تم، اليوم الثلاثاء بالجزائر العاصمة، إجراء أول عمليتي دفع إلكتروني للزكاة، باستخدام تطبيق "بريدي موب" وجهاز الدفع الالكتروني، وذلك بمناسبة إطلاق...
* وضع أسس صناعة ميكانيكية ناشئة حقيقية * اعتمادات تصنيع واستيراد السيارات من اختصاص مجلس الوزراء حصريا* إقحام مؤسسات المناولة الجزائرية شرط أساسي في صناعة...
* دعوة إلى تكوين سياسي عبر أطوار التعليم والمجتمع المدنيأكد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أمس الاثنين، أن ترقية انخراط الشباب في الحياة...
أكد وزير الشباب المكلف بالمجلس الأعلى للشباب، مصطفى حيداوي، أمس الاثنين، أن الجزائر تعيش اليوم لحظة فارقة تعكس الالتزام الصادق لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد...
انطلقت يوم أمس، فعاليات تظاهرة «الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية 2025»، في حفل رسمي احتضنه قصر الثقافة مفدي زكريا بالعاصمة، بحضور وزراء الثقافة لكل من الجزائر وموريتانيا والجمهورية العربية الصحراوية، وممثلين عن هيئات ثقافية.
وأكد وزير الثقافة والفنون، زهير بللو، في كلمته خلال مراسم حفل الافتتاح، أن هذه التظاهرة تترجم عمق الروابط التاريخية والثقافية التي تجمع الجزائر بشعوب موريتانيا والصحراء الغربية، مشددا على أن الثقافة، وفي مقدمتها الثقافة الحسانية، تعد ركيزة من ركائز التقارب والتكامل الإقليمي.
وأشار السيد بللو إلى أن انتقال مشعل التظاهرة من نواكشوط إلى الجزائر ليس مجرد رمز، بل دليل حي على وحدة المصير الثقافي المشترك بين شعوب المنطقة، مبرزا أن الثقافة الحسانية حاضرة في عدة مناطق من الجزائر، لاسيما الجنوب الكبير، على غرار تندوف، بشار بني عباس، توات، أدرار، برج باجي مختار، تیمیاوین، تمنراست واليزي، وغيرها من المناطق التي تحتفظ إلى اليوم بتقاليدها الحسانية الأصيلة، وتُجسد بذلك عمق الجذور الثقافية والروحية التي تربط الجزائر بجوارها الإفريقي والعربي، حيث ما تزال التقاليد الحسانية الأصيلة – كما ذكر - متجذرة في الحياة اليومية، ومعبّرة عن امتداد حضاري وروحي مشترك.
وقال ‹› إن تسلم الجزائر مشعل هذه التظاهرة من أشقائنا في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، ليس مجرد انتقال رمزي بل هو تجسيد حي لعمق الروابط التي تربطنا بهم، وبكل الشعوب الشقيقة التي تشترك معنا في هذا الفضاء الثقافي الرحب، وفي طليعتها الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية التي نتقاسم معها الخصوصية الحسانية بكل مكوناتها التاريخية والاجتماعية واللغوية والفنية››.
كما أكد الوزير أن الجزائر، وهي تحتضن هذا الحدث الثقافي البارز تؤكد التزامها المتواصل بدعم التنوع الثقافي، باعتباره أحد مقومات الهوية الوطنية، مبرزا بأنه ومنذ انطلاق التحضير لها، تم الحرص على أن تكون محطة ثقافية شاملة ذات بعد استراتيجي، قادرة على الإحاطة بكل تجليات الثقافة الحسانية، والتأسيس لرؤية متكاملة لتثمين هذا التراث، وتقديمه في أبهى صوره للأجيال الصاعدة.
