مشروع ترعاه محافظة الغابات بالوادي: "الصندوق المائي" .. بيئة مثالية لنمو الشجيرات

تسعى المؤسسات والجمعيات المهتمة بالتشجير بالوادي، إلى إيجاد سبل وتقنيات ناجعة لحماية الشجيرات خلال فترة نموها الأولى من شتى أنواع المخاطر وقسوة العوامل المناخية خاصة في المناطق الصحراوية و الصخرية، وتعد تجربة غرس الشجيرات داخل "الصندوق المائي" أو "الوتربوكس" من المبادرات الجديدة التي تتخذها محافظة الغابات لولاية واد سوف، كبيئة مثالية لنمو الشجيرات الجديدة وحمايتها من كل العوامل الخارجية التي قد تؤثر سلبا عليها، حيث تسعى ذات المصالح للتعريف بهذا النموذج الزراعي تعميم استخدامه في مشاريع التشجير بالمنطقة.
و أكد وليد قدوار، المحافظ الولائي للغابات  للنصر، بأن مصالحه اعتمدت هذا الموسم تقنية "الوتر بوكس" في عشر مناطق، أين تمت زراعة شتلات أشجار صغيرة داخل صندوق أخضر عبارة يشبه حاوية مياه بسعة نحو 16 لترا، مشيرا إلى أن هذه التقنية أثبتت نجاعتها في المحافظة على الأشجار و تسريع نموها خاصة في المناطق الصحراوية الجافة والصخرية.
ويحتوي "الصندوق المائي" حسب المحافظ،على غطاء داخلي بلون أسود يساعد على تكثيف المياه المتبخرة منه، إلى جانب منع مرور ودخول ضوء الشمس الذي يؤدي إلى تكاثر الطحالب، ناهيك عن منع أي كائن آخر من  الدخول أو تلويث المياه المخزنة، وذلك لضمان انتفاع الشجيرة من كل المياه التي تزود بها في كل مرة.
ويحتفظ هذا الصندوق وفق محافظ الغابات، بحاجة الشجيرة من المياه لأيام مع المساهمة  في توفير درجة حرارة مناسبة سواء في الصيف أو حتى في الشتاء، إلى جانب ضمان القليل من الرطوبة التي تحتاجها الشجرة حتى تستكمل نموها و امتداد جذورها في التربة.
و ذكر المتحدث، بأن الصندوق المائي مصمم بغطاء علوي يضمن الاستفادة من زخات المطر العابرة في موسم التساقط   أو تجميع قطرات الندى والصقيع أيام الشتاء، إذ تدخل  بانسيابية إلى حوض التجميع في الأسفل حتى تستفيد منها الشجيرة، إلى جانب تصميم فتحة خاصة عليها رمز بوصلة تحدد للمزارع الاتجاه الصحيح، كي يتسنى له وضعها في مواجهة الشمس عند شروقها مباشرة وقبيل غروبها.
و أشار، إلى أن هذه تقنية التي ابتكرها الهولندي "بيتر هوف" جربت في عدد من بلديات الولاية و على مستوى إدارة الجامعة التي وفرت مساحة للدراسة والتجربة و المتابعة الميدانية من طرف أساتذة وطلبة تخصص الفلاحة، إلى جانب غراس نفس الشتلات بطريقة عادية من أجل إثبات نجاعة التقنية المائية في البيئة الصحراوية حتى يتم تعميمها.
و أكد، أنها صديقة للبيئة من حيث مساهمتها في حماية الشجيرات الجديدة التي يتم جلبها كشتلات لمشاريع التشجير وتوفير المزيد من باقات الأشجار سواء داخل الوسط الحضري أو حتى خارجه، خاصة في ظل تزايد الحاجة لغطاء أخضر يوفر الأكسوجين ويقلل من درجات الحرارة المرتفعة، ناهيك عن التقليل من ظاهرة الاحتباس الحراري.
كما يستنجد بتقنية "الوتر بوكس" في المواقع البعيدة على غرار ولاية الوادي كمنطقة صحراوية، بحاجة لمساهمات كبرى لتوسيع الغطاء النباتي و الغابي في عمق الصحراء للتقليل من زحف الرمال، خاصة ما تعلق باستنبات بعض الأشجار الصحراوية في بيئتها و موقعها، وهي في معظمها نباتات لا تحتاج أصلا إلى الكثير من المياه بقدر ما تحتاج لحاضنة لاستكمال نموها.
و يمكن أن تساهم عملية تصنيع هذه الصناديق حسب وليد قدوار، في استهلاك كمية معتبرة من البلاستيك المعاد تدويره بدل تركه في الطبيعة و ما لذلك من انعكاسات سلبية على الأشجار والنباتات، كما ثمن المحافظ الولائي للغابات المبادرة التي قامت بها مصالح جامعة الشهيد حمة لخضر بالوادي بعدما خصصت جزءا من حديقة التجارب الزراعية لتجربة الزراعة وفق هذه التقنية بمشاركة أساتذة وباحثين لدراسة مدى نجاعتها في زراعة وغرس الأشجار الصغيرة بعد مقارنتها بالأشجار التي وفرت لها نفس الظروف خارج الصندوق.
وفي إطار التعاون بين الجامعات و الشركاء الاجتماعيين، دعا الأساتذة و الطلبة الباحثين إلى الاهتمام بهذه التقنية و تطويرها في مخابر البحث، ولما لا استحداث المزيد من المؤسسات الناشئة مع تسجيل براءات اختراع في هذا المجال تضمن تقديم نماذج جديدة لذات الصندوق وإدخال مواد قابلة للتحلل في الطبيعة كمواد عضوية بعد استكمال العمل بها.
كما لا يمكن أن نهمل الجدوى الاقتصادية لهذا المنتج حسبه نظرا لتكلفته المنخفضة كونه مصنع من مادة البلاستيك إلى جانب  العمره الافتراضي للصندوق و المحدد بخمس سنوات وهو ما يسمح بتكرار استعماله لأكثر من مرة داخل المستثمرات أو حتى خارجها.                    منصر البشير