توفي، مساء أول أمس، بمدينة تبسة، الفنان التشكيلي القدير و  البيطري بدري زغلول، عن عمر ناهز 75 سنة، متأثرا بإصابته بفيروس كورونا،  تاركا وراءه رصيدا كبيرا من اللوحات التشكيلية التي تحاكي تاريخ ولاية تبسة، و عادات و تقاليد سكانها، بالإضافة إلى عشرات المنمنمات و اللوحات الفسيفسائية.
كان الفقيد مولعا بالتراث والتاريخ و واعيا بمتغيّرات الظرف والمكان، فله بصمة حضور في خطاب فني أبعد ما يكون عن المحاججة و المباشراتية، مبني على متلازمة الحوار والجمال.
الدكتور بدري زغلول هو ابن الشاعر و العلاّمة و عضو جمعية العلماء المسلمين المجاهد المرحوم  بدري عبد الحفيظ، متحصّل على شهادة الدكتوراه من جامعة المجر، وحصل على التوجيه في الفن من طرف عدّة فنانين كبار، منهم محمد إسياخم، و باية، و فارس بوحاتم، و الهادي سلمي، و كان يعرض أعماله الفنية منذ سنة 1984، كما سبق له أن أصدر قصصا للأطفال، و شغل منصب مدير المصالح البيطرية بوزارة الفلاحة،  بالموازاة مع إبداعاته كفنان تشكيلي ورائد في المنمنمات و تشكيل الفيسفساء، رغم أنهما من الفنون  الصعبة و القليل من يمارسهما، وللفقيد العشرات من اللوحات المتنوعة، وشارك في العديد من المعارض المحلية و الوطنية، ضمن قطاع الثقافة بالولاية، ومديرية السياحة، و غرفة الصناعات التقليدية.
المتأمل للوحات الفقيد، يجد أنه كان يحرص على التركيز على مضمون اللوحة من خلال رسائل متعدّدة المواضيع، تتناول شتى قضايا الراهن العربي، و تتناول التراث الجزائري الأصيل، الثري بالمعالم و الجمال، وتبدو لوحاته كأنها في حوار مفتوح مع الجمهور، تلتقطه رغما عنه، ليثبت في مكانه قبالة اللوحة مباشرة، ينتظر ما تقوله في وشوشة تنبعث منها المعاني و الألوان، وغالبا ما تغيب فيها الأنوار الكاشفة، مما يضفي على العين نوعا من الهدوء والسكينة.
ينتقل الفنان إلى مسقط رأسه مدينة تبسة العريقة، من خلال لوحة "تبسة عبر العصور"، يتوسطها منعرج عريض تنتصب على حوافه المعالم الأثرية و الثقافية التي طبعت عمر هذه المدينة، ابتداء من بوابة كركلا الشهيرة، و الآثار الرومانية إلى المساجد وغيرها، بينما بسطت على سقف اللوحة الزرابي المطرّزة بالرموز والأشكال الهندسية ذات الدلالات الثقافية التراثية.
ع.نصيب

الرجوع إلى الأعلى