يفتخر سكان قرية علي النمر بمروانة غرب ولاية باتنة، لحمل القرية اسم الشهيد ابن المنطقة، بعد أن كانت تسميتها تنسب قبل ذلك إلى أحد الكولون المعمرين بالمنطقة يسمى بوزو، ويتحمّس أهل القرية وبينهم عمي عمر علاوة وابنه سمير وأحفاده الثلاثة كلما حلَت ذكرى استشهاد علي النمر في السادس من شهر جوان من كل سنة لإحياء هذه الذكرى حبا في الوطن وحفاظا على رسالة الشهداء بين الأجيال. ويعد عمي عمر البالغ من العمر 78 سنة الذي التقيناه خلال تنقلنا للمنطقة وهو حفيد الشهيد فرحات علاوة، من المناضلين منذ نهاية السبعينات لإحياء ذكرى الشهيد علي النمر، ويحفظ عمي عمر جيدا وصية والده الشهيد فرحات أحد رجال علي النمر، والذي أخبره متيقنا بقدوم الاستقلال بأنه “إن استشهدت فسيقولون بعد الاستقلال أنك ابن شهيد وليس ابن خائن”، ويؤكد من جهة أخرى المجاهد عبيدري الجمعي، الذي كان أيضا لنا لقاء معه، بأن الشهيد علي النمر الذي كان ينزل بمنزلهم بمنطقة بولموثن كان يتمتع بشخصية قيادية قوية.
إعداد: يـاسين عـبوبو
* المجاهد عبيدري الجمعي
علي النمر قائد استخدم السياسة والثقافة والرياضة لخدمة الثورة
شارك المجاهد عبيدري الجمعي المدعو عبد الرحمان ابن مروانة بولاية باتنة، في عديد المعارك ونصب الكمائن لقوات المستعمر الفرنسي بجبال الأوراس، وكُتب له أن يعيش انتصار الجزائر، ليواصل خدمة الوطن بعد الاستقلال، بالانتساب للسلك الأمني، مشتغلا بولايات الجزائر العاصمة، وقسنطينة لسنوات، قبل أن يستقر بعد تقاعده بمسقط رأسه في مروانة.
ويعد المجاهد الذي تنقلت النصر للقائه من عائلة ثورية تضم 12 مجاهدا، وكان والده على علاقة وثيقة بالشهيد البطل علي النمر، مؤكدا بأن الأخير كان يتمتع بشخصية وطنية قوية بسطت نفسها وتردد صداها وسط المجاهدين، واعتبر المجاهد عبيدري ما قدمه واجبا وطنيا لا أكثر مترحما على الشهداء الذين ضحوا في سبيل الوطن.
وقال عبيدري الذي فتح عينيه على تواجد الاستعمار الفرنسي بمروانة في الثالث عشر جانفي من عام 1937، بأن مدينته لم تستثنها ممارسات المستعمر الفرنسي بالجزائر، حيث عايش الاستبداد والنهب تحت وطأة المستعمر، ورغم تلك الظروف التي طبقها الاستعمار على الشعب الجزائري، أكد تجذر الوعي وسط الشعب، وهو الذي نشأ في عائلة ثورية وكان منزلهم العائلي بمنطقة بولموثن حضنا وحصنا للحركة الوطنية وللثورة، وللقائد علي النمر الذي يتردد عليه للتنسيق مع والده عضو اللجنة الثلاثية، التي قال بأنها تتولى توفير المؤونة وجمع الاشتراكات والتنسيق والاتصالات بين المجاهدين.
وعلى غرار أترابه درس وتتلمذ محدثنا، في الكتاتيب وقال بأنه حفظ القران الكريم ودرس النحو والصرف في اللغة على يد مشايخ بمروانة، منهم سي عمار سيدي علي وسي سعدي بوشدة كما درس بالمدرسة الفرنسية، وقبل أن يلتحق بجيش التحرير عايش نشاط الحركة الوطنية وتحضيرات الثورة، بحيث كان والده مناضلا سياسيا، وقد سخر منزلهم في قرية أولموثن كمركز لجماعة الحركة الوطنية والثوار.
