ينفرد بها دون إخوته: من حق الابن الذي أسهم في تنمية ثروة أبيه أجر الأجير أو نصيب الشريك

يسهم بعض الأبناء مع آبائهم في مصادر الرزق الأساسية للأسرة على غرار المحلات التجارية والخدماتية والمزارع الفلاحية والرعي والنجارة وغيرها من فضاءات العمل وأبواب الرزق؛ ويتفرغون إلى ذلك جنبا إلى جنب مع الأب دون سائر إخوانهم الذين ينشغلون عادة بمواصلة الدراسة، أو المكوث في البيت دون عمل كما هو حال بعض الشقيقات، ويسهمون في تنمية ثروة الأب ومضاعفة المال على مدى سنوات بيد أنهم يجدون أنفسهم بعد سنوات من هذا الجهد والتفرغ متساويين مع أشقائهم الذين لم يسهموا مع أبيهم في الحق في المال عطاء أو ميراثا، وهو ما يشعرهم بالغبن والحيف ويحرمهم من تعويض عادل عن الجهد وأجر عن العمل الذي أمضوا فيه سنوات من عمرهم وربما تركوا مقاعد الدراسة واعمال أخرى يستقلون بها من أجل محلات ومصادر رزق أبيهم.

ولذلك تناول الفقهاء هذه المسألة من أجل تحقيق العدل ومنع الشحناء والبغضاء بين الإخوة وإعطاء كل ذي حق حقه؛ فلا يُظلم هذا الولد ولا يَظلم،ومن خلال مراجعة أقوال بعض الفقهاء المعاصرين وجدناهم اقترحوا حلولا ينبغي اللجوء إليها قبل وفاة الأب أو بعد وفاته؛ وسمى بعضهم ما يأخذه الابن في هذه الحال بمقابل ‘الكد والسعاية’ وهي:
(الأول): أن يعامل الابن على أنه شريك للأب بنسب معينة، فيعامل في هذه الحالة معاملة الأجنبي بدون محاباة فيقدر لهذا الابن جهد أمثاله في عمل مشابه لعمل أبيه فيقوم اثنان أو أكثر من أهل الخبرة والمعرفة بتقدير جهد المثل للابن عن المدة التي اشتغلها مع أبيه وبالتالي يكون الابن شريكاً لأبيه في المحل التجاري حسب النسبة التي يقدرها أهل الخبرة كالربع أو الثلث أو غير ذلك وبناءً على ذلك إذا توفي الأب فإن حصة الأب من المحل التجاري تكون حقاً للورثة ويكون الابن الأكبر أحد الوارثين.
(الثاني): أن يقدر أهل الخبرة والمعرفة للابن الذي عمل مع أبيه أجر المثل فيعامل مثل العامل الأجنبي فيعطى الابن أجراً مماثلاً لأجر عامل يقوم بمثل عمله، فيصرف له ذلك الأجر. وفي حال وفاة الأب كان الابن الذي عمل مع أبيه كغيره من الورثة.
(الثالث): أن ينصف الأب ابنه الذي عمل معه بأن يخصه بعطية من المال تقابل عمل الابن معه بشرط أن تنفذ العطية حال حياة الأب ولا تكون مضافة لما بعد الموت، فهو هنا كأنه أجير عند أبيه في حياته مثل الحالة السابقة.
وهذه الحلول العملية من شأنها إقامة العدل ومنع الاستغلال وإعطاء الأجير حقه، وتثمين جهد الابن العامل مع أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره)، رواه البخاري، وإعطاء المال للابن عن طيب نفس؛ لأن النفوس جبلت على حب المال، فالابن كان أجيرا أو شريكا مع أبيه ولم يكن مجرد عبد أو آلة، وعلى الأولياء أو يتفقوا مع أبنائهم على أن له نصيبا من المال أجرا دوريا أو شراكة، ويشيعوا ذلك بين الإخوة أو يوثقوه لئلا يكون مثار خلاف بعد وفاة الأب، بل قد يوجب على الأب إدراج ابنه بالاسم شريكا في بعض العقارات أو المنقولات إن كان له إسهام في ثمنها، إلا إذا نوى الابن من البداية أنه يعمل متطوعا مع أبيه وأن ما يسهم به يعد هبة لأبيه، ففي هذه الحال لا حق له في أخذ أي شيء لأن عمله مجرد تبرع؛ سواء عرف عرفا أو نطق به تصريحا.
ع/خلفة

