تم، اليوم الثلاثاء بالجزائر العاصمة، إجراء أول عمليتي دفع إلكتروني للزكاة، باستخدام تطبيق "بريدي موب" وجهاز الدفع الالكتروني، وذلك بمناسبة إطلاق...
* وضع أسس صناعة ميكانيكية ناشئة حقيقية * اعتمادات تصنيع واستيراد السيارات من اختصاص مجلس الوزراء حصريا* إقحام مؤسسات المناولة الجزائرية شرط أساسي في صناعة...
* دعوة إلى تكوين سياسي عبر أطوار التعليم والمجتمع المدنيأكد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أمس الاثنين، أن ترقية انخراط الشباب في الحياة...
أكد وزير الشباب المكلف بالمجلس الأعلى للشباب، مصطفى حيداوي، أمس الاثنين، أن الجزائر تعيش اليوم لحظة فارقة تعكس الالتزام الصادق لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد...
تستقبل مدينة قسنطينة هذه الأيام، أعدادا متزايدة من الزوار المحليين والسياح الأجانب، ورغم أنها ليست مدينة ساحلية إلا أن موسم الاصطياف يحقق استقطابا كبيرا، لذلك تكيف المؤسسات الثقافية في الولاية برامجها مع المستجدات، كونها تعتبر محطات رئيسية في المسار السياحي المحلي، فيما يزدهر نشاط مرشدين سياحيين شباب بينهم من يشتغلون بصفة دائمة، ومنهم من ينخرطون تطوعا في عملية الترويج والإرشاد السياحي، من باب حبهم للمدينة و عشقهم لهذا المجال كذلك، ويضبط الجميع في سيرتا البوصلة على توقيت الصيف لاستقبال وتوجيه السياح، حيث يتم الاشتغال على برامج تشمل الثقافة، والعمران، و التاريخ، و الإطعام، وخصوصا التراث بمختلف روافده.
تعد مدينة قسنطينة سِجِّلا يضج بمعلومات وتفاصيل تثري زيارة السائح وتجعلها ممتعة، حيث تأثرت الحركة السياحية فيها بعدة عناصر تجعل القادم إليها يستغل تواجده بها ليجمع أكبر قدر من المعلومات، سواء من مرشدين سياحيين يسهلون مهمة التجول في الشوارع والأزقة، أو حرفيين يلتقي بهم هؤلاء، وحتى مسيري مكتبات يفيدونهم في الجانب العلمي والثقافي للمدينة، وتستدعي المهمة توفر خصائص تمكن من الترويج الأمثل للمدينة وتنقل صورة حسنة عنها، و تربط السائح بها وجدانيا.
رصدت النصر، من خلال حديثها مع بعض أبناء المدينة المهتمين بتراثها والحفاظ على مكانتها السياحية، بعض أساليب الترويج السياحي والثقافي وتحدثنا مع شخصيات محلية مثل فؤاد عزي صاحب أشهر دار للحرف، وعبد الحميد ربيعي مسير مكتبة بلوزداد، والمرشدة السياحية شهرزاد مانع، عن تطلعاتهم للموسم و تحضيراتهم لاستقبال ضيوفهم من أجانب وحتى زوار محليين، وكيف يمكن للمساهمة الجماعية والتنسيق المشترك بين مختلف الفاعلين، أن تحقق نجاح الموسم وتضمن استمرارية الاستقطاب على مدار السنة، خصوصا وأن هؤلاء الأشخاص وغيرهم يعتبرون واجهة المدينة وانعكاسا للثقافة السائدة فيه، بل ونموذج مصغر عن المجتمع المحلي الذي سيتحدث عنه السياح للأخرين عند عودتهم إلى بلدانهم، أو من خلال المحتوى الذي ينشرونه على مواقع التواصل الاجتماعي.
rصاحب دار عزي للتطريز ومصمم الأزياء، فؤاد عزي
الحرفيون والتجار هم واجهة المدينة
اعتبر صاحب دار عزي للتطريز ومصمم الأزياء المعروف فؤاد عزي، أن الصناعات التقليدية مرتبطة بالسياحة، لذلك يجب على الحرفيين والتجار التحلي بالكرم وحسن الاستقبال للترويج لصورة حسنة عن المدينة وسكانها، وذكر أن المحلات المتخصصة في بيع التحف التذكارية، والأواني النحاسية، والأزياء التقليدية، نقاط جذب رئيسية للسياح سواء الأجانب أو المحليين.