ويؤكد المجاهد عبيدري الجمعي البالغ من العمر 88 سنة، أن نشاط والده بالتنسيق مع نشطاء الحركة الوطنية وبعدها الثوار وكتائب جيش التحرير، التي تنزل في منزلهم كان يتم في سرية تامة دون أن يتفطن المستعمر لهم، وبخصوص التحاقه بجيش التحرير فكان ذلك سنة 1957، ويروي بأن ملازما يدعى سي عبد الله بن عبيد لاحظ لدى نزوله رفقة مجاهدين ببيتهم العائلي في بولموثن خط كتاباته، وأكد له حينها حاجتهم للمتعلمين من أمثاله الذين يجيدون الكتابة والقراءة، ليلتحق فعلا ككاتب لكتيبة بجيش التحرير، إلا أنه فضل أن يحمل السلاح ويخوض المعارك.
ومنذ تلك الفترة شارك وخاض المجاهد عبيدري الجمعي عديد المعارك وخرج ناجيا منها، وفي غمرة الحديث باسترجاع ذكريات الجهاد إبان الثورة التحريرية، كانت دموع الحزن تنهمر للمجاهد خاصة باستذكار من استشهدوا من رفقاء دربه، ومن رحلوا بعد الاستقلال منهم الشهيد البطل معجوج العمري الذي عمل تحت قيادته، وقال بأنه لم ينس رفاقه حتى أنه زار مؤخرا، صديقا له في الجهاد يدعى ختالة بشير من عين أزال ويقطن بالجزائر العاصمة.
وأكد المجاهد تلقين العدو الفرنسي دروسا من طرف جيش التحرير، مستذكرا عديد المعارك والكمائن التي شارك فيها بالأوراس، عبر جبال الرفاعة والشلعلع وبوغيول وتارشيوين، وقال بأنه ناهيك عن المعارك التي يخوضونها فقد كانوا ينصبون الكمائن أحيانا لغنم السلاح، وقال بأن صدى ضربات جيش التحرير كان يرفع معنويات المجاهدين بمختلف المناطق، مستذكرا صدى بطولة الشهيد صالح نزار في اقتحام مركز معافة وتكبيد المستعمر خسائر في العتاد والعسكر بالقضاء على 40 جنديا فرنسيا، وهي العملية التي قال بأنها زعزعت قوة المستعمر، وقال بأنه لم يشارك في تلك المعركة غير أن صداها رفع معنويات المجاهدين بالأوراس.
ومن المعارك محتدمة الوطيس التي شارك فيها المجاهد عبيدري الجمعي، تلك التي وقعت سنة 1958 بالرفاعة، مستذكرا التقاء ثلاث كتائب للقادة العمري معجوج، ومحمد الصالح بلعباس وشنوف بلقاسم، وقال محدثنا بأن قوة سلاح المستعمر من حشد للدبابات والطائرات لم يكن يخيف المجاهدين، بقدر خوفهم من تأثير الخونة القومية، مضيفا في هذا السياق بأن القومية كانوا يرتدون القشابية مثل المجاهدين، حتى لا يتم التفطن لأمرهم للتسلل في الشعاب والوهاد الجبلية، لدل المستعمر الفرنسي على الخنادق والمرتفعات والأماكن التي يختبئ فيها المجاهدون، واعتبر المجاهد عبيدري الجمعي، أن "القومية" عطلوا مسار الثورة ولولا تواطؤهم مع المستعمر حسبه لاستقلت الجزائر سنة 1957.
علي النمر جنب بحنكته الفتنة بين المجاهدين
ويتفق المجاهد عبيدري، في ذكر مواصفات وخصال القائد الشهيد علي النمر في ما جاء بمذكرة كتاب المجاهد محمد صغير هلايلي الضابط بجيش التحرير، حيث أبى محدثنا إلا أن يأتي بنسخة من الكتاب، الذي يتطرق فيه كاتبها للشهيد الرائد علي النمر بصفته مسيرا بالنيابة للولاية الأولى التاريخية، وجاء في جزء المؤلف الذي يحتفظ به المجاهد الجمعي عبيدري، بأن الشهيد علي النمر الذي هو من مواليد 16 مارس 1925، التحق مبكرا بالثورة ويتميز بكونه رجلا صبورا وهادئا يتمتع بثقافة، وكان أول من عُين لتسيير الولاية التاريخية الأولى بالنيابة من الداخل خلال فترة العقيد محمد لعموري، الذي عُين قائدا عاما على الولاية الأولى بتونس.
