لقد دأب علماء الشريعة على تقسيم الواجب إلى عدة أقسام ومن بين هذه التقسيمات أقسام الواجب باعتبار الزمن وما يكتنفها من أحوال وظروف وأزمات، ولقد اصطلح العلماء بمختلف مشاربهم على أن من خاض تنظيرا وتقعيدا في زمن من الأزمنة تحتاج فيه الأمة إلى ضرورة من ضروريات الحياة أو حاجة من الحاجيات في قضايا لا تمت لما تعانيه الأمة من مشاكل وجوائح فقد خان الله ورسوله والأمة قاطبة؛ فيجب على الإنسان أن يتجاوب مع ضرورات زمانه واحتياجات عصره وهذه عين الفقه الذي تحتاجه الأمة الإسلامية.

 و أبرز تحدي تعيشه الأمة الإسلامية بصفة خاصة والبشرية قاطبة جائحة كوفيد 19 وقد عرف الفقه اجتهادات كثيرة في ظل هذه الجائحة، حيث عقدت ملتقيات وطنية ودولية وقدمت بحوث ودراسات في شتى القضايا والمسائل ولا بأس أن نعيد للتذكير ببعض هذه النقاط وجوب الاحتياط والأخذ بالأسباب كاحترام التباعد الاجتماعي وعدم التجمع، ويكفي العزاء والتهنئة بالهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي، ولا يعتبر ذلك من قطع الأرحام؛ بل  ذاك ضرب من صلة الأرحام ويجزئ عن الزيارة الميدانية، كما لا ينبغي الأخذ على الخاطر عند عدم المصافحة أو التقبيل والاكتفاء بالإشارة باليد. ووجوب ارتداء الكمامة عند دخول الأماكن العامة والتجمعات، والتلقيح بعد استشارة الأطباء لمن يعاني بعض الأمراض فهم أهل التخصص الذي يعول على قولهم .
والإصابة بهذا الوباء وغيره من الأوبئة ليس عقابا إلهيا للشخص؛ بل هو ابتلاء للمؤمنين وعقابا للكافرين وتنبيها للغافلين، فلا يتبادر إلى ذهن شخص  ما أن يكتم إصابته ويوقع الضرر بالآخرين؛ ففي حالة ظهور بعض الأعراض أو احتمال الإصابة أو التأكد من الإصابة فإنه يحرم على الشخص الاختلاط والزيارة دون إخبارهم لأخذ الاحتياطات اللازمة، وفي حالة نقله للعدوى فإنه يأثم شرعا لأنه متسبب في إضرار الآخرين؛ بل ربما يتسبب في قتل الآخرين وهي مخالفة صريحة لقوله تعالى: {ولا تقتلوا النفس التي حرّ م الله إلا بالحق} وقوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} ومخالفة لقوله صلى الله عليه وسلم: {لا ضرر ولا ضرار}.
ووجوب التكافل والتعاون بين أبناء الأمة الإسلامية وخاصة في الجزائر، وتوفير الاحتياجات اللازمة وخاصة الضرورية كتوفير الأكسوجين، والأصل أن ينبري لذلك جهاز الدولة، وتوجيه الإنفاق وترشيده والاستغناء عن الكماليات وتوجيه ميزانية الكماليات والترفيهيات لهذه الضروريات لأننا في غنى عن الحفلات الترفيهية والمهرجانات والمقابلات الرياضية،كما يجب أن تتعاون مؤسسات المجتمع المدني بمختلف صيغها وأشكالها مع الجهات الوصية وبتفعيل دور الأغنياء وحثهم على التبرع أو إخراج أموال الزكاة  حتى ولو كان ذلك من أموال الزكاة، ويدخل ذلك في سهم في سبيل الله، وهو سبيل لإحياء الأنفس.
كما ينبغي الضرب بيد من حديد ومعاقبة المفسدين والمضاربين والمتاجرين بأرواح الناس كائنا من يكون والمحتكرين للسلع والأدوية التي يحتاجها الناس؛ بل وحتى الخدمات إذ كل ذلك يدخل في مفهوم الاحتكار الممنوع شرعا؛ حتى يرفع الله تعالى الوباء بفضله وكرمه.

