• المتهمة أرضعت الضحية وكان يناديها «ماما»     • وضعته في كيسي سميد لتغيظ والديه
 فصلت، عشية أمس، محكمة الجنايات بمجلس قضاء أم البواقي، في القضية التي هزت الرأي العام الوطني، والمتعلقة بجريمة القتل البشعة التي راح ضحيتها الطفل البريء تيناكر نصر الدين البالغ من العمر 5 سنوات، على يد زوجة عمّه المنحدرة من بلدية ابن باديس بقسنطينة (د.صباح) في عقدها الثالث من العمر، والتي قتلته بنحو 30 طعنة لتتهم بجناية القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد، واعترفت أمام هيئة المحكمة بكل برودة دم بالجرم الذي اقترفته يداها، دون أن تظهر عليها ملامح الندم ،حتى نطق المحكمة بعقوبة الإعدام لتنهار بالبكاء والعويل، وقضت المحكمة كذلك بتعويض والدي الطفل نصر الدين بغرامة مالية قدرها 100 مليون سنتيم لكل واحد، تعويضا عن الأضرار المادية ومبلغ 60 مليونا عن الأضرار المعنوية.
تفاصيل القضية بحسب ما دار في جلسة المحاكمة، ترجع إلى تاريخ الثامن من شهر سبتمبر من السنة المنقضية، عندما تقدم جد الضحية نصر الدين المدعو تيناكر محمود القاطن رفقة عائلات أبنائه بحي الحيرش الفوضوي، من مصالح الأمن الحضري الأول بعين فكرون مبلغا عن تعرض حفيده للاختفاء منذ الساعة السادسة صباحا، الأمر الذي عجل مصالح الشرطة بنشر برقية فورية للبحث عنه عبر كامل مقرات الأمن عبر الوطن، لتتلقى مصالح الأمن في اليوم الموالي مكالمة هاتفية من والد الطفل المفقود والمسمى صالح يكشف فيها بأنه عثر على جثة ابنه أمام منزل شقيقه الأصغر في كيسي سميد وعليهما آثار دم.
عناصر الشرطة العلمية تنقلت لمسرح الحادث، أين عثرت  على بقع للدم في أماكن متفرقة من سكن شقيق والد الضحية، من بينها بقع للدم في الحائط والمرحاض وفي الكيسين، اللذين تم فتحهما بحضور الطبيب الشرعي ليتم العثور على جثة الضحية وعليها عدة طعنات،و أكدت التحاليل البيولوجية التي أعدها مخبر الشرطة العلمية بالعاصمة أنها تنطبق على عينات الضحية، كما أكدت تحاليل بعض بقع الدم بأنها ترجع للمتهمة، التي تم توقيفها بمعية زوجها في البداية كونهما مشكوك فيهما، حيث اعترفت منذ البداية بالجريمة التي اقترفتها، مؤكدة عدم مشاركة زوجها وأمها لها في قتل الطفل نصر الدين.
المتهمة اعترفت عند تحقيق الشرطة معها بارتكابها الجريمة التي توبعت بها، مؤكدة بأنها ومنذ شهر رمضان لسنة 2016 عقدت العزم على الثأر من والدي الطفل  ، مؤكدة بأنها ومنذ زواجها سنة 2010 لم تتفق مع شقيق زوجها صالح والد  الضحية، وبينت المتحدثة بأن آخر نزاع بينه وبين عائلة الضحية كان بعد منحها ابنها «زينو» البالغ من العمر هو الآخر 5 سنوات مبلغ 200 دينار، وطلبت من جده نقله لحلاق بالحي ليحلق شعره، غير أنه وعند عودته لم يحضر معه بقية المبلغ المقدر بـ100 دينار واتضح بأن جده سلمه لنصر الدين، لتقع ملاسنات بينها وبين أفراد عائلة زوجها أطلقت خلاله أوصافا لم تلق إعجاب العائلة، وكشفت المتهمة بأن زوجها ولحظة عودته اعتدى عليها بالضرب بإيعاز من شقيقه، وهوما جعلها تقول لزوجها «اللي بكاني اليوم نبكيه طول عمرو»، وأضافت المتهمة بأنها ويوم الجريمة  استدرجت الطفل نصر الدين الذي خرج من بيت عائلته في حدود الساعة السادسة صباحا مستغلة توجه زوجها لسوق الخروب بقسنطينة، لتدخل الضحية لغرفة التلفاز موهمة إياه بتركه يلعب مع ابنها.