وأوضح المجاهد عبيدري، بأنه يتذكر جيدا حينما كان علي النمر، يأتي إلى بيتهم العائلي غداة التحضير للثورة وخلال اندلاعها بمزرعتهم بمنطقة أولموثن بإقليم مروانة أو كورناي كما كانت تسمى خلال الحقبة الاستعمارية، وأضاف محدثنا بأن مقصد علي النمر عندما يأتي إلى بيتهم هو لقاء والده عبيدري الصالح، الذي كان عضو اللجنة الثلاثية بمروانة للتحضير للثورة إلى جانب كل من الشهيد فرحات علاوة وحفصي محمد قبل أن تتحول اللجنة إلى سباعية سنة 1957.
وأضاف بأن صغره كان حاجزا للتقرب من علي النمر، الذي كان رفيق والده ومع ذلك أكد بأن قوة شخصية علي النمر كانت تبدو جلية ولها الصدى والتأثير الواضح وسط المجاهدين، خاصة لكونه معروف بأنه يجمع بين السياسة والثقافة والرياضة، فكان سياسيا وقياديا بارزا في الثورة بالأوراس، ومثقفا يتقن الحديث بالشاوية والعربية والفرنسية، ونشطا ثقافيا ورياضيا، بحيث يعد من اللاعبين الذين لعبوا لفريق مدينة باتنة خلال الحقبة الاستعمارية، وهو ما جعله يؤيد ما ذهب إليه محمد صغير هلايلي في مذكرة كتابه التي تطرق فيها للشهيد علي النمر.
ومما جاء في مذكرة الكتاب التي منحنا المجاهد عبيدري الجمعي نسخة منها، أن الرائد علي النمر يتميز بالبساطة والتواضع والبشاشة، ويغلب على طبعه التسامح واللين وثقافة الحوار التي بسطت على شخصه الحكمة والتبصر، ورضا المجاهدين عليه كقائد محبوب، وذهب صاحب المذكرة إلى أن خصال علي النمر منحته ثقة أغلب المجاهدين في حالات الخلاف، لتفهمه خلفيات ذلك “الخلاف” وأسبابه في تلك المرحلة الحرجة من عمر الثورة في الأوراس، وفي وصف علي النمر يقول أيضا صاحب المؤلف بأنه كان متحسسا لنفسيات المجاهدين المختلفين الذين اعتصموا بجبال الأوراس متوجسين من الخلافات .
ويذهب أيضا محدثنا المجاهد الجمعي عبيدري فيما ذهب إليه صاحب الكتاب، بالتأكيد على أن علي النمر، كان يحتوي الاختلافات لتجنب المزالق الدموية ، فكان أسلوبه النصيحة والكلمة الطيبة، والسعي لكسب ثقتهم ، فحاول معالجة أسباب الأزمة متجنبا في ذلك أسلوب العنف والمطاردات التي أثبتت عدم نجاعتها، مركزا على إطفاء جذوة الحقد.
ومن النقاط التي يُجمع عليها المجاهد عبيدري مثلما جاء في مذكرة محمد صغير هلايلي، أن علي النمر لم يكن من نوع المسيرين الذين يستنسخون أخطاء من سبقوهم، ولذلك تمكن من إعادة الثقة للنفوس، ناصحا بعدم التعنت، بحيث كان يرى بأن التمرد لا يؤدي إلا للمزيد من تشتت الصفوف، ومضاعفة الخسائر، وأن على الجميع نسيان الماضي وآلامه، وهو ما جعل علاقة علي النمر تتعزز مع كل مقاتلي الولاية الأولى لأنه كان مندمجا بينهم.
وتشير المذكرة إلى أن فترة قيادة علي النمر لم تطل بعد أن استشهد في ساحة الوغى بالمعركة الكبرى التي وقعت في جبل بوعلوان بشليا بتاريخ الخامس من شهر جوان سنة 1958، وهي المعركة التي توسعت رقعتها في أعقاب تسريب معلومات افتكها المستعمر الفرنسي من أسير دلهم تحت طائلة التعذيب لمكان قائد الولاية علي النمر، وقيادة الناحية الثانية، وهي المعركة التي شارك فيها صاحب المذكرة محمد صغير هلايلي.