رئيس المجلس الإسلامي الأعلى الجزائري يقدم عشر مقترحات للمؤتلف الفكري الإسلامي
60 عالمـــــــا من 90 دولــــــــة يتبنــــــون «وثيقة بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية»
تبنَّى كبار مفتي الأمة الإسلامية وعلمائها ومفكريها من كافة المذاهب والمدارس الإسلامية، «موسوعة المؤتلف الفكري الإسلامي»، واعتمدوا الخطة الإستراتيجية والتنفيذية لوثيقة «بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية»، وذلك في ختام المؤتمر الذي انعقد يومي 6-7 رمضان 1446هـ الموافق 6-7 مارس 2025م، في مكة المكرمة، تحت عنوان «نحو مؤتلف إسلامي فاعِل»، وبمشاركة واسعة من ممثلي المذاهب والمدارس الإسلامية من أكثر من 90 دولة.
واستنادا لوسائط إعلامية وللبيان الختامي الذي تم نشره فقد قرَّرَ المؤتمرون اعتبارَ «وثيقة بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية» ببنودها الثمانية والعشرين الأساس والمنطلَق في مسار العمل الإسلامي المشترك «علميًّا» و»فكريًّا»، في أفق تعزيز التآخي والتضامن بين شعوب الأمّة المسلمة.وأعلنوا تبنّي «موسوعة المؤتلف الفكري الإسلامي»؛ في نحو 1800 صفحة؛ لتكون خارطة طريق للعلاقات بين المذاهب الإسلامية، وفق مفهوم المشترك الإسلامي الجامع.
وأكّد المؤتمرون على موقفهم الداعم لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه، ورفض مشاريع التهجير والتدمير، وأعلنوا إطلاق جائزة سنوية تقدّم للروّاد من المؤسسات والأفراد الذين يُسهمون في تحقيق أهداف (وثيقة بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية) وحذّروا من تبعاتِ ما تشهده بعض الوسائط الإعلامية من سِجالاتٍ حادة توغر الصدور وتثير النزاع والفرقة بذرائع تجلب من المفاسد أعظم مما تتوهَمه من المصالح، فأجّجت الضغائن، واستثارت التعصب، واستولدت البغضاء سادرة عن منّة الله على المؤمنين: ﴿وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾.مشددين على أنه لم يبق سوى التفعيلِ والعمل، وهو بناء الجسور في مسيرة التضامُن الإسلامي: «نحو مؤتلف إسلاميٍّ فاعِل» وفق عملٍ منهجي تتبلور فيه الوثيقة في مبادراتٍ ومشروعاتٍ تُعزِّز الوعي الإسلامي مرسخةً منهج اعتداله، وداحضة خطاب الطائفية ومُمارساتِها.
وقد قدم رئيس المجلس الإسلامي الأعلى بالجزائر مبروك زيد الخير في مداخلته ضمن هذه الفعالية عشر مقترحات لتحقيق الائتلاف بين المسلمين، طالب من خلالها بالعمل على توحيد البرامج التعليمية والمنظومات التربوية، والتبادل الثقافي عن طريق شبكة من المراكز الثقافية في البلاد الإسلامية، وتوحيد الخطاب الإعلامي لنشر القيم التسامح، وتنظيم لقاءات ومؤتمرات مشتركة، وتوقيعات اتفاقيات بينية وتجسديها بواقعية، وتبادل الخبرات والتقانات، وتوسيع دائرة الاستفادة من البحوث العلمية والمراكز البحثية،وتفعيل دور المجالس الإسلامية،وتوسيع نشاطات رابطة العالم الإسلامي باستحداث ممثلين لها في البلاد الإسلامية، و تبادل الزيارات والأنشطة والفعاليات.

