محمّد رفيق طيبي
أركُنُ القَلبَ فِي أَوَلِ شَارِع وَأغلِقُهُ بِحَاكُوم مُهَشَم
تَخْرُج مِن أبوَابِهِ الفَرَاشَاتُ والأشوَاكْ
تَتَسَابَقُ كاسِرَةً حَاجِزَ الزَمَنْ
 تَقضُ ذَاكِرَة مِن اسمَنْت
لتَشِي لعَصَافِير لا تَطِير
بأحَادِيثَ سِيرَازْ (1) التي أحرَقَتِ المدَاخِنْ
.....
قَلبِي مدخَنَة لا تَبُوحُ بِدُخَانِها
كَعَينٍ رَأتْ عَينَ مَريَم وَلَمْ تَبْكِ!
لَم تَبُح بِالدَمعِ خَوفًا مِنْ غُول عَرَبِي
يَسخَرُ مِنْ عَاشِقٍ لا يَنَام الليلَ!
فُؤاد يَسبَحُ بِنَهرِ الخَسَارات وَيَضُمُني
يُعِيدُنِي إليّ، قَائلِا بِفَمٍ مِنْ حِجَارَة:
تَتَذكَرُ أوَلَ الصَيفْ!
أنطِقُ بِخوفِ بَكَارَة مِنْ عَرَبي:
أتَذَكَرُ مَريَم بِعُري قِطَةٍ مِنْ مَخَالِبِهَا
...
صَيفٌ مِنْ عَسَلِ الأغَانِي بِهَوَاء حَامِضْ
تَجُرُه إلينَا مِروَحَة مُكَيَفٍ مُعَطّل
صَيفُ خَانَة للدَردَشَة تَقُولُ فِيهَا عَانِسٌ:

يا نَائِما الليل المسرُوق مِني تَعَرَقَا وَأغلِقَا المُكَيفْ
وَحدَكُمَا سَتَعْرِفَانْ بَعْدَ حِينْ
نِعمَةَ التَعَرُق يَسْقِي الصَبَارَ النَابِتَ عَلى مَضِيقٍ
مؤدٍ إلى هَاويَة!

السَمَاءُ بَيضَاء والقُلُوب رَصَاصِيَة
تَسْألنِي وَنَحنُ نَقْطَعُ آخِرَ السُلَم:
هَل نَسِيتَ خِيَانَتِي؟
تَرُدُ الذِكرَيَاتُ بِصَوتِ تلامذة الصَفِ الأوَل
لاااااا!
الخِيَانَة الأولَى مُقَدِمَة لوَفَاء أبَدِي
سَتَعْرِفينَ أنّ قَلبِي شُعلَة
تُطفئ الآخَريِن فِيكَ.
نَمضِي بِهَشَاشَةِ الصِيصَانْ نُفَتِشُ الأجسَادَ
نَنْقُرُ اللغَةَ/السَاقِيَة التِي جَفَّ رِيحُهَا
لتَتَفَتَقَ حَدَائِقٌ مِنَ ياسمين
وَمِنْ قَدَمَيكِ يَسيلُ عَنبر
جَدَاوِل وَأنهَارٌ مُنْفَلِتَة مِنْ عَطَشِ دَلْوٍ
إلى قَطرَة أخِيرة تَطْرُقُ الوَدَاعَ
...

سَألتُكِ عَنْ آخِرِ تَنهِيدَة: مَتَى؟
قُلتِ: قَبْلَ أن نَحْلُمَ بالحَيَاة مَعا
أي قَبْلَ أن أولَدَ بِسَنَة وَنَيف
حِينَ قَطَفَ رَجُلٌ مَهزُوم أملا وَمَضَى
مُدَعيا تَبشِيرَ جَسَدِي بالضَوْء
فَادلَهَمّتْ المِسَاحَاتْ وَتَبَخّر الكَلاَمُ
مَاتَ ابتِغَاءُ الحُبِ بِلعنَةِ رَجُلٍ
يَكِفُرُ بالقُبَل
وَيَدِينُ بِالغَبَاءْ!
......................................................................
                             سيراز هو الاسم الفرنسي لمدينة بليمور (برج بوعريريج) حيث يقصد بها في القصيدة غابة تقع على إقليم المنطقة

الرجوع إلى الأعلى