ومعلوم عن الشهيد علي النمر نشاطه السياسي والتوعية للثورة داخل وخارج الوطن بتشكيله للخلايا تحضيرا للثورة، وساهم في غرس الروح الثورية من خلال النشاط الرياضي بانخراطه في صفوف الفريق الرياضي الباتني لكرة القدم سنة 1944، وقد اعتقل وسجن غداة الثورة، وكلف علي النمر بمهمة الاتصال بمنطقة القبائل الكبرى لمعارفه بالجهة لأن أخواله من لإفرحونن بجرجرة.
استشهاد بطولي للشهيد فرحات علاوة رفيق علي النمر
بعد اللقاء مع المجاهد عبيدري الجمعي، في تنقلنا إلى مروانة، كانت بعدها وجهتنا لقرية علي النمر المترامية أسفل مرتفعات أم الرخا التي تطل بطبيعتها الخلابة والتي كانت بالأمس من قلاع الأوراس الحصينة التي احتضنت المجاهدين خلال الثورة التحريرية، وكان برفقتنا سمير علاوة ابن القرية طيلة الجولة بين مروانة وعلي النمر، حيث كان لنا موعد مع والد سمير الذي يحفظ ذكريات عن والده الشهيد فرحات علاوة أحد المجاهدين الذين كان يعتمد عليهم علي النمر خلال الثورة بمروانة.
وقد وجدنا عمي عمر الذي هو إطار متقاعد من قطاع التعليم، منهمكا بشؤون مسجد القرية بصفته رئيس جمعيته، قبل أن يرحب بنا، ونتبادل معه أطراف الحديث عن الشهيد علي النمر وعلاقة والده به، وهو الذي كان طفلا إبان حقبة الثورة التحريرية لكن معاناة وطأة المستعمر، جعلت أحداثا تترسخ بذاكرة عمي عمر خاصة بعد استشهاد والده فرحات علاوة سنة 1961، وكان عمي عمر وهو من مواليد 1946 قد وثق استشهاد والده نقلا على لسان الفدائي علي دعاس، الذي كان قد شهد لحظات قتل قوات العسكر الفرنسي للشهيد فرحات علاوة.
ويروي عمي عمر، أنه يتذكر جيدا نشاط والده بالتنسيق مع الشهيد علي النمر الذي عينه ضمن اللجنة الثلاثية بمروانة، إلى جانب عبيدري الصالح ومحمد حفصي، وهي اللجنة التي قال بأن مهمتها تتولى جمع الاشتراكات والمؤونة والاتصالات ومراقبة ورصد حركة الخونة وتجنيد الشباب، وقال عمي عمر بأن والده كان مختصا في حفر الكازمات للمجاهدين منها كازمة غار أوكرميش التي هيأها بالحطب نقلا على الدواب وسط التضاريس الوعرة، حيث كان الغار مركزا للمجاهدين فضلا عن تسخير منزلهم كمركز للمجاهدين، وأضاف محدثنا بأنه كان يقوم وهو طفل في عمر العاشرة، بنقل الغذاء لوالده في مهماته، حيث كانت ترسل والدته معه الطعام.
وقد كانت مهمات عمي عمر التي رواها لنا خلال طفولته عبارة عن مغامرات، خاصة وأنه من تفطن لأمر بحث السلطات الاستعمارية عن والده، ويقول بأنه ذات مرة وهو يتنقل كعادته للدراسة بين علي النمر ومروانة، استرق السمع في حاجز للعسكر الفرنسي، وهم يسألون الناس عن والده فرحات علاوة، وكان ذلك حسبما تحفظه ذاكرته في سنة 1955 أو 1956، ويضيف ساردا تلك الحادثة بأنه توجه مباشرة ليحذر والده الذي كان منهمكا في حملة الدرس، وهناك هرع والده خشية انكشاف أمره ليوصيه بالقول “كونوا رجالا إذا ما وقعت في قبضة المستعمر”.