منظمة الصحة العالمية
 اللقاحات حلال وتتوافق مع الشريعة الإسلامية
قالت منظمة الصحة العالمية إن اللقاحات المضادة لفيروس كورونا حلال، ولا تحتوي على أي مكون حيواني من أي نوع كان. وقالت في صفحتها الرسمية على «فيسبوك»، نقلا عن وسائط إعلامية إن اللقاحات المضادة لفيروس كورونا حلال وهي متوافقة مع قوانين الشريعة الإسلامية، ولم تبين المصادر التي استندت إليه المنظمة.
وتأتي هذه الفتوى بعد أن أثار اللقاح فور بدء تسويقه موجة نقاش فقهي كبير على مستوى المؤسسات والمجامع واللجان الفقهية، والشخصيات العلمية حول حكم تعاطيه وما العناصر المكونة له؛ قبل أن يحسم الأمر لصالح الإباحة؛ ليس فقط لأن الضرورة تجيز الإقدام على أمر ولو كان محظورا ولكن لأن المكونات لا علاقة لها بما هو محرم شرعا.

وصول أول فوج من المعتمرين للمسجد الحرام بعد الانتهاء من الحج
بدأت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي باستقبال أول فوج من المعتمرين، بعد عودة العمرة عَقَبَ الانتهاء من موسم حج هذا العام.
ويأتي هذا الاستقبال وسط منظومة من الخدمات والإجراءات الاحترازية داخل المسجد الحرام، والتدابير الوقائية التي فعلتها الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، وذلك من أجل سلامة وصحة المعتمرين.
واستنادا لوسائط إعلامية فقد أكدت الرئاسة أنها هيأت مع الجهات المعنية تنظيم دخول المعتمرين إلى الحرم المكي عبر أبواب محددة، وفق تنظيم وترتيب الإجراءات الاحترازية وتطبيق التباعد الجسدي أثناء تأدية مناسك العمرة، من خلال المسارات الافتراضية والمواقع المحددة التي يؤدون فيها الصلوات.

تحذيرات شرعية من لعبة «فوركس» (FOREX)
حذرت بعض الهيئات الفقهية من لعبة فوركس وعدتها محظورة شرعا، وفي هذا الصدد أصدرت دار الإفتاء المصرية تحذيرات بشأن ما يطلق عليه «فوركس (FOREX)، وهو معاملة مستحدثة تتعلق بمبادلة العملات الأجنبية في عدد من الأسواق العالمية. واستنادا لوسائط إعلامية فقد أجاب مفتي مصر على  سؤال حول بيان الحكم الشرعي في «الفوركس»، قائلا: «بعد بحث ودراسة مستفيضة لهذا النوع من التعامل، ترى دار الإفتاء المصرية تحريم معاملة الفوركس والمنع من الاشتراك فيها، لما تشتمل عليه ممارستها من مخاطر على العملاء والدول، وقد أفتت بذلك أيضا بعض المؤسسات الفقهية، كمجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة».
وحذرت دار الإفتاء من «فوركس»، في حين لفتت مصادر إعلامية منها صحيفة «الوطن» إلى أنه عبر هذا البرنامج يدفع العميل مبلغا من العملات الأجنبية يقوم بإيداعه لوسيط، هو شركة سمسرة أو بنك أو غير ذلك، ويقوم الوسيط في المقابل بإضافة مبلغ من العملات لرفع مقدار ذلك الرصيد المودع في حسابه؛ وذلك لتعظيم القدر المالي الذي يدفعه المتعامل لزيادة نسبة المتاجرة في صفقات التبادل، وقد يصل المقدار الذي يضعه الوسيط في حساب العميل من خمسين ضعفا إلى خمسمائة ضعف مما أودعه المستثمر في حساب هذه الصفقة، ويقوم الوسيط بمبادلتها بعملات أخرى لصالح هذا المستثمر. تجدر الإشارة إلى أن «FOREX» هي اختصار لـ«Foreign Exchange»، أي: «صرف العملات الأجنبية».

