تحميل بالملايين من المتاجر الإلكترونية: تطبيقات جزائرية مبتكرة ترقى بقطاعات الخدمات

غيرت التطبيقات الرقمية التي تجتاح العالم منذ سنوات، جوانب عديدة من حياتنا وفرضت أساليب جديدة للعيش تمس مجالات عدة كالتعليم والصحة و التجارة و النقل و الترجمة و الأمن، وما إلى ذلك، فأظهرت فعاليتها في الحياة اليومية  ونظمتها وسهلتها أكثر، و في الجزائر يزيد عدد التطبيقات المبتكرة بشكل مستمر مع خصوصية محلية تتماشى و نمط العيش و تلبي الاحتياجات، حيث يتم تحميلها ملايين المرات من المتاجر الإلكترونية ويعد بعضها ضروريا بشكل يومي خصوصا تطبيقات النقل.
بوادر التحول الرقمـي
 توسعت في السنوات الأخيرة الخدمات الرقمية في العالم ككل، وظهرت العشرات من التطبيقات التي يشبهها البعض بعصا سحرية « أنقر على الشاشة فتحقق أمنيتك»،  وقد وصف البروفسور كلاوس شواب، رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس»،  في كتابه الموسوم  بــ»الثورة الصناعية الرابعة»، كل ما يتعلق بهذه الثورة وملامحها في المستقبل، وتوقع أن تتغير الكثير من تفاصيل الحياة البشرية، من خلال تطوير تطبيقات رقمية على الهواتف الذكية تسهل حياة الناس وتوجد أنماطا جديدة لاستهلاك السلع والخدمات.
وفي الجزائر، يزيد الاعتماد على  هذه التطبيقات باختلاف الخدمات التي تقدمها وحداثة تلك التكنولوجيات، التي لا تزال تدهشنا في كل مرة بابتكارات و برمجيات مذهلة، تعمل على تسهيل الحياة اليومية، و تنظمها أكثر، الأمر الذي دفع جميع القطاعات إلى تحيين برامجها وفق المعطى الراهن، بالاعتماد على مبتكرين شباب لا تتجاوز أعمارهم 35 سنة في غالب الأحيان استطاعوا أن يطوروا ويطلقوا تطبيقات رقمية عبر الهواتف الذكية تتماشى مع متطلبات السوق، على غرار منصات خاصة بـالفنادق و المطاعم و كراء السيارات أو الشقق، و محطات الميترو      والترامواي و المحلات التجارية، أو المعالم السياحية في المنطقة، وهي خدمات موجهة لشرائح اجتماعية مختلفة، وتشكل اليوم ملامح التوجه نحو الثورة الصناعية الرابعة في الجزائر بشكل عام، رغم عائق ضعف تدفق الانترنت.
والمتتبع لوتيرة تحميل هذه التطبيقات على المتاجر الإلكترونية بما في ذلك « بلاي ستور و غوغل بلاي»، سوف يلاحظ زيادة في الإقبال عليها تعكس مدى تضاعف عدد العملاء البارعين في التكنولوجيا الذين يعتبرون التطبيقات من الوسائل الضرورية للحياة.
 مؤسسات وطنية تواكب التكنولوجيا الحديثة
 و يعد قطاع السياحة واحدا من تلك القطاعات الحيوية التي واكبت تطورات التكنولوجيا، فزيارة أي بلد في العالم، لم تعد تجربة صعبة بفضل تطبيقات السفر و الترجمة و الدفع وتحويل الأموال وغيرها، إذ يمكن للمسافر أن يحدد مساره قبل أن يترك منزله، و أن يقرر أين و متى يزور أي مكان جديد، من خلال نقرة على زر توجيه يوفره تطبيق متخصص، وبالتالي عدم تفويت فرصة الاستمتاع بأسهل طريقة ودون مشاكل، و من بين التطبيقات التي تخدم القطاع السياحي في الجزائر نجد منصة «مرشد الجزائر» و «قصور وادي مزاب» و « سيتيز إين ألجيريا» و «توريزم ألجيريا» و «سياحة ديزاد»إضافة إلى تطبيق  « ألجي سيتي جايد توريستيك».  
وأمام تزايد اهتمام الشباب الجزائري  بالتطبيقات التي تساعد على تعلم اللغات وتطوير المهارات،  أطلقت شركة  اتصالات الجزائر في الأيام القليلة الماضية ، منصة إلكترونية لتعلم اللغة الانجليزية تحمل اسم        « إيديقاطو» وهي منصة تحتوي على اختبار تقييمي للمستوى، وفق برنامج شامل وتفاعلي لكل المستويات، كما تحتوي أيضا على مكتبة دروس و مقاطع فيديو تعليمية، مع إمكانية التعلم من خلال التطبيق المتوفر على « أندرويد» و « أي أو أس» .
