أفراد من عائلة البطلة البرالمبية يروون سر تفوقها لـ "النصر": صافية جلال تحدّت الإعاقة وقهرت الفقر وتجاوزت اليتم

يؤكد مقربون من البطلة صافية جلال، بأن طريق البطلة للتتويج بذهبية طوكيو للألعاب البرالمبية، تخصص رمي الجلة لم يكن مفروشا بالورود، بل كان محفوفا بالصعوبات والمعاناة، وهي تحديات لم تزد ابنة باتنة، إلا إصرارا وعزيمة على بلوغ حلمها في أن تكون بطلة رياضية في ألعاب القوى لذوي الهمم، لا تثنيها الإعاقة و لا ظروف الفقر واليتم، وعلى الرغم من التزاماتها العائلية، بعد أن تزوجت وأصبحت أما لأربعة أطفال، إلا أنها واصلت السير بخطى ثابتة نحو حلمها.
لم يكن بحوزتها حتى ثمن تذكرة الحافلة
تنقلت النصر، إلى مقر سكن البطلة البرالمبية صافية جلال، بحي بارك أفوراج بمدينة باتنة، وذلك في أعقاب حصدها للميدالية الذهبية تخصص رمي الجلة بطوكيو، وتحطيمها للرقم القياسي العالمي، قصد سماع تفاصيل قصة نجاحها ومسيرتها الرياضية، و وبمحاذاة كشك العائلة، التقينا بزوجها كمال بلعمري، وشقيقيها صابر ووليد وقد كانوا ثلاثتهم منتشين بفرحة إنجاز صافية وكلهم فخر واعتزاز بها.
قال لنا شقيقها الأصغر صابر 38 سنة، بأنه لطالما كان يؤمن ببلوغ شقيقته حلم طفولتها في أن تصبح بطلة رياضية عالمية بالنظر للإرادة التي كانت تتمتع بها وعملها واجتهادها في التدريبات الرياضية لتحقيق ذلك، وأشار إلى تحقيقها عدة تتويجات عالمية قبل ميدالية طوكيو، وذلك عندما كانت تختص في رمي الرمح، لذا فإن ذهبية رمي الجلة وتحطيمها للرقم القياسي، نتيجتان منطقيتان ومتوقعنا بالنظر لما بذلته من مجهودات.
وأكد صابر، بأن فرحته بما بلغته شقيقته صافية لا توصف، لدرجة أنه ذرف الدموع عندما كان يشاهدها تحقق تلك النتيجة وهي تكاد تطير من السعادة، مضيفا، بأن ما بلغته لم يكن سهلا وكان نتيجة تحد لظروف الحياة الصعبة التي مروا بها خاصة خلال مرحلة صباهم، مؤكدا بأن ما عايشوه في تلك المرحلة لن يمحى من ذاكرته بسبب الفقر، فوالده الذي كان يشتغل حارسا بمؤسسة تربوية لم يكن بوسعه، تلبية احتياجات عائلتين كونه رب أسرتين كبيرتين تتكونان من 18 فردا.
محدثنا قال، إن صافية ولدت طبيعية، و هي شقيقته الوسطى و العاشرة في ترتيب الأسرة، وقد كانت تسعى منذ صباها لتحدي إعاقتها و تحقيق بطولة رياضية لذوي الهمم، رغم أنها في بعض الأحيان، لم تملك حتى مستحقات تذكرة حافلة النقل الحضري من بارك أفوراج، إلى المركب الرياضي ببوزوران للالتحاق بالتدريبات مضيفا، بأن الظروف المعيشية الصعبة التي مروا بها زادت حدة بعد رحيل والدتهم و هم صغار لا يكادون يتذكرون شكلها، لذلك يقول، بأن فرحته تزيد كلما شاهد شقيقته، وهي تتألق في البطولات العالمية، لأن ما تحققه خرج من رحم المعاناة.
انسحبت من ألعاب البرازيل في 2014 إثر وفاة والدها
زيارتنا إلى حي البطلة صافية جلال، جمعتنا كذلك بزوجها كمال بلعمري، الذي اكتشفنا أنه هو الاخر رياضي في اختصاص ألعاب القوى، لهذا فقد كان يرافق ويساعد زوجته في التدريبات دائما، وعن سر تتويجها الأخير بذهبية طوكيو، وتحطيمها للرقم القياسي قال محدثنا، بأن للأمر علاقة بالعمل والمثابرة واعتبر زوجته صافية نموذجا مثاليا لذلك، بالنظر إلى إصرارها طيلة الخمس سنوات الماضية، على التدريب في مجال رمي الجلة و إتقان هذه الرياضة، بعد أن تم سحب اختصاصها السابق رمي الرمح من المنافسات، ضمن التعديلات التي تجريها الهيئات الرياضية المختصة، حيث أشار إلى حصدها لعديد الميداليات في منافسات رمي الرمح، على المستوى العربي والإفريقي وفي الألعاب الأولمبية.
وأكد محدثا، بأن زوجته كانت تستهدف منصة التتويج منذ البداية وقد اشتغلت طيلة المدة  الماضية على تحقيق ذلك، وأكد أيضا بأن الفضل في تحقيقها للمركز الأول وتحطيمها للرقم القياسي العالمي، يرجع لمدربها الشريف بن موسى، الذي رافقها طيلة المشوار، وعن قدرتها على الاهتمام بالرياضة والالتزامات العائلية خاصة وأنها أم لأربعة أطفال، فأوضح الزوج، بأنه يتقاسم معها كل الواجبات، ويتفهم ما تصبو إليه خاصة وأنه رياضي، وقال، بأن تحقيقها للنجاحات، ينسيهم كل التعب وما بذلوه من مجهود وتضحيات.
وأضاف، بأن ما حققته زوجته صافية، لم يكن طريقه سهلا فناهيك عن تحديها للإعاقة، الأمر الذي يرون بأنه بديهي، فقد تجاوزت أيضا عدة عقبات، ويروي زوج البطلة صافية، بأن الأخيرة كانت قد حضرت نفسها جيدا لخوض الألعاب الأولمبية في البرازيل في 2014، غير أن تزامن خوضها للمنافسة مع وفاة والدها جعلها لا تشارك تحت وقع الصدمة، وأكد بأنه وأولادها فخورون بما تقوم به خاصة بعد عودتها بقوة للمنافسات، عقب سحب اختصاصها السابق رمي الرمح من المسابقات واجتهادها في التدرب على تخصص رمي الجلة، الذي كلل بتتويجها بالميدالية الذهبية وتحطيم الرقم القياسي، واعتبر زوج البطلة، ما حققته صافية مفاجئا إلى حد ما، بالنظر لقوة المنافسة بين المشاركين من مختلف دول العالم.      
من جهته، عبَر شقيق البطلة وليد الذي التقيناه في كشكه، عن فرحته التي كانت بادية على محياه، وقال بأنه كان يتوقع تحقيق صافية لنتيجة إيجابية بالنظر لما بذلته من مجهودات جبارة، قبل تنقلها لطوكيو، وأضاف وليد بأنه ظل على اتصال معها وهي هناك وكانت كل ما تطلبه منه الدعاء لها.      
       يـاسين عبوبو