ولهذا الغرض، - يضيف وزير الثقافة والفنون - تم إعداد برنامج ثقافي وفني غني ومتنوع، يشمل معارض حية تجسد نمط الحياة الحساني بكل تفاصيله من اللباس إلى الحرف، ومن العادات إلى الفنون، ومن الذاكرة الجماعية إلى الممارسات اليومية. كما يضم البرنامج فعاليات سينمائية نوعية، تُسلط الضوء على الأبعاد الجمالية والاجتماعية للثقافة الحسانية، وتُعيد تقديمها للجمهور بوسائط حديثة تخاطب وجدان الشباب وتخترق الذاكرة البصرية المعاصرة.واشار الوزير بذات المناسبة، إلى أن الديوان الوطني للحظيرة الثقافية لتيندوف يعمل منذ سنوات على حماية هذا الموروث وتثمينه، من خلال عدة مبادرات ومشاريع ميدانية، من خلال الاهتمام بعملية جمع وتوثيق الموروث الحساني، خاصة العناصر الشفوية، مثل الشعر الملحون، والأغاني التقليدية، والحكايات، ويقوم برقمنتها للحفاظ عليها من الضياع، كما يعمل على تنظيم تظاهرات ثقافية تبرز جوانب مختلفة من الثقافة الحسانية، وتتيح للمجتمع فرصة التفاعل مع تراثه والتعريف به على نطاق أوسع. وفي ذات السياق، كشف بللو عن إطلاق مشاريع ثقافية نوعية تهدف إلى إبراز هذا الموروث، من بينها طباعة مؤلفات أدبية حسانية، والإعداد لإنتاج أفلام وثائقية وسينمائية تعرف بالثقافة الحسانية على الصعيدين الوطني والدولي، إلى جانب التنسيق مع شركاء من موريتانيا والصحراء الغربية لوضع خطة عمل ثقافية مشتركة.
من جانبه، اعتبر وزير الثقافة الموريتاني، الحسين ولد مدو، اختيار الجزائر عاصمة للثقافة الحسانية، اختيارا ذا دلالة كبيرة، لأنه يعكس عمق الموروث الثقافي المشترك الذي قال إنه لطالما شكل جسرا للتواصل بين شعوب لم تكن الحدود السياسية عائقا أمام تلاقيها، بل رسمت مساراتها القوافل والشعر والذاكرة.وبعد أن تحدث بإسهاب عن ‘’هذا الموروث الثقافي الباهر الذي يشكل أحد أبرز ملامح وتجليات الذاتية الحضارية للفضاء الصحراوي الكبير الممتد بعيدا في الزمان والمكان’’، أكد السيد ولد مدو بأن الثقافة الحسانية واكبت في موريتانيا، حركة التدوين والبحث العلمي فصدرت عنها عشرات البحوث والأطروحات والكتب والمعاجم والمقاربات النقدية مما أتاح فهما أعمق لبنياتها المعجمية والدلالية والأسلوبية وجعل منها حقلا علميا رحبا.وأشار الوزير الموريتاني في ذات الوقت إلى أن استحداث اتحاد خاص بأدباء الحسانية، في بلاده ‘’مساو تماما لاتحاد أدباء الفصيح بما يعكس إرادة واضحة في إنصاف هذه الثقافة وتمكينها من أداء دورها في بناء الوحدة والتنوع».
أما وزير الثقافة بالجمهورية الصحراوية، موسى سلمى لعبيد، فثمن احتضان الجزائر لهذه التظاهرة، واصفًا إياها بأنها محطة نضالية تعيد الاعتبار للثقافة الحسانية كأداة مقاومة ضد النسيان، ومكون أساسي في الحفاظ على الهوية الصحراوية الممتدة في جذور التاريخ.بدوره، نوه رئيس الاتحاد العالمي لأدباء الحسانية، الدوه ولد بنيوك، بأهمية الحدث، واصفًا إياه بالتظاهرة الجامعة، التي توحد تحت سقفها شعوب الجزائر وموريتانيا والصحراء الغربية في لحظة وفاء ثقافي للإنسان الصحراوي وتراثه العريق.
وتُعد الثقافة الحسانية أحد أبرز المكونات الثقافية في فضاء الصحراء الإفريقية الكبرى، سيما في الجزائر والجمهورية العربية الصحراوية والجمهورية الإسلامية الموريتانية، وهي ثقافة شفوية بالأساس، تنبض بالحكايات والأساطير والشعر الحساني، الذي يُعرف بجزالة تعبيره وثرائه الرمزي.
وتعتمد هذه الثقافة على اللغة الحسانية، وهي لهجة عربية غنية استعارت بعض مكوناتها من الأمازيغية والإفريقية، وتُستخدم في الشعر، والغناء، والحِكم، وطقوس الحياة اليومية. وتزخر الثقافة الحسانية أيضًا بموروث غني في اللباس والموسيقى وفنون الطهي، مما يجعلها مرآة حية لذاكرة الإنسان الصحراوي وهوية الصحراء العميقة.
تجدر الإشارة إلى أن تظاهرة «الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية» لعام 2025 تنظم من طرف وزارة الثقافة والفنون، بالتعاون مع الاتحاد العالمي لأدباء الحسانية، وتدوم إلى غاية يوم غد الاثنين.
عبد الحكيم أسابع