ويتذكر عمي عمر ويلات الاستعمار بالمنطقة، في فرض سياسة ترحيل العائلات إلى المحتشدات والتجويع قصد فصل الشعب عن الثوار، ورغم ذلك أكد رفع والده للتحدي في مواصلة العمل الفدائي خفية بعيدا عن أعين العدوَ الذي يبحث عنه، قبل سقوطه شهيدا سنة 1961، وهي الحادثة التي لم تُمح من ذاكرته، وبالعودة إليها وهو يسرد الواقعة يقول عمي عمر، بأنه اعتاد نقل الطعام إلى والده الذي كان أياما قبل استشهاده قد طلب منه في كل مرة يأتي له بالطعام المتمثل أساسا في الخبز الذي تصنعه زوجته، أن يتركه في مكان حدده له، على أن يغادر هو لتجنب خطر المستعمر، وذلك بعد أن حمًل حماره بالحطب، حتى لا يثير الشبهة، وبعد أن غابت أخبار والده لأيام عاد لنفس المكان الذي ترك فيه اخر مرة الخبز فوجده على حاله لترتاب عائلته حول مكان تواجده.
ويروي أيضا عمي عمر، أن والده كان في اخر لقائهما قد دلَه على مخبأ يحتوي أغراض مجاهدين، وأوصاه بأنه إن استشهد أن يدل ابن عمه حمنة علاوة وهو مجاهد قائد كتيبة على المكان، وقال عمي عمر بأنه لم يكن يدرك بأنه كان يودع والده وأن تلك اللحظات هي اخر مرة سيراها فيه خاصة بعد أن أخبره بأنه لن يسمح لنفسه بالوقوع في أيدي العدو الفرنسي، ودعاه للافتخار به، ويضيف عمي عمر بأن والده كان مدركا لقدوم الاستقلال ما جعله يقول له “إن استشهدت.. افتخر.. فسيقولون بأنك ابن شهيد وليس ابن خائن”.
وأضاف عمي عمر، بأن الشكوك قد حامت حول استشهاد والده أو تواجده في مكان غير معلوم، خاصة وأنه وجد الطعام الذي تركه اخر مرة لوالده في نفس المكان وبالقرب منه وجد وشاحا أزرق قال بأنه يعود لأحد رفقائه، وقد علم بأن قوات المستعمر قد مرت بالمكان لكن دون أن يعلم بمصير والده، قبل أن يأتيه بعد أيام خبر من أحد المحبوسين يسمى أحمد رداح، نقلا عن محبوس اخر هو علي دعاس أخبره بأن فرحات علاوة قد استشهد لما كانا معا.
وقال عمي عمر، بأنه التقى فيما بعد بالمدعو علي دعاس، الذي أكد له استشهاد والده وروى له أنه كان رفقة والده فرحات علاوة ومحفوظ أسد، مختبئين في منطقة تيسقرلين في كازمة لا يمكن كشفها إلا بوشاية أو حصار للقوات الفرنسية التي استهدفتهم، خاصة بعد أن أطلق علاوة طلقا ناريا من سلاح تقليدي كان يحوزه، فما كان رد قوات المستعمر إلا أن رمت قنبلة يدوية التقطها محفوظ محاولا إعادة رميها قبل أن تنفجر بيده ليسقط شهيدا، فيما أصيب علي دعاس أما فرحات فلم يصب، وفي خضم ذلك ألقت قوات المستعمر القبض عليهما وراحت تسائلهما.
وبحسب الرواية التي استقاها عمي عمر من علي دعاس، فإن اثنين من العسكر الفرنسي كانا يقتادان فرحات علاوة الذي يتميز بقوة البنية الفيزيولوجية، ما مكنه من الفرار من قبضتهما بعد عراكه معهما ولدى محاولته الفرار أطلق عليه طلق ناري فسقط شهيدا، فيما تم تحويل علي دعاس للحبس. كان الحديث إلى عمي عمر علاوة ذو شجون ملؤه فخر ببطولات المجاهدين والشهداء بالمنطقة، فاستذكار الشهيد علي النمر يقود لاستذكار العديد من المجاهدين والشهداء بينهم والده فرحات علاوة، ويعمل عمي عمر رفقة ابنه سمير الذي رافقنا طيلة تواجدنا على النهوض تنمويا بالقرية خاصة وأن سمير ناشط جمعوي ونائب رئيس بلدية مروانة، وقد أبى قبل افتراقنا إلا أن يهدينا تذكارا لراية نادي فريق علي النمر “أسكان” لكرة القدم الذي حقق الصعود للجهوي الثاني، مشيرا لاستفادة المنطقة من مشاريع تنموية منها تأهيل ملعب القرية مؤخرا وتغطيته بالعشب الاصطناعي ناهيك عن تعميم شبكات الربط بالمياه والغاز.