الإفطار الجماعي
مظهر للتآلف والتلاحم الاجتماعي
يعد الإفطار الجماعي من العادات المحببة التي لا يزال يحافظ عليها جزائريون في الشهر الفضيل، حيث تقام مبادرات مماثلة سنويا عبر أحياء ومدن عديدة، بل وأخذت الفعالية بعدا أكبر ولم تعد ضيقة تقتصر على الأزقة والأحياء و مبادرات الجيران والجمعيات، ذلك لأن العاصمة و قسنطينة شهدتا لسنتين متتاليتين تنظيم موائد ضخمة في وسط المدينة شارك فيها العشرات، وذلك بالتعاون مع هيئات رسمية وأصحاب علامات تجارية.
تتجلى روحانيات الشهر من خلال عادات مرتبطة بتعاليم الدين الإسلامي، الذي يحث على تكريس مظاهر الألفة والتراحم لتقوية الروابط الاجتماعية والقضاء على الخلافات، وموائد الرحمة التي تجمع الجيران والأصدقاء لتناول وجبة الإفطار، و عادة مستحبة يحييها الجزائريون سنويا كشكل من أشكال التضامن والتآخي.
ويجسد التجمع حول طاولة إفطار واحدة وانتظار صوت الآذان، لتقاسم حبات التمر وأكواب اللبن قبل الشروع في تناول الوجبة، أواصر الأخوة ويوطد الود والمحبة في قلوب الصائمين، وفرصة لاسترجاع الذكريات ولقاء من انقطع الوصل معهم، وتمرير رسائل إيجابية وجميلة للجيل الجديد.
وتجمع الموائد في الأحياء الجيران والأقارب على وجبات تحضرها ربات البيوت، ويشرف أبناء الحي على تنظيمها من خلال ترتيبات خارجية تتضمن تنظيف الحي و طلاء الجدران وجمع الطاولات، كما اتسعت هذه المبادرات كذلك في السنوات القليلة الأخيرة لتأخذ شكلا أكبر، حيث أصبحت هيئات ذات طابع رسمي تحرص على إحياء هذه العادة، كما تنظم مؤسسات تجارية خاصة موائد رمضانية كنوع من الترويج وتحرص على مد الطاولات لتجمع أكبر عدد من الصائمين.
وتبرز موائد الإفطار الجماعي التي احتضنتها عديد ولايات الوطن، خاصة الولايات الكبرى، صور تضامن وتكاتف الجزائريين في رمضان، حيث نظمت بلدية قسنطينة مؤخرا، بالتنسيق مع شركة خاصة إفطارا جماعيا بساحة دنيا الطرائف على شرف عائلات قسنطينية، وكان الحضور قويا.
فيما أبهر الإفطار الجماعي المنظم بالعاصمة والذي يعد الأضخم حتى الآن، مستخدمين عربا وخطف اهتمام فضائيات إخبارية، تناولت تقاريرها مظاهر الإفطار الجماعي بالعاصمة، وعنونت « تقاليد الجزائريين تبهر العرب»، وعلق البعض على موائد الإفطار بعبارة «رحلة روحانية واجتماعية تمتزج فيها العادات العريقة مع الأجواء الإيمانية».
أ ب