مردفا، أن هذه القطع بمثابة «ألبوم» يستعيد السائح من خلاله ذكريات قضاها في المدينة التي زارها، وعبر عزي، أن التحفة هي قصة في حد ذاتها ينطلق السائح من خلال الحديث عنها، في وصف قسنطينة وأهلها فيروي لغيره تجربته في المدينة وقد ينصحهم أيضا بزيارتها، لذلك وجب الاستثمار في هذه التذكارات والتركيز على إبراز تنوع وثراء المدينة من خلالها، عبر تجسيد الأبواب، والجسور، بالإضافة إلى استغلال كل ما تجود به الصناعات التقليدية عموما.
وتحافظ دار عزي للتطريز وفقا للمتحدث، على عادات تستقبل بها الزوار مثل إعطائهم قارورة ماء تروي عطشهم خصوصا في فصل الصيف أين تكون درجة الحرارة مرتفعة، وهي بادرة حسنة لكسب الضيف وجعله يطمئن لأهل المدينة.
تجربة عصية عن النسيان
وقبل عرض السلع المتواجدة في المحل، يستضيفون الزائر في صالون مخصص لاستقبال الزوار ليستريح، ومن وصف واستعراض الزي التقليدي يعرجون للحديث عن تاريخ المدينة، وتراثها، وتعامل سكانها مع الضيوف، وطقوسها الاحتفالية في الأعراس وحفلات الختان والتسنين. وعقب مصمم الأزياء، أنها تجربة لا يستطيع السائح نسيانها إلا نادرا.
كما يستغلون في الدار، إعجاب المعني بالزي التقليدي ليعرفوه على المناسبة المخصصة لارتدائه مثل «القندورة» بألوانها السبعة التي ترتديها المرأة يوم زفافها، و يسردون عليه بعض القصص والتفاصيل عن هذا اليوم و يستعرضون دليل العادات، خصوصا المشهد الأخير حين يقوم شخص اسمه «محمد» بلف خصر العروس بحزام ذهبي، في طقس احتفالي للإعلان عن انضمامها رسميا إلى العائلة.
ويقول عزي، إن السياح ينجذبون إلى هذه القصص و يحبون التعرف على العادات المحلية، لذلك يحدثهم كذلك عن التفاصيل التي تكمل يوم العرس، فيبدون اهتماما و يتفاجؤون أحيانا حين يعلمون أن العروس في قسنطينة، بعدما ترتدي حزامها الذهبي تدخل مباشرة إلى المطبخ لتحضر الأكل لعائلتها الجديدة، وهكذا يبدأ حديث آخر عن المطبخ التراثي وعن قيمة الدين الإسلامي في المجتمع القسنطيني، وأهمية رابطة العائلة والسعادة التي تغمر أفرادها عندما ينضم إليها فرد جديد.
ولفت محدثنا، إلى أن السائح يقرأ من خلال العناصر الثقافية التي يتضمنها اللباس التقليدي صفحة من صفحات تاريخ مدينة ووطن بأكمله، و كلما ذُكر أمامه نوع معين من اللباس مثل «الكاراكو»، أو «لقويط» حجز تذكرة سفر إلى حقبة زمنية غابرة، ينتقل منها للتعرف على مقومات سياحية أخرى منها المعالم الأثرية و المتاحف وغيرها.
