وقعت أمس كل من وزارة السكن والعمران والمدينة، و الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره، و البنك الوطني للإسكان، اتفاقية ثلاثية تحدد شروط وكيفيات تمويل إنجاز...
قالت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري إن نفاد الغذاء في قطاع غزة، إلى جانب الدمار الواسع النطاق والأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية...
يشرع ابتداء من اليوم طلبة الأقسام النهائية في اجتياز الامتحانات التجريبية في ظروف شبيهة بامتحان شهادة البكالوريا، من خلال تركيبة المواضيع والحراسة...
* صفقات بقيمة 44 مليار دولار ستوقع بالجزائر في سبتمبر المقبل أكد وزير التجارة الخارجية وترقية الصادرات، كمال رزيق، أن الجزائر تسير بخطى ثابتة نحو...
رحل عمار سعداني بهدوء من قيادة الأفلان، لم يخض معركة بقاء كما فعل السابقون ولم ينتظر «تصحيحية» كغيره من قادة الأحزاب التي تتوفر أسباب النهاية لهم. وبدت المبررات التي ساقها عسيرة الهضم على الإعلاميين والمناضلين، ليس لأنهم لم يصدقوا أن صحة الرجل هي التي خانته وجعلته يغيب ثم ينسحب، بل لطبيعة قيادته الاستثنائية للحزب التي كانت عاصفة ولا تلائم الهدوء الذي انسحب به، هو الذي قال ما لم يقله قادة الحزب منذ الاستقلال وصدقت الوقائع أقواله، منذ مرافعته الشهيرة لصالح الدولة المدنية، إلى درجة أن وسائل الإعلام أصبحت تترقب ظهوره، لكن الكثير من المتتبعين يرون أن الرجل أسرف في انتقادات قد تحمل تفسيرات أكثـر مما تحتمله تصريحات رئيس لأنه ببساطة يقود الحزب الحاكم وما يقوله قد تتم ترجمته على أنه توجه عام حتى ولو لم يكن الأمر كذلك. لكن كل ذلك يبقى مجرد تخمينات، لأن طبيعة هذا الحزب بالذات تؤكد أن القيادات فيه لا تدوم ولا تفرض توجهها وفق تقاليد ضاربة الجذور، تعود إلى ثورة التحرير واستمرت بعد الاستقلال حين تحولت الجبهة إلى حزب وخزان لكوادر الدولة، قبل أن يدخل الحزب كما دخلت البلاد في أزمة بعد الانفتاح السياسي الذي جاء بالتعددية وبالحرب الأهلية، حيث تم تسجيل أول تصادم بين الحزب والدولة انتهى بالإطاحة بواحد من أكبر كوادر الحزب، هو المرحوم عبد الحميد مهري، ومنذ ذلك الوقت عاشت هذه التشكيلة السياسية صراعات ومعارك أبطالها مناضلون مخضرمون لا يستلذون العيش خارج «البيت الكبير»، وقد استعاد الحزب مكانته الريادية منذ نهاية التسعينيات وظل في الصف الأول رغم الهزات التي مر بها والتي شهدت سقوط وجوه من القيادة بعد معارك خرجت عن طابعها السياسي في بعض الأحيان ووصلت إلى أروقة المحاكم.
ورغم جميع هذه الظروف إلا أن الأفلان صمد في الحياة السياسية الوطنية مرتكزا على رمزيته التاريخية وعلى طبيعته كجهاز رافق بناء الدولة الوطنية وشهد لحظات انتصارها ولحظات كبوتها، حتى وإن كان بعض قيادييه يتبرأون مما نُسب إلى حزب حكمت البلاد باسمه في سنوات الأحادية. خروج سعداني سواء إن تعددت أسبابه أو كان المرض سببه الرئيس، يؤكد الطبيعة الخاصة لحزب جبهة التحرير الوطني الذي يكون مدعوا في كل مرحلة إلى التكيف وتغيير الأحوال، والملفت هذه المرة أن الحزب لم يشهد صداما عنيفا ما يعني أنه سيدخل الاستحقاقات القادمة بدون أضرار جانبية وربما بضغط أقل لأن الأمين العام الذي أثار الزوابع قد اختفى، وتلك ظروف لا تتوفر إلا لقلة من الأحزاب في الساحة الوطنية، وربما خدمت الحزب أدبيات منسية في ذاكرته تُنكر الزعامة وتفضل عليها الجماعة، أدبيات تعود إلى إنشاء جبهة التحرير كوعاء تم تذويب الحركة الوطنية فيه بغية الذهاب إلى الثورة.
لكن صمود الحزب طيلة هذه الفترة لا يجعله معفى من تدبر مستقبله خصوصا و أن البلاد المتعافية من الأزمة تتوجه نحو تكريس ديمقراطية لن يخدم فيها الرصيد صاحبه بل ما تقدم يداه للجواب على المسائل والانشغالات المطروحة.
النصر