استدرجته ليلعب مع ابنها وقتلته في المطبخ
وأكد ملف القضية بأن الجانية توجهت  به   لمطبخ سكنها واستلت خنجرا وجهت به 30 طعنة لجسد الطفل البريء، في أنحاء متفرقة من جسده، مشيرة بأنها ليلة انتشار خبر اختفاء الضحية اتصلت بوالدتها لتعلمها بخبر الاختفاء، وهو ما جعل والدتها تتنقل لعين فكرون لمواساة عائلة زوج ابنتها في فقدان ابنهم، مبينة بأنها وعند ارتكابها الجريمة أخفت الجثة خلف ثلاجة المطبخ في كيسي سميد، وكانت ستتخلص منها غير أن  تحرك الجيران بحثا عن الطفل المفقود، جعلها تتراجع حتى اكتشاف زوجها للكيس عند مدخل سكنه.
المتهمة التي وضعت مولودها الثاني من جنس أنثى في المؤسسة العقابية  ، والتي رفض محامون الدفاع عنها ما جعل نقابة المحامية تعين محامية بشكل تلقائي، اعترفت أمس بارتكابها جريمة القتل في حق الطفل نصر الدين، مؤكدة بأن الملاسنات التي تطورت لشجار بسبب 100 دينار شهر رمضان، كان آخر شجار لها مع عائلة زوجها، مؤكدة    «أب الضحية استفزني لما منحني مبلغ 100 دينار»، مبينة بأن الذي آلمها ما وصفته بتحريض والد الضحية زوجها عليها ليقوم بضربها بسبب الشجار ، وصرحت بأنها قالت لزوجها عبارة «يا صالح كيما بكيتني نبكيك طول العمر»، موضحة بأنها قالتها في لحظة غضب، ولم تكن تنوي قتل الطفل حينها، ونظرا لانعكاس الشجار عليها   بعد أن حرمها زوجها من التوجه يوم العيد لمنزل أهلها بقسنطينة، قررت تنفيذ تهديدها.
الجانية التي روت تفاصيل جرمها من دون أن تبدو عليها علامات التأثر، في جلسة بدت فيها عشرات المحاميات الذين غصت بهم القاعة متأثرات أكثر منها ، بفعل بشاعة الجريمة   ، عادت لتؤكد كيفية تنفيذ الجريمة منذ خروج زوجها للتسوق، حيث فتحت باب سكنها  حيث طلبت من الطفل الدخول ليرفض ورد عليها بقوله «مانجيش يا ماما»، مشيرة بأنه متعود على مناداتها بكلمة «ماما» وبين دفاع الضحية بأن المتهمة  أرضعت الضحية لذلك فهو يناديها بـ»ماما»، وبينت  بأنها طلبت منه مجددا الدخول للعب مع ابنها زينو، ليلج السكن أين نقلته لغرفة التلفاز، وتذكرت هناك كل القضايا والشجارات التي حصلت لها مع عائلة الطفل، لتصعد للطابق الأول وتسحب خنجرا من مطبخها، أين وجهت طعنتين لكتف الطفل أفقدته توازنه في غفلة من ابنها الذي كان نائما، مضيفة بأنها وجهت عدة طعنات في مناطق مختلفة    معترفة بأنها حضرت قبل الحادثة كيسين من السميد من جيران عائلة زوجها قصد جمع القمامة فيهما، غير أنها تخلصت من جثة نصر الدين فيهما، وقالت الفاعلة بأنها تركت البريء نصر الدين بعدها يقطر من الدم الذين قامت بتنظيفه وتنظيف الخنجر.
شجار على دجاجة و  مائة دينار ينتهي بجريمة بشعة
وبينت المتهمة بأنها كانت بصدد مواجهة شقيق زوجها بكيس يحوي جثة ابنه، لجعله أول من يعلم بمقتل ابنه، نكاية فيه كما قالت وفي تصرفاته تجاهها، موضحة بأن زوجها وبعد انتشار خبر اختفاء نصر الدين سألها عما إذا كانت تعرف الوجهة التي توجه نحوها، غير أنها ردت بأنها لا تعلم وجهته، وبخصوص سؤال القاضي حول ولوج زوجها لسكنه   دون أن يرى آثار الدم، ردت بأن زوجها الذي كان متابعا معها لم يشاركها الجريمة غير أنه شاهد آثار الدم في جدران السكن وشاهد الكيس الملطخ بالدماء أمام الثلاجة التي توجه صوبها ليشرب الماء، غير أنه لم يرد وتجاهل الأمر وخرج متظاهرا بالبحث عن ابن شقيقه، وأمر القاضي أمين الضبط بتدوين إشهاد في سجل الجلسة يتضمن المعطيات التي تكشف بأن الزوج كان على علم بموضوع مقتل ابن شقيقه قبل أن ينكشف خبر مقتله في اليوم الموالي.