فتاوى
llهل تجوز قراءة القرآن من المصحف بدون وضوء، وهل يجوز للمرأة الحائض لمس المصحف والقراءة مباشرة منه؟  
نعم يجوز قراءة القرآن بدون وضوء للمتعلم من المصحف وفي هذه الحالة فهو غير مطالب بسجدة التلاوة، أما الحائض: إذا كان لها ورد يومي من القرآن من المصحف الشريف ويشق عليها ترك ذلك الورد. نتمنى أن لا يكون عليها إثم إ ن شاء الله.
llجمهور العلماء اتفقوا على وجوب رفع الحدثين لمس المصحف المتعارف عليه لكن هل يشمل ذلك جهاز الحاسوب الذي يحتوي على القرآن،وهل يجوز قراءة القرآن منه دون وجوب الوضوء؟
إن المصحف الذي اتفق جمهور العلماء على حرمة لمسه بحدث أو بالحدثين معًا هو المصحف المجموع بين دفتين، أما ما عداه من الوسائل العصرية فالأمر إذا كان يتعلق بكتابة عادية على الورق وليس في الورق إلا القرآن فإنه لا يمس إلا بالطهارتين معًا، أما إن كان شريطا مسموعا أو مكتوبا على جهاز الحاسوب وتوابعه فلا يلحق بالمصحف ومن ثم يجوز حمله وسماعه مطلقا والقراءة منه لغير الجنب.
llما أحكام المسح على الخفين؟
اتفق الفقهاء المعتبرون على جواز المسح على الخفين، وأنه رخصة وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم والعمل به متواتر ثبت عن نحو سبعين من الصحابة ـ كلهم يرونه ثابتا، فقد جاء في صحيح البخاري رحمه الله عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج لحاجته فأتبعه المغيرة بإداوة فيها ماء، فصب عليه حين فرغ من حاجته فتوضأ ومسح على الخفين». وجاء هذا أيضا من رواية سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه. ولم يخالف فيه إلا الشيعة. وليس دليلهم بالقوي. ومثل المسح على الخفين المسح على الجوربين، فأجازه أبو يوسف ومحمد وسفيان الثوري، ومنع منه مالك إلا إذا كانا مجلدين ظاهرهما وباطنهما، وكذلك الشافعي وأبو حنيفة، وذلك لاختلاف الآثار فيهما. فقد جاء أثر بالجواز أورده الترمذي وصححه، وكذا ابن ماجه عن المغيرة بن شعبة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الجوربين والنعلين»، وأثر عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين». ولكن تعقب هذين الأثرين السندي شارح ابن ماجه. فقال في الأول: ((قال أبو داود: كان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث بهذا الحديث لأن المعروف عن المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين، وقال: إن في إسناده رجلا مضعفا)). وقال في الحديث الثاني: ((قال أبو داود: إن هذا الحديث ليس متصلا، والراوي عن الضحاك عيسى بن سنان، وقد ضعفه أحمد وابن معين وأبو زرعة الرازي والنسائي وغيرهم، فلم يكن قويا، والله أعلم)).اهـ بعضه من البداية.
موقع وزارة الشؤون الدينية

صدى المنابر
فوائد الصوم
أحباب رسول الله: إن الصوم مدرسة روحية كبرى، لا تعدلها مدارس الدنيا ولو اجتمعت، فيها يتخلص العبد من كل ما علق من أمراض وعلل وأسقام بدنية ونفسية، فيها يتخلق العبد بالأخلاق الكريمة والعواطف النبيلة، حتى يتخرج منها العبد وشعاره الحلم والصفح والعفو وكتم الغيظ والإنفاق والبذل والعطاء ولنا الدليل على هذا ما جاء في موطأ الإمام مالك رحمه الله من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الصيام جنة فإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث ولا يجهل فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم إني صائم)
ومن فوائد الصيام أنه مدرسة خلقية كبرى متعددة الجوانب يتدرب فيها المؤمن سنوياً على كثير من الخصال الحميدة، منها: جهاد النفس ومقاومة الأهواء، وخلق الصبر على ما قد يُحْرَم منه، وتدريبه على الأمانة، ومراقبة الله في ظاهره وباطنه، ومنها: أنه يقوى الإرادة ويشحذ العزيمة، ويعود على النظام والانضباط.ومنها: أنه ينمي في المسلم عاطفة الرحمة والأخوة، والشعور برابطة التضامن والتعاون التي تربط بين المسلمين فيما بينهم، فيدفعه إحساسه بالجوع والعطش إلى أن يمد يد العون والمساعدة للآخرين الذين كانوا يقاسون مرارة الفقر والحرمان طيلة أيام السنة.ومنها: أنه يذكر الصائم بنعم الله عليه إذ منحه القدرة على هذه العبادة التي ينال بها جزيل الثواب في وقت حُرِمَ فيه آخرون منها.ومنها: أن الصوم يجسد وحدة المسلمين في العبادة والسير على منهج واحد موحد،يجسد الوحدة التعبدية للمسلمين في هذا الشهر، فسلوكهم فيه متشابه سواء في ذلك القاصي والداني.
كما أن للصيام فوائد روحية إيمانية، تعود على حياة الفرد في خاصة أنفسهم ومن ثم يتعدى نفعها لزاما لغيرهم ممن هم حولهم، فإن له أيضا فوائد اجتماعية تعود على النظام العام كافة، وذلك في الاتحاد وحب العدل والمساواة، وإيجاد عاطفة الرحمة وتنمية روابط الألفة والمسارعة إلى الإحسان والتسابق إلى الخيرات، وصون المجتمع من الشرور المؤدية إلى الفساد والإفساد.
كما أن من مقاصد الصوم الجليلة، أن فيه تجربة لمقاساة الحرمان والجوع، التي من شأنها تذكر العبد بمعاناة الفقراء والمحتاجين، وحرمانهم أبد الدهر، فيتذكر المؤمن إخوانه الفقراء والمحتاجين، وكيف أنهم يعانون الأمرين من جوع وعطش، ومن تدبر ذلك وتأمل؛ هيأ قلبه لمواساة الفقراء بالمال والإطعام والتصدق والبذل والجود والإحسان، لأنهم إخوانه المؤمنون، وهذا من أعظم التكافل الاجتماعي.
الشيخ رضا مفتاح إمام أستاذ، مسجد: عمار بن ياسر بلدية حمام دباغ