يجوز للحاكم المسلم الحد من حركة المواطنين وتجمعاتهم للضرورة
يتساءل البعض هل للحاكم أن يمنع المواطنين من التجمهر وأن يحرمهم حق السهر والتمتع في فضاءات الدنيا في مجال زمني بسبب جائحة كورونا مثلا؟ هذه المسألة وددت أن أناقشها لما آلت إليه الأوضاع اليوم في البلدان الإسلامية وفي الجزائر خاصة؛ فالفقهاء قديما وحديثا اتفقوا على عدم جواز مخالفة ولي الأمر فيما ثبت قطعا من أحكام الشريعة من الحلال والحرام واختلفوا في ما سكت عنه الشارع الحكيم أو جعل فيه الخيار «المباح» هل يجوز لولي الأمر تقيده أم لا ؟
فجمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة قالوا إنه يجوز لولي الأمر أن يقيد المباح مطلقا بالمنع أو بالإيجاب إذا كان في ذلك مصلحة وهناك قول آخر عند الظاهرية وعند بعض الشافعية أنه لا يجوز لولي الأمر أن يقيد المباح مطلقا ، وبما أن جمهور الفقهاء قالوا  لولي الأمر أن يقيد المباح فلهم أدلتهم في ذلك ، فالله سبحانه وتعالى قال« يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم » وقوله صلى الله عليه وسلم «السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكرهه ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة» وكذلك منع النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب أن يتزوج ببنت أبي جهل قال « إن فاطمة بضعة مني وإني أكره أن يسوءها والله لا تجتمع بنت رسول الله  وبنت عدو الله عند رجل واحد » وفي رواية « وإني لست أحرم حلالا ولا أحل حراما ولكن لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله مكانا واحدا أبدا» هذا أيضا فيه دليل على أن لولي الأمر أن يقيد المباح إذا كان في ذلك درء للمفسدة وكذلك منع النبي صلى الله عليه وسلم ادخار لحوم الأضاحي روي أنه «قال من ضحى منكم فلا يصبحن في بيته بعد ثالثه شيئا، فلما كان في العام المقبل قالوا يا رسول الله نفعل كما فعلنا عام أول فقال لا إن ذاك عام كان الناس فيه بجهد  فأردت أن يفشوا فيهم» ووجه الاستدلال أن ما  صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم يعد تقييدا للمباح -في ادخار لحوم الأضاحي- والمنع منه تحقيقا للمصلحة العامة على جواز تقييد المباحث لولي الأمر إذا تعرضت البلاد لظروف استثنائية تتطلب التقييد  ، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد فنهى الحاضر العالم بالسعر أن يتوكل للبادي الجانب للسلعة لأنه إذا توكل له مع خبرته بحاجة الناس أغلى الثمن على المشتري، فنهاه عن التوكل له مع أن جنس الوكالة لما في ذلك من زيادة السعر على الناس وكذلك ما ورد عن عمر بن الخطاب من منعه الزواج من الكتابيات فقد بلغه تزوج حذيفة من يهودية فكتب إليه عمر أن خلي سبيلها فكتب إليه إن كانت حراما خليت سبيلها فكتب إليه إني لا أزعم أنها حرام ولكني أخاف أن تعاطوا المومسات منهن، إن عمر منع الزواج من الكتابيات من باب تقييد المباح من المفاسد وقد أمر الشارع الحكيم بالاقتداء بهدي الخلفاء الراشدين حكما ومحكومين، وكذلك أمضى عمر بن الخطاب طلاق الثلاث واحدة، عن ابن عباس كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافه عمر طلاق الثلاث واحده فقال عمر بن الخطاب إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم وفعل عمر مخالف للشارع، إلا أنه لم يغير أمرا لازما وغاية ما فيه أنه منعهم من الرجعة التي أباحها الله تعالى في الطلقتين الأولين أن يمنع الناس من بعض المباحات زجرا لهم وعقابا على ارتكابهم المحظور ، كما قيد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه حيث منع الصحابة من السفر خارج المدينة إلا بإذنه، وإلى أجل للاحتياج إليهم ، وجه الدلالة التنقل والخروج من البلاد مباح للأفراد ولكن عمر رضي الله عنه بصفته خليفة للمسلمين قيد هذا المباح لهم
 فإذا لولي الأمر المكلف بمهمة تدبير أمور العامة وربطها بمصالحها قد تستلزم هذه المهمة التصرف في بعض الأحكام بحسب ما يرتبط بالأفعال من المصالح الطارئة والمفاسد التي تتجدد فلو منع العقود لمصلحه طارئة واجبه الرعاية وكانت جائزة نافذة فإنها تصبح بمقتضى منعه باطلة أو موقوفة ، فلولي الأمر أن يقيد المباح لضرورة المصلحة العامة وأن يمنع الرعية من التجمهر ،لأي سبب كان .

الرجوع إلى الأعلى