المتهمة التي أجريت عليها خبرة عقلية أكدت تحملها للمسؤولية الجزائية، وأثبتت سلامتها العقلية والنفسية لحظة الجريمة، عادت لتكشف بأن السكين الذي طعنت به الضحية قامت بتنظيفه في ملابس الضحية نفسه واستعملته لطهي «الكسرة» وتقطيع الفاكهة، لتقوم بإخفائه صباح اليوم الموالي أسفل الثلاجة  ، وعن اتصالها بوالدتها وما إذا كانت على علم بمقتل الطفل نصر الدين قبل كشف الشرطة لخيوط الجريمة، أكدت المتهمة بأنها ربطت اتصالها بوالدتها لتخطرها بداية بالاختفاء وأعلمتها صباح اليوم الموالي بخبر مقتله دون أن تعلمها باقترافها الجريمة، وأوضحت الجانية بأن والدتها وأهل زوجها لما كانوا في حاجة للمياه الباردة كانت ترمي بقارورات تسحبها من الثلاجة للطابق الأول، أين كانوا جالسين هناك، خوفا من اكتشاف الجثة  .
 وعادت إلى  علاقتها مع أهل زوجها بالقول   بأن  ولوج دجاجة لأهل الطفل لمرحاض سكنها، جعلها تدخل في ملاسنات مع والد نصر الدين، مضيفة بأن العلاقة التي كانت تربط زوجها  وشقيقه لم تكن على ما يرام، موضحة بأنها ندمت على فعلتها وأن نصر الدين كان محبوبا لجده وعائلته أكثر من ابنها المكروه حسب تعبيرها.
من جهتها كشفت زوجة أحد أعمام نصر الدين، بأنها لم تلاحظ أي علامات ارتباك على الجانية، غير أنها شاهدتها أمسية كاملة وهي تحرس الباب الخشبي الذي يفصل سكني الشقيقين، مبينة بأنها سمعتها وهي تنظف فناء المنزل ليلا.
  «الكلونديستان» الذي نقل والدة الجانية وشقيقها لعين فكرون قادما من قسنطينة،  بين بأنه لم يسمع في طريقه ذهابا وإيابا أي حديث عن جريمة أو عملية قتل راح ضحيتها طفل، ونفى زوج المتهمة ما ذهبت له  الزوجة  بتأكيدها على علمه بوجود الجثة قبل اكتشافها، مشيرا بأنه لم ير أي آثار لبقع الدم، موضحا بأنه شاهد الكيس الذي وضعته به زوجته نصر الدين صباح اليوم الموالي، واتصل رفقة شقيقه بالشرطة، وأكد المتحدث بأن زوجته حطمت حياته وحياة أبنائه.
 والدة المتهمة (ز.ص) ، فندت علمها بتورط ابنتها في جريمة القتل، مبينة بأنها تنقلت إلى  سكنها عند اختفاء الطفل في اليوم الأول ولم تخطرها بتورطها في اختفائه، وعلمت بتورطها على مستوى مقر الشرطة، وأكدت المتحدثة بأن زواج ابنتها مضى عليه 5 سنوات ولم يكن في بدايته عاديا  .
دفاع عائلة الضحية تساءل كيف لسيدة أن تقتل طفلا يناديها “ماما”، موضحا بأن نصر الدين رضع من المتهمة لما كان صغيرا، ولذلك فهو يعتبرها أمه، واستغرب الدفاع خوف المتهمة على نفسية ابنها من التأثر لما كان نائما بجانب ابن عمه الذي قتلته ولم تخف على نفسية والدته بعد اختفاء ابنها، واعتبر الدفاع بأن الوحم ومبلغ 100 دينار والغيرة ليسوا أبدا دوافع لتنفيذ الجريمة.
النائب العام وفي مرافعته كشف بأن التأمل في الجريمة يكشف بأن الغضب ليس هو الدافع، معتبرا السبب بالحقد المتكرر الذي تولّد عن كره، وأشار المتحدث بأن الجانية حضرت لجريمتها بمسلسل محكم مخطط له منذ عدة سنوات، مشيرا بأن القضية بدأت بدجاجة وانتهت بقتل البراءة، والمتهمة نفذت ما وعدت به مبينا بأن 30 طعنة التي تلقاها الضحية لم تكن قاتلة في بدايتها وحققت نتيجتين الأولى الأم والثانية التعذيب وبتحصيل حاصل القتل، معتبرا بأن الطبيب الشرعي خلص إلى أن وقت الوفاة لم يحدد بالضبط بسبب عدد الطعنات فالأمعاء خرجت عن جسد الضحية، والحقد بحسب النيابة يترجمه قيام الجانية بإخراج الجثة وتركها أمام أنظار والديه فهدفها الترويع بالدرجة الأولى.                         
أحمد ذيب

الرجوع إلى الأعلى