منصات التعليم، أصبحت كذلك من التطبيقات التي تعرف إقبالا كبيرا من طرف  تلاميذ الطورين المتوسط والثانوي لما توفره من دروس وتمارين تتماشى مع  المنهاج الدراسي، على غرار تطبيق «مكتبتي الرقمية»، الذي أنشأته وزارة التربية الوطنية في إطار حرصها  على الحفاظ  على سلامة المتمدرسين خلال الجائحة، إذ يعد التطبيق بمنزلة أداة فريدة تساعد التلاميذ على جعل عملية الدراسة أكثر متعة وفعالية، وتحويل الوقت الضائع في المواصلات وساعات الانتظار الطويلة إلى وقت دراسي مثمر.
خدمات تقلص الوقت والجهد
من جهة أخرى تتصدر تطبيقات التسوق ونقل الأفراد، إلى جانب تطبيقات المطاعم،  قوائم خدمات هواتف الكثير من الجزائريين، أبرزها «هيتش» و «يسير» و «وصلني» وكذا « كورسا» و «جوميا فود»، «يسير فود»  وما إلى ذلك.
و من التطبيقات الأخرى التي زاد استخدامها في الجزائر في السنوات الأخيرة، نجد المنصات الخاصة بالاطلاع على رصيد الحساب الجاري   و إجراء عمليات التحويل المالي «ويمباي» و «بريدي موب» والتطبيق الخاص بشركة اتصالات الجزائر.
وتحظى تطبيقات الصحة باهتمام متزايد بين العديد من الجزائريين، خصوصا تلك المتعلقة باللياقة البدنية و التي تقدم خدمات توثيقية، مثل متابعة الوزن والنوم والأكل الصحي وممارسة الرياضة، وتعد الأكثر تحميلا وانتشارا إذ يعتمدون عليها لتنظيم نمط حياتهم، خصوصا أن استخدامها غير مكلف وبسيط.
وأبرزت جائحة «كوفيد-19» الحاجة الملحة إلى التطبيقات الطبية لتسهيل عمليات التشخيص واستشارة الطبيب عن بعد، إذ أجرت منصة « إ طبيب» التي تم إطلاقها في الجزائر سنة 2020 آلاف الاستشارات الطبية عن بعد.
ويقول مؤسس هذه المنصة الإلكترونية مصطفى نبيل « إن مرضى جزائريين كثر وحتى أجانب استفادوا من المنصة ومن استشارات طبية مجانية خلال الجائحة ولا يزالون أوفياء للتطبيق اليوم، لأنه يسمح بضمان استمرارية علاج المرضى وتجنيبهم عناء التنقل».
تجدر الإشارة إلى أن الجائحة، أفرزت طلبات متعددة من طرف المواطنين والمنظمات الإدارية، مما نجم عنه تزايد التطلعات والاحتياجات في مختلف المجالات، أهما المجال التجاري، حيث وضعت علامات تجارية تحت تصرف زبائنها منصات ذكية للتسوق، مع ضمان خدمة التوصيل وتعتبر منصة « جوميا» أكثر المنصات استخداما بفضل طبيعتها المنظمة و ضمان حقوق الزبون عبر عقود البيع و الشراء الالكترونية و قد بلغ حجم تحميلها على متجر « بلاي ستور» 14 مليون تحميل منذ دخولها حيز الخدمة، فيما تم تحميل تطبيق يسير للنقل 41 مليون مرة.      
تكنولوجيا تعارض مبدأ الخصوصية و تقلل التواصل
حسب الباحث في علم الاجتماع أبو بكر جيملي، فإنه و بالرغم من أن  التطبيقات الرائدة التي يدعمها الذكاء الاصطناعي ساهمت في إنقاذ الأرواح، وسهلت على الأفراد حياتهم اليومية من خلال ضمان العديد من الخدمات في وقت قصير وبأقل جهد ممكن، إلا أن لديها انعكاسات سلبية كذلك، أبرزها القضاء على الخصوصية، لأن استخدام أي تطبيق يوجب تحديد الموقع و تقديم بعض البيانات الشخصية، وهنا يطرح خطر التطبيقات المزيفة التي ستهدف بيانات الأفراد.
وأضاف، بأن  الاعتماد  الكبير  على هذه التطبيقات،  أثر بشكل ظاهر   على طريقة التفاعل بين الناس والحياة اليومية وإدارة الأعمال والتواصل، وأدى ذلك بحسبه، إلى إحداث تغييرات هائلة على جميع الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والحكومية والدفاعية والصحية والتعليمية والترفيهية وغيرها.
و تتضح انعكاسات هذه المنصات الرقمية على حياة الأشخاص، من خلال تكريس الاتكالية وزيادة الاستهلاك، ولاعتماد بشكل كبير على الأجهزة و كل منتجات التكنولوجيا.
ويرى جيملي، بأن التعامل مع  هذه التطبيقات  يتطلب توازنا بين استخدامها والحماية من مخاطرها المحتملة، وذلك من خلال الصيام عنها لمدة معينة والعودة إليها في وقت الحاجة الملحة، وتعويد النفس على الخدمة الذاتية.
لينة دلول