  يقوم بتأدية كل دور بالشكل المطلوب دون أن يطغى طابع معين على  آخر، ومسألة ممثل كوميدي وآخر درامي، أرى أن ها مجرد هوس وخوف موجود في نفسية بعض المخرجين و المنتجين الذين لا يريدون المغامرة، فالمخرج عمار محسن مثلا  لديه نظرة ثاقبة فرغم أنني تعاملت معه في عدة أدوار كوميدية إلا أنه أسند إلي دور درامي في مسلسل» بساتين البرتقال»، لكن هناك مخرجين لا يحبون المغامرة، وللأسف النظرة الضيقة  من أسباب الرداءة التي يعيشها الوسط الفني.
هل  ترى نفسك من النوع الذي يدرس العروض جيدا أم أن حبك للتمثيل يجعلك تقبل دون تفكير؟
يجب أن تعلم أن محدودية الفرص المتاحة تقلص من فرص الاختيار، والأمور لم تعد كما كانت في السابق خصوصا مع    التقشف، ولو طرح هذا السؤال على ممثل مصري أو سوري لكانت الإجابة مختلفة.
ما رأيك في الأعمال التلفزيونية التي تبثت مؤخرا؟
هناك أعمال مقبولة وأخرى رديئة ،  بمجرد مشاهدتها تقول أن أصحابها يريدون فقط صورة وصوت من أجل البث وفقط وللأسف هؤلاء تجار يبحثون عن الربح السريع وفقط، والمنتجون اليوم يبحثون عن عمل بأقل التكاليف ،  حيث يتم تصوير 30 حلقة في بيت، ولا يوجد ولا مشهد خارجي.

وقوعي كضحية لكاميرا مخفية أصابني بالإحباط
وماذا تقول عن الكاميرا الخفية الذي كنت أحد ضحاياها مؤخرا؟
بصراحة ما يسمى بالكاميرا المخفية يشعرني بالإحباط خصوصا الموقف الذي تعرضت له، فانا لا أحب الخلط بين الجد و الهزل، فمثلا = لما استدعى لإجراء حوار احضر نفسي لأنني احترم الصحافة كثيرا، لكن لما تجري الحوار يتم إيقاعك في مواقف محرجة،  وفي الأخير يقال لك «اننا نهرج فقط وهذا ليس حوار بل كاميرا خفية»، فكيف سيكون موقفك؟، لهذا أعتبر الكاميرا الخفية هدامة و أفكارها مستهلكة من دول أجنبية.
ماذا تقول عن مستوى السيناريو في الفترة الأخيرة؟
  بعض الكتاب الذين تعاملت معهم كتبوا سيناريوهات جيدة ،لكن فيما بعد سقطوا سقوطا حرا، وهذا راجع لكثرة الطلبات في وقت قصير، مما أوقعهم في فخ الارتجال، كما أن البحث عن الأفكار يتطلب المطالعة و البحث في أمهات الكتب.
ماذا تقول عن الإسفاف في الكوميديا الذي أصبح مؤخرا في بعض الأعمال؟
هذا راجع لضعف السيناريو وفي هذه الحالة يصبح الممثل مطالب يملئ الفراغ فنرى المبالغة في الكوميديا وندخل في الرداءة، وإذا زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده.
موقف طريف حصل لك أثناء التصوير؟
من أكثر المواقف الغريبة التي قد يقع فيها الممثل هو نزول طارئ يغير مكان التصوير، فمثلا في السيناريو كان من المفروض أن أتدرب في قاعة لتقوية العضلات، لكن لسبب ما أثناء التصوير تحول المشهد من التدرب في القاعة إلى التدرب بالقفز على الحبل(يضحك).
هل تعتبر أن الفن في الجزائر وحده كاف  لكسب لقمة العيش؟
لا و بالمناسبة هناك شبان يتصلون بي يوميا لأساعدهم على ولوج المجال الفني ولما أسأله عن مستواه الدراسي يقول لي مثلا أنه توقف في المتوسطة، فأقول له لماذا لا تتعلم صنعة أفضل؟، الموهبة تعتبر نعمة ونقمة في نفس الوقت، والتمثيل في الظروف الراهنة لابد أن يصاحبه عمل موازي يساعد على كسب لقمة العيش، ماعدا هذا أنظر كيف يعيش حاليا ممثلون محترفون كبار و معاناتهم اليومية فما بالك بممثل صغير.
التمثيل في الجزائر لابد أن يصاحبه عمل موازي
هل آنت متفائل بتحسن الأوضاع في المحيط الفني؟
بالتأكيد مادام هناك أشخاص يغيرون على   الفن فأنا متفائل بتحسن الأوضاع وعودة الزمن الجميل للفن الجزائري بعيدا عن التجار وأصحاب المصالح الضيقة.
كلمة تجول في خاطرك تود توجيهها لجهة معينة؟
أود أن أقول للسادة المخرجين، لقد شاهدت أعمال ضخمة سقطت في الرداءة بسبب الاختيار الفاشل للممثلين خصوصا الأدوار البطولية، أقول لهم عليكم بتوخي الحيطة والحذر،   لأن ممثل واحد في غير مكانه قد يسقط العمل بكامله.                     ف.ز

الرجوع إلى الأعلى