وعلق عزي قائلا :»أحيانا ينتقل بنا الحديث لتوجيه الضيف نحو قصر أحمد باي على سبيل المثال، فنرسل معه شخصا يسهل مهمة التجول في أرجائه وكلها أساليب ترويجية تربط السائح بقسنطينة، وتحيي ذكراها في ذهنه».
rمسير مكتبة بلوزداد
عبد الحميد ربيعي
نقدم المحبة ونغذي الفضول لاستقـطاب الســياح
من جانبه، قال مسير مكتبة بلوزداد عبد الحميد ربيعي، إن عمل المكتبات أصبح متنوعا بفضل نشاط الحركة السياحية داخل مدينة قسنطينة، حيث أصبحت جزءا من البرنامج السياحي للزوار خصوصا الأجانب عكس ما كانت عليه في السابق، كما تأثرت وظيفة الكتبي الذي وجد نفسه وسيطا بين الزائر ومدينته من ناحية الترويج السياحي والتعريف بالعلماء والشخصيات الأدبية والفنية المحلية.
ويستغل عبد الحميد، تواجد المكتبة بوسط المدينة ليبرز في واجهتها الزجاجية كتيبات سياحية عن الزي التقليدي، الموسيقى، والطبخ القسنطيني، وكتبا تتحدث عن تاريخ الجزائر باللغة الإنجليزية، وتعرف هذه النوعية من الإصدارات حسبه، إقبالا من السياح بالإضافة إلى الكتب التي تحتوي على صور المعالم الأثرية والخرائط، وأشار إلى ضرورة الالتفات إلى النشر والتأليف في مجال السياحة، لأن السياح وفقا له يتعلقون بالمدن التي يقرؤون عنها ويقضون يوميات مع سكانها بين السطور. كما لا يغفل الكتبي، عن التعريف بالقامات الأدبية والعلمية المشهورة في قسنطينة، من خلال اقتراح عناوين معينة مثل روايات مالك حداد، مضيفا أنه يتشارك معهم اقتباسات تذكر تاريخ «سيرتا».
ووفقا لمسير مكتبة بلوزداد، عبد الحميد ربيعي، فإن الكتبي يجب أن يكون مطلعا على تاريخ مدينته وتراثها، فضلا عن تطوير رصيده الثقافي بالاعتماد على قراءة ملخصات كتب حتى يستطيع مساعدة الزائر وتوفير ما يحتاجه، وذكر أيضا تحليه بخصال طيبة ليروج لصورة حسنة عن أفراد مجتمعه.
rالمرشدة السياحية
شهـرزاد مانع
المـرشد السيـاحي صورة لأبنــاء ولايته
تربط المرشد السياحي وزوار المدينة علاقة أخوية طوال اليوم الذي يقضونه سوية فيصبحون كعائلة، هكذا عبرت المرشدة السياحية شهرزاد مانع عن طبيعة نشاطها، قائلة أيضا إن سلوك المرشد يساهم في ترسيخ صورة حسنة لدى السائح أو الزائر لمدينة الجسور المعلقة. ومن الصفات التي يجب أن يتحلى بها الدليل، ذكرت حس الدعابة حتى لا يشعر الزائر بالملل، الشخصية القوية والدبلوماسية في التعامل، وأن يكون محاورا ومستمعا جيدا، وصبورا على ضيفه الذي يكون في العادة متعطشا للحصول على معلومات كثيرة.
وقالت شهرزاد، إن للمرشد السياحي دور مهم في تنشيط الحركة السياحية وبفضله يتعرف الزوار على تاريخ قسنطينة، تراثها المحلي، معالمها الأثرية فيتعلقون بها وتعيدهم الذكريات الجميلة التي احتفظوا بها إلى زيارتها.
وترى الشابة، أن المرشد يجب أن يطور من نفسه من خلال البحث الدائم وقراءة الكتب، والاتصال بباحثين في مختلف المجالات العلمية، والسكان القدامى لجمع قدر كاف من المعلومات العلمية، والقصص التاريخية والأساطير التي تستهوي الوافدين.
إيناس كبير